Popular Posts

Saturday, May 19, 2012

أثر التعليم في تنمية الموارد البشرية في اقتصاد المعرفة

 أثر التعليم في تنمية الموارد البشرية في اقتصاد المعرفة



الاستاذة فوزيـــــة غالــــب
المدرس المساعد نـدى بـــدر جــراح
مقدمة :

  دخل اقتصاد المعلومات والتي بشرت به ثورة المعلومات مرحلة جديدة من النضج في العقد الماضي، ويشهد العالم الان تحولاً الى الاقتصاد المبني على المعرفة، وفي الوقت الذي يركز فيه اقتصاد المعلومات على معالجة البيانات والتقنيات وسرعة الاتصال ، فان الاقتصاد المبني على المعرفة يركز على قيمة القدرات الفكرية لدى الفرد، وينظر الى الانسان بوصفه منتجاً للمعرفة وهي صورة تعتبره الشركات والدول على حد سواء مصدر قوة .
  وهذا التحول في التركيز يجعل من الفرد حجر الزاوية في الاقتصاد، ويلغي عن كاهل العامل اولاً مسؤولية تزويد نفسه بالمعرفة ، وعلى كاهل الشركات ثانياً مسؤولية اعادة تنظيم رأس المال الفكري لدى الانسان، وعلى الحكومات اخيراً مسؤولية توفير البنية الاساسية المطلوبة وصياغة اساسيات التعليم والعمل والاسواق التي تعزز المعرفة بوصفها مصدراً للثروة القومية (1) .
  وبعد ، فقد ركزت معظم الدول النامية على صياغة سياسات تنموية تهدف الى تحقيق التعليم كمطلب ضروري في التصور يمكن ان يذهب بالفعل الى انه تمثيل
  العامل الأساسي من عوامل التنمية المستدامة، اذ ان التنمية المستدامة تتركز على البشـر بما في ذلك النمو الاقتصادي المطرد من خلال توفيـر التعليـم الأساسـي والمستمر والرعاية الصحية والعلاقة بين التعليم والتغيرات الديموغرافية.

   مشكلة البحث :
  حاجة العالم الى التعليم ، تمثل التحدي الرئيسي امام الدول النامية في مجال تنمية الموارد البشرية، بعد تحدي توفير الغذاء الذي يفرضه النمو السكاني، وان لارتفاع قوة العمل قد يزيد من الطلب على العمل مما يؤثر في اختلال ميزان العرض والطلب في سوق العمل ، اذ هناك الكثير من الناس يكفيهم ان يصل الى اقل اجر بهدف الابقاء ، لذا فان الاجور تنخفض مما يجعل الافراد غير قادرين على اشباع حاجاتهم الاساسية من السكن والخدمات الصحية والتعليم ، التي تشكل عوامل اساسية لعدم الاستقرار ، ويعد التعليم مكوناً لعملية صناعة المعرفة ونقلها واستخدامها.

   هدف البحث :
  ابقاء قضايا التعليم في صلب التنمية، نظراً لإخفاقات معظم التجارب التنموية في الدول النامية، ومنها الدول العربية على احداث تغييرات ايجابية في المجال الاجتماعي ، ورفع معدلات الاستثمار في التعليم وتوازن سوق العمل .

   فرضية البحث :
  الوصول الى الحدود التي تربط بين الاقتصاد والمعرفة ، التي تتفق من زاوية معينة ، من خلال تنمية الموارد البشرية في اقتصاد مبني على المعرفة ، فأنه يصعب تصور تحقيق توازن مقبول بين المستوى الاقتصادي والموارد البشرية بدون سوق التعليم وترتيب اولوياته ، والانتقال صعوداً الى مستويات المجتمعات المتقدمة ، اذ تصبح عملية التعليم في غاية الاهمية لجميع افراد المجتمع .

   1 ـ التعليم وتنمية الموارد البشرية :
  ( يلعب التعليم دوراً اساسياً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لدول العالم المختلفة ، اذ يمثل الاساس الذي ينبني عليه كل ما تصبو الى تحقيقه ، سواء من الناحية الاقتصادية او الاجتماعية او السياسية ، انه مفتاح الارتقاء بجودة السلع والخدمات التي تنتجها وتحسين الانتاجية التي نحن في حاجة ماسة اليها ، انه السبيل الى رفع مستويات التوظيف وبناء قوى عمل ذات نوعية مرتفعة ، كما انه السبيل نحو مستويات معيشية ارفع لكافة الافراد ) (2) .
  ان الموارد البشرية هي عامل انتاج يحتاج الى استثمار مسبق شكله الأساسي التعليم ، وان نوعية العمل دالة في العديد من العوامل، منها التعليم والتكوين ( كماً ونوعاً ) اللذان يتلقاهما الفرد قبل دخوله الى سوق العمل او خلال حياته المهنية ، وهذا يسوغ حساب مخزون التعليم المتجسد في السكان او بشكل ادق في قوة العمل ، وان الإحصاء المادي (الخام) المعتاد لإعداد القوى العاملة لم يعد كافياً .
  وقد لاحظ شولتز (1961) ان اجراء إحصاء لكل الإفراد الذين يقدرون على العمل ويرغبون فيه وتقدير ان العدد الذي سنتوصل اليه يمثل مقياساً لعامل اقتصادي ليس له معنى أكثر من إحصاء كل أنواع الآلات من اجل تحديد اهميتها الاقتصادية سواء على شكل مخزون راس المال او على شكل تدفقات الخدمات الإنتاجية التي تقدمها ، كما ان ماركس ايضا ، عند تمييزه بين العمل البسيط والعمل المركب ، اعتبر ان التعليم يمكن ان يكون مولداً للتنمية باعتبار ان تقليص الانفاق على تعليم العمال ينقص قيمة عملهم .
  اذن يمكن للمرء ان يقبل انه اذا كان من الممكن في وقت بعيد اعتبار العمل غير المتطور تقنياً متجانساً ( وهذا يسهل تجميع حجوم ذلك العمل) فان هذا قد اصبح صعبا ، اكثر فأكثر ، في انماط العمل المعاصرة ، اذ المؤهلات والكفاءات اعلى تخصصاً واصعب قياساً ، وبذلك فان البحث عن وحدة قياس مثالية يمكنها ان تقيس هذا الجزء من راس المال قاد الى ان تكون هذه الوحدة هي التعليم (3) .
  وان تطور الانفاق على التعليم يمثل مؤشراً على الاهمية التي توليها الدول لتشكيل راس المال البشري ، اذ انفقت معظم الدول والحكومات بسخاء على تمويل التعليم وبخاصة في التعليم العالي ، والجدول ادناه يظهر نسب الانفاق على التعليم في مختلف دول العالم كنسبة من الناتج القومي الاجمالي :
جدول (1)
   تطور الانفاق على التعليم في اقاليم العالم 1985 ـ 1995
الاقاليم
نسبة الانفاق على التعليم الى GNP
الانفاق العمومي على التعليم للسكان الواحد بالدولار
1985
1995
1985
1995
الدول العربية
5 , 8
5 , 0
4 , 0
4 , 8
الدول المتقدمة
5 , 2
5 , 1
3 , 9
4 , 9
الدول النامية
122
520
28
124
العالم
110
1211
48
252


  ( اذ يظهر من الجدول (1) ثمة سياق غير محسوم يبين ان الطلب على التعليم متزايد ( بالكم وبطول التعليم ) ، ناهيك عن محاولات تحسين النوعية ( وموارد محدودة مخصصة لهذا القطاع في اطار التزامات الدولة الاخرى ، وعلى وجه الخصوص الانفاق على الدفاع ، وهكذا نجد ان نسبة الانفـاق على التعليـم الى الناتـج القومي الاجمالي هي في الحدود العالمية وان تراجعت بين عامي 1985 و 1995 .
  ولكن الذي يثير الانتباه والاسف هو تراجع الانفاق العمومي على التعليم الساكن الواحد فقد كان هذا الرقم (122) دولاراً امريكياً عام 1985 وتراجع الى (110) دولارات عام 1995 في الدول العربية مقابل (520) و (1211) دولاراً للعاميين على التوالي في الدول المتقدمة ، الامر الذي يشير دون شك الى مشكلة نوعية لا يمكن تجنبها ) (4).
  ويمكن توضيح مفهوم استخدام الاوزان القياسية لتكوين مؤشر تعيين تقيس التحصيل التعليمي لعام 1997 كسنوات مقارنة للدول العربية ودول العالم مجتمعة الى سنة الاساس 1990 .
  ان بعض النسب القياسية للدول العربية قد فاقت الارقام المتحققة في الدول المتقدمة كالولايات المتحدة ، اذ حققت الدول مثل الكويت ، الامارات ، ليبيا ، السعودية ، لبنان ، عمان ، تونس ، الاردن ، الجزائر ، المغرب ، السودان ، جيبوتي ، موريتانيا ، الفروق التالية مقارنة بالولايات المتحدة وعلى التوالي ( 29.9% ، 9.98% ، 21.3% ، 18.2 ، 25% ، 33.6% ، 6% ، 0.6% ، 30% ، 22.5% ، 10.26% ، 6.6% )، التي يوضحها الجدول رقم (2) اذ حققت عمان اعلى نسبة من الفروق والبالغة 33.6%، والسودان محققة الفرق 30% ، ولبنان 25% ... وغيرها ، اما الفرق المطلق لمؤشر التحصيل التعليمي للدول العربية مجتمعة مقارنة بالمؤشر في الولايات المتحدة فقد بلغ 6.6% ، على الرغم من ان تلك النسب قد لا تعكس المستوى التعليمي بشكل دقيق لغرض المقارنة لاختلاف عوامل عديدة منها الزمن .
  والنمو السريع في السكان واسقاطاته على المناطق التي تفتقر الى التعليم حاليا ، والتوزيع الحضري والاقليمي للسكان ، وسنوات الدراسة لكل مرحلة من مراحل الدراسة والاختصاصات وتكاليف الدراسة والقيمة السوقية لراس المال البشري .
  وان قياس متوسط السنوات الدراسية على الرغم من فائدته وسهولة حساباته النسبية فأنه لا يشمل المهارات والخبرات التي يحصل عليها الفرد خارج المدرسة (التعليم غير النظامي) وحتى انه لم يشمل قياساً للمهارات التي يحصل عليها الفرد في المدرسة ، اذ يقيس عدد السنوات الدراسية المكملة التي يمتلكها الفرد بغض النظر عن محتواها ونوعيتها ومدى قدم الحصول عليها (اهتلاك راس المال البشري) وان جانباً من عرض العمل المتعلم يعتمد على مفهوم الاستثمار الخاص في التعليم والاسس النظرية عديدة منها :
  1 ـ نظرية الاستثمار : التعليم يرفع الانتاجية.
  2 ـ نظرية الانتاجية الحديثة : اذ يعظم رب العمل ربحه في تحديد الطلب على العمل.


الدول

1997
مؤشر التحصيل
التعليمي 97
مؤشر 97 / مؤشر
90 × 100

Lit
Er1Er2Er3Enc1Enc2Enc3
البحرين
2 , 86
106
94
20
20
18
12
39 , 80
07 , 98
الكويت
4 , 80
77
65
19
13
11
17
82 , 82
67 , 130
الامارات
8 , 74
89
80
12
16
12
10
03 ,83
77 , 110
قطر
80
86
80
27
9
10
13
90 , 115
40 , 90
ليبيا
5 , 76
111
98
17
12
12
14
17 , 110
11 , 122

السعودية
4 , 73
76
61
16
13
13
17
68 , 74
01 , 119
لبنان
4 , 84
111
81
27
18
7
8
38 , 119
79 , 125
عمان
1 , 67
76
87
8
26
17
12
60 , 57
37 , 134
تونس
67
118
64
14
24
23
18
12 , 59
81 , 106

الاردن
2 , 87
87
57
13
25
17
21
98 , 57
41 , 99
الجزائر
3 , 60
107
63
12
27
17
17
80 , 55
38 , 101

سوريا
6 , 71
101
42
16
23
15
35
01 , 56
42 , 96
مصر
7 , 52
101
78
20
24
19
16
39 , 59
96 , 103

المغرب
9 , 45
86
39
11
28
17
22
37 , 40
11 , 102
العراق
58
85
42
12
20
19
19
11 , 50
72 , 92
جزر القمر
4 , 55
75
21
6 ,0
52
36
25
37 , 24
07 , 74

السودان
3 , 53
51
21
12
29
26
29
29 , 28
02 , 131
اليمن
5 , 42
70
34
4
30
21
29
96 , 30
20 , 95

جيبوتي
3 , 48
39
14
0, 3
34
28
23
57 , 20
25 , 123
موريتانيا
4 , 38
79
18
4
50
25
31
59 , 21
05 , 111
المجموع
0 , 6147, 871, 5421, 14
22
17
18
24 , 54
37 , 107

الولايات المتحدة
99
102
97
81
16
15
16
08 , 110
79 , 100
فلندا
99
99
118
74
18
15
16
25 , 109
27 , 98

فلسطين
4 , 65
98
88
41
16
6
9
87 , 136
81 , 106
كوريا
2 , 97
94
102
68
31
24
22
95 , 76
56 , 112

شيلي
2 , 95
101
75
30
30
13
13
22 , 77
07 , 99
ماليزيا
7 , 85
101
64
12
19
19
14
83 , 68
59 , 107
موريشيوس
83
106
64
6
20
20
13
58 , 65
18 , 98

تركيا
2 , 83
107
58
21
28
22
29
28 , 56
00 , 109
سريلانكا
7 , 90
113
75
5
28
22
24
30 , 60
30 , 96

جنوب افريقيا
84
133
95
19
36
26
23
57 , 60
16 , 103
الاجمالي
5 , 96
4
6 , 106
2
1 , 87
2
4 , 54
6
21
17
17
26 , 88
92 , 103

(5) المصدر : المعهد العربي للتخطيط ، مختصر من بيانات الكتاب الاحصائي            السنوي لليونسكو 1997 ، UNESCO P ، 2 ـ 29

  3 ـ نظرية عرض العمل : يعظم العامل كسبه من استثماره في راس المال البشري وخيار العمل او ساعات الفراغ .
  وان استخدام مستوى التعليم كمؤشر على تقدير العائد من الاستثمار في رأس المال البشري ، وتخصيص الموارد على مستوى الاقتصاد ولمختلف المستويات التعليمية والذي يؤثر بدوره في العرض والطلب في سوق العمل .
  رغم كل ما حظي به قطاع التربية والتعليم في القطر من اهتمام متزايد خاصة في العقود الاخيرة ، ذلك الاهتمام الذي شمل مختلف جوانب العملية التعليمية ، بالرغم من التطور الكمي والنوعي الذي شهده التعليم بمختلف برامجه ووسائله ومستلزماته ومراحله ، فانه ما زال يعاني من مشكلات غير قليلة تجعل منه غير قادر ـ كما ينبغي ـ لمتطلبات الحياة الجديدة في ضوء التحديات الراهنة والمستقبلية التي تواجهها المؤسسات التربوية والتعليمية المتمثلة بالثورة الاليكترونية والتطورات التكنولوجية المذهلة التي تجعل الحياة بكل مفاصلها وميادينها تشهد تغيرات شاملة وسريعة جداً تفرض على قطاع التعليم ان يستجيب لها وبخلاف وذلك فان هذا القطاع سيصبح متخلفاً عن مواكبة تلك التطورات الامر الذي يترتب عليه اتساع الهوة التي تفصل بين بلادنا كواحد من البلدان النامية وبين بلدان العالم المتقدمة .
  ومن اهم ما ينبغي الاهتمام به لمواجهة التحدي الجديد ، المناهج الدراسية ( فضلاً عن مكونات العملية التعليمية الاخرى وادواتها ونظمها ) .
  فالمناهج يجب ان تستجيب للمتغيرات الجديدة والحادة ويجب ان تكون خاضعة للمراجعة والتقويم اخذه بنظر الاعتبار كل ما يستجد من تطورات علمية وتكنولوجية واجتماعية واقتصادية وتقنية ، حتى يتسنى لها اعداد الفرد اعداداً يمكنه ان يكون مواطناً صالحاً وعضواً نافعاً ومتعاوناًً مع افراد مجتمعة ويكون مزوداً بثقافة تساعده على تطوير مجتمعه والمساهمة في بنائه .
  ان بلوغ مثل هذه الغاية يحتاج الى جهود استثنائية ، والجهود الاستثنائية في عصرنا هي الجهود العلمية المنظمة الموجهة نحو البناء العقلاني لمجتمع عصري اذ عن طريق اصطناع اساليب وتقنيات جديدة بحيث تقود الى تغيير جذري في بنية التربية وطرائقها لكي تستطيع ان تعد الانسان للمرحلة القادمة التي تسمى مرحلة ( علم المستقبل ) او مرحلة التنبؤات بالمستقبل والسيطرة على اتجاهاته او مرحلة ( ما قبل الانتاج ) وهي مرحلة تعتمد البحث العلمي والتحضير التكنولوجي والتنظيم العقلاني ، ومن ثم فهذا يعني ان المهمة الاساسية للتربية هي ان تعد الاطر العلمية والفنية والادارية اللازمة ، وهذا يتطلب ان تكون التربية مستجيبة للمرحلة الراهنة التي هي مرحلة الثورة الصناعية الثانية في القرن الجديد أي مرحلة الثورة النووية التي شهدها منتصف القرن السابق ، وواضح ان الثورة الجديدة تشير بوضوح الى قدرتها على تجاوز المرحلة السابقة لها بحيث تشير الدراسات الى انه سيكون من نتائج الثورة الراهنة تغيير كبير في طبيعة الوظائف الحالية في سوق العمل ، بحيث تنتفي الحاجة الى ما يقارب نصف الوظائف الحالية ، وتبرز الحاجة الى وظائف جديدة ، الامر الذي يفرض على التربية ان تكون قادرة على اعداد الافراد وتهيئتهم لسد متطلبات الوظائف الجديدة .
  ان الثورة العلمية والتقنية الراهنة سوف تؤدي الى التقليل من دور العمال غير المؤهلين ومن دورالعمال المؤهلين ايضاً والى تزايد دور كبار الخبراء والفنيين والعلماء الذين يلعبون يوماً بعد يوم الدور الاول في الانتاج وهذا يعني ان المهمات الجديدة ستكون مهمات البحث والتجديد وابتكار وسائل تكنولوجية جديدة واساليب ادارية وتنظيمية جديدة مما يستلزم ان يؤكد التعليم على الاعداد العلمي والتقني للحياة الحديثة ويركز على تقديم الاساسيات اللازمة لاعداد الباحثين والعلماء وكبار الفنيين الذي تحتاج اليهم التنمية في هذا العصر ، عصر اللامتناهيات الثلاث في الكبر والصغر والتركيب ، تتمثل الاولى في عوالم الفضاء اللانهائية ، والاخرى في السيطرة على الذرة والطاقة الذرية وتفتيت المادة والتحكم ، والاخيرة عصر السيطرة الراسمالية عليها (6) .

   2 ـ المتغيرات الاقتصادية Economic Variables
  تبدو المؤشرات الاقتصادية فما يتعلق بنسبة الدخل الى رأس المال والمكافئ لنسبة الدخل والعمل مؤشرات مقبولة في تفسير عملية النمو طويل الامد ، كتجربة سياسة مرئية ، في تراكم راس المال ، وارتفاع معدلات الناتج محلي الاجمالي الذي يعد قيد اقتصادي رئيسي على تراكم راس المال ، وعلى توزيع مخرجات القطاع الصناعي ، خاصة عند مستويات منخفضة من استهلاك القطاع الزراعي وبالرغم من هبوط معدلات حجم الاسرة ، ان العذر الاقتصادي يمكن توضيحه في جانبين هما :
  اولاً: التغيير في نماذج الاستهلاك بتأثير الزيادة او النقص في الدخل بمعدل اكبر او اقل خارج التأثير الحقيقي في انخفاض حجم الاسرة .
  ثانياً : مخرجات القطاع الزراعي والصادرات الزراعية تصبح في مستويات جيدة ، عند انخفاض حجم قوة العمل في القطاع الحضري بناءاً على مقومات تلك السياسة .
  وطالما ، يحدث أي تغيير في زيادة الدخل بالنسبة الى راس مال يحدث زيادات حقيقية في الناتج المحلي الاجمالي ، بسبب عدد الافراد وعند تقسيم المخرجات الكلية الى حصص اقل .
  ولا شـك ان للصادرات المحلية دور كبيـر في نقل التكنولوجيـا من خلال استيراد السلع الراسمالية ، وتوفر حافزاً لتأهيل عمال كفوئيين قادرين على المنافسة في السوق العالمية .
  (2 ـ 1) متغيرات سوق العمل Labour Market Variable
  يتأثر حجم القوة العاملة بالعوامل الديموغرافية بشكل اساسي كالخصوبة وبمعدلات البطالة في الحضر ، وسوق العمل يتأثر من خلال معرفة تأثير المتغيرات الاقتصادية ، ومتغيرات توزيع الدخل وهناك مقومات اضافية اخرى في سوق العمل فمثلاً تأثير ارتفاع اعداد الذكور والذي قد لا يؤثر بصورة مباشرة او ليست ذي تأثير مباشر ، فضلاً عن قبول مشاركة الاناث في قوة العمل ، وكذلك معدلات البطالة في الريف والتي قد تنخفض بشكل بسيط في فئات العمر 30 ـ 15 سنة .
  ( وتفترض بعض التحليلات الاقتصادية ان القوى العاملة تنمو بمعدل ثابت لا يتأثر بالمتغيرات الاقتصادية ، ويمكن لزيادة في المدخرات ان تحول توسعاً في رصيد رأس المال ، مما يؤدي الى زيادة لمرة واحدة في الناتج غير ان ثبات معدل نمو عرض الطلب يؤدي في الامد الطويل الى اختناق يحول دون المزيد من نمو الناتج .
  وقد اكدت الدراسات النظرية الحديثة التي تستخدم لتحليل النمو الجديد ، الدور القوي لتراكم رأس المال البشري ، اذ يعد معدل نمو الناتج نتيجة للزيادات في مدخلات العوامل والتحسينات في كفاءتها او انتاجيتها ، وتتوقف هذه التحسينات الى حد كبير على مصروفات المجتمع على الصحة ومختلف اشكال التعليم لبناء رأس المال البشري ، ومن ثم فطالما يخصص المجتمع نسبة كبيرة من موارده لتحسين انتاجية قواه العاملة نمو الناتج بالنسبة للفرد سيزيد مع زيادة انتاجية العمل ) (7) .
  وحالياً يصنف رأس المال البشري ، بأنه اضافة الكفاءة وادارة المعرفة ، من خلال تنفيذ الهياكل والعمليات ونظم المعلومات ، وتنمية مهارات البحث العلمي ، وتنمية الموارد البشرية المؤهلة وتحديث التعليم لمجتمع الاقتصاد المعرفي.

3 ـ الاقتصاد المعرفي
  (3 - 1) تعريفه : يعرف الاقتصاد المعرفي الذي نسعى نحوه بأنه : الاقتصاد الذي يدور حول الحصول على المعرفة او المشاركة فيها ، واستخدامها ، وتوظيفها ، وابتكارها ، بهدف تحسين نوعية الحياة بمجالاتها كافة ، من خلال الافادة من خدمة معلوماتية ثرية ، وتطبيقات تكنولوجية متطورة ، واستخدام العقل البشري كرأس للمال ، وتوظيف البحث العلمي ، لاحداث مجموعة من التغيرات الاستراتيجية في طبيعة المحيط الاقتصادي
  وتنظيمه ليصبح اكثر استجابة وانسجاما ( مع تحديات العولمة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وعالمية المعرفة ، والتنمية المستدامة بمفهومها الشمولي التكاملي (8) .
  ( 3 ـ 2 ) عناصر الاقتصاد المعرفي : من اهم عناصر ومقومات مجتمع الاقتصاد المعرفي هي :
  (1) بنية تحتية مجتمعية داعمة.
  (2) الربط الواسع ذو الحزمة العريضة .
  (3) الوصول الى الانترنت.
  (4) مجتمع متعلم .
  (5) عمال وصناع معرفة لديهم معرفة ، قدرة على التساؤل والربط .
  (6) منظومة بحث وتطوير فاعلة .
  ان الاحصائيات تؤكد نمو قطاع المعلومات على المستوى العالمي ، والتحول من اقتصاد صناعات الى اقتصاد المعلومات والتحول من انتاج البضائع الى انتاج المعلومات ، ففي حين كانت الارض، والعمالة ، ورأس المال هي الثلاثية الاساسية للانتاج في الاقتصاد القديم، اصبحت المهمة في الاقتصاد الجديد هي المعرفة الفنية والابداع والمعلومات .
  وصار الذكاء المتجسد في برامج الكمبيوتر والتكنولوجيا عبر نطاق واسع من المنتجات اهمية تفوق رأس المال والمواد او العمالة ، وتقدر الامم المتحدة اقتصاد المعرفة تستأثر الان (7%) من الناتج المحلي الاجمالي العالمي وتنمو بمعدل (15%) سنوياً ، وقد اصبح انتاج المعلومات وجمعها وتجهيزها وتجميعها نشاطاً اقتصادياً كبيراً للعديد من دول العالم ، ففي الولايات المتحدة ودول اخرى تجد ان المعلومات سلعة استهلاكية كبيرة ومن المدخلات في انتاج كافة المنتجات والخدمات .
  وضمن هذا الاطار ذكر (كيت بيكر) في مؤتمر ( نحو مجتمع معلومات ) الذي عقد في هونك كونك عام 1983 ان دخل انتاج صناعة المعلومات وصل الى اكثر من (75) بليون جنيه استرليني في العالم 1982 ، هذا الدخل يزداد بنسبة 12% سنوياً ، وبهذا المعدل في الزيادة السنوية ، فان صناعة المعلومات ستكون المورد الاساس للاقتصاد العالمي خلال الخمس والعشرين سنة القادمة ، كذلك اشارت الدراسات الحديثة للاقتصاديات المتقدمة ان قطاع المعلومات هو المصدر الرئيسي للدخل القومي للعمالة ، اذ قدر في الولايات المتحدة ان قطاع المعلومات ينتج حوالي نصف الدخل القومي ... وتظهر اقتصاديات الدول الاوربية المتقدمة ان حوالي (40%) من دخلها القومي انبثق من انشطة المعلومات .
  ان هذا التحول الى العمل في حقل المعلومات يستتبعه فكرة العمل عن بعد ( الى الاتصال الكترونياً بمكتب رئيسي ) وهو ما يؤدي الى ظهور طبقة او فئة مهنية جديدة لها وزنها هي فئة ( العاملون في المعلومات ) workers information وفي عام 1990 قدم برنامج ) الامم المتحدة ( للتنمية من جانبه تقريرا ) عن التنمية البشرية بمبدأ
  ( التنمية البشرية الذي اصبح البديل الاساس لرؤية التنمية التي تتعامل مع النمو الاقتصادي ) .
  وهناك جهود لهذا التغيير ، تتمثل في استئصال الفقر قد اصبح نشاطاً متعدد الابعاد ، فالفقر لم يعد اكثر من مجرد نقص او افتقار الرفاهية المادية فهو ايضاً بالصحة المعتلة ، وضعف التعليم والحرمان من المعرفة والاتصال والعجز من ممارسة الحقوق الانسانية واحترام الذات .
  وبناءً على ما تقدم فان اقتصاد المعرفة في الاساس يقصد به ان تكون المعرفة المورد الرئيسي للنمو الاقتصادي ، وعمادها التعليم ، واقتصادات المعرفة تعتمد على توافر تكنولوجيات والاتصال واستخدام الابتكار والرقمنة ، على عكس الاقتصاد المبني على ان تلعب المعرفة دورا ) اقل ، واذ يكون النمو مدفوعاً بعوامل الانتاج التقليدية ، فأن العمالة المؤهلة وذات المهارات العالية ، او رأس المال البشري ، هي اكثر الاصول قيمة للنمو الجديد.

4 ـ اقتصاد المعرفة والتقنيات الحديثة
  يتجه العالم نحو اقتصاد المعرفة الذي تزداد فيه نسبة القيمة المضافة المعرفية بشكل كبير ، والذي أصبحت فيه السلع المعرفية أو سلع المعلومات من السلع الهامة جداً ، وتساعد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في نمو اقتصاد المعرفة ، وتأخذ مسألة التعريب بعداً أكبر من السابق إذ أصبحت مرتبطة بالاقتصاد والتنمية أكثر من أي وقت مضى ، والتعريب في تكنولوجيا المعلومات يقدم فرصاً اقتصادية هامة للوطن العربي ، كما أن الإخفاق فيه محفوف بالمخاطر الأمنية والثقافية والاقتصادية ، إن الإجراءات اللازمة لنجاح عملية التعريب في تكنولوجيا المعلومات في متناول اليد وقابلة للتنفيذ (9) .
  ان المعرفة الامريكية تعتمد على تكنولوجيا المعلومات ، والتي تنمو بالتشبيك الفائق والانظمة الخبيرة بقواعدها القائمة على النماذج التي تعطي الحلول الجاهزة والمحددة مسبقا بشكلها القياسي وتزيد من الاعتماد عليها في البناء المستقبلي (10) .
  (4 ـ 1) مجتمع المعلومات :
  إن المعلومات مورد أساس في أي نشاط بشري ، والمعلومات عنصر مهم في علاقة الإنسـان مجتمعه وعلاقة المجتمعات بعضها ببعض من النواحي السياسية والثقافية والاقتصادية ، علماً أن هناك ثلاث خصائص رئيسة أساسية تتحكَم في مجتمع المعلومات (11) :
  (1) الخاصية الأولى : استخدام المعلومات كمورد اقتصادي حيث تعمل المؤسسات والشركات على استغلال المعلومات والانتفاع بها في زيادة كفاءتها وهناك اتجاه متزايد نحو شركات المعلومات لتعمل على تحسين الاقتصاد الكلي للدولة .
  (2) الخاصية الثانية : هي الاستخدام المتناهي للمعلومات بين الجمهور العام ، يستخدم الناس المعلومات بشكل مكثّف في أنشطتهم كمستهلكين وهم يستخدمون المعلومات أيضًا
  كمواطنين لممارسة حقوقهم ومسؤولياتهم ، فضلاً عن إنشاء نظم المعلومات التي توسع من إتاحة التعليم والثقافة لأفراد المجتمع كافة وبهذا فإن المعلومات عنصر لا غنى عنه في الحياة اليومية لأي فرد .
  (3) الخاصية الثالثة : هي ظهور قطاع المعلومات ، كقطاع مهم من قطاعات الاقتصاد ، علماء الاقتصاد والمعلومات يُضيفون قطاع المعلومات ، حيث أصبح إنتاج المعلومات ، وتجهيزها وتوزيعها ( معالجتها ) نشاطاً اقتصادياً رئيسياً في العديد من الدول.
  ومجتمع المعلومات يعتمد في تطوره بصفة رئيسة على المعلومات والحاسبات الآلية وشبكات الاتصال ، أي أنه يعتمد على التكنولوجيا الفكرية تلك التي تضم سلعاً وخدمات جديدة مع التزايد المستمر للقوة العاملة المعلوماتية التي تقوم بإنتاج وتجهيز ومعالجة ونشر وتوزيع وتسويق هذه السلع والخدمات .
  (4 ـ 2) الذكاء الاصطناعي :
  قد أدى التقدم التكنولوجي المتسارع إلى انبثاق أساليب جديدة ومتطورة عن المعلومات التقليدية تسعى إلى محاكاة القدرة البشرية وخاصة الرؤية والسمع والكلام وتوليد المعاني وفهم اللغة وترجمتها ، ويدخل هذا المجال ضمن مهام الذكاء الاصطناعي التي تصبو إلى تحقيق استراتيجية أساسية هي فهم ملكة الذكاء لدى الإنسان ، ليتمكن الحاسوب من ( استيعاب ) المعرفة والمعلومات الإنسانية .
  ومع أن العلماء وفقوا في بناء برامج ناجحة ( كالأنظمة الخبيرة التي تحاكي الخبرة الإنسانية مثلا) فإن اعتقادهم زاد رسوخا وتشبثا بالبحث في جوهر الذكاء الإنساني وماهية وظيفته ، ويعتبر الذكاء الاصطناعي هذا فرعا من المعلوماتية يقوم بإعادة إنتاج بعض مظاهر الذكاء الإنساني من إدراك للعلامات اللغوية وغير اللغوية وفهمها واستيعابها وتخزينها ثم إنتاجها واستخدامها في ظروف جديدة ، إن تعريف الذكاء الاصطناعي يتلخص في إعادة إنتاج السلوكيات الذكية على الحاسوب ، بالتمييز بين صنفين كبيرين لهذه السلوكيات (12) :
  إعادة إنتاج الأنشطة الحسية ( الإبصار والسمع والكلام … ).
  إعادة إنتاج الاستدلالات والأنشطة الدماغية العليا (كالحساب الصوري وبرهنة الخاصيات والبرامج والخبرة … واللعب ! … إلى غير ذلك ) .
  كما يمكن أن نضيف صنفا ثالثا يتمثل في الأدوات والمناهج والمفاهيم المعلوماتية ( من آلات ولغات وقواعد بيانات ( ذكية ) ).
  (4 ـ 3) الانظمة الخبيرة :
  يأتي ضمن سلسلة الإبداعات التقنية لدعم صناع القرار توظيف علم الذكاء الاصطناعي لتوليد المعرفة من خلال عمله على إكساب الخبرة للحواسيب والقدرة على التعلم ذاتيا ويعني ذلك فيما يعنيه توليد المعارف والمعلومات الجديدة وتعليبها عن طريق الواقع الافتراضي وحفظها جاهزة حسب الطلب لدعم ومساندة اتخاذ القرار ومواجهة الإشكاليات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية ، والتي تبنى في الأساس على تقنية خزن المعرفة والخبرات الإنسانية المتراكمة في حقل علمي او تطبيقي محدد ويتم تمثيل المعرفة عن طريق مهندس المعرفة ( Knowledge Engineer ) الذي يقوم بنمذجة المعرفة المكتسبة من خبراء المجال وكتابتها ببرنامج حاسوبي يستطيع من خلالها الحاسوب تنفيذها وتلبية حاجات المستفيد غير الخبير لاحقا ، كما تعتبر الأنظمة الخبيرة من بين أهم الأدوات المستخدمة في اكتساب وتمثيل وخزن المعرفة ، والتي تتكون من قاعدة المعرفة (base ـ Knowledge) والذاكرة العاملة ( Working Memory ) وآلة الاستدلال ( Engine Interface ) ومهندس المعرفة ( Engineer Knowledge ) وخبير المجال ( Domain Expert ) والمستفيد النهائي ( End User ) وتعالج الأنظمة الخبيرة عدة أنواع من المعرفة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر المعرفة الإجرائية( Knowledge Procedural ) والمعرفة الإعلانية ( declarative Knowledge ) والمعرفة حول أنواع أخرى من المعرفة وكيفية استخدامها (Meta Knowledge)(13) .
  (4 ـ 4) الشبكات العصبية : كما تعد الشبكات العصبية من التطبيقات المهمة لحقل الذكاء الصناعي المعتمد على أسلوب المعالجة المتوازية ومحاكاة عمل الدماغ وتحديد عمل الخلايا من حيث بنيتها ومعالجتها ويتميز بالقدرة على النمذجة الإحصائية واكتشاف العلاقات النمطية كذلك تتميز بقدرتها على التعلم من خلال خلق قواعدها الخاصة (14) .
  (4 ـ 5) الاقتصاد الجديد : تلعب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات دوراً أساسيا في التوجه نحو ما يسمى بالاقتصاد الجديد أو بالاقتصاد المبني على المعرفة ويصفه البعض ( باقتصاد الشبكات ) ، يقوم هذا الاقتصاد فيما يقوم على تفعيل دور المعرفة ( ومنها المعلومات الصناعية ) وتبادلها عبر الشبكات ، وقد استثمرت الحكومات والشركات استثمارات كبيرة في حيازة هذه التكنولوجيا ، خاصة مع انخفاض أسعار التجهيزات والبرمجيات ، ومع زيادة قدرات الحواسيب في المعالجة وفي سعاتها التخزينية وفي الشبكات الحاسوبية المتنامية (15) ، لم يكن احد يتصور قبل عشرين سنة ان يصل التطور الهائل في ثلاثة قطاعات : تكنولوجيا الحاسب ، تقنية الاتصالات ، البرمجة الى ما هو عليه الان، لقد اصبحت المعلومات تنشر على نطاق كبير وبسرعة هائلة لمعرفة واتخاذ القرارات في جميع المجالات ... وتعتبر تقنيات المعلومات والاتصالات أدوات حيوية لبناء المجتمع المعرفي في وقت الذي يجري فيه بناء واستمرارية التنمية البشرية .
  تسمح التقنية للأفراد بالجمع بين أنواع المعرفة عبر حصد البيانات من مواقع أخرى ، وإضافة قيمة لها عبر ترتيب الأولويات ، الترجمة ، والتحديث ، ورغم ذلك ، يجب عدم فهم تقنية المعلومات والاتصالات على أنها أدوات إحلال، بل على النقيض من ذلك ، إذ انها تستخدم كوسائل لتحسين التفاعلات والتنوع والقيمة المضافة .
  وان الاقتصاد الجديد يتمثل في (16) :
  *الاقتصاد المبني على المعرفة ( الاقتصاد المعرفي )
  *الاقتصاد الرقمي ( تكنولوجيا المعلومات والاتصالات )
  *إقتصاد الإنترنت
  *مجتمع المعلومات (مجتمع المعرفة)
أن هناك طلباً عالمياً على اليد العاملة المختصة في مجال التعامل مع المعرفة ومع المعلومات وزيادة في أجور هذه اليد ، كما أننا نشهد تطوراً سريعاً في المعرفة مما يستدعي زيادة الطلب على اليد العاملة الخبيرة في التكنولوجيا ، وأخيراً فان هيكلية الشركات والمصانع تتغير نحو الأتمتة والمعلوماتية .
  كما أن تغير الآلات المستعملة لديها وتطورها السريع لتأمين إمكانيات المنافسة يتطلب يد عاملة قادرة على التعلم باستمرار ويزيد في معدلات البطالة لدى فئة اليد العاملة اليدوية.
  فوضع المعاجم على شبكة الانترنت مثلاً سيساعد في نشر وتوحيد المصطلح ، كما أن توفر النشر الإلكتروني باستعمال الأقراص المدمجة CD ـ ROM سيجعل تكلفة انتشار المصطلح أقل مما هي عليه الآن وأن توحيد السوق العربية للكتاب وتسهيل انتقاله في الوطن العربي سيقلل من تكلفة النشر ويساعد في توحيد المصطلح إن لكل تكنولوجيا مادتها الخام التي تتعامل معها وأداتها الأساسية التي تعالج بها ـ ثم تحويل تلك المادة الخام إلى منتجات ثم توصيلها إلى المستفيد من خلال وسائل التوزيع المختلفة والتي لابد وأن تتلاءم وطبيعة هذه المنتجات وطرق استخدامها.
  إذا ما طبقنا هذا الإطار العام على ( تكنولوجيا المعلومات ) نبين التالي المادة الخام: البيانات، المعلومات، المعرفة ، الأداة : الكمبيوتر والبرمجيات (تحويل المادة الخام إلى سلع وخدمات معلوماتية).
  التوزيع : من خلال التفاعل الفوري بين الإنسان والآلة وأساليب البث المباشر وغير المباشر ، شبكات البيانات (إيصال كمبيوتر بآخر أو عبر الطرفيات) .

5 ـ الاستنتاجات والتوصيات :
  (1 ـ 5) الاستنتاجات :
  1 ـ ان النظام التعليمي بصورته المنهجية التقليدية قد لا يخدم الاقتصاديات الاساسية دون عامل (المعرفة) الحديثة وقدرتها على توليد سلع وخدمات توزع عبر الشبكة الالكترونية .
  2 ـ هناك علاقة بين التنمية وبين توليد المعلومات في عصر المعلومات والاتصالات ، اذ أصبح الاستثمار في مجال المعلومات وشبكة الانترنت احد عوامل الانتاج التي ترفع الانتاجية كما تزيد من فرص العمل.
  3 ـ قد اصبح رأس المال الفكري المورد الاساس في ظل الاستراتيجية المبنية على المعرفة ، وخلق علاقة متكاملة بين العملاء والسوق وتنظيم وادارة العمل .
  4 ـ ان وسائل التمازج بين انظمة بحوث العمليات المحوسبة ـ المبرمجة وبين النماذج الاستراتيجية الجاهزة ، و عمليات السيناريو المستقبلي ، والمحاكاة ، والامثلية وغيرها ... هو ابرز مثال تطبيقي في دفع العلوم الادارية والاستراتيجية الى امام بشكل فائق ليحقق لها النقلة العلمية النوعية المرجوة ، ويبعدها عن العشوائية والتخبط وتضارب الاجتهادات .
  (2 ـ 5) التوصيات :
  1 ـ الحاجة الى إستراتيجية تعليمية متكاملة وتحسين النوعية في ظل نمو قطاع المعلومات على المستوى العالمي وعلاقة تلك المعلومات بالتنمية البشرية .
  2 ـ تطوير البحوث العلمية وخاصة بحوث الامثلية ، ونظم المعلومات ، والتجارة الالكترونية السليمة ، في ظل إستراتيجية التعليم غير المتجانس في مراحلها ومفاهيمها.
  فضلا عن دعم البحوث القائمة في مجالات اللغة العربية وتكنولوجيا المعلومات ، مثل بحوث معالجة اللغات الطبيعية Natural language processing ، وبحوث فرز وتصنيف المعلومات العربية وفهرستها آلياً وبحوث تحليل النصوص العربية ، وتركيب الكلام وتعرف الكلام ، والبحوث الحاسوبية في المجالات المعجمية والصرفية والنحوية والدلالية ، وبحوث هندسة التعريب ، والترجمة الآلية.
  3 ـ تعزيز دراسة الحاسوب وانظمته الاحصائية المتقدمة في الكليات والمعاهد العالية، وإشاعة استخدام الانترنيت لجميع الطلاب وبخاصة طلاب الدراسات العليا .
  4 ـ الافادة من بنك المعلومات الذي افتتح اخيرا في جامعة بغداد وبخاصة لطلاب الدراسة العليا والباحثين الاخرين .
  5 ـ استخدام تقنيات المعلومات ومنظوماتها الالكترونية بكثافة ونشاط في البحوث وفي الدراسات والتخطيط الاستراتيجي ... واقامة مركز استشاري اداري معرفي نوعي بهذا الاتجاه يقدم خدماته البحثية للزبائن من الشركات والمؤسسات الرسمية .
  6 ـ الحاجة الى المواكبة المبكرة للدخول في الاقتصاد المعرفي وتنمية الموارد البشرية للابداع والابتكار والمهارة المعرفية وتهيئتها وخلق المناخات العلمية لتحقق التطوير.

الهوامش :
  (1) جمال السويدي ، ( تنمية الموارد البشرية في اقتصاد مبني على المعرفة ) ، مركز الأمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ، الطبعة الاولى، ابو ظبي ، 2004 ، ص 11 .
  (2) يوسف حمد ابراهيم ، ( التعليم تنمية الموارد البشرية ) ، المصدر السابق نفسه ، ص 99 .
  (3) المعهد العربي للتخطيط ، التعليم والاقتصاد ، 2004 ، ص 1 .
  (4) المصدر السابق نفسه ، ص 4 .
  (5) المصدر السابق نفسه ، ص 5 .
  (6) د . فوزية غالب ، ( هيكلة التنمية الاقتصادية في العراق في اطار نمذجة دينامية ) ، جامعة البصرة ، رسالة دكتوراه ، 1990 ، ص 66 ـ 67 .
  (7) استيردا اوتانين وفلاتوفا ، ( المحددات الرئيسية للنمو ) ، ( التمويل والتنمية ) ، العدد 29/N ، 3 ، 1989 ، ص 41 .
  (8) المنتدى العربي الموحد ، منتدى التربية والتعليم ، ( الاقتصاد المعرفي على موقع الانترنت http://www . 4uarab . com/vb/showthread . php?t=53747
  (9) د . محمد مراياتي ، ( اقتصاد المعرفة تكنولوجيا المعلومات والتعريب ) ، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا الأسكوا ـ بيروت .
  (10) د . غزوان هادي ، ( إمكانات الإفادة من التجارب العالمية ... تنمية الاقتصاد العراقي وصناعة المستقبل ) ، الصباح الاقتصادية ، 2007 م .
  (11) حسانة محيى الدين، ( اقتصاد المعرفة في مجتمع المعلومات ) ، مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية ، 2004 ، السعودية .
  (12) عزالدين غازي ، ( الذكاء الاصطناعي : هل هو تكنولوجيا رمزية ) ، الحوار المتمدن ـ العدد : 1501 لعام 2006 ، البريد الالكتروني للكاتب rhazi@maktoo.com
  (13) عز الدين غازي ، ( مفهوم قواعد المعارف ) ، الحوار المتمدن ـ العدد 1649 لعام 2006 .
  (14) د . حنان الصادق بيزان ، ( نحو إدارة عربية للموارد المعلوماتية : رؤية مستقبلية ، 2 ) ، دكتوراه في تخصص المعلومات ، أكاديمية الدراسات العليا _ طرابلس _ ليبيا ، hanbezan@yahoo . com ، 2006 .
  (15) محمد مراياتي ، ( أثر تقنية المعلومات والاتصالات في الصناعة : التنافسية والاستثمار ) ، المؤتمر العربي الثالث للمعلومات الصناعية والشبكات المعلومات الصناعية من أجل التنافسية والتبادل والاستثمار ، دمشق 29 ـ 31/10/2007 ، إعداد : كبير مستشارين في العلم والتكنولوجيا للتنمية/ إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية UN ـ DESA ، mmrayati@gmail .com
  (16) محمد مراياتي ، ( الاقتصاد الجديد : الاقتصاد المبني على المعرفة ) ، ( ماهية الاقتصاد الجديد ) ، المؤتمر الأول للجمعية الاقتصادية العمانية بالتعاون مع الإسكوا وجامعة السلطان قابوس وغرفة تجارة وصناعة عمان ، مسقط 2 ـ 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2005 . 



استراتيجيات إدارة الموارد البشرية في ظل العولمة


استراتيجيات إدارة الموارد البشرية في ظل العولمة 


ماهية إستراتيجية إدارة الموارد البشرية:
* تعريف إستراتيجية إدارة الموارد البشرية:
هي خطة معاصرة طويلة المدى، تشتمل على ممارسات وسياسات تتعامل من خلالها المنظمة مع المورد (العنصر) البشري في العمل، وتتفق وتتكامل وتتناسق هذه الخططُ والممارسات والسياسات مع الإستراتيجية العامة للمنظمة، وتعمل على تحقيق رسالتها، وغايتها، وأهدافها، في ظل متغيرات البيئة الداخلية والخارجية التي تعمل من خلالها المنظمةُ، والتي من أهمها المنافسة الحادة بين المنظمات العالمية والإقليمية والمحلية.
ويمكن تعريفُ إستراتيجية إدارة الموارد البشرية أيضاً بأنها: خطة طويلة الأجل، تتكون من مجموعة من النشاطات على هيئةِ برامجَ محددة البداية والنهاية، وسياسات تكوِّن وظائفَ ومهامَّ إدارة الموارد البشرية داخل المنظمة، وتحتوي هذه الخطةُ على مجموعة من الإجراءات والقرارات المتعلقة بشؤون الموارد البشرية داخل المنظمة، والمستقبل الوظيفي لهذه الموارد البشرية. 
وتهدف إدارة الموارد الإستراتيجية إلى إيجاد قوة عمل حقيقية، مؤهلة تأهيلاً عالياً، وفعالة وقادرة على تحمل مسؤوليات وتبعات الأعمال داخل المنظمة، ومن ثم تكون قادرة على تحقيق متطلبات وطموحات الإستراتيجية العامة للمنظمة ككل.

أهمية الإدارة الإستراتيجية للموارد البشرية

تستمد الإدارة الإستراتيجية للموارد البشرية أهميتها من المزايا التالية:
1. ربط تحركات إدارة الموارد البشرية بما تهدف إليه المنظمة، ويعني هذا قيام إدارة الموارد البشرية بمساعدة المنظمة في تحقيق أهدفها 
2. ضمان التنسيق و التعاون بين إدارة الموارد البشرية و الإدارة العليا بالمنظمة و تبادل التأثير لكل طرف منها على الأخر
3. ضمان توجيه موارد المنظمة (ما يمس الموارد البشرية) إلى تحقيق أهداف المنظمة .
4. ضمان أخذ الإدارة العليا نقاط القوة و الضعف في الموارد البشرية في الحسبان عند تحديد و تنفيذ استراتيجيات المنظمة .
5. ضمان توجيه أنشطة إدارة الموارد البشرية في نفس الاتجاه التي تسير فيه أنشطة المنظمة.



إستراتيجية الموارد البشرية جزء من إستراتيجية المنظمة:

إن إستراتيجية إدارة الموارد البشرية جزء لا يتجزأ من إستراتيجية المنظمة، وتقع في المستوى الثالث من هرم اتخاذ القرارات الإستراتيجية داخل الشركة [حيث المستوى الأول في هذا الهرم: يُتخذ فيه القرارُ المتعلق بتحديد الخيار الاستراتيجي العام، والمستوى الثاني: يُتخذ فيه القراراتُ المتعلقة بوحدات الأعمال، وتحديد نشاطاتها الرئيسية، ومجالات الاستثمار فيها، أما المستوى الثالث: فيتخذ فيه القراراتُ المتعلقة بتحديد وظائف وممارسات وحدات الأعمال].
وهو مستوى إستراتيجية الوظائف: كالتسويق، والإنتاج، والمشتريات، والمبيعات.. إلخ والتي يكوِّن مجموعُها إستراتيجية المنظمة، ومن هذا المنطلق نجد أن وظائف وممارسات إدارة الموارد البشرية تعمل جميعها في خدمة استراتيجيات الإدارات (الوظائف) الأخرى، أي في خدمة إستراتيجية المنظمة، تحت مظلة التكامل والتوافق معاً.

يتوافقُ الاتجاهُ السابق مع مفهوم يُدعى "التكامل الاستراتيجي" strategic integration الذي يؤكد على أن إستراتيجية المنظمة تتوافق مع رسالتها، واستراتيجيات الهيكل التنظيمي (إدارات: الإنتاج، والتسويق، والمبيعات، والمشتريات... إلخ) تتطابقُ أيضا مع إستراتيجية المنظمة؛ لأنها تعمل على خدمتها، وإستراتيجية إدارة الموارد البشرية تتطابق وتعمل على خدمة إستراتيجية المنظمة وإستراتيجية الهيكل التنظيمي، في ظل تأثير متغيرات البيئة الخارجية التي تعمل في ظلها المنظمة ككل، وتستخدم استراتيجيتها للتكيف معها لتضمن لنفسها البقاء والاستمرار.

ومما سبق يتضح لنا أن بناء إستراتيجية الموارد البشرية يتطابق ويتكامل مع:
- متطلبات إستراتيجية المنظمة بما تشمله من رسالتها، وغاياتها، وأهدافها، ووسائلها.
- متطلبات إستراتيجية الهيكل التنظيمي (الإدارات المختلفة واحتياجاتها من الموارد البشرية ذات الكفاءة والفاعلية).



ومما تقدم يتضح لنا أن صفة التكامل والتطابق التي وصف بها بناء إستراتيجية الموارد البشرية تشتمل على جانبين:

1- تكامل وتطابق داخلي: ويُقصد به أن إدارة الموارد البشرية نظام متكامل، يتكون من وظائف تتفاعل مع بعضها بشكل متكامل، بهدف خدمة وإنجاز الإستراتيجية العامة للمنظمة، وإستراتيجية الهيكل التنظيمي.
2- تكامل وتطابق خارجي: ويقصد به تكامل إستراتيجية إدارة الموارد البشرية مع إستراتيجية المنظمة والهيكل التنظيمي في مواجهة التحديات الخاصة بالبيئة الخارجية.
فإستراتيجية إدارة الموارد البشرية جزء أو نظام فرعي من نظام كلي أشمل وأكبر هو إستراتيجية المنظمة، التي تشتمل على استراتيجيات الهيكل التنظيمي بما فيها إستراتيجية الموارد البشرية، التي تتكامل جميعها مع بعضها؛ لتحقيق رسالة وأهداف المنظمة.
ولتوضيح عملية التكامل الاستراتيجي.. نفترض أن إحدى الشركات قررت بناءَ إستراتيجية عامة تعملُ من خلالها على تغيير منتجها الحالي الذي انخفض الطلبُ عليه بدرجة كبيرة، والتحول إلى منتج جديد عليه طلبٌ مرتفع، وتتوقعُ الشركة تحقيقَ أرباح وفيرة من وراء إنتاجه وبيعه.

وفي ظل هذه الإستراتيجية الجديدة قامت إدارة الموارد البشرية بوضع إستراتيجية تتكامل وتتطابق مع إستراتيجية الشركة، واحتوت على الآتي:

1- توصيف وظائف جديدة، وتصميم أعمال جديدة، تخدمان وتتماشيان مع المنتج الجديد.
2- تحديد الاحتياجات التي تتطلبها المنظمة لخدمة المنتج الجديد من الموارد البشرية، مع تحديد حجم الموارد البشرية القديمة التي سيتم الاستغناء عنها نظراً لعدم توفر المهارات العالية فيهم، والتي يتطلبها المنتج الجديد.
3- تصميم حملة استقطاب شاملة لسوق العمل، بهدف إيجاد وتوفير الموارد البشرية ذات الكفاءة والمهارة العالية، للاختيار من بينها؛ لتوظيفه وتعيينه في المنظمة لتلبية حاجاتها الجديدة لمواجهة متطلبات المنتج الجديد.
4- إعداد ووضع برامج تدريبية وتأهيلية مستخدِمةً في ذلك الوسائلَ والمناهج العلمية التدريبية الحديثة، والمعرفة التكنولوجية المتقدمة في مجال صناعة المنتج الجديد، وذلك للموارد البشرية الجديدة، وما ستبقي عليه المنظمة من الموارد البشرية القديمة.
5- من الطبيعي أن المنتج الجديد سيحتوي على مخاطر مختلفة عن المخاطر التي كان يحتويها المنتج القديم، ومن ثم يجب على إدارة الموارد البشرية - وهي تقوم بإعداد استراتيجيتها - تضمينُها برامجَ سلامةٍ وصحة تتناسب والمخاطر الجديدة التي قد تتعرض لها الموارد البشرية.
الأبعاد الإستراتيجية لدور إدارة الموارد البشرية:
يمكننا إيجاز الأبعاد الإستراتيجية لأدوار ومهام إدارة الموارد البشرية فيما يلي:
1- تأمين المورد أو العنصر البشري المناسب والمؤهل تأهيلاً علمياً معاصراً، والذي تحتاجه المنظمة، وذلك من خلال إستراتيجية واضحة ومحددة تتكامل وتتوافق مع الإستراتيجية العامة للمنظمة، بمعنى المشاركة الفعالة في تحقيق المنظمة لرسالتها، ورؤيتها، وغاياتها، وأهدافها ووسائلها.

ولن تتمكن إدارة الموارد البشرية من توفير هذا العنصر أو المورد البشري، وجعله قوة عمل حقيقية وفعالة ومفيدة داخل المنظمة، ويدين لها بالانتماء والولاء، ويعمل بكل طاقاته وإمكانياته لرفع شأن المنظمة - إلا من خلال خطة إستراتيجية طويلة المدى، تشتمل على رؤية واضحة، ورسالة محددة، وأهداف واقعية قابلة للتطبيق العملي – بعيدة عن الفلسفات النظرية – وسياسات وبرامج وإجراءات في مجال التحفيز المعنوي والمادي لهذا المورد البشري، فضلاً عن تهيئة وتوفير بيئة عمل مناسبة تمكّن هذا المورد أو العنصر البشري من استخراج إبداعاته وابتكاراته، فضلا عن القيام بأداء واجبات عمله.
2- على إدارة الموارد البشرية - وهي تقوم بإعداد إستراتيجيتها وتحديد دورها داخل المنظمة - أن تتماشى هذه الإستراتيجية مع الاتجاهات الحديثة والمتطورة التي انتشرت أو المتوقع انتشارها عالمياً في المدى المنظور، وذلك في جميع المجالات: الإدارية، والإنتاجية، والتسويقية، والقانونية.. وغيرها من مجالات البيئة الخارجية.
3- ينبغي للمنظمة أن توفر العناصر البشرية المؤهلة والمتخصصة والمحترفة للعمل في إدارة الموارد البشرية، حتى يتسنى لهذه الإدارة القيام بمهامها، والأعمال المنوطة بها، والمتوقعة وغير المتوقعة منها، فضلاً عن تحقيقها لآمال المنظمة المنعقدة عليها. ومن نافلة القول: ألا تعد المنظمة الإنفاق على إدارة الموارد البشرية إنفاقا لا عائدَ من ورائه، وأنه يمثل خسارة بالنسبة لها، بل تعد هذا الإنفاق استثمارا في مورد هام يعود من ورائه عائدٌ مادي وغير مادي، أو عوائد مادية ملموسة وعوائد معنوية محسوسة.
4- على إدارة الموارد البشرية القيامُ بتحديث البرامج والسياسات المتعلقة بالموارد البشرية، وجعلها متوافقة مع الاتجاهات الحديثة المتعلقة بالموارد البشرية، وهذه البرامج وتلك السياسات الحديثة من شأنها زيادةُ الإنتاجية والفعالية والجودة مما يؤدي إلى نجاح المنظمة وازدهارها.
5- على إدارة الموارد البشرية أن تعمل من خلال التكامل والتنسيق والتعاون مع الإدارات الأخرى داخل المنظمة، لكي تضمن نجاح إستراتيجيتها، فمسؤولية إدارة الموارد البشرية مسؤولية تشترك فيها جميع الإدارات عن طريق مديريها، وخاصة الإدارة المباشرة، والإدارة الوسطى، وهما الإدارتان المنوط بهما وضعُ إستراتيجية إدارة الموارد البشرية موضعَ التنفيذ على أرض الواقع العملي.



وهذا التكامل والتنسيق والتعاون بين مديري الإدارات ومدير إدارة الموارد البشرية في المنظمة، والحرص عليه يؤدي إلى تفادي مديري الإدارات في المنظمة الوقوعَ في بعض الأخطاء ومنها
:
1) وضع الموظف أو العامل أو المورد البشري المتاح للمنظمة في وظيفة لا تتناسب وإمكاناته وقدراته، سواء كانت إمكاناته وقدراته أكبر أو أقل من مهام هذه الوظيفة.

2) عدم استغلال طاقات الموارد البشرية الاستغلالَ الأمثل أو الأفضل، بل هَدْر هذه الطاقات، وذلك بارتفاع معدلات دوران العمل بينهم.


3) تدني وانخفاض الروح المعنوية لدي العاملين في المنظمة، وزيادة شعورهم بعدم الانتماء والولاء، مما يؤدي إلى تباطؤهم وعدم مبالاتهم عند قيامهم بأداء واجباتهم نحو العمل المَنُوط بهم، وهذا يؤثر بشكل سلبي على معدلات الإنتاجية، وعلى جودة المنتج، مما يترتب عليه انخفاضُ رضا العميل أو المستهلِك، مما يُفقد المنظمة حصتَها السوقية، وتعرضها لأخطار المنافسة القاسية، والتي قد تودي بالمنظمة إلى الخروج من إطار المنافسة كلياً، ومن ثم انهيارها..! 


4) شعور بعض العاملين بالاضطهاد أو بعدم العدالة من رؤسائهم المباشرين أو غير المباشرين، والذي قد يتأصل في نفوسهم من خلال التفرقة في المعاملة الإنسانية أو المادية بينهم وبين أقرانهم في المنظمة، مما يدفعُهم إلى التقصير في أداء مهام وواجبات أعمالهم، أو اللجوء إلى ردود أفعال سلبية، تصب كلها في غير صالحهم أو في غير صالح المنظمة ككل.


5) الإهمال والتقصير في وضع برامج تأهيلية وتدريبية فعالة ومستمرة، للتنمية والنهوض بقدرات ومهارات الموارد البشرية، مما يؤثر على فعالية ومستويات أدائها داخل المنظمة، وهذا ليس في صالح المنظمة بلا شك.


6) ممارسة بعض السلوكيات غير المناسبة، والخارجة عن الأخلاقيات من قبل المسؤولين على اختلاف درجاتهم الوظيفية.. في بعض الأحيان داخل بيئة العمل.


7) عدم تقدير ومراعاة الفوارق الفردية، والثقافات، والمعتقدات المختلفة للعاملين داخل بيئة العمل




الفكر الاستراتيجي وأثرُه في وظائف إدارة الموارد البشرية:
إن وظائف إدارة الموارد البشرية [وهي: تصميم العمل وتوصيف الوظائف، تكوين الموارد البشرية، التحفيز، تقييم الأداء، علاقات العمل، التعويضات] تعرضت خلال عقدين ونصف من الزمان تقريباً إلى تغييرات جوهرية وأساسية وبطريقة تدريجية في وظائف وممارسات إدارة الموارد البشرية، فرضتها طبيعةُ التغيرات والتحولات التي طرأت على المنظمات والشركات الكبرى واستراتيجيتها، والتي تولدت عن التغيرات الكبيرة في البيئة العالمية، والبيئة الإقليمية والمحلية المحيطة بهذه المنظمات والشركات.

وهذه التغيرات التي تعرضت لها وظائف إدارة الموارد البشرية، فرضت عليها تحولاتٍ إستراتيجية نوجزُها فيما يلي:

1- وظيفة تصميم العمل وتوصيف الوظائف:
لقد فرض التغير الذي حدث في مجال البيئة الاقتصادية، والمعرفة الإدارية، وإستراتيجية المنظمة، على إدارة الموارد البشرية أن تغير مفهومَ وظيفة تصميم العمل من مجرد تحديد واجبات ومسؤوليات وظائف المنظمة، والمواصفات والشروط التي يجب توافرُها في العناصر البشرية التي ستَشْغَل هذه الوظائف، إلى إعادة هيكلة العمل – أو كما يسميها البعض "هندسة العمل" - من أجل أن توفر وظائفُ المنظمة لشاغليها عناصرَ الإقبال على العمل والحماسة إليه، والتحفيز بأشكاله المتنوعة، وإيجاد الشعور بالمسؤولية لدى العاملين عند ممارستهم لمهامهم داخل المنظمة، وهي تهدف من وراء ذلك إلى تشجيعهم، واستخراج طاقاتهم وإبداعاتهم، فضلاً عن أدائهم الفعال داخل المنظمة، مما يترتب عليه الاستغلال الأمثل لطاقات الموارد البشرية وعدم هَدْرها، فضلاً عن الاستغلال الأمثل للموارد المالية من ناحية أخرى، مما يصب في النهاية في الصالح العام للمجتمع، والصالح الخاص للعاملين، والصالح الأخص للمنظمة.

2- وظيفة تكوين الموارد البشرية: 
1) تخطيط الموارد البشرية: إن عملية تخطيط الموارد البشرية أصبحت مرتبطة ارتباطاً تاماً بمتطلبات إستراتيجية المنظمة طويلة المدى.

2) الاستقطاب والاختيار: إن الاستراتيجيات الحديثة لعملية الاستقطاب والاختيار تُبنى على أساس استقطاب واختيار العنصر البشري متعدد المواهب والمهارات والقدرات والإمكانيات، والتي تمكنه من العمل في وظائف متعددة داخل المنظمة، 3) التدريب: إن النظرة إلى التدريب على أنه نشاط وقتي تلجأ إليه المنظمة عند الضرورة، كأن تريد من خلاله تلافي بعض نقاط الضعف الظاهرة في بعض الموارد البشرية، أو لتحسين مهاراتهم، هذه النظرة أصبحت من مخلفات الماضي..! فنظرة المنظمات الكبرى والعلم الحديث للتدريب الآن اختلفت كثيراً عنها في الماضي، فالنظرة إلى التدريب الآن تتكون من ثلاثة عناصر مستدامة وهي: تعلمٌ، تدريبٌ، تنميةٌ.
3- وظيفة التحفيز:
لم تعد أساليبُ التحفيز القديمة مقبولةً مع هذا الأسلوب الجديد المعاصر، حيث تطلَّب هذا الأسلوب من إدارة الموارد البشرية تصميمَ وإعداد سياسة تحفيز جديدة تقوم وترتكز على الحفز الجماعي، وأن تتناسب وتتماشى مع التوجه الحديث المعاصر، الذي لا يعد المواردَ البشرية التي تعمل في المنظمة أجيرة لدى المنظمة، بل يعدها شريكة فيها
4- وظيفة تقييم الأداء:

أصبح تقييم أداء الأعمال داخل المنظمة يخضع لأنظمة وبرامج ومعايير تقييمية حديثة تعتمد على العمل الجماعي، بدلاً من الأنظمة القديمة ، حيث اتسمت أنظمةُ وبرامج ومعايير تقييمِ الأعمال الحديثة بتوفيرِ معاييرِ تقييمِ أداءٍ جديدة وهي: التكلِفةُ، والوقتُ، والجودةُ، وخدمةُ العملاء في أثناء البيع، وخدمتُهم فيما بعد البيع، وقياسُ مدى رضا العملاء الذي ربطت كثيرٌ من المنظمات نظامَ حوافزها لعامليها به.
5- وظيفة علاقات العمل:
في ظل التحول الاستراتيجي الذي انتهجته وظيفة إدارة الموارد البشرية، اختلاف وظيفة علاقات العمل من حيث الشكل والمضمون عما كان سائداً من قبل، ويقوم النظام الجديد على تحقيق أقصى درجة من التعاون والتنسيق والوفاق بين المنظمة والنقابات الممثلة للعاملين، مبنية على الثقة فيما بينهما. ولقد أصبح هذا النظام الجديد جزءاً من إستراتيجية المنظمة وإدارة الموارد البشرية، إذ إن توفر رضا النقابات الممثلة للعاملين يعني توفر رضا العاملين في المنظمة، وهذا الرضا يؤدي إلى رفع الروح المعنوية للعاملين مما يجنبهم الصراعات فيما بينهم وبين المنظمة، وهذا يكون له أبلغُ الآثار الإيجابية على الإنتاجية وجودتها داخل المنظمة، ومن ثم تحسين موقعها التنافسي.
6- وظيفة التعويضات:
كان لزاماً على إدارة الموارد البشرية تصميمُ نظم جماعية لدفع الرواتب والأجور والمكافآت – إذ تمثل التعويضاتُ الجانب الأساسي في الحفز المالي للعاملين - مستخدمة في ذلك معايير دفع حديثة مبنية على: - جودة أداء العاملين. - زيادة الإنتاجية. - الزيادة المطردة في درجة رضا العملاء.
- تحقيق وفرة مادية ملموسة وذات قيمة في تكاليف التشغيل.


العوامل الرئيسية المؤثرة في تنمية الموارد البشرية في ضوء التوجهات والتطورات العالمية:

وفي ضوء حركة العولمة والقوى المرافقة لها‚ وصنف هذه العوامل في ثماني مجموعات هي : العوامل السكانية والجغرافية‚ التي تتعلق بحجم النمو السكاني وطبيعته وتوزيعه‚ والطبيعة الجغرافية للقطر‚ والعوامل الاقتصادية‚ التي تعكس النظرة إلى خدمات تنمية الموارد البشرية بوصفها عمليةاستثمارية في رأس المال البشري والمعرفيوالتوجه المتنامي نحو اقتصاد المعرفة‚ والعوامل الاجتماعية‚ التي تعنى بحجم الطلب الاجتماعي على التعليم وطبيعة هذا الطلب‚ والعوامل السياسيةالتي تتعلق بسياسات الإنفاق العام وخصائصه وأولوياته وتراجع استقلالية القرار السياسي للدول في ضوء التطورات العالميةو العلاقات الدولية‚ وانعكاسات التشريعات والسياسات الرسمية على دور القطاع الخاص في التعليم‚والعوامل الثقافية‚التي تشكل الوعاء الحضاري والعمق التربوي الذي يحدد ملامح نظم تنمية الموارد البشرية.

إدارة الإستراتجية للموارد البشرية في ظل العولمة:
إن قوة المنظمات القادرة على التنافس في ظل العولمةوالخصخصة تتمثل في قدرتها العلمية والمعرفية وبراسمالهاالبشري والفكريوهذا يستوجب تحول منظماتنا عن نهجها التقليدي الموجه نحو الموارد المالية لتصبحالموارد البشرية محل الصدارة والاهتمام.

ويأتي تأثير العولمة على المواردالبشرية بطرق مختلفة - فكرية وثقافية واجتماعية واقتصادية وتنظيمية ,وأمنيةوتكنولوجية - يأتي من أهمها الحاجة إلى رفع كفاءة وقدرات العاملين للمنظماتلإمكانية استغلال الفرص المتاحة عالمياً والحد من التهديدات التي تحملهاالعولمة والتطورات التكنولوجية المتلاحقة في طياتها.
ويرى اغازادة (Aghazadeh,1999) أن التكنولوجيا والعولمة كعناصر حيوية مؤثرة مباشرة في مجال القوىالبشرية,وان على المختصين في مجال الموارد البشرية تعزيز القدراتالتنظيمية في استقطاب الإفراد المـؤهلين والاحـتفاظ بهم.
وعليه فإن تبنىاستراتيجيات متطورة في مجال إدارة وتنمية الموارد البشرية في منظمات القطاع العاموالخاص لمواجهة تحديات العولمة , أصبح أمر ضروريا , إن لم يكن واقع فرضتهالتطورات والمستجدات المعاصرة . 
وهذا يستوجب إعادة النظر في الهياكلالإدارية للمنظمات وأنظمة إدارتها، والتكنولوجيا الملائمة ، 
و الثقافات والقدراتالفردية للعاملين ومهاراتهم ومعارفهم , لمواجهة متطلبات العمل اليومي وتلبيةاحتياجات المستقبل
.