المدير الناجح أساس الإدارة الناجحة
سمات المديرين الناجحين
تحمل وظيفة المدير بعدين أحدهما إيجابي والآخرسلبي، فبينما يمكن للمدير القيادة والإشراف، والمتابعة والتحفيز، ومن ثمفهو الأقدر على تحقيق فاعلية ونجاح المؤسسة ويرتبط به بشكل مباشر مستوىالأداء، فإنه يعجز ما بين 50-80% من المديرين على مستوى العالم من تحقيقالتوقعات والأهداف التي عينوا خصيصى من أجلها، وبذلك فمدير المؤسسة قديكون نعمة ترفع من أدائها وكفاءتها، أو نقمة تدمرها وتهوي بها إلى القاع.
المدير الناجح يعرف ويقر نقاط ضعفه
على الرغم من الأهمية والاهتمام الذي يجب أن تلقاه وظيفةالمدير في المؤسسات من حيث التدريب والتطوير، إلا أننا قلما نلقى إحدىالمؤسسات المهتمة بتدريب مديريها لا سيما بالشكل السليم، ففي أغلب الأحيانيكون الاهتمام الأكبر بالموظفين، وحتى إن تم تدريب وتطوير المديرين يكونمن خلال برامج تدريبية إما عامة أو تركز على المهارات التقنية بدلاً منالمهارات الشخصية، فالإدارة يجب أن تعمل على إبراز أفضل الطاقات الكامنةداخل البشر ومن ثم تنميتها وتطويرها، بدلاً من إغراقهم بالمعلومات التقنية.
ولذلك فالمديرون يتطلب منهم التركيز دائمًا على أدائهموأسلوبهم في الإدارة محاولين استخراج أفضل ما لديهم هم وموظفيهم حتى وإنعملوا في إطار سياسات وإجراءات وإرشادات صعبة أو غير أخلاقية.
ولعل المديرين حديثي التعيين هم أصعب الموظفين في عمليةالتدريب أو المساعدة، وهناك العديد من الأسباب وراء ذلك منها مثلاً أنالمديرين وخاصة حديثي الترقية منهم لديهم وقت ضئيل لطلب المساعدة من أجلالتحسين والتطوير وذلك لانشغالهم بمناصبهم، أو لعدم رغبة أغلب المديرين فيالاعتراف بنقاط الضعف الخاصة بهم أو في أوجه القصور الوظيفية والشخصيةلديهم حتى لا تتغير أو تسوء صورتهم أمام مرؤوسيهم أو رؤسائهم، حيث يشعرالعديد من المديرين بأن الاعتراف بنقاط الضعف لديهم إقرار بعدم الكفاءةمما يعد تحجيمًا لحياتهم المهنية، رغم أن أكبر المديرين وأنجحهم هم منيتصفون بالمصداقية والثقة بالنفس للاعتراف بأوجه القصور أو نقاط الضعفلديهم.
وتظهر الأبحاث والدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع أنالإلمام بنقاط الضعف، وفهمها، والالتفاف حولها، من أكثر عوامل نجاحالمديرين، فكم رأينا من مديرين يكتسبون الدعم والتقدير الذي يستحقونه منخلال التصرف بطبيعتهم الحقيقية والتواضع بدلاً من الغرور أو التظاهر؟!
سمات المديرين الناجحين
وكما أظهرت الإحصاءات، والبحوث، والدراسات أيضًا والتيأجريت على المديرين الناجحين لمعرفة خصائصهم وسماتهم على مستوى الإداراتالمختلفة – أن هناك مجموعة من الخصائص المشتركة والتي سنشرحها فيما يلي.
اختيار عقد الإدارة المناسب
السمة الأولى للمديرين الناجحين تكمن في معرفة المديرلإمكاناته ومدى تطابقها أو ملاءمتها مع الوظيفة التي سيشغلها أو المرشحلها، فإذا كان المدير يرى أن قدراته لا تتلاءم مع ظروف الوظيفة وأنه لنيتمكن من تحقيق ما سيطلب منه، فعليه إما أن يعتذر أو يعيد التفاوض حولمهامه الوظيفية، ولكن قد تكون هذه مهمة صعبة خاصة للمديرين الطموحين،فعندما يسأل مدير عن إمكانية تحقيق الفاعلية في منصبه الإداري الجديد يشعربضغوط للإجابة بـنعم حتى لو كان لديه شكوك في ذلك، وذلك برغم أهمية رفضتقبل وظيفة هناك شك في إمكانية تحقيق النجاح الفعلي فيها، فالأفضل في تلكالظروف هو التأكد من أن الوظيفة قابلة للتحقيق والأداء مهما كان الطموح،أو ربما يحتاج المدير إلى إعادة التفاوض حول الوظيفة للحصول على نطاق أكبرمن الصلاحيات.
وبذلك يجب على المدير التفكير في المهمة التي سيرأسها علىأنها عقد يحدد فيه كل معايير النجاح والفشل بحيث يستطيع قياس النجاح الخاصبه والتأقلم مع نطاق المهام التي سيؤديها لضمان النجاح.
كن ذاتك
ويتمثل الخطأ الشائع لدى بعض المديرين حديثي التعيين فيافتراض أنهم يجب أن يتصرفوا بطريقة مختلفة منذ توليهم مناصب قيادية وعندإدارتهم للآخرين عما كانوا عليه من قبل، وبينما يتمتع هذا المفهوم ببعضالمصداقية من حيث السلوك، إلا أن المديرين المحنكين في المستويات الإداريةالمختلفة يشعرون بأهمية التصرف بنفس الطريقة كما كان الحال قبل حصولهم علىالترقية، وعلى المدير في كل الأحوال أن يقوم بتطوير نمطه الإداري بمايتناسب مع طبيعته كشخص، ولا يحاول تقليد أو اقتباس تجربة أي شخص آخر مهماكان النجاح الذي حققه، فإذا كان الأسلوب الطبيعي للمدير قبل توليه الإدارةهو حب المرح والدعابة وحتى قلة الجدية فعليه استخدام هذا الأسلوب وتطبيقهفي الإدارة مستعينًا بالطريقة التي يجعل من خلالها أسلوبه المميز هوالأقدر على الوصول بالإدارة إلى أعلى قدر ممكن من الكفاءة المطلوبة.
فلا يفترض تغيير الشخصية حتى تحقق الإدارة بنجاح،فالمديرون يحصلون على الترقية بناء على حكم الآخرين وهذا الحكم قائم علىما رآه الآخرون في شخصية المدير قبل الترقية، فإذا حاول تغيير الأسلوب أوالنمط الخاص به تمامًا، فإن احتمال النجاح هنا سيكون ضعيفًا.
الإنصات إلى الجميع
المدير الناجح هو أيضًا من ينصت إلى ما يقوله موظفوه،وعملاؤه، ورؤساؤه في العمل، فعليه أن يكون منصتًا إلى الموضوع الذي يدورالحديث عنه في الشركة، ويتأكد من دقة ما يسمعه وما يصله من معلومات وأخبارعن طريق الاهتمام بالتغذية العكسية، وعليه كذلك الاستماع لكل الآراء حتىالتي تتناقض معه أو مع ما هو سائد، فالمدير الناجح ينصت أكثر مما يتحدث.ويساعد المديرون الذين لديهم حاسة الإنصات الفعالة موظفيهم في حل المشكلاتالهامة وذلك بالسماح لهم بمناقشة هذه المشكلات معهم، فالإنصات يتيح للناسسماع أنفسهم يفكرون، ومن ثم يعالجون المشكلات ويطورون الحلول.
عدم التحدث بسوء عن مجموعة لكسب أخرى
ولعل بعض المديرين خاصة حديثي التعيين يحاولون التوددوالتقرب من موظفيهم أو من إحدى الإدارات العليا، ويقومون بذلك من خلالالتحدث بسوء عن الآخرين فمثلاً يذكرون مساوئ الإدارة العليا عند الموظفينأو العكس، فنقد مجموعة للتقرب من مجموعة أخرى فكرة سيئة، ذلك لأن مجردفكرة نقد هؤلاء المديرين للآخرين سيفقد جميع الأطراف الثقة فيهم، فكيفسيعتمد الموظف على مدير هو نفسه لا يستطيع التواصل مع الإدارات العلياومواجهتها بمساوئها، وكيف ستثق الإداره العليا في مدير لا يستطيع إصلاحموظفيه وتحويل مساوئهم إلى مزايا بدلاً من انتقادهم، وإذا كان المديردائمًا هو قدوة لمرؤوسيه فكيف له ألا يفترض أن الموظفين سيتحدثون عنه فييوم ما بنفس الطريقة؟
وأخيرًا فإن النقد بدون داعي يدمر المسؤولية ويضفي جوًّامن انعدام الثقة بين الجميع، فالموظف دائمًا يحتاج إلى من يدربه ويشجعهعلى حل مشكلاته وليس إلى من يلقي اللوم على الآخرين.
المدير قدوة لمرؤوسيه
وحتى يستطيع المدير الوصول للأفضل، فعليه أن يفترض دائمًاأنه مراقب من الأشخاص الذين يرفعون تقاريرهم إليه حتى لو كان لا يفضل ذلك،فلا يجب أن ينسى كل مدير أن الأفراد يتعلمون بالتقليد، وعليه بذلك أن يكونقدوة للجميع، فإذا كان يريد من الآخرين الإقرار بأخطائهم فعليه أن يبدأبنفسه فإذا أخطأ في شيء ما فعليه أن يعترف بذلك، وإذا كانت الأمانةوالمصداقية للموظفين مهمة بالنسبة له ينبغي أن تتوافق أفعاله مع أقواله،ولكن رغم ذلك عليه ألا يفترض أن كل شيء سيفعله سيقوم الآخرون بنسخهوتقليده تمامًا فالقيام بدور النموذج ليس كافيًا بمفرده، فالمديرونالناجحون يجب أن يكونوا على دراية شاملة بالقدوة التي يضعونها للموظفينطوال الوقت.
مساندة المرؤوسين لا القيام بأعمالهم
ويتعين على المديرين الناجحين التحول من مجرد النصح إلىالتدعيم، ومن القيام بعمل المرؤوس إذا فشل فيه إلى مساندته في إعادةالقيام به حتى يصل إلى الأداء الأفضل، فالمتوقع من المديرين الأكفاءمساعدة الآخرين على تطوير مهاراتهم وليس إنجاز الوظائف لهم، ويعد ذلكبمثابة المهمة الإدارية الأكثر صعوبة في التطوير للعديد من المديرين، كماتعد متابعة المهام التي يؤديها الموظفون نوعًا من المساندة التي قديحتاجون إليها لضمان النجاح.
تغيير النفس قبل الغير
“يتغير البشر وفقًا لدوافع من داخلهم وليس بناء على رغبةأي شخص في تغيير طبيعتهم مهما كان هذا الشخص”، هذه حقيقة غير قابلة للنزاعفي طبيعة البشر وكلما أدركها المدير مبكرًا كان ذلك أفضل له وللجميع، ولاتعني إدارة الموظفين أو قيادتهم تغييرهم ليتناسبوا مع متطلبات مديريهم،ولكن يتطلب الأمر تغيير المديرين من أنفسهم ليتوافقوا مع متطلبات منيديرونهم، فالقائد يؤثر في التغيير في مرؤوسيه عن طريق بناء نقاط القوةلديهم والمناقشة غير الصريحة لما يراه أنه نقاط ضعف، ولكن لن يمكنهالتغيير المطلق لمن حوله.
نجاح المدير من نجاح فريقه
عندما ينجح فريق ما قد يشعر بعض المديرين بنكران جميلهم فيإنجاح فريق عملهم إثر الوصول للهدف المنشود، فالإقرار بأن مديرًا ما ناجحأو عظيم هو بالتأكيد أمر مهم بالنسبة إليه، لكن عليه كمدير ناجح أن يقاومذلك، فبدلاً من أن يشعر بالفخر لنجاح نفسه يمكنه أن يكون أكثر تواضعًاويشعر بالفخر حيال فريقه، وعند القيام بذلك فمما لا شك فيه أنه سيقدرهالجميع.
وعلى النقيض، عندما يخفق الفريق فعلى المدير أن يتحملالمسؤولية كاملة ويعلن فشله في إدارة الفريق، وفي النهاية فالمدير هوالقائد الذي وافق بالكامل على قبول النجاح وتحمل العواقب.
التركيز على مواطن القوة في الفريق
وتظهر الأبحاث المتعلقة بما يحقق أقصى النجاح لفريق عمل ماأن المديرين تزداد قدرتهم على التأثير بالتشديد في السمات الإيجابيةلأعضاء الفريق بدلاً من العزف على وتر نقاط الضعف لهؤلاء الأعضاء، فالبشربطبيعتهم لا يتغيرون إلا عندما يقررون ذلك بأنفسهم، فالمديرون الناجحون لايعملون بجد لتغيير العادات أو السلوكيات غير اللائقة لموظفيهم ولكنهميستنبطون وسائلا للبناء اعتمادًا على مهارات الموظفين الفطرية.
ولا يعني التركيز على نقاط القوة الحاجة إلى إدارة الظهرإلى كافة السلوكيات السلبية للموظفين، ولكن يتعين على المدير أن يفرق بينالسمات القابلة للتغيير وتلك غير القابلة، فالأساس هنا يكمن في التركيزعلى إصلاح الأشياء غير المقبولة بالمرة لدى الموظفين وامتلاك الشجاعة منأجل البحث والعثور على نقاط القوة لدى الموظفين وتنميتها.
تنمية الذات
والمدير الناجح هو الذي لا ينتظر رئيسه ليعلمه أو يوجهه أويطوره، فهو شخص قادر على إحداث التغيير أو التطوير في نفسه، وإذا كان يريدالتوجيه أو النصح من الآخرين ممن يديرونه أو يعلونه في السلم الوظيفي فهويوضح لهم كيفية القيام بذلك ويرسم لهم كيفية إدارته، وإذا أراد مثلاًالحصول على تغذية عكسية من عملائه فعليه طلب الموضوع ومتابعته بنفسه.
الصبر من أجل التغيير
“التغيير يأخذ وقتًا” فعندما يسعى الموظفون إلى التحركفعليًّا نحو تغيير أدائهم، فمن الشائع أن تسفر تلك الجهود عن تطوير مرئيتدريجي في الإدارات، وقد أثبتت الدراسات أن إخبار الناس بأنهم لا يتغيرونبالقدر الكافي من السرعة يحدث أثرًا سلبيًّا على معدلات تغيرهم الفعلي نحوالأفضل، لذلك فالمدير الجيد صبور مع نفسه ومع غيره، فللتجارب والمحاولاتأثر لا يمكن إغفاله على الناس إلا أنه أمر يحتاج إلى الوقت، فدفع الناس منأجل التغيير لن يحدث إلا تغييرًا عكسيًّا.
الذكاء العاطفي مع الجميع
أما تطوير الذكاء العاطفي والاعتماد عليه عند التعامل معالمرؤوسين فهو عمل لا يمكن الاستغناء عنه، وليس هذا فحسب، بل إنه يعمل علىزيادة قدرة المدير على تطوير نفسه. وقد قام المؤلف دانيال جولمان صاحبأكثر الكتب بيعًا بالترويج لمصطلح الذكاء العاطفي والذي عني فيه بكيفيةتعامل الناس مع أنفسهم وتناول علاقاتهم باعتبارها “مجموعة حاسمة منالخبرات التي تميز أكثر القادة والمديرين نجاحًا” كما حدد جولمان خمسةأبعاد للذكاء العاطفي تمثلت في:
1. الوعي الذاتي والذي يعني معرفة القدر الكافي عنالمثيرات الداخلية للأفراد، والخطوط الحمراء ونقاط القوة والضعف فيالشخصية ومناقشتها بانفتاح وبراحة، ويعد الوعي الذاتي حجر الزاوية فيتطوير الذكاء العاطفي
2. التنظيم الذاتي وهو القدرة على تنظيم الردود السلوكية الخاصة للفرد تجاه المواقف والأحداث والتحكم فيها.
3. التعاطف ونقصد به القدرة على وضع النفس في مكان الآخرين لنرى الأمور كما يرونها.
4. التحفيز وهو الرغبة في الإنجاز والتطوير الذاتي.
5. المهارة الاجتماعية والتي تتمثل في الإحساس بآلياتالآخرين ومشاعرهم وكيفية التفاعل معهم، وتعد المهارة الاجتماعية هي المحطةالتي يمارس فيها القادة ذوو الذكاء العاطفي كافة القدرات السابقة.
قل الحقيقة
وتظهر الأبحاث في معظمها أن السمة الأكثر أهمية والتي يجبأن يثبتها المدير فعليًّا لدى من يقودهم هي القدرة والرغبة في قولالحقيقة، سواء كانت الحقيقة جيدة أو سيئة، سارة أو محزنة، حيث يساعدسماعها عادة الأشخاص على تحسس طريقهم في وسط الفوضى والضباب، علاوة على أنأكثر أنواع الحقيقة أهمية هي قول حقيقة الفرد عن نفسه.
القيادة لا الإدارة
وأخيرًا لم تعد الفكرة القديمة المألوفة عن الإدارة والتيترتبط بكونها مراقبة كل العمليات التي تحدث داخل نطاق العمل – تعمل علىتنمية قدرة الأفراد، فقد أصبحت تقلص من قدرتهم على إدارة ذاتهم، وتجعلمسايرة العمل المتطور أمرًا مستحيلاً، وبذلك فالمدير الناجح يمتلك وسيلةأخرى تكمن في القيادة، والتي ترتبط بالقدرة على تزويد الموظفين بما ينقصهمويحتاجون إليه.
ونضع تحت مظلة القيادة الخطة الموضوعة لتحقيق أهدافالمجموعة والالتزام بهذه الأهداف، والتفاني في العمل، والقدرة على تحديدالأولويات في المهام، ومتابعة مهام كل عضو في الفريق.
ويرى البعض أن تعلم القيادة أمر سار ومؤلم ومخيف وباعث علىالنشاط والتشجيع والإحباط في الوقت نفسه، ولكن الحقيقة الواحدة التي يجبأن يقنع بها كل قائد مدير تكمن في أهمية بذل كل الجهد من أجل ترك بصمةواضحة في العمل، فإذا اتبع كل ما سبق، فعليه أن يسعد ويبتهج فهو يسير بلاشك على خطى النجاح.
تحمل وظيفة المدير بعدين أحدهما إيجابي والآخرسلبي، فبينما يمكن للمدير القيادة والإشراف، والمتابعة والتحفيز، ومن ثمفهو الأقدر على تحقيق فاعلية ونجاح المؤسسة ويرتبط به بشكل مباشر مستوىالأداء، فإنه يعجز ما بين 50-80% من المديرين على مستوى العالم من تحقيقالتوقعات والأهداف التي عينوا خصيصى من أجلها، وبذلك فمدير المؤسسة قديكون نعمة ترفع من أدائها وكفاءتها، أو نقمة تدمرها وتهوي بها إلى القاع.
المدير الناجح يعرف ويقر نقاط ضعفه
على الرغم من الأهمية والاهتمام الذي يجب أن تلقاه وظيفةالمدير في المؤسسات من حيث التدريب والتطوير، إلا أننا قلما نلقى إحدىالمؤسسات المهتمة بتدريب مديريها لا سيما بالشكل السليم، ففي أغلب الأحيانيكون الاهتمام الأكبر بالموظفين، وحتى إن تم تدريب وتطوير المديرين يكونمن خلال برامج تدريبية إما عامة أو تركز على المهارات التقنية بدلاً منالمهارات الشخصية، فالإدارة يجب أن تعمل على إبراز أفضل الطاقات الكامنةداخل البشر ومن ثم تنميتها وتطويرها، بدلاً من إغراقهم بالمعلومات التقنية.
ولذلك فالمديرون يتطلب منهم التركيز دائمًا على أدائهموأسلوبهم في الإدارة محاولين استخراج أفضل ما لديهم هم وموظفيهم حتى وإنعملوا في إطار سياسات وإجراءات وإرشادات صعبة أو غير أخلاقية.
ولعل المديرين حديثي التعيين هم أصعب الموظفين في عمليةالتدريب أو المساعدة، وهناك العديد من الأسباب وراء ذلك منها مثلاً أنالمديرين وخاصة حديثي الترقية منهم لديهم وقت ضئيل لطلب المساعدة من أجلالتحسين والتطوير وذلك لانشغالهم بمناصبهم، أو لعدم رغبة أغلب المديرين فيالاعتراف بنقاط الضعف الخاصة بهم أو في أوجه القصور الوظيفية والشخصيةلديهم حتى لا تتغير أو تسوء صورتهم أمام مرؤوسيهم أو رؤسائهم، حيث يشعرالعديد من المديرين بأن الاعتراف بنقاط الضعف لديهم إقرار بعدم الكفاءةمما يعد تحجيمًا لحياتهم المهنية، رغم أن أكبر المديرين وأنجحهم هم منيتصفون بالمصداقية والثقة بالنفس للاعتراف بأوجه القصور أو نقاط الضعفلديهم.
وتظهر الأبحاث والدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع أنالإلمام بنقاط الضعف، وفهمها، والالتفاف حولها، من أكثر عوامل نجاحالمديرين، فكم رأينا من مديرين يكتسبون الدعم والتقدير الذي يستحقونه منخلال التصرف بطبيعتهم الحقيقية والتواضع بدلاً من الغرور أو التظاهر؟!
سمات المديرين الناجحين
وكما أظهرت الإحصاءات، والبحوث، والدراسات أيضًا والتيأجريت على المديرين الناجحين لمعرفة خصائصهم وسماتهم على مستوى الإداراتالمختلفة – أن هناك مجموعة من الخصائص المشتركة والتي سنشرحها فيما يلي.
اختيار عقد الإدارة المناسب
السمة الأولى للمديرين الناجحين تكمن في معرفة المديرلإمكاناته ومدى تطابقها أو ملاءمتها مع الوظيفة التي سيشغلها أو المرشحلها، فإذا كان المدير يرى أن قدراته لا تتلاءم مع ظروف الوظيفة وأنه لنيتمكن من تحقيق ما سيطلب منه، فعليه إما أن يعتذر أو يعيد التفاوض حولمهامه الوظيفية، ولكن قد تكون هذه مهمة صعبة خاصة للمديرين الطموحين،فعندما يسأل مدير عن إمكانية تحقيق الفاعلية في منصبه الإداري الجديد يشعربضغوط للإجابة بـنعم حتى لو كان لديه شكوك في ذلك، وذلك برغم أهمية رفضتقبل وظيفة هناك شك في إمكانية تحقيق النجاح الفعلي فيها، فالأفضل في تلكالظروف هو التأكد من أن الوظيفة قابلة للتحقيق والأداء مهما كان الطموح،أو ربما يحتاج المدير إلى إعادة التفاوض حول الوظيفة للحصول على نطاق أكبرمن الصلاحيات.
وبذلك يجب على المدير التفكير في المهمة التي سيرأسها علىأنها عقد يحدد فيه كل معايير النجاح والفشل بحيث يستطيع قياس النجاح الخاصبه والتأقلم مع نطاق المهام التي سيؤديها لضمان النجاح.
كن ذاتك
ويتمثل الخطأ الشائع لدى بعض المديرين حديثي التعيين فيافتراض أنهم يجب أن يتصرفوا بطريقة مختلفة منذ توليهم مناصب قيادية وعندإدارتهم للآخرين عما كانوا عليه من قبل، وبينما يتمتع هذا المفهوم ببعضالمصداقية من حيث السلوك، إلا أن المديرين المحنكين في المستويات الإداريةالمختلفة يشعرون بأهمية التصرف بنفس الطريقة كما كان الحال قبل حصولهم علىالترقية، وعلى المدير في كل الأحوال أن يقوم بتطوير نمطه الإداري بمايتناسب مع طبيعته كشخص، ولا يحاول تقليد أو اقتباس تجربة أي شخص آخر مهماكان النجاح الذي حققه، فإذا كان الأسلوب الطبيعي للمدير قبل توليه الإدارةهو حب المرح والدعابة وحتى قلة الجدية فعليه استخدام هذا الأسلوب وتطبيقهفي الإدارة مستعينًا بالطريقة التي يجعل من خلالها أسلوبه المميز هوالأقدر على الوصول بالإدارة إلى أعلى قدر ممكن من الكفاءة المطلوبة.
فلا يفترض تغيير الشخصية حتى تحقق الإدارة بنجاح،فالمديرون يحصلون على الترقية بناء على حكم الآخرين وهذا الحكم قائم علىما رآه الآخرون في شخصية المدير قبل الترقية، فإذا حاول تغيير الأسلوب أوالنمط الخاص به تمامًا، فإن احتمال النجاح هنا سيكون ضعيفًا.
الإنصات إلى الجميع
المدير الناجح هو أيضًا من ينصت إلى ما يقوله موظفوه،وعملاؤه، ورؤساؤه في العمل، فعليه أن يكون منصتًا إلى الموضوع الذي يدورالحديث عنه في الشركة، ويتأكد من دقة ما يسمعه وما يصله من معلومات وأخبارعن طريق الاهتمام بالتغذية العكسية، وعليه كذلك الاستماع لكل الآراء حتىالتي تتناقض معه أو مع ما هو سائد، فالمدير الناجح ينصت أكثر مما يتحدث.ويساعد المديرون الذين لديهم حاسة الإنصات الفعالة موظفيهم في حل المشكلاتالهامة وذلك بالسماح لهم بمناقشة هذه المشكلات معهم، فالإنصات يتيح للناسسماع أنفسهم يفكرون، ومن ثم يعالجون المشكلات ويطورون الحلول.
عدم التحدث بسوء عن مجموعة لكسب أخرى
ولعل بعض المديرين خاصة حديثي التعيين يحاولون التوددوالتقرب من موظفيهم أو من إحدى الإدارات العليا، ويقومون بذلك من خلالالتحدث بسوء عن الآخرين فمثلاً يذكرون مساوئ الإدارة العليا عند الموظفينأو العكس، فنقد مجموعة للتقرب من مجموعة أخرى فكرة سيئة، ذلك لأن مجردفكرة نقد هؤلاء المديرين للآخرين سيفقد جميع الأطراف الثقة فيهم، فكيفسيعتمد الموظف على مدير هو نفسه لا يستطيع التواصل مع الإدارات العلياومواجهتها بمساوئها، وكيف ستثق الإداره العليا في مدير لا يستطيع إصلاحموظفيه وتحويل مساوئهم إلى مزايا بدلاً من انتقادهم، وإذا كان المديردائمًا هو قدوة لمرؤوسيه فكيف له ألا يفترض أن الموظفين سيتحدثون عنه فييوم ما بنفس الطريقة؟
وأخيرًا فإن النقد بدون داعي يدمر المسؤولية ويضفي جوًّامن انعدام الثقة بين الجميع، فالموظف دائمًا يحتاج إلى من يدربه ويشجعهعلى حل مشكلاته وليس إلى من يلقي اللوم على الآخرين.
المدير قدوة لمرؤوسيه
وحتى يستطيع المدير الوصول للأفضل، فعليه أن يفترض دائمًاأنه مراقب من الأشخاص الذين يرفعون تقاريرهم إليه حتى لو كان لا يفضل ذلك،فلا يجب أن ينسى كل مدير أن الأفراد يتعلمون بالتقليد، وعليه بذلك أن يكونقدوة للجميع، فإذا كان يريد من الآخرين الإقرار بأخطائهم فعليه أن يبدأبنفسه فإذا أخطأ في شيء ما فعليه أن يعترف بذلك، وإذا كانت الأمانةوالمصداقية للموظفين مهمة بالنسبة له ينبغي أن تتوافق أفعاله مع أقواله،ولكن رغم ذلك عليه ألا يفترض أن كل شيء سيفعله سيقوم الآخرون بنسخهوتقليده تمامًا فالقيام بدور النموذج ليس كافيًا بمفرده، فالمديرونالناجحون يجب أن يكونوا على دراية شاملة بالقدوة التي يضعونها للموظفينطوال الوقت.
مساندة المرؤوسين لا القيام بأعمالهم
ويتعين على المديرين الناجحين التحول من مجرد النصح إلىالتدعيم، ومن القيام بعمل المرؤوس إذا فشل فيه إلى مساندته في إعادةالقيام به حتى يصل إلى الأداء الأفضل، فالمتوقع من المديرين الأكفاءمساعدة الآخرين على تطوير مهاراتهم وليس إنجاز الوظائف لهم، ويعد ذلكبمثابة المهمة الإدارية الأكثر صعوبة في التطوير للعديد من المديرين، كماتعد متابعة المهام التي يؤديها الموظفون نوعًا من المساندة التي قديحتاجون إليها لضمان النجاح.
تغيير النفس قبل الغير
“يتغير البشر وفقًا لدوافع من داخلهم وليس بناء على رغبةأي شخص في تغيير طبيعتهم مهما كان هذا الشخص”، هذه حقيقة غير قابلة للنزاعفي طبيعة البشر وكلما أدركها المدير مبكرًا كان ذلك أفضل له وللجميع، ولاتعني إدارة الموظفين أو قيادتهم تغييرهم ليتناسبوا مع متطلبات مديريهم،ولكن يتطلب الأمر تغيير المديرين من أنفسهم ليتوافقوا مع متطلبات منيديرونهم، فالقائد يؤثر في التغيير في مرؤوسيه عن طريق بناء نقاط القوةلديهم والمناقشة غير الصريحة لما يراه أنه نقاط ضعف، ولكن لن يمكنهالتغيير المطلق لمن حوله.
نجاح المدير من نجاح فريقه
عندما ينجح فريق ما قد يشعر بعض المديرين بنكران جميلهم فيإنجاح فريق عملهم إثر الوصول للهدف المنشود، فالإقرار بأن مديرًا ما ناجحأو عظيم هو بالتأكيد أمر مهم بالنسبة إليه، لكن عليه كمدير ناجح أن يقاومذلك، فبدلاً من أن يشعر بالفخر لنجاح نفسه يمكنه أن يكون أكثر تواضعًاويشعر بالفخر حيال فريقه، وعند القيام بذلك فمما لا شك فيه أنه سيقدرهالجميع.
وعلى النقيض، عندما يخفق الفريق فعلى المدير أن يتحملالمسؤولية كاملة ويعلن فشله في إدارة الفريق، وفي النهاية فالمدير هوالقائد الذي وافق بالكامل على قبول النجاح وتحمل العواقب.
التركيز على مواطن القوة في الفريق
وتظهر الأبحاث المتعلقة بما يحقق أقصى النجاح لفريق عمل ماأن المديرين تزداد قدرتهم على التأثير بالتشديد في السمات الإيجابيةلأعضاء الفريق بدلاً من العزف على وتر نقاط الضعف لهؤلاء الأعضاء، فالبشربطبيعتهم لا يتغيرون إلا عندما يقررون ذلك بأنفسهم، فالمديرون الناجحون لايعملون بجد لتغيير العادات أو السلوكيات غير اللائقة لموظفيهم ولكنهميستنبطون وسائلا للبناء اعتمادًا على مهارات الموظفين الفطرية.
ولا يعني التركيز على نقاط القوة الحاجة إلى إدارة الظهرإلى كافة السلوكيات السلبية للموظفين، ولكن يتعين على المدير أن يفرق بينالسمات القابلة للتغيير وتلك غير القابلة، فالأساس هنا يكمن في التركيزعلى إصلاح الأشياء غير المقبولة بالمرة لدى الموظفين وامتلاك الشجاعة منأجل البحث والعثور على نقاط القوة لدى الموظفين وتنميتها.
تنمية الذات
والمدير الناجح هو الذي لا ينتظر رئيسه ليعلمه أو يوجهه أويطوره، فهو شخص قادر على إحداث التغيير أو التطوير في نفسه، وإذا كان يريدالتوجيه أو النصح من الآخرين ممن يديرونه أو يعلونه في السلم الوظيفي فهويوضح لهم كيفية القيام بذلك ويرسم لهم كيفية إدارته، وإذا أراد مثلاًالحصول على تغذية عكسية من عملائه فعليه طلب الموضوع ومتابعته بنفسه.
الصبر من أجل التغيير
“التغيير يأخذ وقتًا” فعندما يسعى الموظفون إلى التحركفعليًّا نحو تغيير أدائهم، فمن الشائع أن تسفر تلك الجهود عن تطوير مرئيتدريجي في الإدارات، وقد أثبتت الدراسات أن إخبار الناس بأنهم لا يتغيرونبالقدر الكافي من السرعة يحدث أثرًا سلبيًّا على معدلات تغيرهم الفعلي نحوالأفضل، لذلك فالمدير الجيد صبور مع نفسه ومع غيره، فللتجارب والمحاولاتأثر لا يمكن إغفاله على الناس إلا أنه أمر يحتاج إلى الوقت، فدفع الناس منأجل التغيير لن يحدث إلا تغييرًا عكسيًّا.
الذكاء العاطفي مع الجميع
أما تطوير الذكاء العاطفي والاعتماد عليه عند التعامل معالمرؤوسين فهو عمل لا يمكن الاستغناء عنه، وليس هذا فحسب، بل إنه يعمل علىزيادة قدرة المدير على تطوير نفسه. وقد قام المؤلف دانيال جولمان صاحبأكثر الكتب بيعًا بالترويج لمصطلح الذكاء العاطفي والذي عني فيه بكيفيةتعامل الناس مع أنفسهم وتناول علاقاتهم باعتبارها “مجموعة حاسمة منالخبرات التي تميز أكثر القادة والمديرين نجاحًا” كما حدد جولمان خمسةأبعاد للذكاء العاطفي تمثلت في:
1. الوعي الذاتي والذي يعني معرفة القدر الكافي عنالمثيرات الداخلية للأفراد، والخطوط الحمراء ونقاط القوة والضعف فيالشخصية ومناقشتها بانفتاح وبراحة، ويعد الوعي الذاتي حجر الزاوية فيتطوير الذكاء العاطفي
2. التنظيم الذاتي وهو القدرة على تنظيم الردود السلوكية الخاصة للفرد تجاه المواقف والأحداث والتحكم فيها.
3. التعاطف ونقصد به القدرة على وضع النفس في مكان الآخرين لنرى الأمور كما يرونها.
4. التحفيز وهو الرغبة في الإنجاز والتطوير الذاتي.
5. المهارة الاجتماعية والتي تتمثل في الإحساس بآلياتالآخرين ومشاعرهم وكيفية التفاعل معهم، وتعد المهارة الاجتماعية هي المحطةالتي يمارس فيها القادة ذوو الذكاء العاطفي كافة القدرات السابقة.
قل الحقيقة
وتظهر الأبحاث في معظمها أن السمة الأكثر أهمية والتي يجبأن يثبتها المدير فعليًّا لدى من يقودهم هي القدرة والرغبة في قولالحقيقة، سواء كانت الحقيقة جيدة أو سيئة، سارة أو محزنة، حيث يساعدسماعها عادة الأشخاص على تحسس طريقهم في وسط الفوضى والضباب، علاوة على أنأكثر أنواع الحقيقة أهمية هي قول حقيقة الفرد عن نفسه.
القيادة لا الإدارة
وأخيرًا لم تعد الفكرة القديمة المألوفة عن الإدارة والتيترتبط بكونها مراقبة كل العمليات التي تحدث داخل نطاق العمل – تعمل علىتنمية قدرة الأفراد، فقد أصبحت تقلص من قدرتهم على إدارة ذاتهم، وتجعلمسايرة العمل المتطور أمرًا مستحيلاً، وبذلك فالمدير الناجح يمتلك وسيلةأخرى تكمن في القيادة، والتي ترتبط بالقدرة على تزويد الموظفين بما ينقصهمويحتاجون إليه.
ونضع تحت مظلة القيادة الخطة الموضوعة لتحقيق أهدافالمجموعة والالتزام بهذه الأهداف، والتفاني في العمل، والقدرة على تحديدالأولويات في المهام، ومتابعة مهام كل عضو في الفريق.
ويرى البعض أن تعلم القيادة أمر سار ومؤلم ومخيف وباعث علىالنشاط والتشجيع والإحباط في الوقت نفسه، ولكن الحقيقة الواحدة التي يجبأن يقنع بها كل قائد مدير تكمن في أهمية بذل كل الجهد من أجل ترك بصمةواضحة في العمل، فإذا اتبع كل ما سبق، فعليه أن يسعد ويبتهج فهو يسير بلاشك على خطى النجاح.
No comments:
Post a Comment