Popular Posts

Friday, January 21, 2011

استراتيجيات التحسين و التميز في الأداء في الموارد البشرية

استراتيجيات التحسين و التميز في الأداء
مقدمة :
يستلزم العمل على تطوير وتجديد حيوية المؤسسات على إختلاف أنواعها (الحكومية والخاصة) التوجه نحو مجموعة من الاستراتيجيات الحديثة وإدارةالتغيير على نحو يحقق الكفاءة والفاعلية لتلك المؤسسات، ومن بين هذه التوجهات "التوجه المعلوماتي والتوجه نحو ضبط الجودة والتوجه نحو إدارة الأداء".
ولقد أخترنا البحث في استراتيجيات التحسين والتميز في الأداء كجزء من المتطلبات التي يفرضها واقع اليوم كما آثرنا أن نُميّز هذه الورقة بالأمثلة العملية التي تبين جهود التحسين وحالات التميز في الأداء، هذه الأمثلة التي تؤكد على أن نجاح جهود التطوير والتحسين في العمل إنما يمكن تحقيقها بوجود الرغبة الصادقة والاستثمار الأمثل للموارد لدى إدارة المؤسسة، وأن التميز في الأداء إنما هو حق للجميع بشرط توفر الرغبة الصادقة للتطوير والتحسين.
أهمية الدراسة
تنبع أهمية هذه الورقة من الحاجة الماسة التي يفرضها واقع اليوم الذي يتميز بـ:
1)     اشتداد المنافسة على الموارد (البشرية ، المالية ، المادية).
2)     اشتداد المنافسة على الأسواق.
3)     التسارع التكنولوجي.
4)     زيادة الالتزامات والتحديات.
هذا الواقع الذي يفرض ضرورة وجود استراتيجيات وأساليب إدارية لتوجيه الأداء بما يحقق الاستغلال الأمثل للموارد من جهة، والتميز في الأداء من جهة أخرى.
كما تنبع أهمية الدراسة من الحاجة الماسة لحل مشكلة فجوة الأداء التي تمثل واحدة من أهم المشكلات الإدارية المنظمات في الوقت الراهن، والتي تعني وجود خلل في استراتيجيات وأساليب عمل المؤسسات ومن أهم مظاهرها:
1)     خلل في التخطيط والأهداف.
2)     مشاكل إدارية متنوعة.
3)     نقص في الحافزية.
4)     سوء أو ضعف الخدمات المقدمة للعملاء أو المستفيدين.
5)     هدر مستمر للموارد.
هدف
تهدف هذه الدراسة إلى التعريف باستراتيجيات التحسين والتطوير التي تقود إلى التميز في الأداء، والنماذج العالمية التي أسهمت فعلياً في تطوير الأداء، ولقد اخترنا لذلك مجموعة من حالات التميز في الأداء من الإدارة الإسلامية والإدارة اليابانية والأمريكية والغربية، إضافة إلى حالات التميز التي رصدناها لدى بعض الشركات والهيئات في المملكة.
 استراتيجيات التحسين والتميز في الأداء …
ما هي استراتيجيات التحسين واستراتيجيات التميز في الأداء ؟ وكيف طبقتها كبرى وصغرى شركات العالم وصولاً إلى التفوق (كفاءةً وفاعليةً) ؟
في البداية لابد من تعريف الاستراتيجية وتعريف مفهوم الكفاءة والفاعلية للمؤسسات.
الاستراتيجية
1)           تعبير عن الرؤية المستقبلية والالتزام الموجه نحو مستوى معين من الطموحات.
2)           نمط يحدد المسار المستقبلي للشركة أو المؤسسة. (1)
الكفاءة والفاعلية بالمفهوم الحديث:
أصبحت المنظمات التي تسعى إلى التميز مدفوعة لتتبنى مجموعة من الأسس التي تحقق مفهوم التميز الاستراتيجي وأهمها:
1)           وجود رؤية واضحة للمؤسسة:
هذه الرؤية التي توجه جهود جميع الإدارات والعاملين في المؤسسة نحو هدف كبير موحد، والذي غالباً ما يكون لعقود طويلة من الزمن، فالرؤية هي "الالتزام المعلن عنه من قبل الشركة أو المجموعة".
أمثلة على رؤية الشركات:
q           موتورولا: "هدفنا الرضا التام للعميل".
q           ماليزيا   : "2020 … العام الذي نصبح به ثامن قوة اقتصادية في العالم".
2)           وجود رسالة محددة:
والرسالة تمثل الوضع الحالي والتطلعات المستقبلية للشركة ، وهي بصورة أو أخرى تعكس الالتزام الخاص بأصحاب العمل تجاه العملاء والعاملين والمجتمع عل حد السواء.
q           شركة العمودي السعودية: شركاء في خدمتكم.
وعليه فإن استراتيجيات التحسين تعني:
سلسلة متتالية من أنماط التغيير المخطط والهادف إلى التفوق في مجال العمل (التميّز في الأداء) وتحقيق رؤية المؤسسة.
وأغلب المؤسسات التي تعمل برؤية ورسالة محددة تعكس في الواقع طموحات أصحابها والعاملين فيها للوصول إلى الكفاءة والفاعلية التي يوضحها الشكل التالي:
 





الفاعلية
(رضا العملاء، رضا العاملين، سمعة المؤسسة، المعلومات ….)
إن جميع جهود التحسين الهادفة لرفع مستوى الكفاءة والفاعلية للمؤسسة تسمى استراتيجيات لأنها بالفعل تسعى:
1)           لإحداث تغيرات كبيرة في طرق وأساليب ونتائج العمل.
2)           تحتاج إلى جهود وطاقات من موارد كبيرة ودائمة (بما في ذلك دعم الإدارة العليا).
3)           تستمر هذه الجهود إلى سنوات عديدة (تحتاج إلى وقت لضمان النجاح).
المشكلات الإدارية واستراتيجيات التحسين
هل هنالك علاقة بين المشكلات الإدارية والرغبة في التحسين ؟ وهل عملية التحسين تسبق ظهور المشكلات الإدارية أم أنها عملية تطوير مستمر في المجالات المؤثرة على وجود واستمرار المؤسسة ؟.
في الواقع هناك ارتباط شديد بين وجود المشكلات الإدارية (ضعف الكفاءة، انخفاض الإنتاجية، ترك العمل، انخفاض الحافزية، المنافسة التسويقية الحادة، قلة المعلومات)، وبين رغبة الإدارة أو المالكين في التحسين الذي يصل أحياناً بالمؤسسة إلى التميز في الأداء.
لكن تحسين الأداء كما يبيّن الأستاذ الدكتور علي السلمي لم يعد أمراً اختيارياً تلجأ إليه الإدارة أو تنصرف عنه باختيارها، ولكنه أصبح شرطاً لازماً لبقاء المنظمة وعدم انهيارها ولدعم القدرات التنافسية لها.(1)
الاختيار والمفاضلة بين استراتيجيات التحسين:
إن النظرة المتفحصة لاستراتيجات التحسين في الأداء تجعل أصحاب الرغبة في التحسين في حيرةٍ حول اختيار أولويات التحسين، أو بمعنى آخر من أين تبدأ المؤسسة في التحسين في ظل البدائل المتعددة والاستراتيجيات المتنوعة. ولتسهيل هذه المهمة ينبغي في البداية إعطاء الوقت الكافي وإشراك أكبر قدر من أصحاب التأثير في المؤسسة لدراسة الاحتياجات والظروف الخاصة بالمؤسسة (المهم فالأهم)، فجهود التحسين يمكن برمجتها على سنوات بدلاً من سنة واحدة حسب الإمكانات والظروف المتاحة.  
إن كثيراً من المناهج والأساليب الإدارية المعروفة يمكن وصفها بأنها استراتيجيات لتحسين الأداء، بل إن بعضها يعد استراتيجيات كبيرة لإعادة بناء المؤسسات، إن أهم هذه والاستراتيجيات يمكن توضيحها في الشكل التالي.
ومهما يكن الحال فإن المسألة الجوهرية التي سنطرحها في هذه الورقة لن تكون في مسألة أي المناهج تعّد أقوى من الأخرى، ولكن الطرح يتمثل في ضرورة تشكيل فريق عمل متخصص لإحداث التحسين من داخل المؤسسات نفسها واختيار الاستراتيجيات التي تناسب المؤسسة حسب الأولوية.
الاستراتيجية
… "استراتيجية تطوير وتحسين المنتجات والخدمات"
تنشأ هذه الاستراتيجية أساساً بدافعين هما:
(1)    إنحسار الحصة السوقية للمؤسسة في مجال المنتجات أو الخدمات التي تقدمها ، وذلك بسبب دخول منافس جديد أوعدم مواكبة المنتجات والخدمات لمستويات المنافسين أو بسبب اشتداد المنافسة وهذا يعني أن الدافع الأول لعملية تحسين المنتجات والخدمات إنما يأتي بفعل مشكلة حقيقية تهدد المؤسسة.
مثال // صناعة الألبان والحليب في المملكة (أزمة تخفيض الأسعار والمنافسة الشرسة) في العام 1421-1422هـ.
(2)    الرغبة في ضمان التفوق (التميز) في الأداء. ومعنى ذلك أن الدافع وراء عملية التحسين قد لا يكون مشكلات حقيقية أو تهديدات تواجهها المؤسسة، وإنما رغبة الإدارة في تبني استراتيجية تعطيها ميزة تفضيلية، وقد لا يكون الدافع تحقيق ميزات تنافسية أو ربحية فقط، خاصة في مجال الشركات أو المؤسسات المتفردة في الخدمة (الاتصالات، الكهرباء، النقل).
ولاستراتيجية تحسين الخدمات والمنتجات مداخل عديدة تستوجب من الإدارة التنبه لها وتوجيه الطاقات لبلوغها ومن أهمها:
أولاً:  تحسين المنتجات والخدمات اقتداء بالنماذج الرائدة Improvement Through Benchmarking
وفي هذه الحالة تقوم الشركة بمحاكاة نماذج رائدة لشركات منافسة فتعمل على تحسين خدماتها أو منتجاتها بما يوازي أوي ويفوق ما انتجه المنافسون.
ثانياً:  تحسين المنتجات والخدمات بناءً على رغبات واقتراحات العملاء
 Improvement Through Customer Voices
والتي يتم التعرف عليها من خلال الاستمارات الموزعة في منافذ البيع أو بواسطة رجال البيع وموظفي المواجهة أو عن طريق لجان وفرق خاصة لهذا الغرض (فرق تحسين المنتجات والخدمات).
ثالثاً:  تطوير منتجات وخدمات جديدة Quality Improvement
وأغلب هذه المنتجات تكون وليدة أعمال وجهود مستمرة لفرق عمل تسمى "فرق تطوير المنتجات الجديدة" أو "حلقات الجودة" أو " لجان تطوير الأفكار" وهي غالباً ما تتشكل من مجموعة من مدراء الإدارات والفروع حيث تُطرح المشكلات والتحديات الحالية، وكذلك الطموحات المستقبلية وصولاً لنقاط اتفاق حول ما تريده الشركة في المستقبل.
ومن الجدير ذكره أن أكثر الطرق التي نادت بضرورة تحسين المنتجات والخدمات وتطويرها هي: منهج إدارة الجودة الشاملة TQM، منهج كايزن Kaizan، فمنهج التخطيط لهوشن، ومنهج الاقتداء بالنماذج Benchmarking.
وخلاصة هذه الاستراتيجية يمكن توضيحها في الشكل التالي:
الاستراتيجية: تطوير وتحسين المنتجات والخدمات.
الهدف:     1. تطويرات وتحسينات على المنتجات والخدمات الحالية.
         2. طرح منتجات وخدمات جديدة.
         3. طرح منتجات وخدمات متميزة ومتفردة.
         4. استجابة سريعة للعملاء.
         5. الارتفاع بمستوى الجودة إلى ما فوق توقعات العملاء.
الأساليب:
         1.فرق العمل ولجان تطوير المنتجات والخدمات.
         2. الاستفادة من رغبات العملاء (بحوث التسويق ومعلومات رجال البيع).
         3. الاستفادة من الإبداعات الفردية للعاملين.
         4. متابعة ومحاكاة الجديد في السوق.
كيفية التنفيذ:
إعداد خطة عمل تنفيذية لتحقيق الأهداف المتعلقة بهذه الاستراتيجية، وتشكيل فريق من القيادات التنفيذية لإحداث التطوير.
المتميزون في الأداء:
(1)         تجربة شركة كرايسلر (التحسين عبر طرح منتجات جديدة).
لقد أسهم رجل واحد اسمه "لي ايكوكا" في إحداث نقلة نوعية على مستوى صناعة السيارات في العالم من خلال تنبيه فكرة طرح سيارات "الميني فان" التي لم تكن معروفة من قبل، وفي إحداث نقلة هائلة لشركة كرايسلر التي أنقذها هذا المنتج بإبداعات ايكوكا من إفلاس محتم بداية الثمانينات.
بدأت القصة عندما كان "لي ايكوكا" موظفاً لدى شركة فورد حيث قام بطرح هذه الفكرة بعد استقصاء رغبة العملاء في سيارة جديدة تحمل مواصفات السيارة الصالون والسيارة الكبيرة (الفان) – ولم تكن سيارات الميني فان معروفة قبل عرض ايكوكا الفكرة بقوة. لكن رئيس الشركة (هنري فورد) مارس سلطاته بقوة رافضاً الفكرة بحجة النفقات الكبيرة التي يحتاجها المشروع وبحجة أخرى عللها ايكوكا بعدم قناعة فورد بجدوى هذا المنتج.
وعلى مستوى أعلى حاول ايكوكا إيصال الفكرة إلى شركة جنرال موتورز، التي لم تقبل بالفكرة أيضاً اعتقاداً من متخذ القرار بأن سيارة الصالون هي ما تحتاجه العائلة فعلاً وليست فكرة الميني فان سوى مشروع فاشل.
إن محاولات ايكوكا استمرت حثيثة لطرح هذا المنتج الذي آمن بضرورة طرحه إلى أن انتقل إلى العمل مع شركة كرايسلر بداية الثمانينات، فطرحه بقوة في العام 1983م ونجح في اكتساح أسواق العالم بمنتجه الجديد، بقي أن نعرف أن:
q           لي ايكوكا عُيّن رئيساً لشركة كراسيلر بعد فترة وجيزة.
q     العالم أصبح يعرف سيارة جديدة تُدعى الميني فان نتيجة لوجود رؤية شخصية مؤمنة بضرورة إحداث تحسين جوهري في صناعة السيارات عبر طرح منتجات جديدة.
q     ميني فان كرايسلر هو أكثر السيارات تحقيقاً للمبيعات على الإطلاق في الولايات المتحدة على إتساع حجم هذا السوق منذ إطلاق أول سيارة ميني فان في العام 1983م، ورغم دخول شركة فورد وشركات أخرى لاحقاً إلا أنها فشلت في تجاوز سيارة كراسيلر (إبداع لي ايكوكا).
q     إن شركة كرايسلر هي آخر الشركات التي ابتدأت أبحاث التسويق لاستقصاء آراء العملاء في طرح الميني فان، إلا أن سبقها السوق في طرح المنتج أعطاها ميزة التفوق والتميّز.
(2)        تجربة شركة سامسونج (تحسين وتطوير جودة الخدمات المقدمة).
في تقرير شامل أعده لويس كار في العام 1994 بعنوان "كوريا تتجه للجودة" نجد قصةً مثيرة لطموح الراغبين في التميز في الأداء عبر إحداث تحسينات جوهرية على المنتجات والخدمات المرافقة لعملية البيع. "لي هي" رئيس شركة سامسونج (أكبر الشركات الكورية) تلقى سيل من الأخبار والأقاويل عندما قام بزيارة محلات البيع بالتجزئة (دور العرض) لسامسونج في أمريكا، لقد سمع تذمرات عديدة وعبارات قاسية عن منتجات سامسونج ابتداءً من المنتجات المقلدة والتصاميم غير الجذابة وخدمات ما بعد البيع الضعيفة.
كانت أول خطوة باتجاه تحسين وتطوير هذا الوضع دعوة "لي هي" نوابه للسفر إلى أمريكا في الحال والاطلاع على جميع محلات البيع في لوس أنجلوس، وبعد التأكد من وجود نفس التذمرات في جميع منافذ البيع، قام "لي هي" بالتحذير من مغبة هذا الوضع بالقول: "إذا لم نصحح الوضع الراهن، فإننا لن نكون مؤهلين للاستمرار في هذا السوق".
كانت التجربة قاسيةً للرئيس ونوابه، وفي الحال تم وضع "تحسينات الجودة" على رأس أولويات الشركة بما في ذلك تخصيص ميزانيات كبيرة لإنجاح هذه السياسة، وبالفعل كانت النتائج باهرة، حيث سجلت بضائع سامسونج درجة متقدمة في تفضيلات العملاء للمنتجات الكهربائية والإلكترونية وتحسنت المبيعات بدرجات كبيرة خلال العامين التاليين.
بقي أن نعرف أن:
q           جهود لي هي في تحسين الجودة لم تكن لتنتج لولا:
-        الاهتمام بجمع المعلومات اللازمة لعملية التحسين عبر الاستماع إلى آراء العملاء.
-         تشكيل فريق من نواب الرئيس على أعلى مستويات اتخاذ القرار لدراسة سُبل تطوير الخدمات وتحسينها.
q     سامسونج تتجه إلى أساليب ثورته في العناية بخدمات ما بعد البيع، وقد أنشأت لهذا الغرض شركات متفرعة عن شركات البيع للعناية بالصيانة وخدمات ما بعد البيع.
Seymour Sudman, Marketing research, McGrawhill, 1998
الاستراتيجية
                                  … الاهتمام الناجح بالعميل
ما الذي يعنيه مفهوم الاهتمام الناجح بالعميل والذي طالما سمعناه في العقود الأخيرة ؟ وهل مقولات مشهورة مثل: "العميل دائماً على حق" هي مقولات صحيحة. وهل الاهتمام بالعميل (للمؤسسات الخاصة) أو المستفيد (للمؤسسات والجهات الحكومية) هي استراتيجية تقود إلى التميز في الأداء، وكيف يتم تطبيقها ؟
يقصد بالاهتمام الناجح بالعميل:
1.           تركيز كافة الجهود وتوجيه الموارد اللازمة التي تضمن إسعاد العميل أو المستفيد، وتلبية طلباته وتطلعاته.
2.           تقديم الخدمة بطريقة صحيحة من المرة الأولى وتحسينها في المستقبل. (1)
فالاهتمام الناجح بالعميل هي استراتيجية جديدة تفوق مفهوم الاهتمام بالعميل، إذ أن الاهتمام بالعميل هو هدف لدى أغلب الشركات والمؤسسات، بل إننا نجد هذا المصطلح واضحاً في رسالة العديد منها ولا عجب أن نقرأ مثلاً: هدفنا رضا العميل، العميل أولاً، ذو عناية فائقة بالعملاء، ولكن مفهوم هذه الاستراتيجية يتعدى العناية بالعملاء إلى العناية الناجحة بهم، والتي تعني:
v     مقارنة ما تقدمه الشركة أو المؤسسة للعملاء في مجال معين مع ما يقدمه الآخرون في السوق.
v     مقارنة ما تقدمه الشركة أو المؤسسة للعملاء في مجال معين مقارنةً بطلباتهم ورغباتهم.
v     التأكد من مستوى رضا العملاء أو المستفيدين عن المؤسسة وعن الخدمات المقدمة لهم.
v     البرامج المتكاملة للخدمة المقدمة للعملاء على مستوى المؤسسة ومدى نجاح جميع الوحدات في الاهتمام بالعملاء (انظر الشكل أدناه).
v     تسويق العلاقات … وسيأتي بيان هذا المصطلح بعد قليل.
ومما ينبغي توضيحه لهذا الغرض أن:
·        الاهتمام الناجح بالعميل يعني جعله يرغب في العودة مرة أخرى إذا تعددت البدائل (المنافسة).
·        جعله يرغب في العودة مع علمه بأنه سيستمتع (أو لن تزعجه) بالزيارة.
·        جعله سعيداً مثقل بالهموم في تعامله مع الجهات المتفردة بالخدمة (الاتصالات، الكهرباء).
جعله يوصي الآخرين بالتعامل مع المؤسسة أو الشركة.
الاهتمام الناجح بالعميل … ما الذي ينبغي فعله ؟
تتعدد البدائل المتاحة لتفعيل هذه الاستراتيجية التي يتراوح مداها بين إحداث برامج خاصة على نطاق المؤسسة إلى إنشاء أقسام خاصة لذلك أو تشكيل فرق متخصصة بمراجعة ومتابعة هذه الاستراتيجية، ولكن الجميل في هذه الاستراتيجية اليوم اتجاه بعض المؤسسات إلى افتتاح شركات فرعية منبثقة عن الشركة الأم للاهتمام بمجالات حيوية من مجالات العمل كما سنلاحظ عند الحديث عن المتميزون في الأداء.
وكما في كل استراتيجية وقبل معرفة ما الذي ينبغي فعله لوضع هذه الاستراتيجية موضع التنفيذ لابد من معرفة أن هذه الاستراتيجية تتطلب:
1)           ضمان التزام الإدارة العليا برؤية واضحة لخدمة العملاء.
فبدون التزام الإدارة العليا برؤية ورسالة محددة تعني بكل متطلبات هذه الاستراتيجية فإن فرص النجاح ستكون ضئيلة، كما أن كثرة الاخفاقات ستكون واضحة في أي برنامج ضمن هذه الاستراتيجية. إنها الرؤية الرائعة التي يعي من خلالها المدراء بأن شركتهم تعمل على إثراء العملاء بطريقة جديدة وليس فقط على إثراء ذاتها.
2)           ضمان توفير الموارد اللازمة للنجاح.
وهذه الموارد إما أن أن تكون موارد مالية تخصص لجميع ما يدخل في إطار خدمة العميل (تقنيات، وأنظمة، وسائل راحة وضيافة، وبرامج إحتفاء بالعملاء … الخ). أو موارد بشرية (موظفين مدربين، موظفين بأعداد مناسبة) وبدون هذه الموارد فإن حجم النجاح في هذه الاستراتيجية ستكون محددة.
ما الذي ينبغي فعله لإنجاح هذه الاستراتيجية ؟
أولاً:  الدعوة إلى اجتماع خاص.
يشارك فيه مسؤولو الإدارات والأقسام في المؤسسة لطرح هذا الموضوع من جميع جوانبه وصولاً لتحويل الفكرة إلى استراتيجية تتبناها الشركة. وقد تتم الاستعانة في هذه المرحلة بخبير متخصص من خارج الشركة ليسهل حوار المجموعة، ومن المهم جداً في هذه المرحلة جمع كافة الاقتراحات المتعلقة بهذا الموضوع تمهيداً لاجتماعات أخرى مستقبلاً.
ثانياً:  تشكيل فريق مصغر للاهتمام باستراتيجية خدمة العملاء.
على أن يضم هذا الفريق ممثلين عن إدارات البيع والتسويق وإدارة خدمة العملاء أو خدمة الجمهور والعلاقات العامة ومن لهم تأثير مباشر على العملاء في بعض المؤسسات مثل إدارة الإنتاج. وبطبيعة الحال فإن وجود قائد لهذا الفريق هو أمر محتم لنجاح جهود المجموعة.
ثالثاً: البدء في العمل.
1)           تحديد عملاء المؤسسة أو الشركة.
ويعني ذلك العمل على تحديد حاجات عملاءك وتطلعاتهم، ومن أهم طرق تحقيق ذلك:
q           جلسات عصف فكري من أعضاء الفريق.
q           طلب مساعدة (ملاحظات) الموظفين من خلال توزيع نماذج خاصة لذلك.
q           الملاحظات والشكاوي والطلبات الخاصة (استمارات ومقابلات وبحوث تسويق).
q           تقمص الأدوار (جعل الشخص نفسه كعميل للشركة التي يعمل بها).
q           مساعدة شركات متخصصة في نفس المجال.
2)           ربط الاهتمام بالعميل بعملية خدمة متكاملة.
خدمة العميل هي عملية متكاملة تقدم من الشركة عبر مناطق مختلفة مثل نقاط البيع وخدمة الجمهور والمالية والتخزين. فقد يقوم العميل بتقديم طلب الشراء في مكان ويستلم الخدمة من مكان آخر، وهذا يتطلب إذاً ضرورة الاهتمام بخدمة العملاء في جميع مناطق الاتصال.
ومن مناطق الاهتمام (مجالات الاهتمام) التي ينبغي التركيز عليها:
q           التسويق: الطريقة التي يتم بها الاتصال الأول والتعامل مع طلبات العميل (عبر الهاتف أو عبر مناطق البيع).
q           البيع: وتشمل إجراءات البيع ومعالجة الطلبيات والرد على تغير أذواق المشترين خلال ذلك.
q           المالية: وتشمل أساليب إعداد الفواتير وتسليمها.
q           التسليم: تشمل طريقة تسليم المنتج.
q           خدمة ما بعد البيع: مثل الاتصالات التي تؤكد وصول المنتج وسلامة المنتج.
q           أمور أخرى … مثل علاقات العملاء (الهدايا، الحفلات، التهنئة).
3)           تطوير مستويات معيارية للخدمة.
وهذه المستويات تكون خاصة بكل مجال من مجالات الاهتمام التي سبق ذكرها ومن أهم الأسئلة التي تسهل هذه العملية:
q           ما هي الطريقة التي يتحدث فيها مأمور الهاتف مع العملاء ؟
q           كم عدد المرات التي يرن فيها الهاتف قبل أن يجيب شخص ما ؟
q           كيف يتصرف الموظفون  على شخص يسأل عن خدمة تقدمها الشركة ؟
q           كيف يتصرف الموظفون مع شخص يسأل عن شركة أخرى في نفس المبنى أو الشارع الذي يتواجد به شركتكم ؟
q           كم مرة يتم تحويل العميل من شخص إلى آخر قبل أن يحصل على إجابة ؟
q           كم تستغرق معالجة الطلبيات من وقت ؟
q           هل ترد الشركة على شكاوي العملاء ؟ وما هي وسائل معرفة ذلك ؟
q           ما المدة التي يستغرقها  الرد على أحد الشكاوي ؟
4)           اختيار الرجال الأكفاء.
فاستخدام الموظفين الأنسب للخدمة هي نقطة جوهرية لإنجاح هذه الاستراتيجية، وقد يتم تغيير موظف من وظيفة لأخرى بحسب الحاجة، والموظفون العاملون في المواجهة وفي منافذ البيع وفي مجال خدمة العملاء هم أفضل وأهم ما يمكن أن تهتم بهم الشركة.
5)           عمم الاستراتيجية.
بحيث تكون السلوكيات التي يقررها الفريق قيم والتزامات يلتزم بها الجميع. وهذا يتطلب عقد اجتماعات متكررة على مستوى المؤسسة وتوزيع مطويات توضّح متطلبات رعاية العملاء والحوافز المتأنية من ذلك، إضافة إلى المخالفات التي لا يمكن التهاون بها.
6)           تابع الاستراتيجية.
وهذا يشمل:
q     مكافأة أصحاب الإنجازات الخدمية: فمكافأة من يساعد على تعزيز هذه الاستراتيجية هو مطلب مهم على الدوام، كما أن مساءلة من يخل بهذه الاستراتيجية هو مطلب مهم أيضاً.
q     البقاء على اتصال دائم بالعملاء: فمن المناسب أن يقوم المسئولون في الفريق بمتابعة مدى رضا العملاء وسعادتهم حيال التعامل مع الشركة، كما يلزم باستمرار إجراء بحوث لمعرفة مستوى الإنجاز أو الإخفاق هنا وهناك.
q     تحويل الشكاوى إلى نقاط قوة: فأفضل من تستطيع الشركة كسبهم هم العملاء الشاكين الذين سيفاجئون حتماً في حالة اتصال الشركة بهم لتخبرهم بأن شكاويهم هي محل تقدير وسيتم التعامل معها بجدية.
q     التدريب والتحسين المستمر: فالتدريب في موضوعات مثل "مفاهيم الخدمة والتعامل" أو "التعامل مع الجمهور" أو "التعامل مع عميل غاضب" أو "مهارات الاتصال" تعزز اختياراتك السابقة لأفضل الكفاءات في مجال الخدمة.
v           تسويق العلاقات …
يركزّ هذا المفهوم الذي ساهم في إيجاده "ريجيز ماك كينا" خبير التسويق في شركة سيليكون فالي على ضرورة أن تنشئ الشركات والمؤسسات علاقة حميمة يسودها الثقة المتبادلة مع العميل بحيث تستمر هذه العلاقة إلى ما بعد انتهاء التعامل أو الشراء، بدلاً من التعامل بشكل متقطع أو بعيداً عن التأكد من أن العميل سيظل عميلاً. (1)
و "ريجيز" الذي عمل مع شركات كبيرة مثل كومباك ولوتس ومايكروسوفت أكد على أن الفشل في التركيز على الاحتفاظ بالعميل يكلف المؤسسات أموالاً طائلة سنوياً، وقد تصل هذه الخسارة إلى30% من العملاء، والمشكلة الكبيرة هي أن لا تعرف الشركات كم خسرت من العملاء بالفعل.
والنتيجة التي تتحصل عليه المؤسسات المهتمة بهذا المفهوم هو أهم ما تحتاجه المؤسسات في خلاصته:
v          خلاصة الاستراتيجية …
الاستراتيجية: الاهتمام الناجح بالعميل.
الهدف:     1.  تعزيز المكانة في السوق.
2.     زيادة الربحية (للمؤسسات الخاصة) والرضا العام (للجهات الحكومية).
الأساليب:  1. فرق العمل ولجان متخصصة.
            2. شركات وخبراء متخصصون.
            3. الإستفادة من ملاحظات ورغبات العملاء (بحوث تسويق).
            4. متابعة ومحاكاة الجديد في السوق.
كيفية التنفيذ:
تشكيل فريق عمل مصغر من رؤساء الإدارات والأقسام في الشركة، والإتفاق على تمثيل الفريق بأعضاء دائمين من الشركة، مع الإستعانة بالخبرات الخارجية وعقد لقاءات واجتماعات مستمرة.
 المتميزون في الأداء:
(1)         اهتمام رعاة الدولة برعيتهم (أعظم الاهتمامات : حالات من التاريخ الإسلامي)
يعد اهتمام الجهات الحكومية ممثلة بقياداتها ووزرائها ومدراء المناطق والإدارات على قدر كبير من الأهمية إذا أنها تمثل الجانب الآخر من الاهتمام الناجح بالعملاء أو ما يعرف باهتمام المسؤولين عن الإدارات الحكومية بالمراجعين والمستفيدين. وأعظم الأمثلة على تميز الأداء الحكومي نجدها في فكر وتطبيقات الولاة والحكام المسلمين ومن أهم الأمثلة عليها:
       ‌أ)    ما أقرّه على بن أبي طالب رضي الله عنه للاشتر النخعي واليه على مصر ونصه: "أستوصي بالبحّار وذوي الصناعات وأوصي لهم خيراً ، المقيم منهم والمضطرب بما له ، والمترفق ……، فإنهم مواد المنافع وأسباب المرافق وجلابها من المباعد والمطارح في برّك وبحرك وسهلك وجبلك" (1)
      ‌ب)   في سيرة الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز خير مثال على تميز أداء راعي المصالح الحكومية في رعاية رعيته (الجمهور أو المستفيدين من الدولة) وخير مثال على "الاهتمام الناجح بالمستفيدين".

No comments:

Post a Comment