Popular Posts

Monday, April 4, 2011

Formation en gestion des ressources humaines التكوين في إدارة الموارد البشرية

التكوين كنظام متكامل لتحقيق فعالية الأفراد والمنظمات في ظل التنمية المستدامة

التكوين كنظام متكامل لتحقيق فعالية
الأفراد والمنظمات في ظل التنمية المستدامة


الأستاذ: بشير غضبان

من قسم علوم التسيير
جامعة الحضنة بالمسيلة





مقدمة

يمر العالم اليوم بمرحلة تطور سريعة من عصر الصناعة إلى عصر المعلومات و يتواكب ذلك التطور مع ثورة الاتصالات التي أدت إلى تضاؤل المسافات بين الدول و كسر الحواجز و الحدود ، و في ظل هذه المتغيرات نشأت ظاهرة العولمة - التي كان من أهم نتائجها تحرير التجارة بين الدول .وبذلك أصبحت زيادة القدرات التنافسية للمنظمات إحدى الضرورات المصيرية خلال الفترة القادمة لكي تتمكن من المنافسة والبقاء في إطار المتغيرات الدولية, التي تتجلي في اتجاه كل الأسواق إلى العالمية ,وقيام التكتلات الاقتصادية, واحدث مناطق التجارة الحرة,و مشاركة البلدان مع الاتحاد الأوروبي . إن الموارد البشرية عالية القدرة ماهرة الأداء والأداء التكنولوجي, ذات الخبرة العالية في المانجمنت والديناميكية و في التسويق, هي وحدها التي تخلق مناخا جذابا لجلب الاستثمارات ورؤوس الأموال,وتعطى الدفعة القوية والإمكانية للنفاذ الي الأسواق بل واختراقها .ولقد أصبح واضحاً أن عصر المعلوماتية والإنترنت يحمل تجليات عديدة، فلم تعد الأساليب والأشكال التنظيمية القديمة قادرة على استغلال فرص هذه المرحلة الجديدة أو بالأحرى لا يمكن للمنظمات التي تعمل وفق الأساليب والطرق التقليدية قادرة على التكيف والتأقلم مع معطيات المرحلة الجديدة. لذلك ظهرت وسوف تظهر مفاهيم جديدة وأعيد النظر في المفاهيم القديمة المستخدمة لكي تأخذ أبعاداً تلبي متطلبات مرحلة وعصر الاقتصاد الرقمي المعرفي.
ومن الأمور البديهية نجد أن القوانين الفيزيائية تملي علي الأشياء المتحركة أن تبقي علي حركتها مالم يتدخل شيء لتبديل مسار نشاطها. والمنظمات من المفترض أنها تخضع لما يشبه هذه القوانين,لكن الأعمال دائما تنصرف إلي الالتصاق والتشبث بالأمر الواقع –حتي ولو كانت النتائج أقل من الدينامية في زمن الإدارة الديناميكية. عدة أعمال ما تزال تسلك سلوكات تقليد ية غير كفؤة وغير مجد ية بل وعاجزة عندما تحين الفرصة لتبليغ أفكار أو مفاهيم لدائرتها الخاصة بالتكوين., بالرغم من أن ذلك هو المعول الذي يساعد علي كسر وتغيير الأنماط التقليدية والانطلاق بالمنظمة نحو أفق اتجاهات أكثر نجاحا . والتكوين يصمم لمساعدة المنظمات لفحص و حل مشاكلها بأساليب وطرق جديدة أحسن وأفضل, بالإضافة إلي إيجاد بيئة تشاركيه تؤدي إلي تغيير القوي الذاتية الموجهة للأعمال . و يعتبر تكوين (أوتدريب ) الموارد البشرية للمنظمة شيء مهم للغاية سواء علي مستوي الأفراد أو مستوي المنظمة التي يقضون فيها معظم الوقت ,أو علي مستوي المجتمع الذي ينتمون إليه .حيث يعتبر التكوين هو احدي الوظائف الأكثر أهمية بالنسبة لإدارة الموارد البشرية "أو الأفراد" في المنظمة خاصة علي المدى البعيد (1)ويمكننا هنا أن نعرف تنمية المواد البشرية عن طريق التكوين بأنها هي مجموعة النشاطات التي تسعي إلي تأهيل وتطوير الأفراد بطريقة عقلانية - الهدف منها هو تحسين أداء كل واحد منهم .ويمكننا النظر كذلك إلي هذه العملية علي أنها نظام(System) في المنظمة يتكون من عدة عناصر أو نشاطات يرتبط بعضها ببعض في إطار من علاقات الاعتماد المتبادل ,حيث أن أي تغيير أو تعديل أو خلل في أي من هذه العناصر وأدائها لوظائفها يؤدي تباعا إلي حالة من عدم التوازن في نظام التكوين ككل.لذلك كله,يتعين علي كل منظمة أن تؤسس نظاما لتكوين وتنمية رأسمالها البشري الخاص بها .
ولأن التكوين ينمي الفرد بصورة مستمرة ,وهو بدوره ينمي المنظمة التي من شأنها المساهمة مع مثيلاتها تنمية المجتمع كله .نستطيع أن نقول أنه سوف لن تكون هناك تنمية بشرية مستدامة بدون تكوين متواصل,فالتكوين ما هو إلا كتاب مفتوح علي البيئة يغرف منه أفراد المنظمة بأعينهم وحواسهم ما جد فيها من مستجدات .والحال هذه, فان الفرد الذي لا يتكون نراه يوقف التيار الفكري الذي يوصله إلي بالعالم الخارجي من حوله,ويحكم علي نفسه وعقله بالجمود والتحجر والتصلب وعلي ملكاته بعدم التطور والارتقاء .لقد أصبح التكوين هو المعلم الأول لأفراد المنظمة.لأنه يتعذر تصور أي حياة بدون تكوين, حتى ليمكننا القول أن تشكيل المجتمعات والدول وتطورها وازدهارها سيكون صعب التصور والمنال دونما تكوين لمواطنيها, ولأن من يكون نفسه باستمرار دون انقطاع يقوم بعملية لازمة لزيادة كفايته علي حل المشكلات ويضفي الكثير من التقدير علي تحسين عمله مما يفتح له جميع الأبواب علي مصراعيها, لأن قيمة الفرد فيما يحسنه(2). وبذلك فأن منهجنا في البحث هو منهج وصفي تحليلي مستفيدين من التراكم المعرفي حول الموضوع.

.
الإشكالية وما يتصل بها:-

الإشكالية هنا هي في ربط ظاهرة المنظمة كنظام بعملية تكوين الموارد البشرية في إطار التنمية المستدامة-مما يعني كيفية ارتباطاتها( (How do they correlate?ولحل هذه الإشكالية المطروحة يتوجب علينا تعبيد مسار الحل بهذه الفرضيات:
-الفرضية الأولي :
التنمية المستدامة ذات علاقة وترابط بأداء المنظمة وفعاليته –لأن المنظمات يتعين عليها تبني ومراعاة سياسات التنمية المستدامة.
-الفرضية الثانية:
المنظمة ظاهرة معقدة في المجتمع لأنها كنظام تؤثر وتتأثر بالبيئة التي تعيش بها ولها. وعليه فإنها ملزمة بأن تقوم بأداء وظائفها بفعالية وعلي وجه أكمل حتي تضمن بقاءها و"خلودها".
-الفرضية الثالثة:
هي أن التكوين كنظام (أو نسق)يمكن الأفراد من تحسين أدائهم ومسايرة وملائمة التطور الحاصل في بيئة المنظمة لأن هناك ارتباط لا انفصام فيه بين تكوين الأفراد ورضاهم وأدائهم الفعال ,وأداء وفعالية المنظمة في إطار من التنمية المستدامة.
باختصار شديد يمكننا القول أن التكوين الفعال الذي يفي بأغراضه ينتج منظمة ذات أداء فعال ,وهذه الأخيرة ترنو بسياساتها نحو تبني وتطبيق سياسات تدفع بالتنمية المستدامة إلي الأمام...
-تتكون المداخلة من عدة مباحث ومطالب تم فيها التلميح تارة والتوضيح تارة أخري لبعض المفاهيم ذات العلاقة منها طبيعة النمو والتنمية البشرية والتنمية المستدامة وأهمية كل ذلك بالنسبة للفرد العامل في المنظمة والجماعة والمجتمع , وضرورة توافر الجهود لتوضيح هذه المفاهيم ...ويختص المبحث الأول: باستعراض ظاهرة المنظمة كنظام( System (As a يعيش في بيئة مستدامة التغير والتحول والتبدل تؤثر فيها وتتأثر بها وتتفاعل مع كل ذلك من اجل الوصول إلي حسن الأداء والفعالية ...واهتم المبحث الثاني وما تلاه : ببيان وتوضيح العلاقة بين التكوين وأداء الأفراد والمنظمة بفعالية وبينها وبين البيئة الموجودة فيها باعتبار أن التكوين يعتبر تفرعا من أحد أفرع المنظمة الأساسية (إدارة الأفراد وتسيير الموارد البشرية كما تصمم أحيانا في الهيكل التنظيمي) ,مثلما هي المنظمة نظاما فرعيا من أم أكبر هي البيئة التي تحدث فيها صيرورة التنمية المستدامة ,وأثر هذا الترابط علي المنظمة وأدائها وفعاليتها من جهة وعلي البيئة كمتغير مستقل من جهة أخري وكيفية لجوء المنظمة للتكيف معها بكل ما أوتيت من إمكانيات...وفي الأخير لابد لي من الاعتراف بأهمية توضيح الترابط بين المفاهيم الثلاثة المنظمة,والتكوين والتنمية المستدامة ,لأن التكوين الفعال يتولد عنه قيام منظمة تؤدي وظائفها في المجتمع بفعالية ومن ثم تساهم بشكل فعال ومجزي في عملية التنمية المستدامة فيه. وانتهت المداخلة إلى استعراض عدد من النتائج و التوصيات مع إشارة إلى المراجع المستخدمة. . . .
.................................................
الكفاءة:هنا هي أداء الأعمال واستخدام الوسائل بطريقة صحيحة,في حين أن الفعالية : تشير إلى تحقيق الأهداف. وكلما ارتفعت تكاليف تحقيق هذا الهدف ... قل رصيد قدرة المنظمة علي البقاء والاستمرار.







خطة المداخلة


مقدمة

المبحث الأول: منظمة الأعمال كنظام
المطلب 1:النمو ,والتنمية ,والتنمية البشرية ,والتنمية المستدامة
المطلب 2 : ما هي المنظمة( أو المؤسسة)؟
المطلب 3: المنظمة نظام سبيرنتيكي
المبحث الثاني: التعلم والتعليم والتكوين والتدريب
المطلب 1:التعلم والتعليم
المطلب 2:التكوين والتدريب
المطلب 3:التكوين كنظام
المبحث الثالث:أهداف وطرق التكوين
المطلب 1: أهداف التكوين
المطلب 2: القوانين والأنظمة القانونية
المطلب 3: محتوي أو مضمون التكوين
المطلب 4: شكل أو مظهر التكوين
المطلب 5 تحقيق مشروع التكوين
المبحث الرابع : تنظيم وتخطيط التكوين وبرمجته.
المطلب 1: تنظيم وتخطيط التكوين
المطلب 2: برمجة التكوين
المبحث الخامس: الانجاز وتقييم برامج التكوين
المطلب 1: التحضير
المطلب 2: المناهج أو الطرق البيداغوجية
المطلب 3: طرائق خاصة -الملتقيات
المطلب 4: تنفيذ برامج التكوين
المطلب 5: مراقبة التكوين
المبحث السادس: التكوين كنظام متكامل
المطلب 1: مدخلات نظام التكوينInputs
المطلب 2: ماذا يحدث في نظام التكوين ؟
المطلب 3: ماذا يخرج من نظام التكوين ؟ Outputs
المطلب 4 : التغذية –الاسترجاعية Feedback
المطلب 5 : ما هو أثر تكنولوجيا المعلومات علي التكوين في المنظمة؟
خاتمة : ملخص و نتائج و اقتراحات
الهوامش
أهم المراجع


المبحث الأول:منظمة الأعمال كنظام

تمهيد

المنظمة في رأي مفهوم أعم وأشمل من (المؤسسة),إلا أنهما في بعض الأحيان يصبحان وجهين لعملة واحدة ,خاصة عندما يتطابق المفهومان في مجال دراسة إدارة الأعمال الاقتصادية , كما هو الحال في هذا الموضوع,غير أن هذا التصور لا يمنعنا من التطرق إلي مفهوم المنظمة.وقبل ذلك ارتأينا أن نقدم في مطلب أول الإجابة عن السؤال : ما المقصود بالنمو, والتنمية , و التنمية المستدامة لربط العلاقة بموضوع التكوين في المنظمة.

المطلب1:النمو ,والتنمية ,والتنمية البشرية ,والتنمية المستدامة

تستلزم التنمية المستدامة(Sustainable Development The) فيما تتطلبه ,تحسين ظروف المعيشة لجميع الناس دون زيادة استخدام مفرط فيه للموارد الطبيعية, يتجاوز قدرة البيئة على التحمل. وتجرى التنمية المستدامة في ثلاثة مجالات هامة في المجتمع ألا وهي: النمو الاقتصادي، و الحفاظ علي الموارد الطبيعية والبيئة، والتنمية الاجتماعية الشاملة.ومع ذلك فإن أهم التحديات التي تواجهها التنمية المستدامة هي القضاء على الفقر، ومن الأفضل محاربة هذه الظاهرة بواسطة تشجيع الناس على التعود علي اتباع أنماط إنتاج واستهلاك تحقق التوازن في الطبيعة والمجتمع ،دونما إفراط في الاعتماد على الموارد الطبيعية.رفقا بالأجيال اللاحقة. وبهذا التقديم يمكننا أن نلقي بعض الضوء علي مفاهيم النمو ,والتنمية ,والتنمية البشرية ,والتنمية المستدامة.

أولا:النمو ليس من سمات الدول المتخلفة (الدول النامية):-

في البداية نشير هنا إلي أن الثورة الصناعية استطاعت أن تضيف مفهوم النمو و التقدم الاقتصادي إلى مفاهيم الوحدة العرقية والثقافية والدينية المكونة للدول الحديثة في الغرب، مع تأكيد ظاهرة الاعتماد على نمو الناتج القومي الإجمالي للدولة و الأوطان كمؤشر لرفاهية شعوبها، وهكذا تصبح "خرافة التنمية" هي الهدف والسراب الذي أصبحت فيما بعد تلهث وراءه كل شعوب المعمورة(3).غير أنه إذا نظرنا إلي الدول حديثة الاستقلال(ومنها الجزائر والبلدان العربية والإسلامية) نجد أن لها صورة تختلف إلي حد كبير عن صورتي النظامين الرأسمالي الذي مازال يتعولم والنظام الاشتراكي الذي انهار أواخر القرن الماضي.غير أن تصورنا للدول حديثة الاستقلال يعكس فكرة أنها دول صغيرة تعجز عن صد أي هجوم عدواني عليها,ونامية لأن قضية التنمية تحتل المكان البارز في تكوينها المعاصر ,ومتخلفة لأن الفجوة بينها وبين الدول الصناعية المتقدمة والغنية واسعة وتزداد اتساعا مع انقسام العالم إلي شمال وجنوب وانتشار ظاهرة العولمة وتفشي أعراضها ,وفقيرة فقط لأن مواردها المادية والبشرية غير مستغلة استغلالا اقتصاديا,وحديثة الاستقلال طبعا لأنها تتعرض باستمرار وبشكل مستمر لضغوطات دوائر النفوذ الدولية التي تحاول السيطرة والهيمنة عليها بإيحاء من كذبات العولمة المتعددة. لأن المكونات الاقتصادية للعولمة, وحركة السلع والخدمات ,وحركة رؤوس الأموال, وسياسات صندوق النقد الدولي بمفهوم سياسة العلاقات الاقتصادية الدولية,كلها تعمل لصالح الأغنياء والمتنفذين بفعل انتشار الفساد، ويستنبط من هذا كله أن الضحية الأساسية لهذه السياسات والديناميات هم فقراء عالم الجنوب(4). كل هذه العوامل جعلت كثيرا من الدول النامية(المتخلفة) تعتمد علي أجهزتها الإدارية والتنظيمية لتفعيل النمو والتنمية ووسيلتهما المفضلة في هذا المسعي هي التكوين . أما عن "قضايا التنمية" فحري بنا أن نذكر أن الكلمة التي تتداعى إلى ذهن أي فرد عندما تذكر كلمة "مستقبل" هي بلا تردد كلمة "تنمية" ورغم عدم خلو أي مجتمع بشري, حتى مجتمعات التقدم و الرفاهية , من مشكلات التنمية, إلا أن مشكلات تنمية بلدان الجنوب لها بعض الخصوصية التي يجب أن تتضافر جهود الجميع في الشمالً والجنوبً على التصدي لها, خصوصًا وأن منصفي الشمال ينظرون الي أن تاريخ تكوين التخلف في الجنوب ليس مسئولية جنوبية مطلقة.


ثانيا- التنمية الاقتصادية:-

يعتبر مفهوم التنمية من أهم المفاهيم العالمية في القرن العشرين، حيث أُطلق على عملية تأسيس نظم اقتصادية وسياسية متماسكة فيما يُسمى بـ (عملية التنمية)، ويشير هذا المفهوم إلي التحول بعد استقلال عدد من المجتمعات في الستينيات من القرن الماضي- في إفريقيا و آسيا وأميركا اللاتينية بصورة واضحة. وتظهر أهمية مفهوم التنمية في تعدد أبعاده ومستوياته، وتشابكه مع العديد من المفاهيم الأخرى مثل التخطيط ,والإنتاج,والنمو والتقدم وتنمية الموارد البشرية ,والتنمية المستدامة..وما إلي ذلك.
وقد برز مفهوم التنمية (Development) بصورة أساسية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث لم يُستعمل هذا المفهوم- منذ ظهوره في عصر الاقتصادي البريطاني "آدم سميث" في الربع الأخير من القرن الثامن عشر وحتى الحرب العالمية الثانية إلا على سبيل الاستثناء. فالمصطلحان اللذان استُخدما للدلالة على حدوث التطور المشار إليه في المجتمع كانا هما التقدم المادي (Material Progress)، أو التقدم الاقتصادي) Economic Progress).وعندما ظهرت إلي الوجود مسألة تطوير بعض اقتصاديات مناطق أوروبا الشرقية أثناء القرن التاسع عشر كانت المصطلحات المتداولة علي الألسن هي مصطلح التحديث( (Modernization، أو التصنيع ((Industrialization.
ثم بعد ذلك سيطرت علي أدبيات التنمية بعض الأفكار التي خلطت بين مفهوم النمو الاقتصادي (Economic Growth),والتنمية الاقتصادية(Economic Development), وبين هذه الأخيرة والتنمية الشاملة( Global Development), و بين الرفاهية الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية (Economic Welfare and Social wellbeing or Welfare),واستغلت هذه المفاهيم علي أساس أنها مترادفات, مما يعني أن تحقيق النمو الاقتصادي من طبيعته يؤدي بالضرورة إلي تحقيق الباقي. ويمكن تعريف النمو الاقتصادي بأنه هو الزيادة الحقيقية في الناتج الوطني ,وفي حصة الفرد منه ,خلال فترة زمنية معينة.وهناك ثلاثة أنواع منه :النمو التلقائي(Spontaneous Growth), والنمو العابر (Transient Growth), والنمو المخطط(Planned Growth).أما التنمية الاقتصادية Economic Development)) فهي العملية التي يتم من خلالها تحويل بلد متخلف من الناحية الاقتصادية إلي بلد متقدم اقتصاديا ,غير أن بعض علماء الاقتصاد يخلطون أحيانا بين النمو والتنمية الاقتصاديين, لذلك لا يمكن تعريفها بشكل موضوعي لأن هذا المفهوم لا يقع ضمن دائرة ما يسمي بالاقتصاد الموضوعي أو الاقتصاد التقريري(The Positive Economics) وإنما يجد مكانه ضمن مجال ومفهوم الاقتصاد المعياري أو الاقتصاد التقديري(Normative Economics), الذي تتداخل فيه الأحكام الشخصية مدعومة بالقيم ومسندة بروح الذاتية.ذلك لأن كل كاتب يحاول دائما أن يضمن تعريفه للتنمية الاقتصادية أي شيء يعتقد أنه من أهدافها الحقيقية . وهكذا يتحول كل تعريف للتنمية الاقتصادية إلي أسلوب أو شيء من الإيحاء بالإقناع . هذا ومع ذلك, نجد أن بعض الكتاب الذين ينتمون إلي التيار الجديد يضمنون مفهوم التنمية الاقتصادية الذي بطبيعته يتضمن النمو الاقتصادي بالإضافة إلي أشياء أخري كالحاجات المادية وغير المادية مثل الحق في التحصيل العلمي والتكوين والتدريب ,وحرية التعبير والكلمة,والاعتماد علي الذات ,وحق تقرير المصير , والمشاركة في صنع واتخاذ القرار. إلا أننا نري أن الحاجات الأساسية المعنوية لا تقع ضمن دائرة مفهوم التنمية الاقتصادية بل تتعداه وتقع تحت مظلة( مفهوم التنمية الشاملة),الذي يعني عملية النهوض الشامل للمجتمع بجميع مكوناته وأطيافه . بما يشمله هذا النهوض من تنمية لقدرات الإنسان المادية والعقلية ,وفتح الباب واسعا أمامه لاختياراته مما يساعده علي تحقيق آماله و طموحاته.وهكذا فالتنمية الشاملة تتضمن أهداف التنمية الاقتصادية مضافا إليها الحاجات الأساسية غير المادية التي يمكن اعتبارها من الحقوق الطبيعية .وهكذا يتعين علينا عدم الخلط بين النمو الاقتصادي ,والتنمية الاقتصادية وبين هذه الأخيرة وبين التنمية الشاملة.
يشير الكاتب جلال أمين مؤلف كتاب :كشف الأقنعة عن نظريات التنمية الاقتصادية ,إلى أن "اقتصاديات التنمية" التي تهتم بالعالم الثالث ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية، وفجأة تغير كل ذلك وأصبحت التنمية الاقتصادية في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية أمرا شائعا وأصبح من بين مهام منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة إنجاز التنمية في البلدان المتخلفة في نصف الكرة الجنوبي.ويفسر المؤلف ذلك بأن نظام الاستعمار القديم فسح المجال لنظام جديد ليحل محله حيث أصبحت الأهمية النسبية فيه هي لتصريف فوائض السلع, والبحث عن أسواق جديدة ,وأصبح من أهداف الدول المتقدمة تحقيق زيادة في متوسط الدخل لهذه البلدان بل والترويج دعائيا بأنها قادرة على تحقيق التنمية بشرط تناول جرعة من (التغريب). وكما يقول المؤلف: يتعين علينا "التزام درجة كبيرة من الحذر والحيطة تجاه ما يقدمه الاقتصاديون الغربيون في موضوع التنمية والتخلف, ...إن اكتساب درجة من الحرية في إعادة النظر والتفكير حول هذه القضايا قد تفتح الباب علي مصراعيه لاكتشاف حقائق لم تكن واضحة من قبل ف". الاقتصاد في نظر الكاتب ليس علماً كالعلوم الطبيعية ولا الرياضيات, وإنما الشيء الذي يقدمه لنا الاقتصاد هو مجرد نظريات عامة غير مؤكدة كما يدعي الاقتصاديون،لأنها عبارة عن أقنعة يتقنع بها مروجو النظريات الاقتصادية لإضفاء طابع العلمية والموضوعية على ما يتبنونه من آراء"(5).
وإذا كان النمو الاقتصادي كما يذهب إليه الاقتصاديون هو حدوث زيادات مستمرة في متوسط دخل الفرد الحقيقي في المجتمع بمرور الزمن,فان التنمية يقصد بها زيادة الإنتاج وهو ما يتضمن الزيادة في الناتج الكلي في بلد معلوم.كما يلاحظ أنه علي العكس من النمو الاقتصادي فان التنمية تنطوي علي حدوث تغيير في هيكل توزيع الدخل وتغيير في هيكل الإنتاج ونوعية السلع والخدمات المقدمة للأفراد, وما يصحب ذلك من تغير في كمية السلع والخدمات التي يمكن للفرد الحصول عليها في المتوسط.. وهذا يعني أن التنمية الاقتصادية لا تركز فقط علي التغير الكمي وإنما تمتد لتشمل التغير النوعي والهيكلي.بمعني آخر , يمكننا القول أن التنمية الاقتصادية هي عملية يحدث بموجبها تغيير شامل ومتواصل تصاحبه زيادة في متوسط الدخل الحقيقي للفرد وتحسن في التوزيع لصالح الفقراء والضعفاء والمستضعفين . ويتعين أن يصاحب ذلك تحسن في التغير الهيكلي للإنتاج ونوعية الحياة.ومن هنا نجد أن هذه التنمية تتضمن عناصر أساسية منها :الشمولية,استمرار الزيادة في متوسط الدخل الحقيقي لفترة زمنية طويلة,وحدوث تحسن في التوزيع لصالح الطبقات الفقيرة ,والتخفيف من ظاهرة الفقر .وضرورة التحسن في نوعية السلع والخدمات التي تقدم للأفراد وليس الزيادة في الدخول النقدية.وبالمناسبة ,فان تغيير الهيكل الإنتاجي يعني أن هناك توسع في الطاقة الإنتاجية علي نحو تراكمي من أجل تحطيم طوق التبعية,والافتقار لأحد عناصر التنمية المتمثل في رأس المال المادي في صورة أدوات وآلات ومعدات إنتاجية وتكنولوجية(6).وفي الوقت الراهن نري أن الدول المتخلفة تجد نفسها في وضع لا تحسد عليه، لأن الدول الصناعية كانت في السابق لا تضع حواجز أمام انتقال التكنولوجيا أثناء مراحل الثورة الصناعية مما مهد الطريق لتقليد الإبداعات و الاختراعات التي ظهرت في كل مكان ، أما اليوم فان الحالة تختلف ,لأنه من الصعب جدا الحصول على التكنولوجيا مع وجود قوانين حماية حقوق الملكية الفكرية بالإضافة إلي والتلويح بعصا توقيع الجزاء ونعت بعض البلدان بالسارقة والمارقة-خاصة فيما يتعلق بمحاولات اكتساب التكنولوجيا النووية واستعمال حدها السلمي فقط (7).

رابعا :مصطلح التنمية البشرية

إن مصطلح التنمية البشرية يؤكد على أن الإنسان هو أداة وغاية التنمية حيث تعتبر التنمية البشرية النمو الاقتصادي وسيلة لضمان الرفاه للسكان، وما التنمية البشرية إلا عملية تنمية وتوسع للخيارات المتاحة أمام الإنسان باعتباره جوهر عملية التنمية ذاتها أي أنها تنمية الناس بالناس وللناس .كذلك يقصد بتنمية الموارد البشرية أنها عملية تنمية معرفة ومهارات وقدرات القوى العاملة في المجتمع القادرة على العمل في جميع المجالات، وتشتمل علي:مفاهيم أساسية في التكوين أو التدريب و تحديد الاحتياجات ,وتصميم وتقويم البرامج التكوينية.وذلك ضمانًا لاستخراج أفضل ما في العاملين من طاقات واستغلالها بالمفهوم الايجابي للكلمة طبعا، وحسن معاملة الأفراد وتعليمهم وتدبير شؤونهم، وتشتمل على عدد من الأنظمة منها:- الرواتب- الحوافز- تقويم الأداء- الترقية- النقل...الخ.وهذه الوظائف كأنظمة ليست منفصلة عن بعضها ، بل تتكامل مع بعضها البعض كمنظومة نسقية من أجل الوصول إلى أداء راق لإدارة الموارد البشرية ومن ثم المنظمة ككل في إطار التنمية المستدامة. ، و على مقدار قدرات المورد البشري، وخبراته، وحماسه للعمل تتوقف قدرة الإدارة ونجاحها في الوصول إلى أهداف المنظمة المحددة لها مسبقا .
يمكن كذلك القول أن للتنمية البشرية بعدين أساسين ، أولهما: يهتم بمستوى النمو الإنساني في مختلف مراحل حياته لتنمية قدراته،و طاقاته البدنية،والعقلية،والنفسية ،والاجتماعية المهاراتية، والروحية .... أما البعد الثاني: فهو أن التنمية البشرية عملية ترتبط ارتباطا وثيق الصلة باستثمار الموارد والمدخلات والأنشطة الاقتصادية التي تولد الثروة والإنتاج لتنمية القدرات البشرية عن طريق الاهتمام بتطوير الهياكل والبنيات المنظماتية التي تتيح المشاركة والانتفاع بمختلف القدرات لدى كل الناس ... وكيفما كان هذا المفهوم فان تنمية الموارد البشرية من منظور الفكر الوضعي الواعي يتعين أن تتم في إطار سياسة سكانية واضحة,وإستراتيجية للتنمية الاقتصادية ,وتحديد للأولويات والبدائل المثلي المختلفة, وتوفير الإحصائيات والبيانات اللازمة لذلك ,وتكمن وسائل التنمية البشرية بصورة عامة في التعليم العام والفني والجامعي ,والتكوين والتدريب المهني , والتنمية الإدارية وما إلي ذلك . وهذا مما يدل علي أن التنمية البشرية لا تعني أكثر من تحرير الإنسان مما يعوقه ويحول دونه وتحقيق أهدافه اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا بما يمكنه من العمل والمشاركة الفعالة ,علي كل المستويات سواء كان ذلك علي مستوي المنظمة أو علي مستوي الوطن أو علي مستوي العالم.
إلا أن الإسلام ينفرد وبشكل واضح في شأن تنمية الموارد البشرية بنظرة أوسع لحرصه علي أن تكون العملية شاملة لجميع جوانب المورد البشري البدنية,والعقلية,والروحية.وبذلك يضع الإسلام الأسس الفعالة لسلامة الإنسان ويطلق لعقله العنان ليفكر ويتعلم ويبحث ويهتدي ويكتشف ويخترع ويؤلف ,بقلب مملوء بحب الخير للإنسانية جمعاء لأن روح الإنسان منقاة بالعبادة والقيم الفاضلة.وفي منظور المفهوم الإسلامي للتنمية البشرية فان الإنسان مميز بعقل مدبر ولسان معبر وإرادة لاتقهر. وسخر الله ثروات الأرض وما يحيط بها من كون وطاقاته في البر والبحر والجو تتصرف فيها الموارد البشرية وتتدبرها حسب ما فيها لصالحها وكشف أسرارها جيلا بعد جيل .

خامسا:- التنمية المتواصلة أو المستدامة (Sustainable Development )

منذ انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية في عام 1992، الذي اصطلح علي تسميته ( بقمة الأرض)، تزايد الوعي حول الأهمية الكبيرة للحكومات وسـلطاتها المحلية لجهة الاسـتجابة لخطط التنمية المسـتدامة الخاصة بها، والتي تم التعبير عنها دوليا ب(الأجندة 21 الدولية) وهي اسـتجابة دولية لضرورة تحقيق التنمية المسـتدامة كأولوية ضرورية لاسـتمرار الحياة على كوكب الأرض، و فوض هذا المؤتمر حكومات الدول الأعضاء بوضع خططهم المحلية للتنمية المسـتدامة تحت عنوان الأجندة 21 المحلية(8).
وشرعت الجزائر في العقود الأخيرة في اتخاذ العديد من الإجراءات و السياسات سعيا منها
وراء تحقيق أهداف وتوصيات التنمية المستدامة, لأنها عنصر آخر من عناصر التنمية الذي يتمثل في تواصل أو استمرارية عملية التنمية-وهو ما يطلق عليه البعض تسمية التنمية المتواصلة أو المستمرة (Sustainable Development )وذلك لأن الأجيال الحالية تستخدم البيئة والموارد الطبيعية وكأنها هي المالك الوحيد لهذه الموارد وتتجاهل نصيب وحقوق الأجيال القادمة في البيئة والموارد الطبيعية النادرة. خاصة ,عندما تقوم باستعمالها واستخدامها بطريقة سيئة. وهو ما يهدد استمرارية التنمية في المستقبل. ولكن المشكلة تكمن في أن عولمة النمط الاستهلاكي المفرط ستؤدي في حال إمكانية تطبيقها إلى كارثة بيئية لا تحتمل ولا تطاق، ففي ظل الاقتصاد ذي الطابع الاستهلاكي ينظر إلى الأرض ما فيها وما عليها على أنها مجرد مادة أولية قابلة للاستهلاك. وما تصرفات مصادرة مساحات هائلة من الأراضي الزراعية للتوسع العمراني كل يوم ، و استنزاف الثروة السمكية دون اكتراث، وعمليات شحن نفايات مصانع الدول المتقدمة لدفنها في أراضي البلدان الصغيرة الضعيفة –الا دليلا علي ذلك(9).
ويمكننا أن نستنتج أن التنمية المستدامة تعني أنه ليس هناك من مشكلة في أن تشبع الأجيال الحاضرة احتياجاتها المتزايدة من السلع والخدمات ,دون الانتقاض من مقدرة الأجيال المقبلة علي إشباع مثل هذه الاحتياجات هي الأخرى(10).لأن التنمية المستدامة في الأساس: هي العلاقة بين النشـاط الاقتصادي واسـتخدامه للموارد الطبيعية في العمليات الإنتاجية وانعكاس ذلك على نمط حياة المجتمع بما يحقق التوصل إلى مخرجات ذات نوعية جيدة للنشـاط الاقتصادي, وترشـيد اسـتخدام الموارد الطبيعية بما يؤمن اسـتداماتها وسـلامتها دون أن يؤثر ذلك الترشـيد بصورة سلبية على نواميس وانماط الحياة في المجتمع وتطوره.
تشـكل الدول الصناعية حاليا ما نسـبته حوالي 20% من ســـكان العالم وتعتمد اقتصاديات هذه الدول على حوالي 80% من الموارد الطبيعية المتاحة عالميا، وهذا يشـكل ضغطا" خطيرا" على الموارد الطبيعية في الأرض خصوصا في ظل انعدام التنمية في المناطق والبلدان الفقيرة في العالم.
و تشير التنبؤات أيضا إلى أن عدد سكان العالم في سنة 2020 سيرتفع ليصل إلى 8 بلايين نسمة، تعيش منها 6.6 بليون نسمة في بيئة العالم المتخلف، حيث يوجد 3 بلايين انسان يعيشون قابعين تحت خط الفقر, إضافة إلى ذلك يوجد 840 مليون نسمة تتضور جوعا ومئات الملايين من العاطلين عن العمل، وستضم أكثر من 550 مدينة كبيرة غالبية هذه الأعداد بمعدل مليون شخص لكل منها، بينما يصل عدد المدن التي تستوعب أكثر من 10 ملايين نسمة إلى عشرين مدينة، مما يعني الانفتاح على كافة الاحتمالات من جنوح وإرهاب وتلوث بيئي مفرط....(11). :كما أشرنا الي ذلك سابقا فانه في السنوات الأخيرة بادرت الجزائر ، كبقية الدول العربية والإسلامية إلى تخصيص مبالغ معتبرة لدعم توجهات التنمية المستدامة والمحافظة علي الطبيعة وتجسيدها في معظم المجالات الحيوية في المجتمع خاصة في مجال البيئة واعتمدت في ذلك على ثلاث وسائل تراها أساسية لنجاح العملية هي: وضع إطار قانوني حازم و مختص بشؤون التنمية المستدامة ،ومراقبة النشاطات التي تتسبب في التلوث و إخضاعها للمعايير الدولية ، ووضع رسوم خاصة بحماية البيئة تحث المنظمات وتدفعها لكي تراقب نشاطاتها، هذا بالإضافة إلى الرسم المشجع لمنظمات الأعمال التي تعمل هي الأخرى علي التخلص من نفاياتها وذلك بمعالجتها عوضا عن تخزينها أو رميها في الطبيعة ، كما سطرت السلطات مشاريع مستقبلية تعتبر من الأمور الإستراتيجية إذا ما تم انجازها ومتابعتها ، بالشكل المخطط لها . و هذا ما كانت تصبو اليه الجزائر من أجل المحافظة علي البلاد والعباد من جشع الذين لا يعيرون اهتماما لحقوق ومستقبل الأجيال القادمة... كما شرع في تنفيذ هذه الإستراتيجية الوطنية إنطلاقا من سنة 2000، مرورا بسنة2002 ،و2003 رافقتها عمليات التحسيس تجاه المواطنين قصد الحفاظ على البيئة و هو مايفسر أيضا الزيادة الملحوظة في عدد الجمعيات الإيكولوجية والبيئية النشيطة في هذا المجال . وتصب جميع الجهود التي تبذلها الجزائر في أن تجعل هذه المفاهيم تأخذ مجراها في الثقافة والممارسة و هو مايؤكد عزما حقيقيا في محاولات إدراجها في المقررات والمناهج التربوية كمقاييس ومواد تدرس في المداس والثانويات و في المعاهد والجامعات(12). وفيما يلي يمكن الإشارة الي بعض الأمثلة لأهم أهداف التنمية المستدامة من خلال بعض البنود التي من شأنها التأثير مباشرة في الظروف المعيشية للناس: المياه والغذاء ,و المأوى و والخدمات والدخل....وما الي ذلك.ومن خلال تعزيز التكنولوجيا, يكون في المستطاع ,وضع الخطط والبرامج التي تهدف إلى تحويل المجتمعات إلى مجتمعات معلوماتية.. بحيث يتم إدماج التكنولوجيات الجديدة في خطط واستراتيجيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، مع العمل على تحقيق أهداف أخري عالمية كالأهداف الإنمائية للألفية الراهنة.وإعداد سياسات وطنية للابتكار ,واستراتيجيات جديدة للتكنولوجيا ,في إطار النشاطات التي يتم التركيز فيها على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بصفة خاصة(13).

المطلب2: مناقشة مفهوم المنظمة من خلال وجهات نظر متعددة

وحتى نتحاشى الخوض في بعض التفاصيل يمكننا القول أن المنظمة مفهوم قديم ,لأن الإنسان في سعيه حاول التغلب والانتصار علي محدودية قدراته الجسمانية عن طريق التعاون والتنسيق مع غيره من الأفراد سعيا منه لتقديم المساعدة والحصول عليها من أجل تلبية حاجاته وحل مشكلاته.إلي أن أصبح يعيش في بيئة كلها تعج بالمنظمات تهيمن علي كل مناشطه المتنوعة. الي أن أصبح من الأهمية بمكان فهم ما هي المنظمات وكيفية التعامل معها وتعلم أسليب وطرق تسييرها ومن ثم بدأت دراستها بانتهاج الطرق العلمية وازدادت بذلك أهمية تطوير وسائل وأساليب تحليل المنظمات.والي حد الآن هناك عدة محاولات لتحديد معني ومدلول المنظمة إلا أنها تتباين فيما بينها تباينا يرتكز إلي بعض المنطلقات الفكرية المختلفة نذكر منها باختصار أهم المدارس وآراء علماء التنظيم و الاجتماع و الاقتصاد ...

أولا : المدرسة التقليدية : عرفت المدرسة التقليدية المنظمة علي أنها هي"التكوين أو البناء الهيكلي"الذي ينشأ في الأساس عن تحديد العمل وتجميعه وتقسيمه وتعيين السلطات والمسؤوليات وإنشاء وتأسيس العلاقات بين الأجزاء المكونة للمنظمة .

ثانيا : مدرسة العلاقات الإنسانية و(السلوكية) :وعرفت مدرسة العلاقات الإنسانية والسلوكية المنظمة بوصفها مجموعة من الأفراد ينشطون من أجل تحقيق هدف أو أهداف مشتركة.

ثالثا : أما مدرسة النظم الحديثة :فإنها شخصت المنظمة وصورتها علي أنها عبارة عن نظام (نسق) Systemوما هي إلا وحدات اجتماعية مقصودة لتحقيق أهداف معينة(14).كما نلاحظ فان هذه التعاريف الثلاثة تبرز نوعا من التباين في المنطلقات والأفكار .حيث نجد أن المدرسة الأولي ركزت علي البناء التنظيمي Structureأو تقسيم العمل في المنظمة والتخصص فيه ,في حين أن الثانية ركزت علي العنصر البشري في مفهوم المنظمة .أما مدرسة النظم فإنها ركزت علي مفهوم النظام المتكامل معتبرة المنظمة كيان منظم ومركب يجمع ويربط بين مكوناته التي تشكل في مجموعها تركيبا كليا موحدا .وهو وحدة تتكون من أجزاء ذات علاقات اعتمادية متبادلة ,ويتضمن في الأساس مفاهيم الاعتماد المتبادل,والتعاون,والكلية أو الشمولية.

رابعا: رأي علماء التنظيم

وفي رأي علماء التنظيم فإنهم يرون أن المنظمة هي كائن ذو شخصية جماعية إنسانية موحدة لها مظهرها المزدوج ,مظهرا لتنظيم الداخلي و مظهر الشكل الخارجي المميز لها .وهذا مما يؤدي إلي اكتساب المنظمة للشخصية بالنسبة لغير المنخرطين فيها وهذا ما يمكنها من الدخول في علاقات واقعية أو قانونية خارج نطاقها وتصبح بذلك كتلة مشيدة هندسيا يلعب فيها الأفراد أدوارهم ويكتسبون قيمة جديدة بحكم تمركزهم في كيان يسيطر علي الأجزاء التي اندمجت فيه.وبذلك تتجاوز المنظمة مرحلة العلاقة بين الأجزاء إلي مرحلة العلاقة بينها وبين الغير , وينطبق هذا التصور علي كل المنظمات ابتداءا من منظمة الأعمال وصولا الي منظمة المنظمات التي هي الدولة أو المجتمع .

خامسا: منظور علماء الاجتماع

ومن منظور علماء الاجتماع فان المؤسسة(Institution)هي مجموعة من الأحكام و القوانين الثابتة أو الراسخة في المجتمع التي تحدد التصرف و العلاقات الاجتماعية للأفراد والجماعات. و تشبه المؤسسة عادة بالعضو أو الجهاز الذي ينجز وظائف مهمة في المجتمع . و حاول ماك غايفر و بيج في كتابهما المجتمع التمييز بين المؤسسة و المنظمة فيقولان: أن(المؤسسة) هي الإجراءات و الأحكام المثبتة و المستقرة التي تميز و تحدد نشاط الجماعة بينما الجماعة التي تستعين بهذه الإجراءات و الأحكام التي تنظم و تسير أعمالها و شؤونها هي (المنظمة)...و الشخص عندئذ ينتمي إلى المنظمة و لا يمكن أن نقول أنه ينتمي إلى المؤسسة لأنها فقط تتكون من مجرد مجموعة من الأحكام و إجراءات السلوك و التصرف(15).

سادسا: المفهوم الاقتصادي

أما في المفهوم الاقتصادي فإن المؤسسة Entreprise (16) في البداية تم التركيز عليها على أنها (وحدة اقتصادية للإنتاج) غير أن هذا المفهوم صار غير كاف لتوضيح طبيعتها المعقدة. لذلك كله ,أضيف الي هذا المفهوم أن المؤسسة هي عبارة عن( أداة Outil لإنتاج السلع و الخدمات) لأنها تضفي على المواد الخام في الطبيعة قيمة استعمال أو منفعة بهدف تلبية متطلبات الزبائن و البقاء في السوق وتحقيق الربح و ضمان مناصب الشغل و إرساء أو بناء أسس و قواعد للتنمية والتكوين والتدريب في البلد. و في جميع الحالات يتعين علي هذا الكائن صرف منتجاته لكي يعاود نشاطاته من جديد .
ومع ذلك فإن ما تقدم لا يسمح لنا بإعطاء تعريف صحيح للمنظمة (أو المؤسسة ) كل المحاولات كانت غير كاملة أو تطور ت إلى حد إعطاء مجرد تعار يف في غالبيتها وصفية ليس
إلا .و في الواقع فإن كل منظمة أعمال هي قبل كل شيء حقيقة مجسدة في الواقع فريدة من نوعها لأنها تتشابه و كلها تختلف عن بعضها البعض مثلها مثل الأشجار بحيث لا يوجد في الوقع منظمتين متطابقتين, لأن أوجه الاختلاف بين الواحدة و الأخرى كثيرة.و على ضوء هذه الاختلافات المحتملة كيف و لماذا دائما نتكلم عن المنظمة بصيغة المفرد ؟ في حين نجد في الواقع أن كل منظمة بمفردها فريدة من نوعها ؟ بالرغم من ذلك ، نجد أن منظمة الأعمال الاقتصادية لها أشياء مشتركة مع مثيلاتها من المنظمات تضعها موضع العمل ، نفس عوامل الإنتاج من عمل, و رأس مال ,و طاقة, و مواد ,و معلومات... إلى آخره تشتريها المنظمة أو تؤجرها من الأسواق المتخصصة . و في الأخير نصل إلى قناعة أن كل منظمات الأعمال تشترك في ممارسة أو تنفيذ و وظيفة اقتصادية, و تضطلع بدور اجتماعي ، و تتألف من مراكز مستقلة لصنع و اتخاذ القرار و تنفيذه(17) .

المطلب 3: المنظمة نظام سبيرنتيكي( أو سبر يائي)

أولا: فكرة الأنظمة

فكرة الأنظمة لم تكن معروفة لدي المفكرين والكتاب القدامى وهذا توماس هوبز في مؤلفه Leviathanيعرف النظام فيقول: "أفهم من النظام,أي أعداد من الناس تلتف حول مصلحة واحدة أو أعمال واحدة ,التي يمكن أن يكون بعضها منتظم والآخر عير منتظم" .ثم بعد فترة طويلة بعد ذلك تبني البعض مفهوم النظمThe concept of systemsفي العلوم الفيزيائية والبيولوجية,التي أثرت فيما بعد في العلوم الاجتماعية ومنها التسيير لأنها استعارت هذا المفهوم من موضوع عملية الاتزان بين عناصر الكائن الحي الفيزيائي والبيولوجي(Homeostasis…).وكان من أشهر الشراح بيرتالانفي L.Von Bertalanffy أستاذ البيولوجيا النظرية في جامعة Alberta بكندا وشرع في هذا العمل ابتداء من سنة 1920حتي الشروع في استعمال مصطلح نظرية الأنظمة- بمعني النظم (أو النسق)في مجلة Human Biologyفي ديسمبر 1951 (18).
وبعد عشر سنوات قدم هنري ألبيرزHenry Albers عملية التسيير من خلال وجهة نظر الأنظمة ومبادئ التسيير-يقصد المانجمنت.وقد يكون الأكثر انتشارا هو كتاب جونسن وريتشارد Johnson and Richard نظرية وتسيير الأنظمة الذي أعتمد كمدخل يحلل خاصة المنظمات من وجهة نظر النظم(The Systems).بمعني" كل بحث يحاول أن يبدأ باعتبار أن الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي له نفس خصائص النظام ويحاول أن يفسر هذا الواقع عن طريق علاقات التبعية التي تربط الأجزاء بعضها ببعض, وتكون بذلك كيانا ذا طبيعة مستقلة ".وعندما نعيد طرح السؤال –ما هو النظام؟نستطيع تعريفه ببساطة علي أنه "مجموعة من عناصر مترابطة ومتفاعلة " بكلمات أخر النظام هو"مجموعة من العناصر مرتبطة بمجموعة من العلاقات".ويستحسن هنا استعمال اللفظة العربية(نسق)للدلالة علي المفهوم الاصطلاحي للفظة الفرنسية Systemeوالانجليزية Systemتفاديا لاستعمال كلمة (نظام)العربية علي بالرغم من انتشارها الواسع,لأنها تثير لبسا كبيرا يطول شرحه ولأنها ترتبط بالدراسات النمطية خاصة الدراسات القانونية. ولأنها قد تهيء لخلط الأذهان بينها وبين الدراسات العلمية الواقعية البحتة .لذلك نفضل استعمال كلمة( نسق) بمعني مجموعة الأجزاء والعلاقات المنتظمة انتظاما آليا, ومن ثم فان النسق يتكون من عمل الواقع لا من عمل القانون الوضعي أو الأخلاقي.
اقترح بيرتالانفي أن النسق "يتضمن أي ترتيب أوتركيب أو تأليف يتكون من مجموعة من الأجزاء أو الأعضاء في( كل) الذي يمكن تطبيقها علي خلية, أو كائن حي بشري, أو مجموعة من الأفراد أو مجتمع".وعرف النظام علي أنه "مجموعة من العناصر في تفاعل "Un ensemble d elements en interaction " ويمكن أن يستكمل هذا التعريف العام جدا بالطريقة التالية: واقع في بيئة معطاة أ و يوجد في بيئة معينة.و يؤدي وظيفة أو يقوم بنشاط ومجهز ببناء أو هياكل Dote d une structure.و يتطور بصورة مستدامة عبر الزمن وله أهداف معينة معرفة ومعروفة,أوله غاية(19).
ثم تواصلت الجهود لتطوير مفهوم النظم علي أيدي كل من نوربرت وينر Norbert Wiener و روس أشبي Ross Ashby وكان لهما السبق في استعمال الرياضيات لدراسة مفهوم النظم.

وتوجد مجموعة من النظريات التي تتعنقد حول" مفهوم النظام" , ويرتبها لنا الناقد لهذه الحركة (Robert Lilienfeld), علي النحو التالي:-


3-نظرية المعلومة والاتصالات التي استندت الي أعمال شانوي ويفر وشيري وآخرون التي اهتمت بجوانب المسائل الرياضياتية واللغوية التي تتعلق بارسال الرسائل واستقبالها.



كان ليلين فلد Lilienfeld قاسيا جدا في انتقاده لحركة "مفهوم النظم" لتصريحه أن:"مفكري النظم يمكن اعتبارهم تجريديين, وأكد كذلك أن أعمالهم حافلة بالتكرار الي حد أنها أصبحت مملة, لأنهم في نظره أعلنوا عن كثير من التبصرات التي توقعوا أنها ستبرز وتنبثق عندما يصبح تفكير النظم واسع الانتشار ومتبني من قبل الباحثين والمطبقين ".ويضيف: " إن صورة العالم التي تعرض بواسطة منظري النظم, تظهر علي أنها صورة مبهرجة ومزوقة (meretricious) بالرغم من أنها غير قادرة علي الوقوف علي أهليتها وجدارتها (ص.3)". في الواقع ,كان هناك نظريون متحمسون لهذا التوجه لمفهوم النظم و كان أكثرهم تحمسا هو كينيث بولدينغ الذي ألف كتابا تحت عنوان:-
" The World as a Total System (1985) ......العالم كنظام كامل"....
وفيما يلي استعراض لسبعة أمثلة, لأهم المفاهيم العلمية التي استعملت في دراسة النظم نجد ما يلي:-




-5 equilibrium التوازن.


وفي أواخر القرن الماضي أصبح مصطلح النظام التكيفي المعقد Complex Adaptive System هو حجر الزاوية في الدراسات المتخللة المواضيع (the interdisciplinary) في معهد ((Santa Fe Institute بواسطة( (J.H.Holland and M.G.Gell-Mann وآخرون ...











شكل :النظام في تفاعله مع البيئة يظهر تدفق المعلومات والمواد والطاقة والتعذية-الاسترجاعية في نظام مفتوح.


ونستنتج من هذا التعريف والجهود التي بذلت أن وحدة الواقع كانت تدفع بيرتالانفي للنظر إلي فكرة النظام من زاوية أن الواقع يدفع إلي وحدة المعرفة ,معرفة تقوم علي أساس نفس الافتراضات ( الوقع يكون نظام) ويرمي إلي نفس الأهداف التي هي (الشرح والتفسير العلمي)ويستعمل نفس الأسلوب (أو المنهجية العلمية).ومن المحتمل أن Systemهي العبارة الأكثر رواجا في العلوم الاجتماعية والعلوم الدقيقة اليوم, .حتي أنه استغل وأحسن استعماله في حرب الخليج من قبل المخططين العسكريين لتحييد بعض العناصر هناك لضربها بسهولة للاقتصاد في التكاليف المادية والبشرية .

في عام 1988 قدم الاستراتيجي العسكري ,جوهن ووردن نموذجه المسمي نموذج نظام الخمس حلقات أو أطواق (Five Ring System model) في كتابه المعنون الحملة الجوية (The Air Campaign) وفيه ويؤكد متباريا أن أي نظام معقد (complex-system) يمكن تفكيكه إلي حلقات متحدة المركز أو متراكزة(concentric) .كل حلقة أوطوق - القيادة, الانبثاقات أو العمليات (Processes) , البنية التحتية , السكان , و الوحدات الناشطة - يمكن استعمالها لعزل عناصر أساسية لأي نظام في حاجة الي التغيير. هذا النموذج استعمل بكفاءة وفاعلية من قبل المخططين في سلك القوات الجوية الأمريكية في حرب الخليج الأولي في أواخر التسعينات(1990s) من القرن الماضي , ثم بعد ذلك ,طبق ووردن نموذجه نظام الخمس حلقات (Five Ring System mode) في إدارة واستراتيجية الأعمال...


ثانيا:المنظمة نظامThe Organization is a System

يري المفكرون المنظمة ضمن مفهوم النظام أنها تتكون من أنظمة فرعية للإنتاج , والتسويق والتمويل ,والأفراد العاملين والموارد البشرية .والتي تتكون بدورها من أنظمة فرعية أخري في تصميم السلعة , تحديد طريقة الصنع, صيانة الآلات, الإعلان والبيع, والحسابات والصندوق والميزانية الختامية...الخ. كما يرون أن التسيير في حد ذاته يتكون من أنظمة فرعية في الإستراتيجية, والسياسات, والتخطيط ,والتنظيم وهيكلة المنظمة ,القيادة والتوجيه,والرقابة والمتابعة...الخ(20).



......................
شكل المدخل الكلي يطرح السؤال: ماذا يدخل في النظام ؟و ماذا يحدث فيه؟ وماذا يخرج منه؟ وما هو رد الفعل في صورة تغذية استرجاعية؟

إن هذه النظرة الحديثة للمنظمة لا تنظر إليها فقط من الجوانب المختلفة الواردة في التعريف السابق ,بل تأخذ المنظمة بكل جوانبها من منظور أكثر شمولية مما زاد في الاعتماد علي مفهوم النظم خاصة فيما يتصل بالمنظمة.وفي إطار المنظمة الداخلي يري أصحاب هذه النظرة أنها شبيهة بالهيكل البيولوجي لأي كائن حي سواء في إطاره الداخلي أو الخارجي في آن واحد.وعندما تؤخذ المنظمة علي أنها نظام –فان المقارنة بين الهيكل العضوي للنبات أو الحيوان أو الإنسان وهيكل والمنظمة تقترب لتصل إلي حد التطابق في معظم الجوانب كما يلي:
*إن وجود الأعضاء في الهيكل البيولوجي كالرأس واليدين والرجلين يوجد ما يقابله في المنظمة من وجود لأقسام أو مصالح كل منها يقوم بوظائف ونشاطات معينة كالتمويل والإنتاج والتوزيع وما إلي ذلك...
*إن الأوامر وتنسيق عملية الحركات قي جسم الكائن الحي تصدر عن المخ وهي من مسؤوليته .و يقابل ذلك في المنظمة الإدارة بجميع صلاحياتها .
* إن ردود الأفعال و اتخاذ القرارات يرتبط بشبكة من المعلومات و الإشارات في الهيكل العضوي و في منظمة الأعمال نجد أن عملية اتخاذ القرارات أيضا تتم على أساس نظام قائم للمعلومات تجتمع أو تتواجد في أعلى السلم في قمة هرم المنظمة .
* إن عملية تنفيذ القرارات تعتمد على انتقال الأوامر من الرأس إلى الأعضاء في الهيكل العصوي البيولوجي ، و في المنظمة يجري التنفيذ من طرف المستخدمين في المستويات المتوسطة والدنيا .
و هكذا ففي حالة صحة الجسم فإن كل عضو يقوم بعمله في حدود صلاحياته أما في حالة المرض فإن الأعمال لاتنجز بصورة جيدة أو سريعة ، ضف إلى ذلك أن القرارات ستكون أحيانا تتصف بعدم الدقة. و في حالة المنظمة عندما تقوم كل المصالح بأعمالها بصورة جيدة تزدهر حالتها و في حالة انتشار ظاهرة الإهمال و سوء التسيير وغيرها من أمراضه المتفشية في المنظمات مثل أمراض الواسطة, والمحسوبية, و النفاق والتملق الإداري في صورة مجاملات , و الانفصام في الشخصية ,و قلة الكفاءة الإدارية والفاعلية , و الظلم الإداري المشهود .... الخ فإن مصير المنظمة سيؤول نحو التقلص والهلاك والدمار و الاندثار
(The Withering Away of The Organization ). أبعد من هذا و ذاك نجد أن المنظمة ما هي إلا عبارة عن نظام و النظام بحد ذاته مجموعة من العناصر تستخدم بغرض تحقيق هدف أو أهداف معينة على أساس ارتباطات و علاقات فعالة و دائمة . وعلى هذا الأساس فالمنظمة في الواقع ما هي إلا مجموعة من العناصر المادية و البشرية حتى أن ازدهارها ليتوقف بالدرجة الأولى على التبادلات بين العناصر و تنسيقها و تنظيمها ، و بهذا فالمنظمة نظام يمكن أن ينقسم إلى أنظمة فرعية جزئية ، أو أن يكون بدوره هو نظاما جزئيا لنظام عام آخر(21) .
و في حالة ما إذا ، نظرنا إلى المنظمة على أنها نظام سبيرنتيكى مفتوح، إذا يمكننا تصور المنظمة علي انها نظام تكنولوجي- إقتصادى- إجتماعى يعتمد على المدخلات و المخرجات من عدة خانات من الاقتصاد الوطني للبلد الذي تنتمي اليه. النظام السبيرنتيكى المفتوح / السبرياء(مثل فيزياء وكيمياء) Cybernétique يشبه المنظمة بنظام يعمل علاقات مع وسط خارجى ، تكون فيه المنظمة حساسة لكل المعلومات الخارجية التي تخترقها, و تستطيع ا لمنظمة بدورها ترجمة المعلومات بسرعة فائقة .و كيفما كان هذا فإن المنظمة كنظام مفتوح تشمل أو تحتوى مجموعة من النظم أو النسق الفرعية من نظم للتوجيه فى السياسة والإستراتجية و الأهداف ونظام للتسيير فى المعلومات و الهياكل والإجراءات و تقنيات التخطيط والضبط وغيرها ونظام تعبئة الموارد البشرية والشيئية, والمواد ,والمالية ،و النظام التكنولوجي فى التسيير الآلي وتأقلم الإنسان مع الآلة و نظام التجلية (والنتائج) الذى يتصل بوظيفة كل فرد فى المنظمة علي كل المستويات و على جميع الأصعدة ,و النظام الإجتماعى فى العلاقات بين الأفراد والمناخ التنظيمي و الدافعية. و من هنا نجد أن المنظمة عبارة عن نظام معقد ناتج عن تفاعلات مختلفة ، ومنها الاعتماد المتبادل لعدة تدفقات تخترق عابرة المنظمة فى صورة تدفقات مالية و تدفقات للأشخاص ووسائل للعمل والمواد والمعلومات ... الخ ، وكل حركة للدخول أو الخروج تؤثر الواحدة فى الأخرى , سواء أكانت علي المستوي المحلي ,أو الوطني ,أو الدولي(22).



المبحث الثاني: التعلم والتعليم والتكوين والتدريب ...الخ

مقدمة
من أجل جعل الأسئلة الأساسية التي طرحت في المقدمة طبيعية وقابلة للتناول في شكل كل سؤال علي حدة أو في تفاعلها الكلي يتعين علينا استعمال المفاهيم Concepts كوسائل لتحديد المعني والمدلول اللفظي والمصطلحي.ولما كان المفهوم عبارة عن رمز والرمز كما هو شائع عبارة عن أمر واع بهذه الأشياء التي يرمز إليها .إذا جاز التعبير المفهوم هو نوع من الأمر لتذكر جملة من الأشياء تستوعبها الذاكرة فمفهوم الشجرة يتضمن التوت والتين والزيتون والعنب ..وهكذا دواليك.وما ينطبق علي هذه الشجرة ينطبق علي التكوين وعلي المنظمة و علي التنمية بجميع موضاتها وجميع إصلاحات إصلاحاتها .عن أي تكوين نتحدث وعن أية منظمة؟وعن أية تنمية تنشدها هذه الأخيرة لكي تكون مكوناتها خاصة مواردها البشرية- تعمل من أجل التفاعل الجيد مع محيطها ؟وهكذا فالمفهوم هو نظام لأختيار وتراكم لمعلومات مؤكدة التي تشير إلي وقائع (Facts )في حالة ما إذا وجدت .لذلك فالمفهوم هو نظام وأمر command للبحث ولكن ليس هناك من ضمانة لإمكانية وجوده.
وكيفما استوعبنا مدلول المفهوم (التكوين) فان مهمة تسيير الموارد البشرية لاتتوقف عند تخطيط احتياجات (المنظمة) من الأفراد لفترة زمنية في الأفق واختيار وتوفير هذه الاحتياجات وتقدير درجة كفاءتها في العمل, بل تشمل مواضيع أوسع وأشمل من ذلك .كتحسين كفاءة العاملين والمستخدمين عن طريق البرامج التكوينية (التدريبية) التي تقوم بإعدادها والإشراف علي تنفيذها خاصة في حالة مااذا لم توجد إدارة أو مصلحة مستقلة خاصة بالتكوين (التدريب)في المنظمة غايتها إعداد وتأهيل الأفراد لممارسة أعمالهم علي أسس صحيحة وسليمة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنتاج الجيد المتقن بأقل جهد ممكن وبأقل التكاليف.لأن التكوين وسيلة علمية وعمليةو إدارية وفنية يمكنها أن تدفع بالأداء البشري قدما نحو الأمام في العمل والي أقصي حد ممكن بشكل وبأسلوب يجعل في المستطاع تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد البشرية المتاحة للمنظمة ولم لا علي مستوي المجتمع كله .وهذا يعتمد علي ما هي وحدات ومستويات التحليل المختارة التي تم اعتمادها.(23).
وإذا أردنا تحديد مفهوم التكوين( La Formation) أو التدريب( Training) يتعين علينا أن نوضح هذه المفاهيم المتشابهة كمترادفات في الشكل ومختلفة في المعني والمدلول وهي التعلم والتعليم والتكوين والتدريب.

المطلب 1:التعلم والتعليم

أولا: التعلم Learning

التعلم يقصد به التغيير المستدام أو المتواصل والمستمر في تصرف الأفراد في المنظمة الذي يحدث كنتيجة لاكتساب الخبرة.إن كثيرا من مبادئ التعلم التي تم تطويرها في التعليم يمكن أن تكون ملائمة للتطبيق في عمليات تكوين الأفراد في منظمات الأعمال .من بين المبادئ التي يتعين علي المكونين أخذها في الحسبان أهمية الانتباه وحظر الالتهاء بأي شئ أثناء سريان عملية التكوين ويجب أن يخطط للتكوين بالشروع في بداية الآمر بالأشياء السهلة ثم الانتقال الي الصعبة ثم الأصعب منها , ومن المعلوم إلي المجهول .وهناك بعض العمليات من المستحسن التدرب عليها في صورة أجزاء وعلي مراحل إلي حين دمجها مع بعضها البعض في نهاية المطاف.في حين نجد أن هناك عمليات أخري يجري تعلمها والتدرب عليها بصورة إجمالية.ويمكن الإشارة هنا كذلك الي أن التدرب علي الأشياء المكانيكية يتطلب فيه التركيز علي الاتقان والدقة والجودة وليس علي سرعة الانجاز.و للفائدة فان التكرار هنا قد يكون فعالا, لأن الهدف منه في النهاية هو مجرد تثبيت وترسيخ الأفكار أو الإجراءات في ذاكرة وذهن الفرد المتكون(24).كما يلاحظ في المدة الأخيرة فان التعلم أصبح يعرض كعنصر أساسي في ممارسة الإدارة والتسيير الجديد وفي أدبيات المانجمنت الأكثر حداثة. وتتمثل الموضوعات المطروحة للبحث في الغالب في سير العمل بشبكة الانترنت أو مايسمي أحيانا ب(المنظمات التي تتعلم) لأن التعلم أصبح هو سبب الوجود بالنسبة لكثير من الأفراد والجماعات والمنظمات, وذلك بالتعلم عن طريق التحري والتجريب قدر المستطاع(هذا يدل علي تغير في المناهج) لأنه هو محرك التغيير نحو الأفصل في الوقت الحالي.ولأن التعلم في الإدارة الجديدة سبب وجود حقيقي لأنه يسمح للفرد وللمنظمة علي حد سواء بالتقدم .

ثانيا : التعليم والتدريس Teachingبمعني تلقين الدروس

أما التعليم بصورة عامة فهو زيادة قدرة وامكانية الشخص المتعلم علي التفكير المنطقي وفهم وتفسير المعرفة المكتسبة عن طريق تنمية قدراته العقلية لكي يكون في متناولها فهم العلاقات المنطقية بين مختلف المتغيرات من اجل شرح وتفسير وفهم الظواهر (25).من هنا يمكننا أن نلاحظ أن التعليم يهدف إلى زيادة المعرفة و الثقافة العامة التي تتعلق بالبيئة ككل ،و تزداد الحاجة إليه في منظمة الأعمال كلما اتجهنا عبر الهيكل التنظيمي للمنظمة نحو الأعلى , أي صوب الوظائف الإدارية العليا التي علي مستواها يتم وضع الإستراتجية, و ترسم فيها السياسات و يتم فيها صنع و اتخاذ القرارات .

المطلب 2:التكوين والتدريب(26).

أما التكوين (أوالتدريب)فانه في الإمكان تعريفه علي أنه عملية مخططة ومنظمة ومتواصلة تهدف إلي جعل العاملين يكتسبون المعارف والقدرات و المهارات الجديدة المتخصصة و المرتبطة بالعمل ،أو تغيير بعض اتجاهات العاملين و سلوكاتهم و تصرفاتهم،على نحو يضمن تحسين أدائهم لتحقيق أهداف المنظمة. و هذا يعنى كل الإجراءات المنظمة التي يتم عبر ها تعليم الأفراد المعارف و المهارات أو كلاهما معا من أجل غرض معين ، ونقصد بذلك كل البرامج الرسمية التي تستخدمها المنظمة لمساعدة العاملين لاكتساب الفاعلية والكفاءة المناسبة للقيام بأعمالهم الحالية الآنية و المستقبلية عبر تنمية قدراتهم الفكرية و العلمية وجعلهم يكتسبون اتجاهات و معارف و مهارات تتلاءم و تتناسب مع تحقيق المنظمة لأهدافها المسطرة(27),من خلال نشاط متكامل ليس غاية في حد ذاته وإنما هو مجرد وسيلة لرفع قدرات أعضاء المنظمة و تعديل تصرفاتهم من أجل رفع إنتاجيها وفاعليتها في الأداء.
ويتم ذلك فى العادة عبر مراحل معينة هي : اكتشاف الاحتياجات التكوينية , وتحديدها عن طريق تحليل المنظمة /والعمليات /والفرد, و تصميم البرامج من أجلها, و تنفيذها و تقييمها, وذلك مع مراعاة التحسين من عملية التغذية المرتدة أو الراجعة للمعلومات الآتية الي المنظمة عن كل التصرفات التي تدخل فى نطاق التدريب (28).لأن تحليل المنظمة يرينا أين Whereسيتم تركيز التكوين في المنظمة وما هي الأجزاء التي هي في حاجة الي التكوين,أما تحليل العمليات فسيكون لتحديد ماذا Whatيشمل التكوين حتى يتمكن الأفراد من تأدية أعمالهم بأكبر قدر من الكفاية,في حين نجد أن تحليل الفرد يعني بمن هو الذيWhoيحتاج الي التكوين كما سنري ذلك بعد حين.
وسنري كذلك أنه بمجرد تحديد الاحتياجات فان الفجوة The gap وعدم التكافؤ بين المستوي الآني للأداء والمستوي المرغوب فيه مستقبلا من الممكن جسرها Bridged عن طريق تخطيط وبرمجة التكوين المناسب لأفراد المنظمة المعنيين.باعتبار ذلك إجراءات منظمة من شأنها زيادة معلومات ومعارف ومهارات الإنسان من أجل تحقيق أهدافه سعيا وراء تحسين قدراته علي الأداء في المنظمة.
ولهذا فان التكوين (أو التدريب) في أبسط صوره يعني إكساب الفرد العضو في المنظمة المهارات والخبرات والحذاقة التي تجعله قادرا علي القيام بالعمل المنوط به في سعيه الدءوب إلي الوصول إلي درجة معينة من الكفاءة وحسن الأداء وفعاليته(29).
في نهاية هذا المطلب يمكننا أن نستنتج أن التكوين في حقيقة الأمر هو تعليم وتربية لأعضاء المنظمة, هو تعليم لأنه يؤدي إلي توسيع مداركهم ويزيد من انفتاحهم علي النيئة التي تحيط بهم وبمنظمتهم , وهو تربية لأن الهدف من كل ذلك في النهاية هوتغيير وتعديل سلوكاتهم وتصرفاتهم الإنسانية.
التعليم أو التربية( أ و علم التربية) هو تحضير الذاكرة والعقل ('mind preparation') لترافق الشخص إلي مجال العمل الواقعي , أما التدريب فهو تطوير نظامي ,للموقف , والمعرفة ,وخصائص البراعة والمهارة والحذاقة بواسطة شخص لأداء مهمة أو واجب أو وظيفة علي نحو ملائم وكاف أو علي نحو واف بالمراد,أما تنمية وتطوير الأفراد فهي النمو الفردي بمفاهيم القدرة والإمكانية, والفهم, والإدراك والوعي.و تكون كل هذه الثلاثة( القدرة+الفهم+الوعي) ضرورية في منظمة الأعمال.



المبحث الثالث: أهداف وطرائق التكوين
تمهيد:
من المتفق عليه أن للتكوين أهمية كبيرة في مجال إعداد الكوادر البشرية والقوي العاملة وتأهيلها, والمنظمة التي ترغب في أن تتميز عن مثيلاتها من المنظمات الأخري في السوق عليها أن تسعي سعيا حثيثا وراء توفير الكوادر الإطارات الماهرة ، وهذا لا يمكن أن يتحقق لها إلا عن طريق التكوين . وهنا قدمنا التكوين علي أنه هو ذلك النشاط الإنساني المخطط له الذي يهدف إلى إحداث تغييرات في الأفراد المتكونين من ناحية المعلومات والمهارات والخبرات والاتجاهات ومعدلات الأداء وطرق العمل والسلوك .ويشير هذا التعريف إلى حقائق أن التكوين ,هو نشاط إنساني , مخطط له ومقصود ,وإنه يهدف إلى إحداث تغييرات في جوانب مختارة لدى المتكونين, باعتباره هو الوسيلة الأهم التي تؤدي إلى تنمية وتحسين الكفاية الإنتاجية للأفراد وللمنظمات ,لأنه من أفضل مجالات الاستثمار في الإنسان ,بالنظر إليه علي أنه عملية مستقبلية لأن التنمية الحقيقية هي التي لا تستثمر الإنسان، وإنما تستثمر فيه وفي بيئته الطبيعية في إطار التنمية المستدامة ، عن طريق الاعتناء به مباشرة وبمشاكله اليومية.
وهنا لا بد أن نتوقف عن [التجريد] لنفسح المجال لما نرمي إليه في التركيز علي أهمية عنصر تكوين الموارد البشرية ،وذلك من خلال مباحث أساسية وهي علي التوالي :أهداف وطرق التكوين،التخطيط والبرمجة ،والإنجاز والمراقبة.

المطلب 1:ما هي أهداف التكوين ؟

التكوين يشكل مظهرا هاما لتسيير الموارد البشرية للمنظمة ،وذلك للأسباب الرئيسية التالية :
السبب الأول: هو أن التكوين، أي تكوين الأفراد يعتبر أحد الوسائل الأساسية التي تشبع متطلبات الحاجات الاقتصادية ،منها: مستلزم الإيراد،لأن التكوين يوفر تحسين آداءات الأفراد. ومستلزم البقاء والدوام و الاستمرار ،لأن التكوين وسيلة من وسائل المقاومة ضد الجمود والتحجر. و مستلزم النمو ،لأن التكوين يتيح لأفراد المنظمة فرص تكييف سلوكا تهم وتصرفاتهم وفق الظروف والتطورات الكمية والنوعية.
السبب الثاني : هو أن تكوين الأفراد هو من وسائل إشباع حاجات من مستوى عال للأفراد وعلي وجه الخصوص حاجاتهم للمعرفة،والتفتح والازدهار والترقية.
السبب الثالث: هو أن المنظمة ملزمة قانونيا ,خلال كل سنة بتزويد أفرادها بحد أدني من التكوين ، وبالتالي فهي مسؤولة عن تكريس وتخصيص نسبة مئوية (1.5%) مثلا من مجموع الأجور الإجمالي ( يعني الخام):بموجب قانون تكوين مهني مستمر ومتواصل.
وتطور هذا النشاط منذ فترة السبعينات من القرن الماضي واعتبر أحد أشكال الاستثمار في المنظمة لأنه يسمح لها باستخدام التقنيات الجديدة,وتحقيق الأهداف الإستراتيجية, والقدرة علي المنافسة,ودخول الأسواق الجديدة بل واختراقها,وخصصت المنظمات الكبرى لمثل هذه النشاطات حصصا لايستهان بها من كتل الأجور ,شركة ABM12%و BULL8% وكهرباء فرنسا7% , وكان متوسط ما هو مخصص له في منظمات الأعمال الفرنسية 2.15% سنة1984.
من المهم أن نعرف بأن القوة التنظيمية لاتتمثل فقط في المباني والتجهيزات ، ولكنها أساساً في الموارد البشرية للمنظمة . ومن المهم الانتباه إلى أن كل عضو فيها من المستويات التنظيمية المتوسطة والعليا دائما يكون بحاجة إلى 45 ساعة تدريبية سنوياً كحد أدنى.وكل عضو في المنظمة من المستويات الدنيا بحاجة إلى 15 ساعة تكوين سنوياً كحد أدنى.ويتعين تخصيص 3% على الأقل من مصاريف المنظمة لأغراض التكوين والتدريب. والجدير بالذكر هنا, أن إسرائيل انتبهت إلي ذلك وهي الآن تخصص ما يفوق 7% من الميزانية العامة لها في حين أن الدول العربية مجتمعة تخصص فقط 0.1% من ميزانيات دويلاتها لهذا الغرض( أ.د. منذر سليم عبد اللطيف في حديثه عن د. طارق السويدان). ولا نشد أنفسنا هنا إلي هذه الحالة والقوانين والأنظمة القانونية (لأن ذلك من اختصاص القانونيين, انظر المطلب الموالي)…لكن نذكر لمرة واحدة أن تكوين الأفراد يمكن تحقيقه تبعا لطريقتين اثنتين :
*التكوين الذي ينظم عن طريق المنظمة ،وذلك التكوين الذي يطلق عليه ( إجازة –تكوين) .
*وتبرير نفقاته التي تفرض شكليات معينة بشأن تعهد المنظمة والتزامها [اتفاقية التكوين مع الهيئات أو المنظمات المعتمدة] وإدراج ذلك في حساباتها .
أما بشأن أهداف التكوين، يمكن أن ينطبق التكوين علي /أوفي محالين:
*ميدان التكوين العام والثقافي:- تعلم القراءة والكتابة[ALPHABETISATION]؛ تعلم اللغات الأجنبية ،تكوين اقتصادي ..الخ في هذا المجال يكون التكوين عبارة عن وسيلة تنمية بشرية يتحقق هذا الهدف’’في إطار‘‘ المخططات والبرامج لأن ذلك يطرح حاجات يعبر عنها من قبل المستخدمين ؛و فعالياتهم تقيّم وتقدّر بموجب قناعات المستفيدين منها …حيث نجد أن مصلحة التكوين تلعب دور المربي .
*مجال التكوين المهني : - هنا التكوين عبارة عن ورشة عمل لتسيير الموارد البشرية للمنظمة .هذا التكوين ينجز ’’في إطار‘‘ المخططات والبرامج التي تنبع من استراتيجية المنظمة، و فعاليتها تقيم وتقدر بموجب تحسينات الآداءات لمستفيديها (أي المنتفعين والمستحقين). ونجد أن مصلحة التكوين هنا تلعب دور مسير ميزانيات التكوين .بإتاحة التكوين مهنيا للمتكونين الجدد.خلاف ذلك ،فإن التكوين لا يجذر سوى خيبة الأمل،والحرمان أو الذهاب الطوعي [DEPARTS] ، وفي هذه الحالة يكون المتنافسون قبل غيرهم(30) .

المطلب 2:القوانين والأنظمة القانونية

مثل القانون المتعلق بعلاقات العمل رقم 90-11 المؤرخ في 21/4/1990 الذي ألغي القانون الأساسي العام للعامل ،وأهم القوانين الملحقة به.
تنص المادة 6منه علي أنه يحق للعمال أيضا في إطار علاقة العمل ’’التكوين المهني والترقية في العمل‘‘ إلي جانب الحقوق الأخري .ضمن المبادئ الرئيسية التي تحكم المؤسسة مثل ’’مبدأ الاستقلالية والمتاجرة‘‘والطابع التعاقدي لعلاقات العمل،والحريات الأساسية الواردة في الدستور الجديد.
علاوة علي ذلك فللعامل الحق في التكوين المهني: المواد من 57-60 من القانون المذكور أعلاه / باعتباره وسيلة ممتازة لرفع المر دودية واكتساب الخبرات والمعارف الحديثة دعما لمبدأ المتاجرة والمنافسة‘‘وذلك بتحسين مستوى الإطارات واليد العاملة ،سواء في إطار التكوين المستمر أو بأحد مراكز التكوين.
لذلك كله كان الاهتمام واضحا بسياسة التكوين في المرحلة السابقة سواء باستصدار سلسلة من النصوص التنظيمية (مراسيم 82) أو بإنشاء مراكز للتكوين المهني ،حيث ارتفع عددها من 250(سنة1976) إلي 313 (عام1979) .علي أن يتم إعداد سياسة التكوين بمساهمة [لجنة المشاركة بالمؤسسة] والتي يتكفل مجموع العمال والتنظيمات النقابية بتكوينها---
ملاحظة عابرة :
كما تعرفون مرت تشريعات العمل في الجزائر بعدة مراحل تحكمت فيها ظروف وعوامل سياسية واقتصادية سادت كل مرحلة :
(1)-القانون الأساسي العام للوظيف العمومي(1962-1971) .
(2)-التسيير الاشتراكي للمؤسسات (1971-1978) .
(3)- القانون الأساسي العام للعامل (1978-1990).
وكان للإصلاحات الاقتصادية أثرها البالغ علي إعادة تنظيم وتكييف علاقات العمل –وهو ما تجلي في إصدار:
(4)- القانون المتعلق بعلاقات العمل-السابق الذكر, وما الي ذلك...

المطلب 3: ما هومحتوي ومضمون التكوين؟

أما بشأن محتوى ومضمون التكوين،فإن التكوين المهني يتعين أن يتناسب مع حاجات الأفراد المستفيدين منه ،لذلك فمضمون التكوين لا بد أن يحتوى –خاصة علي المسائل أو الموضوعات الآتية:

(تقنيات التنظيم العام .و تقنيات الاتصال .و تقنيات العمل في مجموعة .و تقنيات العلاقات الاجتماعية.و اقتصاد المؤسسة.و تقنيات التسيير.)
تقنيات التفاوض والمساومة .و ويفترض فيهم معرفة منتجات المنظمة عن كثب .)

(تقنيات خاصة بالإنتاج .وتقنيات تنظيم الإنتاج).

(تقنيات إدارية.وتقنيات التنظيم الإداري – خاصة وما إلي ذلك.)(31).

المطلب4 :شكل (أو مظهر )التكوين:

أما فيما يتعلق بشكل أو مظهر التكوين ؛فالتكوين المهني يمكن أن يتم من خلال أوجه متعددة:-
أولا:التكوين في عين المكان ،أي مكان العمل, خاصة بواسطة التدريب في الصناعة التي يرمز لها بالإنجليزية [TWI] التي تنوب مناب [TRAINING WITHIN INDUSTRY] ،وبالموازاة فإنها تنعت بمصطلحات من مثل :
[FORMATION PRATIQUE DES CHEFS] التي تشتمل علي ثلاثة برامج رئيسية :-العلاقات أثناء العمل/وتبسيط العمل/وفن التعلم والتثقيف. كل برنامج من هذه البرامج الثلاثة يتعين أن يشتمل –عادة-علي خمسة جلسات للتكوين لساعة ونصف حتى الساعتين ،تجمع من ستة 6 إلي ثمانية 8 مشاركين خلال أسبوعين كاملين.والبرنامج الأهم من غيره ل[TWI] هو ذلك الذي يطلق علية ( فن التعلم والتثقيف) , الذي طور من خلال منهجية (طريقة) لتكوين وتحليل وتنسيق العمل التي تصبح فيها كل درجة (أو مستوى تنظيمي) هي المدرب للدرجات التي تقع في المستويات السفلي التي تليها مباشرة . لذلك فالتكوين أو التدريب أثناء العمل((In The Job Training يقوم علي أساس التلمذة المهنية في مواقع العمل وله أشكال متعددة ,فترة تحت التمرين,والدوران بين الوظائف,وأسلوب المكتب المجاور,وشغل وظائف الأفراد الغائبين,وأسلوب توجيه الأسئلة,والرغبة في المشاركة في أعمال اللجان...وما الي ذلك. ومن مزايا هذا الأسلوب نجده يتشابه مع العمل الحقيقي,ويكون المدرب في الغالب هو الشخص نفسه الذي سيعمل معه المتدرب مستقبلا.ويلاحظ أن التدريب سيكون أسرع ونتائجه أكبر,وبالرغم من هذه المنافع فان سلبيات هذا الأسلوب قد تكون عدم توفر الكفاية اللازمة لدي الشخص المدرب لأنه قد يكون قد ترقي بالأقدمية مع عدم توفر مهارات التدريب.وقد يكون ضمن السلبيات أيضا انهماك المدرب في أشغال كبيرة تلهيه عن التدريب مع وجود بعض ا الخوف يمتلكه من ترقية المرؤوسين,ومن ثم انتقال نقاط الضعف من الرئيس الي المرؤوسين الجدد وبالتالي توريث هذه السلبيات من جيل لآخر دونما تطوير يذكر(32).
ثانيا:تكوين ’’الأشخاص‘‘ أو ’’الأفراد‘‘ التكوين الذي يستهدف خاصة الإطارات وعند الاقتضاء وهذا محتمل ‘‘أعوان التحكم’’ الذين يعتمد عليهم في تحضير أنفسهم لاحتلال وظائف إطارات شاغرة مستقبلا،هذا التكوين ينجز بواسطة المشاركة في التعليم الذي ينظم عن طريق أجهزة متخصصة يمكن أن يكون من ضمنها أجهزة علي المستوي الوطني ،ومراكزها الجهوية التابعة لها،ومعاهدها المتخصصة كما (في فرنسا، في بريطانيا ،وفي الولايات المتحدة)….الخ. وهذا مما يدعوا إلي ملاحظة ومعرفة أن من الوسائل الخاصة بتحسين الشخص لمستوي معرفته وتعليم الآخرين ما يعرف بال(الخير فيمن تعلم وعلم غيره) ،هذه الأسباب هي التي تقود الإطارات ’’وأعوان التحكم ‘‘ المؤهلين للتدخل من حين لآخر كمنشطين مؤقتين في نشاطات التكوين الذي تنظمه المنظمة (ويفترض أن يتلقي هؤلاء المنشطين نوعا من التكوين البيداغوجي).
وثالثا:التكوين ’’الشديدالتركيز‘‘أو المكثف ( INTENSIVE)الذي يمكن أن يوجه إلي كل فئات العاملين و المستخدمين،هذا التكوين يتم بطريقة طبيعية في شكل ملتقيات أو حلقات دراسيةSEMINAIR)) أوندوات، ويستحسن أن يكون ذلك في مكان الإقامة،هذه اللقاءات يمكن أن تجمع من ثمانية 8 إلي خمسة عشر 15 مشاركا خلال فترة ثلاثة 3 أو ستة 6 أيام متتالية متعاقبة ... .

المطلب 5 : تحقيق مشروع التكوين.

أما عن، تحقيق مشروع التكوين،أو تحقيق مشروع التكوين المهني فيمكن ضمانه بكيفيتين اثنتين ،أو بطريقتين :
الأولي:- عن طريق مصلحة التكوين بالمنظمة التي تنظم وترتب وتحضر منشطين متخصصين ضروريين يضطلعون بمهام عملية التكوين .
والثانية- بواسطة هيئة (أو مؤسسة) للتكوين(خارج) المنظمة ؛التي تتفق معها في إطار اتفاقية للتكوين، سواء من أجل التحضير والإنجاز والتحقيق لنشاط خاص للمنظمة/ أو من أجل تسجيل أعضاء معينين من أفرادها في نشاطات للتكوين فيما بين المنظمات(33).

المبحث الرابع : تنظيم وتخطيط التكوين وبرمجته.

أولا: أما بشأن تنظيم التكوين ،فإن التنظيم المهني يتعين أن يكون :


وهذا ما سنتطرق إليه في المبحثين القادمين
ثانيا:تخطيط التكوين المهني يتعين أن يتم سنويا (ويخضع من الناحية التنظيمية-أي تنظيما-للجنة المنظمة،التي تلتزم هي الأخرى بالانجاز).وتتم تهيئة وتدبير هذا التخطيط انطلاقا من عملية للمقارنة خاصة بكل فئة من الأفراد ،يتوفرون علي مستويين من القدرة والإمكانية.
- المستوي المأمول (المرغوب فيه)،الذي يمكن تعريفه وتحليله استنادا إلي تحليل للمناصب ،ويمكن التحقق من ذلك وتدقيقه في إطار ما يسمي بتثمين المناصب .
- المستوي الحالي (أي الحاضر، أو الراهن) للأفراد خاصة المستوي الذي يتم إنجازه وتحليله نتيجة لعملية تنقيط الأفراد وتقييم أدائهم، وعند الاقتضاء يمكن استكمال ذلك عن طريق التحقيقات التي يمكن أن تكون في صورة مقابلات فردية ،جماعية أو في صورة أسئلة مكتوبة يتعين الإجابة عنها….الخ وهذين المستويين السابق ذكرهما يعرّفان من خلال ثلاثة مجالات أساسية:-




المطلب 1 : تخطيط التكوين.

يعرف مخطط التكوين ، تبعا للمعطيات السابقة الذكر لذلك يتعين علي المرء وضع قائمة لنشاطات التكوين أو المقاييس(أو المواد) كل واحد من هذه المقاييس يتصف ب :






المطلب 2: برمجة التكوين .

علي العموم , نجد أن برمجة التكوين المهني تكون سداسية ،وعند الاقتضاء يمكن أن تمدد إلي سنة كاملة ، لذلك فإنها تتضمن روزنامة( أو كلاندرييه )لإنجاز مخطط التكوين الذي يركز علي:
أولا : البرمجة وتتضمن تواريخ إنجاز مقاييس أو مواد التكوين المختلفة .
ثانيا: المعايير والإجراءات التي تتعلق بتسجيل المشاركين.
هذا البرنامج يوضع مثله مثل أي تنظيم (أو ترتيب) للبحث ، الذي يهدف إلي إنجاز تركيبة مثلي بالفرنسية (UNE COMBINAISON OPTIMALE) أي أفضل من بين المتطلبات (أو المستلزمات) والعوائق(أو العراقيل):




أموال ،أشياء، أشخاص)أي ما يسمي بالفرنسية [DISPONIBILITE ]، منشط ،محل ،المواد …الخ..

أ-الأعباء الاجتماعية للأشخاص أثناء التكوين .
ب-نفقات المواصلات (النقل) للمشاركين ،وعند الاقتضاء توفير الإيواء لهم ولو في حدود معينة.
ج-نفقات التكوين بحصر المعني:هي مستلزمات التحضير والتنشيط ،المحلات ،والتجهيزات ،ومكافآت الهيئات والمنظمات الأخري ،غير المنظمة المعنية بالأمر(35).

المبحث الخامس: الانجاز وتقييم برامج التكوين(36).

تمهيد
عملية إنجاز كل مقياس أو مادة، من مقاييس التكوين تتضمن أو تشتمل علي مرحلتين اثنتين:المرحلة الأولي هي مرحلة التحضير,والمرحلة الثانية هي التنفيذ.

المطلب 1 :التحضير [PREPARATION].

مرحلة التحضير تشتمل علي ثلاثة مظاهر أساسية هي:
(1)التحضير النفسي : أي القيام بإنجاز النشاطات اللائقة (المناسبة أو الملائمة)للإعلام مسبقا؛ وهو العمل المتمثل في إشعار المشاركين ،مع الأخذ بعين الاعتبار تسلسل رتبهم ,كنشاطات لا يمكن الاستغناء عنها بالقدر الذي يمكن أن يحث الأفراد المشاركين ويحفزهم للالتحاق والمشاركة في حملة التكوين ،مع توقع المواقف السلبية لتسلسل الرتب .علي الأغلب –يعطي بعض الناس الموافقة المتحمسة علي المدى المتوسط ، ثم تعقبها أصوات من هنا وهناك ، في حين أنه علي المدي القصير قد تظهر معارضات عميقة بهذا القدر أو ذاك.
(2)التحضير البيداغوجي: هذا النشاط يعرف بالتفصيل غير الممل كل مقياس (مادة) وينظم المحتوي(المشتملات) في مقطع منطقي ,باختيار المناهج أو الطرق،وبناء الو رشات البيداغوجية التي ينبغي أن تتلاءم مع الأهداف المرغوب فيها وكذلك مع محتوي المقياس وخصائص (أو مميزات)الأفراد المشاركين.
(3)التحضير المادي :أي استدعاء المشاركين،وتوفير محلات العمل،المواد والوثائق ،والمواصلات اللازمة،والقيام باستقبال المشاركين ، السكن،الوجبات،ووقت الراحة والفراغ–[أنظر الملتقيات].
إن تحضير أي مقياس للتكوين يتعين أن يأخذ في الحسبان أن كل منهج (أو طريقة)بيداغوجية مرسومة يمكن أن تكون لها فعالية مفضلة في بعض الأحيان في مجال معين من مجالات التكوين …علي الأقل علي إحدى المخططات ،مخطط المعرفة،أو مخطط المهارة، أو ما يرغب فيه( DU VOULOIR): .

المطلب 2:المناهج (الطرق)البيداغوجية [METHODES PEDAGOGIQUES].

إن مناهج (أو طرق) بيداغوجية التكوين المهني هي قبل كل شيء من مناهج ’’الفعالية الذاتية‘‘ في التعليم [METHODE ACTIVE] خاصة تلك التي تحث الأفراد المشاركين وتدفعهم لاكتشاف الأفكار الصحيحة والحقيقية .وهذه الطرق البيداغوجية تتميز بالخصائص الآتية :




وهنا يثور سؤال هام حول هذا الموضوع:ما هي مناهج / طرق الفعالية الذاتية لتكوين الكبار ؟للإجابة عن هذا السؤال يتعين علينا أن نلم بموضع طرق وأساليب التكوين مثل: دراسة الحالة [L" ETUDE DE CAS],لعب الدور[LE JOU DE ROLE],التمثيلية النفسانية [LE PSYCHODRAME],التمرين[L EXERCICE].,لعب المؤسسة [LE JOU D ENTREPRISE],الجلسات أو الملتقيات[LES SEMINAIRES].
إن الاستفادة من تطوير مناهج (طرق) الفعالية الذاتية الخاصة بالتكوين المهني-مع ذلك-لا تحتم علينا إهمال ضرورة ومميزات يتعذر استبدالها (أي لا تستبدل) ،فيما يتعلق بالمناهج (أوالطرق) الكلاسيكية ، منها خاصة :-
(1) العرض الحاسم والمبتدع:الذي يمكن استكماله عن طريق المناقشة التي يمكن أن تسمح بالعدد (المحدد بعشرين 20 من المستمعين ،أو تعتمد علي مساعدة الرؤية، أي مشاهدة الوسائل السمعية البصرية المتوفرة ،لأنها تبقي منهجية(طريقة) أساسية لنشر وبث المعارف.
(2) العمل الشخصي: كأخذ النقاط الهامة في موضوع التكوين [PRISE DE NOTES] ، ووضع الوثائق في نظام أو في ترتيب معين، وقراءة الكتب وتلخيصها ،و محولات حل التمارين الفردية ، كل هذه النشاطات يمكن أن تنسق مع عرض وإظهار برنامج التكوين ،لأن ذلك باق كمنهج (أو طريقة) لا يمكن الاستغناء عنها لاكتساب المعارف.
(3)التعليم المبرمج :[L" ENSEIGNEMENT PROGRAMME ].هذا التعليم المبرمج يمكن إسناده ودعمه بواسطة الحاسوب الإلكتروني (العقل الإلكتروني) الذي يستفاد كثيرا من مساعدته. والذي من المنتظر له- من خلال الدراسات والاستثمار فيه-تطورات هامة في الأفق لاستعماله في معظم جوانب نشاطات و مستويات منظمة اليوم ، بالرغم من أن ذلك في الوقت الراهن مازال استعماله لم يكتمل بعد,لأن تعميم استعمال هذه الوسيلة العجيبة ما زال محدودا،بسبب الاستثمارات التي تخصص له من حين لآخر.
ولمواصلة استكمال الإجابة عن السؤال السابق فاننا نقوم باستعراض ستة طرق للتكوين يشهد لها بفعاليتها في عملية التكوين وهي كما يلي:

أولا :دراسة الحالة.

هي الطريقة التي تسمح بتحسين مستوي الأفراد المشاركين وتزويدهم بفائدة تقنية (بدافع اكتساب المعرفة)، أو التمرن والتدرب علي (اكتساب المهارة). هذه الدراسة تقوم أو تركز علي ملف [SUR UN DOSSIER] ، محتواه يرتبط مباشرة بموضوع التكوين ،هذه الطريقة تجعل أن هناك حالات ملموسة يمكن مواجهتها في الواقع العملي،وتجدر الإشارة هنا إلي أن هذا الملف هو الذي يسند مقطع العمل في أربعة محطات (أو مراحل): لسير وتقدم تطو ر استعمال دراسة الحالة:*تقديم تفصيلي للملف لمجموع المشاركين .*دراسة ومناقشة الملف من قبل مجموعات تتألف من 4 إلي 6 مشاركين . *تقديم الملاحظات والنتائج (الخاتمات) من قبل كل مجموعة بواسطة مقررها .* التركيب (عكس التحليل) أي تقديم المجمل والنتائج من قبل متخصص في الموضوع تحت الدراسة.

ثانيا:لعب الدور.

تسمح هذه الطريقة مثلها مثل دراسة الحالة بتحسين مستوي الأفراد المشاركين في التمثيل بفائدة المفهوم أو بالتدريب علي الاستعمال ،لكن في الواقع نجد أن ميدان دراسة الحالة يكون أوسع بكثير من ميدان لعب الأدوار ، لأن هذا الأخير محدود في الاتصالات ،والقيادة،والعلاقات بين الأشخاص.هذه اللعبة تتأسس علي شكل سيناريو ،في إطاره يمكن استدعاء مشاركين ليضطلعوا بمهام كممثلين في ساحات تمثيل مع مقطع عمل يتألف من عدة محطات.

ثالثا :الدراسة النفسانية (أو البسيكودرام).

هي طريقة جديدة للتكوين و كذلك للمعالجة النفسية ،التي تتأسس وتعتمد علي التدريب العفوي،وذلك بوعي واستيعاب الحالات الحقيقية والتفاعل ضمن المجموعة.لذلك كله،[فالدرامة النفسانية] هي عبارة عن وسيلة من وسائل دراسة ديناميكية المجموعات .تهدف إلي البحث عن الحقيقة من خلال مساعدة طرق مسرحية دراماتيكية.هذه المسرحية النفسانية تقوم علي أساس لعب الدور المحدد للأفراد في حدود حالة واقعية (أو خيالية) ،وبعد القيام بأدوارها يسترد الممثلون وعيهم بهذه الحالة ،فيكتسبون مواقف معينة بطريقة عفوية وهكذا يتدربون علي النشاط .هذه الطريقة يمكن استعمالها من أجل تنفيذ قرارات بهدف تسهيل الفهم والحصول علي اجماع المشاركين عند التطبيق. واحدة من هذه الإجراءات هي إعادة اللعب التي تعيد لعب دور متنازعين أو متخاصمين قابل للتحسين في جعل الضغوطات تظهر للعيان ،ويتم الاقتراب بعد ذلك من وجهات النظر المختلفة بين الأفراد ،والتمكن من إفشال فتيل حالات الصراع والنزاع التي قد تحدث بينهم،وما يمكن تأكيده هنا هو أن لعب الدور والبسيكودرامات كطرق للتكوين في أحيان كثيرة تكون غير مؤذية ،ولكن قد تمس هذه التصرفات بشعور بعض الأشخاص منهم خاصة المرهفي الحس.

رابعا :التمرين .

التمرين يسمح إما بفعل اكتساب أو الحصول علي التحكم في استعمال معارف فنية كاكتساب المهارة،وأما مراقبة هذا الاكتساب فانها تسير تبعا لمقطع من ستة محطات لسير وتقدم استعمال التمرين: * تقديم التمرين لمجموع المشاركين . * تأسيس الأفواج من شخصين 2 أو ثلاثة 3 أشخاص مشاركين وقيامها بالمعالجة. * إنجاز التمرين من قبل كل مجموعة * تقديم حل من قبل كل فوج. * نقد وتصحيح التمرين. *التركيب والخاتمة :العمل الذي يقدم في الأخير من قبل منشط أو مختص.

خامسا: لعبة المؤسسة:

أما فيما يتعلق بمباراة التسيير، التي يطلق عليها في بعض الأحيان (لعبة الأعمال) , فان هذه الطريقة ظهرت أول ما ظهرت في فرنسا خلال سنوات الخمسينيات .و كانت تتمثل في القيام بتمرين وتدريب المشاركين علي استعمال تركيب معقد الي هذا الحد أو ذاك لتقنيات التسيير وتحضير القرارات. و يتأسس اللعب في هذه الحالة علي استعمال نموذج للمباراة [D" UN MODELE DE SIMULATION].عموما للتعبير أو الإفصاح عن العلاقات بين العناصر وذلك لحساب النتيجة أو للإفصاح عند الاقتضاء عن (الميزانية أو موازنة) أو عن عدد من متغيرات النشاطات (استثمارات، ميزانية إشهار،بحث،سعر البيع…)خاصة عندما يطلب من المشاركين تحديد القيم مثلا .ومن الجدير بالذكر هنا أن لعبة المنظمة عبارة عن منهجية (أو طريقة)ممتعة ومفيدة ،ولكن استعمالها يستلزم استثمارات مرتفعة لأنها تتطلب وسائل جد متطورة خاصة وسائل الإعلام الآلي. ومع ذلك, فإن هذه اللعبة تبقي في النهاية عبارة عن وسيلة تدريب مفيد علي عملية صنع أو اتخاذ القرارات بسرعة أكثر منها لاكتساب المعارف(37).

المطلب 3:طريقة خاصة -الملتقيات

أسلوب الملتقيات أو المؤتمرات وحلقات البحث من الأساليب التكوينية خارج العمل وهو يشير إلي طريقة جماعية للتكوين، التي يحصل المشاركون منها, علي المستلزمات المهنية الجاري العمل بها. ونفرق أحيانا بين الملتقيات التي تعقد في عين المكان (في مكان الإقامة)، والملتقيات التي لا تعقد في مكان الإقامة .وهي الملتقيات التي يعيش فيها المشاركون بطريقة جماعية مع بعضهم البعض ،أي الملتقيات الداخلية وهي ملتقيات بأتم معني الكلمة .إن الفصل( والانفصال) التام عن الوسط العادي (المهني والعائلي) والعيش معا مع الآخرين بصورة جماعية هي من عوامل النجاح والتوفيق المنقطعة النظير. وتجدر الإشارة هنا إلي أن الملتقيات يمكن أن تكون خاصة بمنظمة أعمال معينة،أو تقام فيما بين عدة منظمات .وفي هذه الحالة الأخيرة ستكون عملية التكوين عن طريق الملتقيات زهيدة التكاليف ، ولكن يصعب الأمر عندما يتم ’’التركيز ‘‘ فيها علي كل منظمة مشاركة علي حدة. ويمكن أن تكون مفيدة خاصة للمنظمات الصغيرة الحجم .ويمكن الحصول بواسطة الملتقيات علي تكوين جيد في ميدان التقنيات الجديدة التي يكون تطبيقها في متناول عدة منظمات .وكيفما كان الحال،فإنه علي الملتقي أي ملتقي أن يستجيب للشروط التالية:منها البرنامج ,والمشاركون ,والزمن,والوقت ,والدورية,والمدة ,والمنشط , والتحضير ,والافتتاح والاختتام , والمظهر المادي , وساعات العمل , والراحة , وآداب الاستقبال وما الي ذلك . وسنركز فقط علي أربعة شروط أساسية وذلك لأهميتها مع وجود عائق ضيق الوقت:-

أولا : البرنامج [PROGRAMME] :-

يتطلب في البرنامج ، عند كل ملتقي توحيدا معينا ويكون هذا التوحيد يتعلق بالسؤال نفسه ،مثلا البيع ،التوقع ،تسيير الميزانية …الخ. كل الأسئلة يتعين أن تؤكد علي استعمال المناهج (والطرق)الفعالة للتكوين التي يمكن أن تكون أو يمكن إدراجها كموضوعات أساسية في الملتقي.

ثانيا : المشاركون [PRATICIPANTS]:-

المشاركون هم أولئك الأشخاص الذين يتم استدعائهم لأداء نفس العمل أو ليتعاونون فيما بينهم علي تأديته .وعموما فإنهم يكونون إطارات أو ’’تجار‘‘ ،بالإضافة إلي ذلك فإنهم يكونون من مستوي رتب متجاورة أو متتالية .والعدد الأدنى لهؤلاء المشاركين يكون من ثمانية 8 إلي خمسة عشر 15،والأفضل يكون بين 10 و 12 ، ويتطلب من المشاركين إنجاز أشغال الملتقي ،غير أنه يجب ،وبصفة مطلقة استبعاد كل أشكال المشاركة الجزئية المتقطعة .

ثالثا : الافتتاح والاختتام [OVERTURE ET CLOTURE]

يمكن القيام بتقديم الملتقي ،والمنشط للملتقين ،من قبل عضو من قيادة (أو إدارة) المنظمة الذي يتعين عليه الانسحاب من الملتقي ولا يعود إليه إلاّ بمناسبة حضور جلسة الاختتام (أو الجلسة النهائية).

رابعا :انتباهات أو تيقظات نفسانية [ATTENTIONS PSYCHO-LOGIQUES] :


هذا الشرط يؤكد علي حسن آداب الاستقبال ، التي تبقي موضوع ذكريات محفورة في الذاكرة (كتاب …الخ )محفظة كراس صورة تذكارية، وجبة ختام محضرة بطريقة غير معهودة …الخ .أما فيما يتعلق بموضوع المنشط ،فإن اقتراح [حل] استدعاء وطلب المنشط من خارج المنظمة لأنه في الإمكان تبرير هذا التصرف علي أساس/ و في إطار الحالات الآتية:-
أ- صعوبة،أو ضياع وقت تأطير المنظمة من أجل تحضير الملتقي.
ب- غياب منشط للمنظمة له قدرة قيادة الملتقيات.
ج- تقديم أفكار أو تقنيات جديدة غير معروفة ومألوفة من قبل المشاركين ..
د- ضرورة التحكم الجيد الذي يفترض فيه [الحياد] لأن مواضيع الملتقي قد يكون من طبيعتها إفشاء الانقسام في صفوف المشاركين.
إن منافع الملتقيات وحسناتها المنتظرة تكون أولا وقبل كل شيء هي تلك الفوائد الخاصة المتمثلة في تلك الثروة من المعلومات التي يتم توزيعها لكل حسب قدراته وإمكانياته في الاستماع ,وعدم الإلهاء والالتهاء . وفضلا عن ذلك ،تبادل المعارف والتعارف والتجارب والتقنيات والمهارات فيما بين المنظمات لمعرفتها وتقديريها...
في هذا المخطط هناك معيار لنجاح وتوفيق الملتقي في أعماله :أنظر وشاهد بأم عينيك حالة المشاركين المتعبين ، ومع ذلك،فإنهم يفترقون متجهين كل صوب وجهته من حيث أتي بدون طيبة خاطر (38).

المطلب 4 : تنفيذ برنامج التكوين

تتألف مرحلة تنفيذ برنامج التكوين من إنجاز مقاييس التكوين في حدود الروزنامة والميزانيات المخصصة . والعنصر الذي يعتبر مفتاح هذا الإنجاز هو المنشط ، الذي يتعين عليه أن يتحلي بالمميزات الآتية:
(1)أن يكون مؤهلا وكفوا لأنه ملم بمحتوي التكوين.
(2) أن يكون مؤهلا وكفوا في المنهج (أو الطريقة )البيداغوجية و ما يساعد علي استعمالها .
(3) أن يكون بيداغوجيا متمرنا بصورة جيدة علي تقنيات التعبير وتنشيط المجوعات.
(4)أن يكون سلوكه و تصرفه مبرّرا (أو محفّزا) علانية بوظيفته. [PAR SA FONCTION]…
(5)أن يكون حاضرا لأن استبداله وتعويضه بشخص آخر يجب أن يكون أو يتوقع حدوثه في حالة العجز أو الخور [DEFAILLANCE] وهذا يعني ، علي سبيل المثال ،أنه من الأحسن وجود منشطين أكثر من منشط واحد وذلك لضمان تسيير شؤون الملتقي أو المؤتمر . هذا من ناحية و من جهة أخري ، فإن نفس المقياس الذي يتم تقديمه أثناء التكوين يجب أن يكرر أو يعاد تقديمه عدة مرات علي المدي المتوسط، ويؤمل أن يستعمل الإنجاز الأول لاختبار ضبط
[UN TEST DE MISE AU POINT] ،وتوضيح،وإيضاح ... ومن أجل هذا ،يتعين علي المشاركين الأوائل أن ينتقوا انتقاء ا جيدا (أي لا هم ملائمين ومناسبين جدّا ,ولاهم مشاكسين جدّا) يتعين أن يوجد أو يتوفر وقت كاف يفصل بين الإنجازين الأول والثاني(39).

المطلب5 : مراقبة التكوين أو تقييم برامج التكوين والمتكونين[CONTROLE DE FORMATION].

وتقوم عملية تقييم التكوين على أساس قياس فاعلية وكفاءة الخطة التكوينية وما مدي تحقيقها للأهداف الموضوعة وإظهار جوانب القوة والضعف فيها عن طريق تقييم كفاءة خطوات العملية برمتها، و التأكد من نقل آثار التكوين إلى واقع العمل في المنظمة لرفع كفاءة أداء الموارد البشرية بوجه عام. وفي الأخير، فان المراقبة )أو التقييم(–يجب أن تكون مضمونة علي ثلاث مستويات:

(1)في فترة قصيرة جدا : يتعين علي المنشط أن يحس بردود أفعال المشاركين ويستجيب هو نفسه برد فعل مماثل(REAGIR)’في وقت واقعي‘‘عن تبصر ومعرفة وعلم جيد بهذه الأمور .

(2)في الفترة القصيرة: يتم تقييم برامج التكوين والمتدربين عن طريق حلقة تقييم تخصص لهذا الغرض ويستحسن أن تكون في صورة [مائدة مستديرةTOUR DE TABLE) ( التي تسمح للمشاركين بالتعبير عن أحاسيسهم .

(3)في فترة متوسطة نسبيا: حيث توزع علي المشاركين قائمة أسئلة خفية الاسم للتقييم [ يعني غير مسماة أو لا اسم لها] . والنتيجة الإحصائية لهذه المساءلة يتم تبليغها للمشاركين [ يعني منكم وإليكم].


(4)أما علي المدى الطويل: ونظرا لاتساع الوقت وفسحة الأمل فانه يمكن إجراء مقابلات مع المشاركين، وإذا لزم الأمر ترسل مساءلة إلي من يحتل المرتبة أو المنزلة المباشرة لهؤلاء المشاركين.
(5)-أحيانا وفي حالات خاصة معينة: يتم تقييم برامج التكوين والمتكونين وذلك عن طريق إجراء امتحان من النوع المدرسي الكلاسيكي و علي سبيل المثال فقط يتم إجراء هذا الامتحان بهدف المصادقة والموافقة (أو عدمها)أو إقرار مشروع لتكوين أعوان مصلحة ما بعد البيع أو لتكوين أعوان أمن المنظمة المعنية بالأمر....الخ.

المبحث السادس:التكوين كنظام متكامل

تمهيد

التحاليل النظامية أصبحت تلفت الانتباه إلي الطبيعة الديناميكية والعلاقات المتبادلة للمنظمات ومهام المنجمنت.وهكذا توفر الإطار الذي عن طريقه يمكن تخطيط النشاطات واستشعار النتائج التي في متناول اليد, والبعيدة المنال كما هي تتطور.وباستعمال منظور النظم يستطيع الرؤساء والمديرين في منظمات الأعمال أن يحافظوا علي / ويصونون بسهولة تامة التوازن بين الأجزاء المتعددة للمنظمة وحاجات وأهداف المنظمة كلها.
و يفهم من هذا العنوان أن عملية التكوين عبارة عن نظام (نسق) متكامل ,يتكون هو الآخر مثله مثل المنظمة من مدخلات ومخرجات تقع بينهما مجموعة من النشاطات التكوينية والتدريبية .وكل منها يتألف من مجموعة من العناصر المترابطة المتكاملة مع بعضها البعض, تحتاط في سعيها لكل ما يدخل الي النظام ,وما يحدث فيه ,وما يخرج منه.


المطلب 1 مدخلات نظام التكوين(Inputs )

نتيجة للدراسات والبحوث والخبرة في مجال التكوين تم وضع وصياغة بعض المبادئ العامة التي تتعنقد الآن حول بعضها البعض و لاقت قبولا واسعا في منظمات اليوم المختلفة نذكر منها بإيجاز :معرفة الفروق الفردية,وعلاقة التكوين بتحليل الوظائف,والدافعية,والمشاركة الفعالة ,واختيار المتدربينTraineesوالمدربينTrainers,وتكوين المدربين,وأساليب التكوين,ومبادئ التعلم .بالإضافة إلي ذلك هناك مبادئ تتحكم في البرامج التكوينية والتدريبية سواء أكانت من داخل المنظمة أم من خارجها مثل مبدأ الشمولية,ومبدأ الهادفية,ومبدأ الواقعية ,ومبدأ التراكمية ومبدأ الاستمرارية,ومبدأ الحداثة ,ومبدأ الاقتصاد,ومبدأ الديناميكية ,ومبدأ التدرج والتفرد في التكوين, ومبدأ التكامل وما الي ذلك. (40).
ويمكننا هنا أن نتصور أن مدخلات التكوين (التدريب)تتمثل في مجموعة الأفراد المرشحين للتكوين والمكونين ,والمسئولين عن عملية التكوين,والوظائف التي يشعلها المتكونون,والخبرات والمعارف المطلوب من العاملين اكتسابها,وأنماط السلوك والتصرف المرغوب فيها.لذلك فان مدخلات عملية التكوين (التدريب) يمكن أن تكون هي:
أولا:العنصر البشري(العناصر البشرية):المكونون ,والمتكونون,والمساعدون,والإداريون ذوي الصلة بالتكوين.
ثانيا:العناصر المادية: هي الأموال , المعدات,والأجهزة,والوسائل المعينة,والمباني والتركيبات.
ثالثا:العناصر المعنوية:هي النظريات والبحوث والدراسات,والنظم والإجراءات ,والحالات والمشكلات.

المطلب 2 : ماذا يحدث في نظام التكوين ؟أو العمليات اللازمة لانجاز التكوين(the processes)

أما النشاطات والأشغال التكوينية(التدريبية)فإنها تشمل جميع المعلومات وتحديد الاحتياجات التكوينية,وتصميم برامج التكوين وتنفيذها وتقييم برامج التكوين .وتختلف هذه العملية من منظمة الي أخري وذلك تبعا لإستراتجيتها وأهدافها , ولأن كل منظمة تفضل أن تتبع إجراءات مختلفة عن غيرها. وإذا تساءلنا عما هي العمليات اللازمة لانجاز عملية التكوين (التدريب)؟فانه يمكن وضعها بالشكل التالي:
أولا: العمليات التحضيرية:الأهداف,البرامج,والإمكانيات أو الإمكانات,ومستوي الأداء المتوقع و المرغوب فيه.
ثانيا:عمليات التنفيذ:نقل المعارف ,والمهارات,والخبرات,وتغيير الاتجاهات والتوجهات والسلوكات والتصرفات وما الي ذلك.
ثالثا:العمليات التكميلية:مواصلة التكوين ومتابعته,وتقييم الأداء التكويني والتجهيزات والوسائل المعينة للتكوين (أو التدريب). غير أن الشيء الذي يجمع المنظمات اليوم علي رأي واحد هو اعتبار التكوين عملية استثمارية ذات فائدة لا تقل قيمة و لا أهمية عن الاستثمار في الميدانين المالي و التكنولوجي وغيرهما.لذلك كله ,فان الهدف من عملية التكوين هو تحقيق نتائج محددة زمنيا,ومكانيا ,ونوعيا تسعي لها المنظمة.
والسؤال الذي يثور هنا هو: هل التكوين تكلفة أم استثمارا في العنصر البشري في المنظمة؟ومتى يكون تكلفة ؟ و متى يكون استثمارا ؟ في ظل التحولات التي يعرفها الاقتصاد العالمي بالتحول نحو اقتصاد المعرفة فان التكوين(التدريب ) يتعين أن يواكب هذا التحول ويجب على المنظمات مسايرته ومحاولة الاستثمار في الطاقات البشرية من خلال الاستثمار في التعليم بشكل عام والتكوين والتدريب بشكل خاص. لأن الاستثمار في التعليم القاعدي هو أهم وسيلة لانتاج جيل من الموارد البشرية متشبعة بالروح العلمية والأخلاقية. إن استعمال مصطلح التكوين وهو اعم واشمل من التدريب .يعني أن تكوين الموظف أوالعامل يعني إعداده بالشكل الجيد أو الممتاز ثم تمكينه (من التمكين) من جميع مهارات العمل التي هو في حاجة إليها,لذلك يمكن إن يكون التكوين أوالتدريب بالمفهوم البسيط هو تكلفة بالنسبة للمنظمة وهو ما لا يمكننا تجاهله وخاصة بالنسبة للمنظمات الصغيرة والمتوسطة , وعلى العموم فان التكوين يعتبر تكلفة لكل المنظمات في الأجل القصير وهدا شيء بديهي وأكيد. بعبارة أخري يكون التكوين تكلفة على المنظمة عندما يتم تكوين أو تدريب أي فرد على مهارات لا يحتاجها العمل الذي يمارسه, أو أي نوع من المهارات التي لا تحتاجها المنظمة المعنية بتكوين أفرادها في أي من أعمالها وفي حالة ما لم يكن هناك تقييم للمهارات الجديدة التي تدرب عليها الأفراد وبهذا لا يتم تطوير العمل ولا يستفيد أفراد المنظمة من / ما تدربوا عليه.
أما اعتبار عملية التكوين استثمارا في العنصر البشري للمنظمة فان ذلك لا يتحقق إلا علي المدى البعيد في حالة ما إذا أحسن اختيار البرامج التكوينية وأحسن ضبط وتحديد الفئة المعنية بالتكوين- لذلك كله , يكون التكوين استثمارا في الموارد البشرية للمنظمة عندما نلاحظ أن هناك تزايد في إنتاجية الفرد ناتج عن زيادة كفايته الناتجة بدورها عن التكوين. بمعنى زيادة دخل المنظمة بعد تكوين أوتدريب الأفراد على مهارات يحتاجها العمل الذي يمارسونه فيكون مردود التكوين واضحا بعد تقييم المهارات التي اكتسبها الأفراد عند ممارستهم لها وانعكاس ذلك علي مرد ودية الأعمال التي يقومون بها.
وأهم عنصر بالنسبة للتكوين وكفايته هو التكوين الذاتي" أو العصامي" في إطار التنمية الادارية الذاتية التي تعنى كل العاملين والمستخدمين في المنظمة. فالتكوين الذاتي وتعلم الدروس والخبرة من التجارب السابقة تمكن المستخدم من تكوين نفسه بنفسه. وبالتالي فان المنظمة لا يكلفها ذلك كثيرا عكس ما نجده في البرامج التكوينية التي تحسب تكاليفها المنظمة.

المطلب 3 : ماذا يخرج من نظام التكوين ؟( Outputs)

أما ما يعرف بمحرجات نظام التكوين فإنها هي النتائج المتحققة من عملية التكوين(التدريب).التي يمكن آن تكون ذات طبيعة اقتصادية,كتحسين الإنتاج كما وكيفا ,وزيادة المبيعات ,وتخفيض التكاليف...الخ.أو نتائج سلوكية,كتحسين الرضي الوظيفي,والعلاقات الإنسانية,والحد من ظاهرة دوران العمل,وحالات التأخر,والغياب,والحد من وقوع حوادث العمل ,أو زيادة ولاء الأفراد لمنظمتهم,وقد تكون المخرجات كذلك ذات نتائج بشرية تتضمن توفير أعداد كافية من الأفراد أصحاب المعارف والخبرات اللازمة لأداء الوظائف الحالية والمستقبلية(41).
ويمكننا إيجاز مشتملات مخرجات عملية التكوين فيما يلي:
أولا:مخرجات بشرية :المتكونون مع المهارات,والمعارف.والخبرات,والسلوكيات والتصرفات الجديدة.
ثانيا:المخرجات المادية:زيادة معدل الأداء ,وتحسين طرق العمل,وارتفاع معدل الزيادة في الإنتاجية والكفاءة والفعالية,ومن ثم زيادة الأرباح.
ثالثا: المخرجات المعنوية:تتضمن زيادة وتنمية المعارف,وتحسين العلاقات الوظيفية والمهنية,وتطور المهارات وتغيير وتعديل وتهذيب السلوكات والتصرفات.

المطلب4 :أما التغذية الاسترجاعية (أو المرتدةThe feedback)

عملية التغذية –الاسترجاعية (أو المرتدة أو الراجعة) للمعلومات الآتية من البيئة الي المنظمة التي تخص كل التصرفات التي تدخل في نطاق التكوين لأنها بمثابة المفتاح لرقابة النظام ,وعندما تبدأ عمليات النظام في الانبثاق والشروع في العمل ستبدأ المعلومات ترتد الي الناس الملائمين والمناسبين في المنظمة أي الأفراد القائمين بمهام التكوين ,وربما الي جهاز الحاسوب وبالتالي تقييم العمل وعند اللزوم سيصحح. فهي إذا مقارنة المخرجات (التي هي النتائج) مع المدخلات (خاصة الأهداف المحددة مسبقا),وبيان الانحراف وتعديله بصورة مستدامة (42). إن هذه العناصر جميعا يتعين أن تتكامل وتتلاءم مع بعضها لضمان نجاح عملية التكوين وفاعليتة وكفاءته وبالنتيجة نجاح أداء المنظمة وفعاليتها.


المطلب 5 : ما هو أثر تكنولوجيا المعلومات علي التكوين في المنظمة؟

ما هو أثر تكنولوجيا المعلومات على التكوين في المنظمة ؟للاجابة عن هذا السؤال يمكن القول أن الموارد البشرية في المنظمة تعتبر من أكبر عناصر الإنتاج تكلفة سواء كان ذلك من حيث كتلة الأجور أو من حيث مصاريف التكوين و الرسكلة المستمرة المستدامة للعاملين و المستخدمين ، و نلاحظ أنه فيما يتعلق بمصاريف التكوين على العموم أنها تمثل الي حد ما 10% من كتلة الأجور في المنظمة ، و 2% من رقم أعمالها, هذا بالإضافة إلى العدد الضخم من الساعات المخصصة لنفس الغرض (43) .وإذا كانت التكنولوجيا تتطلب تكوينا متواصلا للعاملين لمواصلة الركب ومسايرة التطور ، فإن التكنولوجيا في نفس الوقت قد أتت بحلول جديدة كالتعليم عن بعد بواسطة الحاسوب الإلكتروني و شبكة الانترنت, وهذا مما وفر إمكانية وسهولة حضور الدروس في أماكن العمل ، ووفر كذلك إمكانية استعمال ( نظم خبيرة ) تغني عن اللجوء إلى الإنسان (المكون الخبير) . ولم تنحصر أثار التكنولوجيا عند هذا الحد - حد تغيير وسائل و طرق الإنتاج في المنظمة ,ولكن تعدت ذلك للتأثير على مواردها البشرية ، هذه التأثيرات تراوحت بين تأثيرات إيجابية وأخري سلبية , لأنها من جهة أصبحت تجنب العاملين و المستخدمين الأعمال المتعبة المرهقة و المملة ، كما أنها تمكنت من تغيير طريقة تسيير الموارد البشرية و تعبئتها و ذلك بإحداث وسائل جديدة للتكوين ، و إرساء الأسس الفلسفية لتسيير الموارد البشرية بصورة عامة ، فأحدثت بذلك ثورة حقيقية في حياة الموارد البشرية للمنظمة , و يمكننا أن نذكر أن تكنولوجيا المعلومات قد أثرت على الموارد البشرية في اتجاهين متعاكسين. جانب تسيير المنظمة و ما وفرته التكنولوجيا الجديدة للمسير لمساعدته في محاولات رفع الأداء فيما يتعلق بعملية التوظيف ، و التكوين و طرق تسيير الموارد البشرية و جانب الآثار السلبية خاصة على المورد البشري ، كالقضاء على مناصب الشغل, وإدخال الرجل الآلي أو الروبوتيك في بعض الصناعات (44) .وبعبارة أخري ,يؤثر التطور التكنولوجي على حجم و نوعية ومستوى الموارد البشرية في المنظمات, سيما بعد إدخال أسلوب الأتمتة في مجالات الصناعة ( الروبوتيك ) ، و المكاتب و الخدمات (البيروتيك) ، و الاتصالات و استخدامات الحواسب في برمجة العمل ، و زيادة ورفع مستوي الإنتاجية, و تقليل تكاليف العمل ، كما يتطلب هذا التغيير اللجوء إلى استخدام يد عاملة متكونة و مدربة و مؤهلة تكوينا و تدريبا و تأهيلا عاليين لها القدرة والإمكانية علي استخدام التكنولوجيا الجديدة و صيانتها و استيعاب جديد الإبداع والاختراع فيها, وكل هذا لايتأتي إلا من خلال عمليات التكوين و التدريب و التأهيل المستمرة (45) . لذلك كله ,يتطلب كل مستوى تكنولوجي ( أو تقنيائي ) مستوي مقابل له من الموارد البشرية من حيث الإعداد أو التأهيل أو الكفاءة أو طرق تنظيم العمل .
و يستنتج مما سبق أنه في هذا العصر الذي تحدد فيه التكنولوجيا القدرات التنافسية لمنظمات الأعمال، تستطيع تقنية المعلومات أن تلعب دوراً مهماً في التكوين والتدريب والتنمية المستدامة، إذ يمكن تسخير الإمكانات اللامتناهية التي توفرها تقنية المعلومات من أجل القيام بالتكوين علي أحسن وجه ممكن وإحلال تنمية مستدامة( اقتصادية, واجتماعية, وبيئية)، . و تعد المعارف والمعلومات عنصراً أساسياً لنجاح هذه التنمية ، حيث تساعد على التغييرات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية، وتساعد على تحسين الإنتاجية الصناعية و الزراعية, والأمن الغذائي’ و وتيسر كذلك سبل العيش في المدن والأرياف.. غير أنه لا بد من نقل هذه المعارف والمعلومات بصورة فعالة إلى الناس لكي تحقق الفائدة المرجوه و المتوقعة منها، عن طريق الاتصالات، حيث تشمل الاتصالات من أجل التنمية المستدامة الكثير من الوسائط مثل الإذاعات الموجهة لتنمية المجتمع، والطرق المتعددة الوسائط لتكوين وتدريب الموظفين و العاملين والمزارعين, وشبكة الإنترنت من أجل ربط مواقع الباحثين والدارسين ورجال التعليم والمرشدين وكل المنتجين بعضهم ببعض- وربط كل ذلك بمصادر المعلومات المحلية والوطنية و العالمية(46).


هوامش المداخلة

المبحث الأول

(1)بالنظر إلي مسألة العائد والتكلفة من تكوين الموارد البشرية.
(2)من مآثر الإمام علي كرم الله وجهه.
(3 ) جلال أمين , كشف الأقنعة عن نظريات التنمية الاقتصادية(ا القاهرة: الناشر دار الشروق,-الطبعة: الأولى/2007)
(4)جوزيف-ستجلن تر ,ضحايا العولمة(القاهرة:دار ميريت، - الطبعة: 2006 ) , ترجمة:لبنىالريدي
(5)جلال أمين,مرجع سابق.
(6)أ.بشير غصبان , محاضرات مبادئ التسيير,سنة 2 ,علوم تجارية.
(7)د. عبد القادر عطية,اتجاهات حديثة في التنمية(الإسكندرية:الدار الجامعية,؟),ص ص.1-13.
(8) شبكةاالأنترنت, التنمية المستدامة وأهدافها ودور تقنية المعلومات والاتصالات فيها(2009) ) www.eathd.org
ارجع أيضا إلي: - عدلي علي أبوطاحون، إدارة و تنمية الموارد البشرية و الطبيعية(الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث، 2000) .
(9)نفس المرجع,ص ص.29-30.
(10)نفس المرجع. * ارجع كذلك الي أوزوالدو دي ريفيرو, خرافة التنمية الاقتصادية( بيروت : الشركة العالمية للكتاب)، 2003. ترجمة: نقولا عزقول.
(11) لمزيد من التفاصيل حول مفهوم و مبادئ التنمية المستدامة ارجع إلي كل من :-
مزريق عاشور،الإدارة البيئية ودورها الفعال في خلق الإنتاج الأنظف وتحقيق التنمية المستدامة في الدول العربية،ورقة بحث/ و نهى الخطيب ،اقتصاديات البيئة والتنمية،مركز دراسات واستشارات الإدارة ،2000،ص220 / و أسامة الخولي،مفهوم التنمية المستدامة،أوراق غير دورية، مركز دراسات واستشارات الإدارة،1999،ص 44-45 /و دوجلاس موس شيت،ترجمة بهاء شاهين, مبادئ التنمية المستدامة(الدار الدولية للاستثمارات الثقافية،مصر،2000)..
(12) الشبكة ) www.eathd.org,مرجع سابق.
(13) الشبكة) www.eathd.org ,مرجع سابق.
(14)أميمه الدهان, تغيير وتطوير المنظمات (1981),ص.28.أنظر كذلك كتاباتها حول النظريات العلمية لمنظمات الأعمال.
(15) معجم علم الاجتماع.
(16)في البداية من الضروري فهم المقصود بمصطلح المنظمة حيث من المستحسن الإشارة إلي ما المقصود بالمنظمات أو المؤسسات عامة (الجامعات ، الشركات ، مؤسسات المجتمع المدني ، الوزارات ، الحكومات ،منظمات الأمم المتحدة ... الخ).
و يمكننا أن نلاحظ أن Entreprise ليست هي Etablissement أو Institution لأن الأولى ذات طابع اقتصادي ( هدف خاص) تهدف إلى الربح والفائدة ، والثانية ذات طابع سياسي ، أو إداري ، أو قانوني ...إلخ تسعى نحو (هدف عام) لتقديم الخدمات العامة، ربما مقابل الضرائب التي يدفعها المواطن لقاء هذه الخدمات باعتباره The tax payer .
(17)أ. بشير غصبان ,مقياس تحليل المنظمات.
(18)نفس المرجع.
(19)Lilienfeld, R. , The Rise of Systems Theory: An Ideological Analysis(New York: Wiley-Interscience, 1978).pp.1,3,15,103,109,112-113,23,27.
(20)سعيد أكيل,وظائف ونشاطات المؤسسة الصناعية(الجزائر: ديوان م الجامعية, ؟),ص ص.1-
(21) نفس المرجع.
(22) أنظر الشكل السابق:المنظمة(المؤسسة) ضمن النسق الفرعية والكلية...

المبحث الثاني

(23)د.مصطفي شاويش,إدارة الموارد البشرية(عمان:دار الشروق,2004),ص ص.232-233.
(24) نفس المرجع,ص.235.
(25)د.محمد قاسم القريوتي,إدارة الأفراد( عمان:مكتبة دار الشروق1990 ),ص.152.ولمزيد من البحث في هذا الموضوع يمكن الرجوع الي: * أبو خضير , إيمان سعود ,التعلم التنظيمي و المنظمة المتعلمة (الرياض : دار المؤيد ,2007 ) , ط 1.* توفيق , عبد الرحمن ,الإدارة بالمعرفة – تغيير ما لا يمكن تغييره ( مصر : مركز , 2004م ) * السالم , مؤيد سعيد , منظمات التعلم ( قطر : المنظمة العربية للتنمية الإدارية, 2005),* الكبيسي , عامر خضير ,إدارة المعرفة وتطوير المنظمات (جمهورية مصر العربية : المكتب الجامعي الحديث, 2004م ) .
(26)في رأي الذي احتفظ به لنفسي التكوين أعم وأشمل من التدريب التسمية العسكرية والرياضية , و يمكننا أن نقول أن التكوين ربما هو (التعلم+التعليم +التدريبHow do they correlate?) كما هو مروج له في الإدارة الجزائرية العامة والخاصة. التكوين هو : فترة من الزمن يتعلم فيها المتكون أو المتمرن معارف وفنيات أعمال معينة .
(27)د.أحمد الشميمري,مبادئ إدارة الأعمال( الرياض:مكتبة العبيكان,2005),ص ص.400-403.
(28) نفس المرجع.
(29) ر.محمد مهنأ العلي,الوجيز في الإدارة العامة(الدار السعودية للنشر والتوزيع,1984),ص ص.183-184.

المبحث الثالث


(30) Gerbier Jean,Organisation et Functionement de L entreprise (Paris:TEC and DOC.1993(.pp.650-662.
(31)Ibid.P.651.

(32) لمزيد من التفاصيل ارجع الي كتاب د.سليمان خليل الفارس وآخرون ,ادارة الموارد البشرية(دمشق:منشورات جامعة دمشق,؟),ص ص.190-192.
(33)Ibid,p.658.
المبحث الرابع

(34) Gerbier Jean,Organisation et Functionement de L entreprise (Paris:TEC and DOC.1993(,p.653.
(35) Ibid,p.653.
(35) Ibid,p.653.
المبحث الخامس

(36) Gerbier Jean,Organisation et Functionement de L entreprise (Paris:TEC and DOC.1993(,pp.654-661.
(37) Ibid.
(38) Ibid.
(39) Ibid.


(40)د.علي السلمي,أدارة الموارد البشرية(القاهرة :مكتبة غريب,1992),ص.276.
ارجع كذلك إلي د.محمد مرعي مرعي,أسس إدارة الموارد البشرية(دمشق:دار الرضا للنشر,1999),ص ص.261-263.
(41) نفس المرجع.
(42) نفس المرجع.
(43)جميلة بومزال,أثر تكنولوجيا المعلومات علي المؤسسة,رسالة ماجستير,كلية العلوم الاقتصادية والتسيير ,جامعة الجزائر,2000,ص.75.أنظر كذلك -- عبد الباري إبراهيم درّة، تكنولوجيا الأداء البشري في المنظمات: الأسس النظرية و دلالاتها في البيئة العربية المعاصرة( القاهرة، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، 2003) .
(44)نفس المرجع.
(45)محمد مرعي مرعي, مرجع سابق,ص128.
(46) الشبكةwww.eathd.org. ,مرجع سابق.



خاتمة


نستطيع أن نقرر في نهاية هذه المداخلة ما يلي:-
لقد ساد في القرن الماضي الفكر الاستهلاكي الصناعي وخاصة بعد الانفتاح الاقتصادي, حيث عكف الإنسان على التفكير في التكنولوجيا التي تدر ربحا سريعا عن طريق إنتاج منتجات لها سوق استهلاكي دون النظر إلى جودة المنتجات أو نوعية المواد الخام المستخدمة فيها أو الطاقة التي استهلكتها, ولقد أدى ذلك إلى انتشار العديد من الصناعات الموصوفة بالملوثة التي يمكن أن تؤدي -على المدى البعيد- إلى تفاقم مشكلة التلوث فوق الحدود المسموح بها, وبالتالي ارتفاع معدلات الأمراض, وانخفاض الإنتاج, وظهور أمراض جديدة تهدد الحياة .ثم شاع بعد ذلك استخدام مصطلح التنمية المستدامة كمرادف لـ "المستمرة" وإن كانت الاستدامة هنا تعني الاستمرار لكنها أوسع دلالة,لأنها في الواقع تعني أخذ مصالح الأجيال القادمة بعين الاعتبار, عند القيام بكل عمل لصالح الجيل الحالي، فهي رؤية إستراتيجية غير ضيقة الأفق و خالية من النزعات الأنانية..وكما جاء في التقرير المعنون ب (مستقبلنا المشترك والتنمية المستدامة) حسب التعريف الذي وضعته اللجنة العالمية للتنمية المستدامة في سنة 1987, فان المراد : "هو تلبية احتياجات الحاضر دون أن تؤدي إلى تدمير قدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة بها" . كما توصف أيضا بأنها التنمية الحقيقية ذات القدرة على الاستمرار و التواصل من منظور استخدامها للموارد الطبيعية والتي يمكن أن تحدث من منطلق إستراتيجية تتخذ التوازن البيئي كمحور لها لضبط التوازن الذي يمكن أن يتحقق من خلال الإطار الاجتماعي البيئي الذي يهدف إلى رفع مستوي معيشة الأفراد بواسطة النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, التي تحافظ على تكامل الإطار البيئي. وهذا يعني أنها عملية يتناغم فيها استغلال الموارد وتوجيهات الاستثمار ومناحي التنمية التكنولوجية وتغير المنظمات على نحو يعزز كلا من إمكانات الحاضر والمستقبل للوفاء بحاجيات الإنسان وتطلعاته علي مدي كل الأجيال. وعليه يمكن أن نقول أن التنمية المستدامة تحقق تامين تنمية اقتصادية تفي باحتياجات الحاضر وتحقق التوازن بينه وبين متطلبات المستقبل لتمكين الأجيال المقبلة من استيفاء حاجياتهم .ومن هذا نستنتج أن التنمية المطلوبة لا تسعى لتقدم بشري موصول في أماكن معينة لسنوات معدودات, وإنما للبشرية جمعاء على امتداد المستقبل البعيد.وهذا يعني كذلك أن مستويات المعيشة التي تتجاوز الحد الأدنى الأساسي من الاحتياجات, لا يمكن إدامتها إلا عندما تراعي في ذلك مستويات الاستهلاك في كل مكان شروط الإدامة على المدى البعيد , و السؤال الحاسم هنا هو: هل يمكن للإنسان أن يستمر في تجاهله للتدمير الذاتي الذي يلحقه بنفسه منذ قرنين من الزمن معتمدا في ذلك علي "أنماط اقتصادية متوحشة" تدمر الإنسان والحيوان والنبات والمياه والبيئة بكل أبعادها؟
هناك حقيقة يسلم بها أغلبية الباحثين و الممارسين المطبقين لأساليب ومبادئ المانجمنت تقر بأن البلدان العربية دون استثناء "دول متخلفة" ولحفظ ماء الوجه تنعت أحيانا و مجاملة ب"البلدان النامية أو في طريق النمو", بالرغم من تخلفها الشامل في المجال التكنولوجي والتسيير.غير أن هذا الإقرار كان يحمل في طياته رؤية ايجابية لإيجاد مخرج من هذا التخلف عن طريق التعليم الإداري والتسيير أ و التكوين والتدريب, وتأهيل الكوادر الفنية والعاملين في منظمات اليوم . وكيفما كان ذلك, أن هذا التوجه لم يحاول في الأساس تسليط الضوء علي تحديد أبعاد و عوامل و مظاهر التخلف الذي تعاني منه هذه المنظمات بسبب النقص الفادح في المعلومات و الإحصائيات,وانخفاض معدل الإنتاجية و الكفاءة وغياب الفاعلية في التسيير,و الافتقار إلي القيادات الإدارية الفعالة الفاعلة التي تحرك المرؤوسين من أجل التطوير و التحديث في المنظمات .ومما زاد من حدة ذلك هو عدم وضوح مفهوم المانجمنت, أهي الإدارة أم المانجمنت أم التسيير أم التصرف أم التدبير؟ هذا بالإضافة إلي ندرة مساهمة علماء و كتاب الإدارة في الوطن العربي بما فيها الجزائر في إيجاد نظريات متطورة في هذا المجال.وعدم توافر روح التوجه والتوجيه نحو المهنية كتوصيف الوظائف و تصنيفها, ووضع الهياكل التنظيمية وتصميمها, وتقييم أداء المنظمات و أداء الأفراد العاملين بها , ناهيك عن إجراءات و قواعد العمل في الكثير من المنظمات( أو المؤسسات و الشركات) .و تجذر البيروقراطية و الروتين والمحاباة, و عدم تفويض السلطة و الصلاحيات, و قلة الثقة في الموظف علي كل المستويات, وانعدام محاولات تحفيزه للقيام بعمله بصورة جيدة وأداء أجود.هذا إلي جانب نقل النظريات الغربية في المانجمنت دونما محاولات لاستيعابها و لتطويعها بهدف جعلها تتلاءم مع ظروف و شروط البيئية المحلية استنادا إلي مفهوم النسبية الثقافية.و بدلاً من الاعتماد الكلي على نقل واستيراد النظريات الغربية واجترارها دونما فوائد تذكر بحكم طبيعتها, لأنها نظريات وقواعد ومبادئ وتوجهات نبعت من/ ونبتت في بيئات ومجتمعات غير بيئتنا ومجتمعاتنا . وإن من أسباب هذا التخلف ما يعيق التنمية والتنمية البشرية, هو عدم الربط بين النظرية والتطبيق والممارسة الميدانية . لأن جدية التصرف في محاربة التخلف تكمن في عملية الربط بين النظرية والتطبيق و العمل علي استخلاص أفكار حديثة وجديدة من التطبيق ومن ثم محاولة استنباط نظريات نافعة في مجال تحليل المنظمات وتسييرها بأساليب وطرق فعالة .بعبارات أخري ان مسألة الدراسة والفهم من خلال التحليل النظامي للأشياء المراد دراستها هي من أجل المساهمة في تبسيط التفكير فيما يتعلق بإدارة المنظمات عوضا عن مجرد عملية استهلاك لما جادت به النظريات الغربية ...
ولأن الطبيعة عبارة عن نظام متكامل يشتمل علي جميع العناصر .هناك أيضا يوجد الاقتصاد و العائلة , و الشركة والمنظمة , والمجموعة, و أشياء أخري عديدة ,يمكن النظر إليها علي أنها نظما كاملة متكاملة(whole systems). وإن معاينة النظام المتكامل تتضمن كل العوامل الملتفة حول بعضها البعض و ويمكن تفحص كيفية ارتباطاتها مع بعضها البعض , وكيفية عملها كنظام متكامل. وعندما يتعامل الإنسان مع هذه الظاهرة لايمكنه ترك أي شيء خارجا كما لو أنه غير متصل بالموضوع. كذلك نجد أن الحدس والبديهة أشياء مهمة كأهمية العقلانية, لذلك يتعين علي الإنسان أن لايتردد في الاستعانة بكل من المداخل العلمية والفنية, وكذلك الحاجات المادية والروحية,مهما كبرت الأشياء أو صغرت , وما يحس ويفكر فيه, وما يتصوره ويتخيله. فالأنظمة الكلية بهذا الصدد ما هي إلا أنظمة ديناميكية ,تتغير وتتحول وتتحرك وتنمو. ...
وللإجابة عن السؤال : ما هو النظام( What is a system)الخطوة الأولي للإجابة عن هذا السؤال كما رأينا هي فهم تاريخ حركة النظم التي كانت تتضمن فحص أدبيات النظم المعاصرة ,وعلي وجه الخصوص فيما أختلف فيه الباحثون في مساهماتهم عن العلوم الميكانيكية و أيضا عن المذاهب الشمولية , وتعيين نوع التشابهات (أوالتماثلات) والاختلافات الحادة الصارمة بين النظم المعقدة ومداخل النظم الأخرى... وعند وضوح المشهد فان الخطوة الثانية كانت تتضمن تطوير تعريف للنظام متماسك ومستقيم علي المبدأ مع روح مدخل النظم... فالمنظور النظامي للأشياء من هذا المنطلق يدمج المنهجية التحليلية بالمنهجية التأليفية أو التركيبية التي تشتمل علي كل من النظرة الكلية والاختزالية أو التفرعية . ووجدنا أن منظور النظم يساعد علي النظر إلي المنظمة علي أنها نظام اجتماعي يعمل كوحدة واحدة تتكون من أجزاء متكاملة معتمدة علي بعضها البعض ,وأن حدوث أي تغير في أي جزء منها يتعين أن ينظر إليه من منظور أداء المنظمة ككل يعني - برمتها. ولأن مفهوم النظم يتضمن التعاون والتآزر- أي التفاعل بين أجزاء المنظمة وهي تعمل مع بعضها البعض بحيث أن كل واحد من هذه الأجزاء يؤدي وظيفته في نفس الوقت يقوم بإمداد ودعم وساعد ة الأجزاء الأخرى - واستمداده , فيصبح الأداء أداء كليا متبادلا متفاعلا. بالإضافة إلي ذلك نجد أن نظرة النظم إلي الأشياء تشجع القائمين علي تسيير شؤون المنظمة علي تصورها علي أنها كائن حي يعيش في بيئة معينة و بالتي يعملون للتعامل معها بنجاح.لأن هذا المنظور ينبههم كذلك إلي كل العمليات والتفاعلات من أجل تحقيق أهداف منظماتهم بكفاءة وفعالية...
لذلك كله,نجد أن التحليل النظامي يمدنا بمساعدات لا حد ود لها لتحليل المنظمات لأنه يزودنا بإمكانية تسليط الضوء علي النظم الاجتماعية في حالة ما إذا وجدت عوامل متماثلة أو متشابهة في مكونات الأنواع الأكثر تبسيطا من النظم . لأنه من الظاهر أن نظم السبرنتيكا أو السبر ياء (كما في فيزياء) يوجد بها من الصفات التي تتشابه مع عملية رد الأثر والتحكم في منظمات الأعمال ومراقبتها .وبالنتيجة, يمكن أن نقول أن بعض الأوجه المعينة من نماذج السبر ياء في الإمكان تعميمها علي نظام تكوين الموارد البشرية المرتبط بجميع أجزاء نظام تسيير الموارد البشرية الذي بدوره يرتبط بنظام المنظمة التي تتفاعل في بيئة معينة.غير أن الخطورة هنا تكمن ربما في غياب نتائج إيجاد تدل علي تشابهات جد ملائمة أو مناسبة .لأنه عادة ما توجد بعض التماثلات السطحية بين أشكال معينة , يمكن وصفها بأنها أشكال مغالية في التبسيط من النظم/ والنظم الاجتماعية ومنها نظم إدارة الأعمال , ومن ثم يتعين علي الباحث في الموضوع الحذر من مغبة الانزلاق ,وضرورة الانتباه والتأكد من أن التماثل الذي يتعين أن يكون تماثلا في البناء والمكونات الداخلية التي يحتويها النظام في حد ذاته أو أنها تدل علي تماثل تام في المبادئ التي تحكم النظامين وبهذا فان نظرة النظم الحديثة إلي الأشياء تقود الباحث إلي مناقشة نظرية النظام العام –حيث يوجد من يعتقد في إمكانية نفعيتها في إلقاء الضوء علي كثير من عمليات مكونات المنظمة . وذلك في ضوء مسعي إمكانية الدراسات المتخللة المواضيع (The interdisciplinary studies)وعموميات النظم , لذلك نجد أن العلماء والباحثين في مجال المانجمنت, لا يمكنهم غض الطرف عن المساهمة التي توفرها الدراسات والبحوث التي تهتم بدارسة المنظمة وكأنها نظام متكامل. هذا إلي جانب المساهمات الحالية المعاصرة مثل منظور (النظم التقنية-الاجتماعية) ومنظور( المعالجات المعلوماتية) و(الحكم المشترك المتحد)...وما إلي ذلك.

كان لنظرية النظم تأثير ذو معزي ودلالة علي علم وفن إدارة الأعمال وفهم المنظمات. وعند ما طرحنا السؤال : ما هو النظام (أو النسق)؟ فإننا وجدنا أن النظام هو: مجموعة من الأجزاء متحدة تعمل لانجاز وتحقيق هدف عام مشترك.وفي حالة ما إذا ابعد أي جزء من النظام ,فان طبيعته ستتغير تبعا لذلك .علي سبيل المثال لو أن أحدا نزع جزئ من ركام رمل علي حافة الطريق فان هذا الركام يبقي ركاما كما كان لأول مرة لأنه ليس نظاما .أما في حالة سيارة تشتغل , فان الحالة هنا تختلف تماما لأن السيارة عبارة عن نظام - لأنك إذا نزعت منها جزء المكر بن(الكاربيراتور) فان النظام لايشتغل, لأنه ينظر إليه كمنظومة لها مدخلات, وعمليات,ومخرجات ,وحصيلة نتائج معينة(Outcomes).وتتشارك النظم في التغذية الاسترجاعية فيما بين هذه الأربعة مظاهر للنظم.
وكما رأينا سابقا فان النظر الي المنظمة من هذه الزاوية فان المدخلات الخاصة بها من عادتها تشتمل علي الموارد من مثل المواد الأولية,الأموال,والتكنولوجيا والموارد البشرية .هذه المدخلات تمر عبر عمليات معينة أين تكون مخططة ,ومنظمة ومعبأة ومراقبة,وفي النهاية ,يتعين عليها مقابلة أهداف المنظمة. أما المخرجات فستكون هي المنتجات والخد مات من أجل التسويق. والحصيلة أو النتيجة النهائية ستكون مثلا نوعية معززة لحياة الأعضاء أو رفع مستوي المعيشة أو إنتاجية جيدة بأسعار معقولة للزبائن والمستهلكين عموما. وستكون التغذية الاسترجاعية أو المرد ودية هي الأخرى عبارة عن أخبار أو معلومات تتعلق بالمنتجات من قبل من يقومون بعملية التسويق أو الزبائن الذين يستعملونها...الخ. أيضا , التغذية-الاسترجاعية يكون مصدرها الأساسي هي البيئة العريضة للمنظمة, علي سبيل المثال قد تكون هناك تأثيرات صادرة عن جهات حكومية رسمية , وقد تكون من المجتمع ,أو الاقتصاد, أو التكنولوجيات الحديثة المستجدة . هذا الإطار النظامي ككل ينطبق علي أي نظام بما في ذلك النظم الفرعية كالمصالح الإدارية والدوائر والأقسام, والبرامج ومنها برامج التكوين والتدريب,..الخ. في المنظمة ككل متكامل كما ورد في المبحث السادس. وعلي هذا الأساس تبدو نظرية النظم- إلي حد بعيد- أنها نظرية جوهرية وأساسية,ومع ذلك ولعدة عقود من التدرب علي المانجمنت وتطبيقاتها في أماكن العمل في الدول الغربية فان نظرة النظم لم تحصل علي نصيب وافر من هذا التطبيق. غير أن التحولات والتطورات الهائلة في الآونة الأخيرة التي واجهتها المنظمات هي فقط التي دفعتها للبحث عن كيفية مجاراة ومسايرة هذه المستجدات بسلسلة من العمليات ومن ثم انصب اهتمام القادة والإداريين والمكونين والمدربين في المنظمات - علي دراسة وفهم نظرية النظم كأسلوب جديد لرؤية الأشياء.
ترجمة هذه الأشياء حملت معها أو رافقها تحول ذو دلالة (paradigm shift) في طريقة دراسة المانجمنت و طريقة فهم موضوع المنظمات. ان أثر أو تأثير نظرية النظم في المانجمنت يتمثل في أن الكتاب ,والمكونين والمدربين, والمستشارين والخبراء ...الخ,يقومون بمساعدة المسيرين للنظر الي المنظمة من منظور واسع مطلق العنان. لذلك يمكننا القول أن نظرية النظم حملت معها منظورا جديدا للقادة والإداريين لترجمة أنماط المحاكاة والأحداث في أماكن العمل .والتعرف علي الفروع والأجزاء المتنوعة وعلي وجه الخصوص علاقات التفاعل المتبادلة للأجزاء التي تتكون منها المنظمة مثلا تنسيق الإدارة المركزية مع برامجها ,وقسم الهندسة مع الصناعة ,والمشرفين مع العاملين والمستخدمين.وهذه تعتبر بحق قفزة نوعية و أهم تطور وتبدل وتحول. وفي الماضي نجد أن مديري الإدارة علي نحو نموذجي كانوا يأخذون جزءا واحد ا من المنظمة ويركزون عليه ,ثم يحولون كل الانتباه إلي جزء أخر . وكانت المشكلة تكمن في أن المنظمة تستطيع مثلا أن تكون لها إدارة مركزية هائلة وهيأة رائعة من المكونين والمدربين لكن المصالح كفروع في نظام المنظمة لم تكن متساوقة consistent)) ومتزامنة(synchronize) تعزف سيمفونية واحدة.
من المتفق عليه أن التكوين يلعب دورا كبيرا في مجال إعداد الكوادر البشرية والقوي العاملة وتأهيلها, والمنظمة التي ترغب في أن تتميز عن مثيلاتها من المنظمات الأخرى في السوق عليها أن تسعي سعيا حثيثا وراء توفير الكوادر والإطارات التي تتوفر علي مهارات عالية ، وهذا لا يمكن أن يتحقق لها إلا عن طريق التكوين . وهنا قدمنا التكوين علي أنه هو ذلك النشاط الإنساني المخطط له الذي يهدف إلى إحداث تغييرات في الأفراد المتكونين من ناحية المعلومات والمهارات والخبرات والاتجاهات ومعدلات الأداء وطرق العمل والسلوك .ويشير هذا الحكم إلى حقائق أن التكوين ,هو نشاط إنساني , مخطط له ومقصود ,وإنه يهدف إلى إحداث تغييرات في جوانب مختارة لدى المتكونين, باعتباره هو الوسيلة الأهم التي تؤدي إلى تنمية وتحسين الكفاية الإنتاجية للأفراد وللمنظمات ,لأنه من أفضل مجالات الاستثمار في الإنسان ,بالنظر إليه علي أنه عملية مستقبلية لأن التنمية الحقيقية هي التي لا تستثمر الإنسان -بالمفهوم السلبي للكلمة - وإنما تستثمر فيه وفي بيئته الطبيعية، عن طريق الاعتناء به مباشرة وبمشاكله اليومية.
ومن هنا توجد علاقة متينة بين كفاءة و فعالية المنظمات وطرق التكوين والتدريب.وبما يرمي إليه السؤال حول ما مدي تحقيق الأهداف؟ وما مدي أداء المسؤوليات التنظيمية الصحيحة, وممارسة المهام الصحيحة في الوقت المناسب بالطريقة المناسبة ,في اطار الاستخدام الأمثل للموارد, وحسن الاستفادة منها؟ مما لاشك فيه أن كفاءة و فعالية المنظمات تزداد بتكوين وتدريب أعضائها بغية تحسين أداء كل واحد منهم. لأن هناك علاقة بين مستوى الأداء و نوع الأساليب التقنية والفنية المستخدمة التي في حوزة العاملين .
وهناك علاقة أيضا , بين نظام المعلومات المستخدم في المنظمة و فعالية نظام التكوين ,لأن الكفاءة والفاعلية بالنظر إليهما معا هما ممارسة المهام الصحيحة بالطريقة الصحيحة علي الرغم من أن الأولي ترتبط بالإدارة والتسيير والثانية بالقيادة والتوجيه. لأن (الكفاءة) تعني تحقيق أعلي منفعة مقابل التكاليف, واعلي نمو ,وأعلى جودة منتج وما إلي ذلك. بينما (الفعالية): هي التي تعطي إجابة وافية عن السؤال: ما مدي تحقيق المنظمة لأهدافها, والقدرة على تأمين الموارد المتاحة واستخداماتها بكفاءة؟.أما من ناحية العلاقة بين الكفاءة والفعالية فإننا نجد أن مفهوم الأولي ملازم لمفهوم الثانية لكن قد تكون المنظمة فعالة ولكن ليست بالضرورة كفؤة ,بعني أنها قد تحقق هدفا ما ولكن مقابل خسارة...لذلك يتعين علي الأعضاء تحقيق أهداف منظماتهم بكفاءة وفعالية متلازمتين.


المقترحات : التكوين هو المعلم الأول والأخير

لذلك كله نري عرض هذه المقترحات من شاء أعارها اهتمامه ومن لم يشأ رأي ما نعنيه:-

السعي لدراسة و تطبيق مفهومية النظام في عملية التكوين والتدريب للاستفادة من مزاياه لفهم عمل المنظمات في زيادة كفاءة وفعالية الأداءات وذلك بمساعدة و استخدام التقنيات الحديثة لقياس الأداءات ولاسيما من منطلق النظرة النظامية للأشياء.
ضرورة ربط الوحدات المختلفة في المنظمات بشبكة تستخدم الكمبيوتر لتوزيع المعلومات الضرورية لأغراض التكوين والتدريب و زيادة كفاءة نظام الاتصالات في المنظمة لما له من أهمية و تأثير على زيادة فاعلية التكوين والتدريب وربط ذلك بعملية التبيؤ و التكوين في المنظمة, والمنظمة في المجتمع, والاهتمام بالروح المعنوية للعامين و زيادة رضاهم لما لهم من أثر كبير على أداء المنظمة بشكل عام.
تكوين وتنمية الموارد البشرية حتى تتميز وذلك بالتركيز على وضع برنامج لتكوين وتدريب العاملين والمستخدمين في المنظمة لرفع مستوي الكفاءة التكنولوجية ,والإدارة والتسو يق مع حصر نسب البطالة في البلاد, خاصة في المؤهلات المتوسطة لجسر الهوة بين مستويات التعليم, وتحديث وتنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة القائمة, وإدخال الدراسات الخاصة بتنمية ملكات الاستثمار, إلى جانب دراسات الجدوي ضمن برنامج التعليم, لتأهيل المتخرجين من منظمات التكوين كالمعاهد والجامعات و الاهتمام بالتعليم والتدريب المستمرين للمتخرجين في مجالات التكنولوجيا المتقدمة التي تسعي الدول للأخذ بناصيتها.
عمل حصر للعلماء والمشتغلين في الخارج في مجالات التكنولوجيا المتقدمة وحثهم وتحريضهم لمعرفة وحصر ما يمكن أن يقدموه لبلادهم سواء أكانت نتيجة هذا التصرف إقامة مشروعات مشتركة مع المنظمات التي ينتمون إليها أو مع الجامعات المنتجين لها. والأهم من هذا كله هو إ يجاد رابطة بين منظمات البحث العلمي, ومنظمات التصميم والتطوير, بهدف توجيه هذه المجالات إلى الاحتياجات الفعلية للمنظمات التي تعمل علي مستوي الوطن .

الحث علي تأسيس شبكة وطنية للتعاون والتآزر للربط بين الكليات والمعاهد التكنولوجية, وقطاعات الاقتصاد الوطني وأقسام التسيير أعني المانجمنت وبيت القصيد هنا هو التدبير, تدبير شؤون كل منظمة بمنتهي الحكمة , وتلقيحها بكفاءات زادها العلم والخبرة والأخلاق ,للقضاء علي التوجهات النفعية الطفيلية والشخصيات السادية الرمادية (لون وجه البيروقراطي المتسلط) - التي وجدت ضالتها في مرؤوسين ليست المشاركة الديمقراطية في التسيير طريقهم لكن طرقا أخري أعيت رؤوس المانجمنت في الجامعات,حيث لم يبق مدخل إلا وجرب وفسر من جوانبه المتعددة ,من أجل الفهم والاستيعاب من أجل التطبيق...
العمل علي تكوين و تدريب الطلاب في مواقع العمل قبل التخرج وبعده(الاستمرارية) , و تشجيع تمويل نشاطات هيئات البحوث العلمية والملتقيات والندوات لتبادل المعومات , وتشجيع التكوين المهني في المنظمات لامتصاص أعداد المتسربين من التعليم, مما يتطلب رفع القدرات المهنية وتدريب المدربين والمنشطين والموجهين أثناء أي عملية تكوين . ومهما كان من هذا التأكيد والإصرار علي تكوين وتدريب الطلبة في مواقع العمل قبل وبعد التخرج , والظواهر الغير مرغوب فيها , فإن منظومة التعليم العالي والجامعي وأجزائها وتفرعاتها تبقي هي المكسب و الرصيد الإستراتيجي الذي يتحقق عن طريقه الوفاء باحتياجات التنمية ,والتنمية البشرية ,والتنمية المستدامة الآنية والمستقبلية.

كثير من منظمات الأعمال توفر التكوين والتدريب للعاملين بها كوسيلة لزيادة عرض منتجاتها وخدماتها في أسواق التنافس.وازدادت مع ذلك أهمية برامج التكوين والتدريب.كل منظمات الأعمال تحاول زيادة تكاليف وفعالية البرامج, وبالتالي البحث عن تقنيات جديدة مما اضطر هذه المنظمات لتطوير برامج تأخذ بعين الحسبان ماذا سيكون عليه المستقبل.و لحل معضلة الفعالية المحدودة والقصيرة المدة التي تصبح ليست ذات أهمية بالنسبة للمنظمة.ان المنظمات تبحث عن التقنيات الجديدة لكي تبقي وتستمر لوقت طويل . وفي هذه الحالة فان تحليل المستقبل يصبح مهما جدا من أجل النجاح.ولكن حماية هذه الروح التنافسية أصبحت صعبة بالتزامن مع بزوغ وانتشار ظاهرة العولمة, ولهذا السبب نجد أن المنظمات أصبحت تعطي أهمية كبيرة لبرامج التكوين والتدريب السريع . لأنها تعلم علم اليقين أن الموارد البشرية هي بمثابة العمود الفقري بالنسبة لها و لأنها وحدها هي التي تستطيع حماية القوة التنافسية للمنظمة بشكل فعال.والتأكيد علي" أهمية تحليل المستقبل"يدفعنا إلي الإشارة إلي بعض النزعات والتوجهات المستقبلية التي سيكون لها تأثير كبير علي التكوين والتدريب.وهي كما في الملاحظات التالية :
- سيزداد استعمال التكنولوجيات الجديدة في مجال التكوين والتدريب.
- زيادة الطلب علي التكوين من أجل تراتيب العمل الفعلي الواقعي يأتم معني الكلمة.
- التأكيد علي الحصول علي المعلومات وأخذها غلابا وتخزينها في بنك مخصص لها ,وازدياد استعمال الرأسمال الذكي.
- المنظمات ستعول علي نظم التعلم الإدارية والتكامل مع تطورات وانبثاقات الأعمال وتعلم الوقت الحقيقي الواقعي.
- التكوين أو التدريب سيركز علي حاجات وأداءات الأعمال.
- دوائر التكوين في المنظمات ستطور شراكات ومصادر خارجية.
- تكوين وتنمية الموارد البشرية سينظر إليه في المستقبل أكثر بمنظار نموذج التغيير.
ويمكننا أن نلاحظ في الأخير أن هناك تغيرات أساسية وجوهرية في سلوك المجتمعات والاقتصادات الوطنية للدول حدثت ولكن ببطء كبير خلافا للتغيرات والتطورات التكنولوجية التي تؤثر فيهما, ولكن حتى التغيرات الطفيفة كانت لها آثار زلزالية تطوقها بصورة أساسية.



المراجع الأساسية


- -Lilienfeld, R. , The Rise of Systems Theory: An Ideological Analysis(New York: Wiley-Interscience, 1978).
- الجمعية المصرية للتنمية التكنولوجية والبشرية - المشهرة المركزية برقم 453 لسنة(؟) من الإنترنتwww.eathd.org.
- جميلة بومزال,أثر تكنولوجيا المعلومات علي المؤسسة,رسالة ماجستير,كلية العلوم الاقتصادية والتسيير ,جامعة الجزائر,2000.
- د.مصطفي شاويش,إدارة الموارد البشرية(عمان:دار الشروق,2004.
- علي السلمي,أدارة الموارد البشرية(القاهرة :مكتبة غريب,1992).
- د.محمد مرعي مرعي,أسس إدارة الموارد البشرية(دمشق:دار الرضا للنشر,1999).
- ر.محمد مهنأ العلي,الوجيز في الإدارة العامة(الدار السعودية للنشر والتوزيع,1984).
- د.أحمد الشميمري,مبادئ إدارة الأعمال( الرياض:مكتبة العبيكان,2005).
- سغيد أكيل,وظائف ونشاطات المؤسسة الصناعية(الجزائر:ديوان م الجامعية).
- د. عبد القادر عطية,اتجاهات حديثة في التنمية(الإسكندرية:الدار الجامعية,؟).
- أوزوالدو دي ريفيرو, خرافة التنمية الاقتصادية( بيروت : الشركة العالمية للكتاب)، 2003. ترجمة: نقولا عزقول.
-
- جلال أمين , كشف الأقنعة عن نظريات التنمية الاقتصادية(ا القاهرة: الناشر دار الشروق,-الطبعة: الأولى/2007).
- -جوزيف-ستجلن تر ,ضحايا العولمة(القاهرة:دار ميريت، - الطبعة: 2006 ) , ترجمة:لبنىالريدي.
- Gerbier Jean,Organisation et Functionement de L entreprise (Paris:TEC and DOC.1993(.

- يوسف بن محمد القبلان، أسس التدريب الإداري) الرياض: دار عالم الكتب، 1992) .
- أكرم رضا، برنامج تدريب المدربين( القاهرة: دار التوزيع و النشر الإسلامية،2003 ) .
- علي محمد ربايعة، إدارة الموارد البشرية( عمان: دار صفاء، 2003) .
- عبد الباري إبراهيم درّة، تكنولوجيا الأداء البشري في المنظمات: الأسس النظرية و دلالاتها في البيئة العربية المعاصرة( القاهرة، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، 2003) .
- عدلي علي أبوطاحون، إدارة و تنمية الموارد البشرية و الطبيعية(الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث، 2000) .
- صلاح الدين عبد الباقي، إدارة الموارد البشرية( الإسكندرية: الدار الجامعة،2000 ) .
- قيس المؤمن وآخرون، التنمية الإدارية( عمان: دار زهران، 1997). 

No comments:

Post a Comment