ـ الموارد البشرية من التكوين إلى التمكين -
● ـ د. منيف علي المطرفي .
وسيكون موضوع اليوم في قسمين، أول هذين القسمين هو تكوين الموارد البشرية، والقسم الآخر سيكون موسوما بعنوان : تمكين الموارد البشرية، فيجتمع قطبا هذا الموضوع ليكوِّنا العنوان سالف الذكر ( الموارد البشرية من التكوين إلى التمكين ) .
* ـ فإليك أخي القارئ القسم الأول : تكوين الموارد البشرية في المنظمات .
* ـ يُعد تكوين وبناء الموارد البشرية المتميزة الدور الرئيس للمنظمات ، ويمر هذا التكوين والبناء بسلسلة مترابطة من الأنشطة تؤثر في بعضها البعض ، ومن هذه الأنشطة :
* النشاط الأول : تخطيط الموارد البشرية .
* ـ فتخطيط الموارد البشرية يعني الأسلوب العلمي وتحليل الطلب والعرض للقوى العاملة لفترة زمنية مستقبلية والموازنة بينهما ، وذلك بناءً على تحليل الأهداف القصيرة والطويلة الأمد ، مع تقدير التغيرات المحتملة في البيئة الخارجية .
* ويمكن تلخيص أهمية تخطيط الموارد البشرية في النقاط التالية :
أ- يعد المورد البشري في المنظمات العنصر الأساسي لأداء الأعمال وتحقيق الأهداف .
ب- التنبؤ بالاحتياجات من الموارد البشرية من حيث العدد والمهارات اللازمة .
ج- التأكد من توافر العرض الدائم من المتخصصين على المدى الطويل ، للاستجابة إلى الحاجات المتزايدة للإنتاج .
د- تجنب مشكلات إدارة الموارد البشرية قبل استفحالها .
هـ- توفير البيانات اللازمة للعديد من أنشطة الموارد البشرية ؛ كالاستقطاب والاختيار والتدريب والترقية ، ورسم سياسات مناسبة لتلك الأنشطة تعتمد على تخطيط الموارد البشرية .
* أما النشاط الثاني : فهو بعنوان : الاستقطاب .
* ـ فالاستقطاب عملية تعنى بالبحث المنظم عن الموارد البشرية المؤهلة والتي تتصف بقدرات ومهارات معينة ، وتشجعهم على التقدم للعمل بالمنظمة ، بالأعداد المناسبة وفي الوقت المناسب ، لانتقاء الأفضل من بينهم ، تلبية للاحتياجات الوظيفية بالمنظمة .
* ويكتسب النشاط الاستقطابي أهميته من خلال التالي :
أ- الاستقطاب الجيد الذي يقوم على تخطيط سليم للموارد البشرية ، يؤثر تأثيرا مباشرا على المنظمة حاضرا ومستقبلا .
ب- جهود الاستقطاب تساعد على اختيار المورد البشري المناسب للوظيفة ، فتكون هذه الجهود نواة للقول الشائع ( وضع الفرد المناسب في المكان المناسب ) .
ج- الفرد الذي يتم استقطابه بعناية يحقق إنتاجية أعلى ويسهم بشكل فاعل في تحقيق أهداف المنظمة .
د- الاستقطاب السليم يؤدي إلى تخفيض نسبة الغياب ومعدل دوران الموارد البشرية .
* النشاط الثالث : اختيار الموارد البشرية .
* ـ فالاختيار عملية يتم بمقتضاها فحص طلبات المتقدمين والتأكد من مدى ملاءمة مؤهلاتهم ومعارفهم وقدراتهم ومهاراتهم للوظيفة الشاغرة ، ومدى إمكانية نجاحهم في الأعمال المطلوبة منهم .
* ويمر هذه النشاط بعدة مراحل ؛ أهمها :
1- الفحص الأولي لطلبات التوظيف والسيرة الذاتية .
2-الاختبارات .
3-المقابلات الشخصية .
* النشاط الرابع : التعيين .
* ـ يُعد التعيين الركن الأخير من أركان التوظيف الثلاثة ؛ فالتعيين هو القرار الذي يتم اتخاذه بخصوص تسكين وظيفة شاغرة بموظف تتناسب مؤهلاته وقدراته ومهاراته مع هذه الوظيفة ، ويتضمن القرار : مسمى الوظيفة ورقمها والقسم الذي تنتمي إليه ، وكذلك اسم الموظف والأجر ، وتاريخ المباشرة ، والدرجة التي تم تعيينه عليها .
* النشاط الخامس : تقويم الأداء .
* ـ ويعرف تقويم الأداء بأنه العملية التي يتم من خلالها معرفة درجة إتقان الموظف للعمل المكلف به ، وإمكانية تطويره مستقبلا .
ويتجسد هدف تقويم الأداء في أي منظمة في أنه يوفر معلومات غنية وواضحة عن أداء مواردها البشرية التي تعمل لديها بشكل دوري ومستمر ، رغبة في التحسين والتطوير المستمرين .
* ومن أهم المجالات التي يتم استخدام نتائج تقويم الأداء فيها :
* ـ تخطيط الموارد البشرية والترقية والنقل وتقييم أنشطة الاستقطاب والاختيار والتدريب ، وتحديد البرامج التدريبية الملائمة لكل موظف ، وتحديد الحوافز التشجيعية ،إضافة إلى إنهاء الخدمة .
* أما النشاط السادس ، فسيكون عن تدريب الموارد البشرية :
* ـ فالتدريب هو نشاط مُخطط ومُنظم ومُراقب ، يتم تصميمه من أجل تطوير وتحسين الأداء الوظيفي .
* ويهدف نشاط التدريب إلى أهداف كثيرة ، من أهمها :
1- إكساب الموارد البشرية معارف ومهارات واتجاهات سلوكية جديدة ومتنوعة .
2- سد الثغرات الموجودة في الأداء الحالي للموارد البشرية .
3- تنمية جوانب القوة في الأداء .
4- تكييف الموارد البشرية مع متغيرات البيئة .
5- رفع كفاءة المنظمة الإنتاجية وفاعليتها التنظيمية .
* النشاط السابع : تقييم الوظائف .
* ـ ويُقصد بتقييم الوظائف أنها عملية منظمة تهدف إلى تحديد القيمة أو الأجر العادل لكل وظيفة قياسا بباقي وظائف المنظمة .
ومن أهم الأسباب التي دعت إلى الاهتمام بنشاط تقييم الوظائف هو تحديد هيكل أجور رسمي وثابت استنادا إلى قيمة الوظيفة بالنسبة للمنظمة ، إضافة إلى مساهمة هذا النشاط في علاج المشاكل والنزاعات التي قد تنشأ حول قضايا الأجور .
* النشاط الثامن : التحفيز .
* ـ فالتحفيز هو دفع المورد البشري لاتخاذ سلوك معين أو إيقافه أو تغيير مساره .
وفي مجال العمل فإن التحفيز يتخذ صورا متنوعة حسب الحاجة إليه ، فهناك من يتم تحفيزه براتب أعلى ، وغيره من الموارد البشرية لا يهتم بالجانب المادي بقدر اهتمامه بالجوانب المعنوية ، كلقب وظيفي مرموق ، أو شهادة تقدير .. وغير ذلك من الحوافز .
* أما النشاط التاسع ، إخوتي الكرام ، فهو بعنوان ( المنافع والخدمات المقدمة للموارد البشرية ) .
* ـ وتُمثل هذه المنافع والخدمات نوعا من التعويضات غير المباشرة التي تمنحها المنظمة لمواردها البشرية ؛ إما بشكل طوعي أو بشكل تفرضه القوانين الحكومية .
* وسنورد أهم الأسباب التي تجعل المنظمات تهتم ببرامج المنافع والخدمات ؛ فيما يلي :
- أولاً : الإحساس لدى كثير من المنظمات بأن عليها القيام بما يعرف بـالرعاية الأبوية لمواردها البشرية ، تخفيفا عنهم وعونا لهم ، مما سينعكس أثره إيجابا على المنظمة على الأجل الطويل .
- ثانياً : اكتساب المنظمات قدرة تنافسية تدعمها في المحافظة على مواردها البشرية الحالية ، واستقطاب أفضل الكفاءات .
* والنشاط العاشر : هو تطوير وتخطيط المسار الوظيفي .
* ـ فالتطوير الوظيفي هو الطريق الذي يسلكه الموظف ، وتساعده فيه الإدارة للوصول إلى مراكز وظيفية أفضل خلال حياته العملية في المنظمة .
* ومن أهم الأسباب التي تدعو المنظمات للاهتمام بمسيرة التقدم الوظيفي :
- أولاً : أنّ مستوى الموارد البشرية التعليمية في تطور مستمر ، مما يعني زيادة طموحاتهم في مستقبل وظيفي أفضل .
- ثانياً : المنظمات التي تهتم بالتطوير الوظيفي لمواردها البشرية ستكون أكثر جاذبية للموارد البشرية المرتقبة وأكثر حفاظا على الموارد البشرية الحالية ، من تلك المنظمات التي لا تعير لهذا النشاط أهمية .
- ثالثاً : تخطيط وتطوير المسار الوظيفي يساعد الموارد البشرية في تنمية قدراتهم ومهاراتهم من أجل تحسين وتطوير أدائهم .
- رابعاً : تساعد برامج تخطيط وتطوير المسار الوظيفي في التعرف على الموارد البشرية المؤهلة لتولي المناصب القيادية .
* وإليك أخي القارئ النشاط الأخير من أنشطة تكوين الموارد البشرية والمعنون له : ( بإدارة الحركة الوظيفية ) .
* ـ ويشمل هذا النشاط الترقية والتنقلات والإعارة والتكليف والانتداب والاستقالات وإنهاء الخدمة ..
وسنسلط الضوء على ( الترقية ) في هذا النشاط ، والتي يتم بموجبها إسناد وظيفة شاغرة للموظف تكون ذات مستوى أعلى في السلم الوظيفي من وظيفته الحالية ، ويصاحبها عادة زيادة في الواجبات والمسؤوليات والمزايا المادية والمعنوية .
* وتحقق الترقية بشكل عام عدداً من الأغراض ، من أهمها :
- أولاً : الاستخدام الأمثل للموارد البشرية ، بوضع الفرد المناسب في المكان المناسب .
- ثانياً : إتاحة الفرصة الكافية للموارد البشرية لتحقيق طموحاتهم وآمالهم لبلوغ أعلى المراتب .
- ثالثاً : إشباع الحاجة المعنوية للموارد البشرية في الحصول على التقدير وتحقيق الذات ، وتعزيز الرضا الوظيفي .
- رابعاً : إذكاء روح المنافسة بين الموارد البشرية ودفعهم إلى المثابرة وبذل الجهد وتحسين الأداء وزيادة الإنتاجية .
- خامساً : تعميق الولاء لدى الموارد البشرية ، وتغذية روح الإخلاص لديهم ، من خلال الشعور بالتقدير الذي توفره الترقية لهم .
* ـ قرأت أخي القارئ فيما سبق إلى عرض موجز لأهم الأنشطة التي تساعد في تكوين وبناء الموارد البشرية ، وسنعرض فيما يلي القطب الآخر لموضوع اليوم والموسوم ( بتمكين الموارد البشرية ) .
* ـ ويجدر بنا أن نعرف أولا معنى التمكين ؛ فتمكين الموارد البشرية يعني تكوين صلاحيات الفرد في العمل ودفعه إلى مباشرة التصرف والإبداع والابتكار وتحمل المسؤوليات واتخاذ القرارات .
* وأهم الأسباب الداعية إلى تمكين الموارد البشرية المتميزة :
- أولاً : القدرة على التعامل مع عالم يتصف بالتقلب ، وارتفاع حالات عدم التأكد والمخاطرة .
- ثانياً : المرونة والقدرة على التخلص من الأساليب النمطية إلى أساليب غير جامدة لمواكبة ظروف البيئتين العامة والخاصة .
- ثالثاً : التحرر من أسْر الخبرات السابقة ، وحصر المورد البشري الكفء الفاعل في نطاق ضيق لا يتجاوز حدود وظيفته .
- رابعاً : استثمار الطاقات الذهنية ورأس المال الفكري وتنمية القدرات الإبداعية والابتكارية للموارد البشرية لتحسين إنتاجية المنظمة .
- خامساً : الطموح والتطلع إلى مستقبل أفضل باستمرار ، وعدم الركون إلى ما حققه الفرد من نجاحات سابقة .
- وأخيراً : اكتشاف القدرات القيادية بتحميلهم مسؤوليات ومنحهم صلاحيات ودرجة من الاستقلالية .
* ـ وسوف نسأل أنفسنا أخي القارئ سؤالا مهما ألا وهو : مَن مِن الموارد البشرية الذي يستحق التمكين ؟
* ـ فالمورد البشري الذي يستحق التمكين يجب أن يتصف بمواصفات من أهمها : الأمانة ، القوة ، الصدق ، الاستقامة ، العدل ، العلم ، الحرص على تحقيق الذات ، الحماس ، تحمل المخاطر ، الرغبة في الإنجاز ، الاقتناع بفكر الجودة ، الحرص على مصالح المنظمة ، وأخيرا أن يكون صاحب تفكير ورأي مستقل .
* ـ ويتلخص المنطق الأساسي لإدارة الموارد البشرية الجديدة في ضرورة احترام الإنسان واستثمار قدراته وطاقاته ، بتوظيفها في مجالات العمل المناسبة له، واعتباره شريكا في العمل وليس مجرد أجير ، ويتحقق ما سبق بما يلي :
- أولاً : الاهتمام بتفعيل الإنسان وقدراته الذهنية ، وإمكانياته في التفكير والإبداع والابتكار والمشاركة في حل المشكلات وتحمل المسؤوليات .
- ثانياً : تمكين الإنسان ومنحه الصلاحيات التي تخول له اتخاذ القرارات التي تسهم في إتقان الأداء وتحقيق الأهداف بفاعلية وكفاءة .
- وأخيراً : تنمية العمل الجماعي ، والعمل بروح الفريق الواحد .
No comments:
Post a Comment