Popular Posts

Monday, January 30, 2012

Human Resource Management بحث في تســــيـير المــوارد البشــرية

 Human Resource Management
بحث في تســــيـير المــوارد البشــرية 


فن تسيير الموارد البشرية


المبحث الأول: مدخل إلى دراسة وظيفة تسيير الموارد البشرية.
المطلب الأول: المؤسسة وتنظيمها.
1. تعريف المؤسسة.
2. هيكلة المؤسسة.
3. الأنشطة ـ الوظائف والمرافق.
المطلب الثاني: وظائف المؤسسة.

المطلب الأول: المؤسسة وتنظيمها
1. تعريف المؤسسة:
إن غاية أي مؤسسة هو صناعة منتوجات أو تقديم خدمات, من أجل تلبية حاجيات
جزء أو كل سكان بلد معني أو عدة بلدان, وهذا بوسائل محددة جدا.
فهو إذا نشاط جماعيا من خلال غايته ووسائله.
الغاية: وهي تلبية حاجيات مجموعة من أشخاص (سوق).
الوسائل: نشاط مجموعة تشكل المؤسسات.
المؤسسة: عامل اقتصادي لكونها قطاع متميز للاقتصاد الوطني الذي يتشكل من العناصر الاقتصادية التالية:
• المؤسسات
• العائلات
• الإدارات
• سوق المنتوجات والخدمات
• السوق المالي
ويختلف قطاع المؤسسات عن قطاع الإدارات لكونه يعمل من أجل السوق بينما لا تبيع الإدارات ناتج خدماتها.
* المؤسسة من الناحية الاقتصادية.
أ/ جهاز معقد: والجهاز هو مجموع مكونات مرتبة حسب نظام معين من أجل تحقيق غاية دقيقة تتلائم وارتداد المعلومات.
ـ اقتصادي.
ـ تقني.
ـ اجتماعي.
ب/ لها غاية (تلبية حاجيات بضع منتوجات أو تقديم خدمات, مستعملة الموارد التي هي بحوزتها.
ج/ تستعمل تقنيات أكثر فأكثر تطور تتمشى وتقدم العلوم والتكنولوجية.
د/ وهي جهاز اجتماعي حيث تمارس نشاطها من خلال مجموعة أفراد تتفاعل معها.
ه/ جهاز تطوري أي قابل للتطور مما يتطلب تبصر, وبرمجة ورقابة تطورها بفضل
الاستراتيجية أي مجموعة منظمة ومرتبة من قرارات موزعة زمنيا.
و/ جهاز مدمج إلى أجهزة أهم: وطن (جهة مجموعة الدول...).
*/أهمية علم النفس وعلم الاجتماع بالنسبة للمؤسسة لكونها تتكون من تجمع,
تحت سلطة موحدة لأفراد ينبغي أن يشكل مجموعة منسجمة لأقصى حد ممكن حتى
يحققوا هدفهم المتمثل في الإنتاج تعريف أكثر شمولية للمؤسسة.
المؤسسة هي مجموعة من الأفراد تملك نوع من المبادرة وبعض من السلطة
الاقتصادية, تسمحان لها بصنع منتوجات وتقديم خدمات يمكن لها القيام ببيعها
في سوق معين. ويحدد هذا التعريف ميزات المؤسسة التي تتطلب:
ـ مجموعة من الأفراد.
ـ مبادرة وسلطة القرار (ما ينبغي صنعه وكيف؟).
ـ سيلان الأموال والخدمات.
2. هيكلة المؤسسة:
ينتج نشاط المؤسسة عن ترتيب عدد من وسائل عمل وتوزيع تلك الوسائل وتحديد العلاقة فيما بينها يكون هيكلة المؤسسة. وتخضع الهيكلة إلى:
ـ الوسط الذي توجد فيه المؤسسة المعنية.
ـ وطبيعة نشاطها.
ـ وإلى حجمها.
الموارد: وتحتاج المؤسسة إلى العديد من العناصر من مستخدمين وأموال وأجهزة
ومواد أولية أي ما يطلق عليه بمصطلح الموارد فبعض هذه الموارد هي غير
مادية مثل البراءات والتكنولوجية أو علم الأداء بينما الأخرى تكون مادية
أو بشرية.
الأنشطة: وعناصر الجهاز لها أنشطة منظمة ومهيكلة بحيث كلمة الجهاز تدل على
الترتيب والهيكلة والتنظيم. وفي إطار عملها تحترم المؤسسة مواقيت عمل,
وخطط الإنتاج, ومواعيد أي استحقاقات وتتم مراقبة أنشطة المؤسسة من أجل
التأكد من بلوغ الغايات المقصودة, هذا فيما يتعلق بالأنشطة.
النتائج: كل جهاز له غاية بمعنى هدف, لأن دون هدف ليس للنشاط معنى, ويتم قياس مدى بلوغ الهدف بالنتائج المحققة.
ورغم أن للمؤسسات هدف عام يتمثل في تلبية حاجيات الجمهور, فتحدد أهداف فرعية دقيقة جدا ويمكن قياسها, مثل:
ـ إزدياد المبيعات بنسبة 10% في السنة.
ـ تغطية ولاية أو جهة جديدة في المبيعات.
ـ إصدار بضاعة جديدة للسنة المقبلة.

الارتداد المعلوماتي:
يستعمل أي جهاز موارده من خلال أنشطة مختلفة من أجل تحقيق نتائج, ويتلاءم
أي يتطابق بفضل الارتداد الإعلامي أو ما يسمى بالمفعول لارتجاعي وهي
المعلومة التي يبلغوها مستعملي النتائج إلى الجهاز (أي رد فعل التصحيحي)
بحيث إذا كانت النتائج غير مرضية يتم تراجع أو تصحيح أما الهداف أو
استعمال بعض الموارد أو الأنشطة الناقصة, وبتالي يسمح رد الفعل التصحيحي
للمؤسسة تأقلمها مع الحاجيات المتغيرة للسوق.
المقصود هنا هو عمل المجموعات التي تسخر نشاطها لغاية الهيئة أي المؤسسة أو الإدارة.
ويبرز في هذا المجال تدرج (أي تسلسل) يخضع إلى:
ـ الوضعية القانونية من جهة.
ـ وإلى الأنشطة والمسؤوليات من جهة أخرى.
* الوضعية القانونية:هناك:
ـ الملكين (الخواص أو الدولة) الذين يمتلكون سلطة القرار(وبإمكانهم تفويضهم).
ـ والإجراء أو الموظفين المرتبطين بالمؤسسة أو الإدارة بعقد عمل أو قرار تعيين ينشىء بين الطرفين علاقة خضوع.
الأنشطة والمسؤوليات:
إن مدى سلطة القرار تحدد التدرج في المؤسسة, وينبغي تركيز أقل عدد من
القرارات حتى يمكن تنسيق مجموع الأنشطة وبهذه الصفة يترك نوع من حكم ذاتي
وروح مبادرة إلى المستوى الأدنى.
3. النشطة ـ الوظائف والمرافق:
ينبغي أولا تعريف هذه المصطلحة لأن وضع هيكله هو بمثابة تحديد العلاقات بينها وتعريفها بوضوح.
أ/الأنشطة: هي مجموعة الأعمال, وللأنشطة عدة أنواع:
عملياتية: أي ذات علاقة بعمليات الإنتاج والبيع, وهي أساسية بحيث وجود المؤسسة يخضع إليها مباشرة.
خادمتية: دراسة ـ استشارة ـ نشاطات أمنية... تسمح بممارسة النوع الأول من الأنشطة بأعلى مردودية.
وظيفية: تقوم بدور تسيير وتنسيق الأنشطة الأخرى.
ب/الوظائف: عدة أعمال مجمعة لتحقيق غاية
مثال: وظيفة إنتاج أو الوظيفة التجارية, وداخل نفس الوظيفة يمكن أن تكون الأنشطة ذات طبيعة مختلفة.
ج/المرافق أو المصالح: في المؤسسات الصغير يمكن لشخص واحد أن يقوم بوظيفة
أو بعدة وظائف لوحده, بينما في المؤسسات الكبرى توزع مجموعة الأنشطة التي
تكون وظيفة بين مجموعات متخصصة تسمى مصالح.على سبيل المثال: مصلحة دراسة
السوق ما هي إلا جزء من الوظيفة التجارية مثل مصلحة البيع أو مصلحة ما بعد
البيع المصلحة بعبارة أخرى, هي تجسيد للوظيفة وانطلاقا من الوظائف
والعلاقات فيما بينها والمسؤوليات داخل كل منها تتم هيكلة الهيئة (أي
المؤسسة أو الإدارة) وهذا حسب إطار دقيق من السلطة والمسؤولية. وعلى أساس
الهيكلة التي يتم اختيارها ـ وهذه هي الهيكلة الرسمية ـ نكون أمام نمط
معين من القيادة, علما بأن أنماط القيادة تختلف كما توجد عدة أنواع من
الهياكل.
والجدير بالذكر أن بجانب الهيكلة الرسمية (أو بالموزات معها) غالبا توجد هيكلة غير رسمية.
المطلب الثاني: وظائف المؤسسة
هناك عدة تصنيفات لوظائف المؤسسة من أهمها:
• 1/ تقسيم وظائف المؤسسة إلى 6 وهي كالتالي:
أ/ وظيفة الإنتاج: وهي الوظيفة الأساسية الأولى تتعلق بالإنتاج الزراعي
والإنتاج الصناعي بالنسبة للمؤسسة في هاتين القطاعين وبتقديم الخدمات في
القطاع التجاري والإدارة وصيفتها المهنية هي المعارف التقنية والقيادة.
ب/وظيفة التوزيع أو البيع: ومهمتها بصفتها الوظيفة الثانية الرئيسية
للمؤسسة تمكين مستعملي ومستفيدي هذه الأخيرة من منتجاتها أو خدمتها
وصفاتها المهنية هي العلاقات الخارجية والحيوية والنشاط.
ويقال على وظيفتي الإنتاج والتوزيع بأنها موضوعيتان أي علاقة بالشيء أو حيويتان.
ج/الوظائف اللوجستيكية: وهي النوع الثالث من الوظائف. ومهمتها هي وضع على
ذمة المؤسسة الوسائل التي هي في حاجة إليها لضمان حسن سيرها كالمحفوظات
والإحصائيات والتنظيم والمنهجية وتسيير المستخدمين.
د/وظيفة التنمية أو التطوير: إن دور هذه الوظيفة الرابعة هو تبصر الابتكار
والتوقع والوظائف الأربعة هذه لابد أن تكون منسقة, مما يتطلب.
هـ/ الوظيفة الخامسةالوظيفة
القيادية): وهي الوظيفة السياسية بالنسبة للدولة ووظيفة المدرية العامة
بالنسبة للمؤسسة أو الإدارة. دور هذه الوظيفة هو تحديد الأهداف, إصدار
الأوامر العامة, الرقابة, التصحيح.
وصفتها المهنية هي صنع القرار.

• 2/ الوظائف الكبرى للمؤسسات, حسب فن التسيير:
وعددها 6 أيضا وهي:
أ/ وظيفة القيادة العامة: من مهامها تحديد الأستراتجية العامة للمؤسسة أو
الإدارة, الوجه المتداخل بين السياسي والإداري, تصور وتطور جهاز التسيير,
الإتصال الداخلي, التنسيق والتنشيط والرقابة.
ب/ وظيفة الإنتاج:دون تغيير.
ج/ وظيفة الموارد البشرية.
د/الوظيفة المالية.
هـ/ وظيفة التنظيم.
و/ وظيفة التسويق: وتتعلق بفهم وتلبية حاجيات المواطنين بالنسبة للإدارة
العامة ومعرفة وتلبية حاجيات الزبائن بالنسبة لقطاع الإنتاج والخدمات
الأخرى.

المبحث الثاني:
من وظيفة المستخدمين إلى وظيفة الموارد البشرية


ـ ما هو المقصود بتسيير الموارد البشرية؟
ـ وهل هي ممارسة تختلف حقيقة عن تسيير المستخدمين؟
هذان هما السؤالين اللذان يطرحا كلما تعلق الأمر بفترة الأمر بفترة تكوين أو إعادة تكوين في هذا الموضوع؟
I/ نشأة وتطور وظيفة المستخدمين:
تعتبر وظيفة المستخدمين من الوظائف اللوجستيكية للمؤسسة, فمهمتها تكمن في
تزويد الوظائف الأخرى, لاسيما الحيوية منها, كوظيفة الإنتاج ووظيفة
التوزيع, بالإطارات العلية وإطارات التحكم وأعوان التنفيذ التي هي في حاجة
إليها كما وكيفا, ومتابعة حياتهم المهنية.
والجدير بالذكر أن الاهتمام بهذه الوظيفة حديث, حيث لم تخط هذه الأخيرة
بالدراسات الجادة من قبل الإختصاصيين إلا بعد الحرب العالمية الثانية.
ومرت وظيفة تسيير المستخدمين بعدة مراحل يمكن تلخيص أهمها فيما يلي:
1/ من العصر الوسيط إلى بداية القرن ال20:
لا توجد وظيفة المستخدمين قبل الثورة الصناعية. كان الناظر يقوم وحده
بتشغيل العمال بحيث تكون الورشة أو المصنع في حاجة إليهم وتتكفل المديرية
بتوظيف الإطارات وبدفع الأجور وتقوم بعملية المحاسبة.
وخلال النصف الثاني من القرن ال19 أنشأ بالمصنع منصب كاتب اجتماعي مهمته
الأساسية التصدي للمشاكل الواسعة النطاق التي واجهت أرباب العمل.
2/ من بداية القرن ال20 إلى نهاية الحرب العالمية:
تحولت المكاتب الاجتماعية إلى مصالح علاقات إنسانية وأصبح لها قانون إطار.
دورها هو القيام بعمليات التوظيف وتسديد الأجور وتحسين محيط العمل. فإن
دراسات أوتن مايو وعلما النفس والاجتماع زادت من أهمية تلك المصالح.
3/ من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى سنة 1960:
تميزت هذه المرحلة بنشاط العلاقات الصناعية ونمو النقابة الجماهيرية وكذا
تطور الجمعيات المهنية. وأعطية الأولوية إلى التكوين وللمزايا الاجتماعية.
4/ من 1960 إلى 1980:
عرفت العلاقات الإنسانية نضج أكبر في العلاقات الإنسانية بينما انخفض دور النشاط الصناعي. كما عرف تشريع العمل أهمية أكبر.
ومع تطور الإعلام الآلي واستعماله, لاسيما في تسديد المرتبات تحسنت أكثر العلاقات الإنسانية متأثرة بتطور العلوم السلوكية.
5/ من الثمانينات إلى يومنا هذا:
أصبحت لوظيفة الموارد البشرية نفس الأهمية كالوظائف الأساسية بل اعتبرت
وظيفة إستراتيجية واشتملت على مهام جديدة كتسيير المهن والتحفيز في العمل
وحساب المردودية والرسكلة, والصحة والأمن في العمل والتقاعد وظهرت خلال
هذه المرحلة العديدة من المرافق المتخصصة لدى التنظيمات الكبرى. كما تم
خلال إعادة هيكلة المؤسسات وتحول جذريا دور وظيفة المستخدمين لتحل محلها
وظيفة تسيير الموارد البشرية.
II /أسباب بروز وظيفة الموارد البشرية:
عندما كانت نسبة النمو الاقتصادي تتجاوز 10% سنويا بين 1950 و 1970, للثور
الهائل للأسواق التي كانت في صالح العرض في العلاقة بين العرض والطلب
وبالتالي في صالح المؤسسات الاقتصادية كان الاهتمام الأول يرتكز على عملية
الإنتاج حيث سعر التكلفة وبالتالي سعر بيع المنتوج أو الخدمة كان ثانويا.
ومع الأزمة الاقتصادية للسبعينات من القرن الماضي تغيرت هذه الصورة, مع
وضعية المنافسة الحادة, مما جعل الدول تمنح تشجيعات لحماية اقتصاد
مؤسساتها الوطنية, كما عملت فرنسا, بمنحها عروض لكل من يشتري سيارة, لدى
مؤسسة رنو الفرنسية. ومن جهة أخرى النظام الاقتصادي الجديد أو ما يسمى
بالعولمة زادة من حدة المنافسة المتوحشة عبر القارات, خاصة مع تطور وسائل
الاتصال الحديثة. هذا ما أدى إلى انتقال أولوية المؤسسات الكبرى إلى نوعية
السلع والخدمات وبالتالي إلى ثمن تكلفة المنتوجات وسلع البيع, لا لكمية
الإنتاج كما كان من قبل, بحيث أصبحت وظيفة الإنتاج تحتل المرتبة الثانية,
بعد أن كانت لها لمدة طويلة المرتبة الأولى. ومن هنا ظلت ملائمة منتوجات
وخدمات المؤسسات مع طلبات وحاجيات الزبائن ضرورة ملحة, بل الوسيلة الأهم,
إذ لم نقول الوحيدة لمقاومة هذه المنافسة الحادة.
إن هذه الملزمات الجديدة تتطلب تظافر كل الجهود من أجل انتقاء وتكوين
والمحافظة على الكفاءات وتحفيز كل العاملين بالمؤسسة, من أجل بلوغ أكبر
مستوى من النجاعة والفاعلية في العمل. فمع وعي مسؤولي كبار المؤسسات
الاقتصادية في الغرب بضرورة ملائمة حاجياتها من مناصب عمل مع مواردها
البشرية, نشأ فن تسيير الموارد البشرية أو ما يعرف بوظيفةLa"G.R.H" .
فبدأ خلال السبعينيات الاعتناء بالعنصر البشري وتثمينه واعتبرت La"G.R.H"
من الوظائف الاستراتيجية والنفقات المخصصة لها بمثابة استثمارات باتم
المعنى.هذا ما أدى السلطات العمومية بالاهتمام بالتكوين المهني وإجبار كل
المؤسسات على تخصيص نسبة مئوية من ميزاتها للتسيير إلى هذا الغرض, هذا
بالنسبة للقطاع الخاص والقطاعي العمومي الاقتصادي في الحائر.
أما فيما يتعلق بقطاع الوظيفة العامة فيمكن اعتبار بداية الإحساس بهذه
الضرورة منذ أواخر الثمانينات و العمل بها مع صدور المرسوم التنفيذي رقم
95-126 المؤرخ في 29أفريل 1995 الذي وضع آليات تسيير عصري ملزم من خلالها
المؤسسات والإدارات العمومية بتحضير مخطط سنوي لتسيير مواردها البشرية مع
إعفائها من التأشيرة المسبقة على القرارات الفردية المتعلقة بالحياة
المهنية لمستخدميها من طرف مصالح الوظيف العمومي.
III/ وظيفة تسيير الموارد البشرية وهيكلتها:
1* وظيفة تسيير الموارد البشرية:
هناك فرق كبير بين تسيير المستخدمين وتسيير الموارد البشرية لابد من إيضاحاته.
أ‌) تسيير المستخدمين:
تتعلق وظيفة المستخدمين بعمليات إدارية تتمثل في توظيف الإطارات والأعوان
ومتابعة حياتهم المهنية الفردية كالترسيم والتقدم في الدراجات والترقية
إلى مناصب أعلى وكذا تنقيطهم ومنحهم مختلف الاجزات ووضعهم في الحلات
القانونية التي تحيزها القوانين والتنظيمات السارية المفعول كالاحاق
والاستيداع... كما يحتوي تسيير المستخدمين بالإضافة إلى هذا الجانب
الإداري على جانب مالي يتعلق بتسديد الأجور والمنح الشهرية للعاملين
وبجانب اجتماعي يمكن في انخراط هؤلاء في صندوق الضمان الاجتماعي والمركز
الوطني للتقاعد وحمايتهم المدنية والجزائية إذا اقتضى الأمر. كما تقوم
مصلحة المستخدمين بتحضير ومتابعة تنفيذ الميزانية المتعلقة بتعداد
الموظفين.
ب‌) تسيير الموارد البشرية La"G.R.H":
يختلف تسيير الموارد البشرية عن تسيير المستخدمين لكونه ليس من هدفه الأول
تسيير الأفراد فكأنما يقصد من وراء مصطلح تسيير الموارد البشرية قبل كل
شيء الحصول على أحسن تناسب ممكن بين حاجيات أي تنظيم وموارده البشرية.
فالحاجيات من الموارد البشرية يقصد بها مواقع أو أماكن العمل التي ينبغي
شغلها حتى تحقق المؤسسة أو الإدارة المعنية المهام المنطوقة بها, مما
يجرنا إلى دراسة وبحث مختلف مناصب العمل أو الوظائف بل المهن(حسب المستوى
المطلوب لكل منها) الضرورية لحسن سير تلك المؤسسة.
أما الموارد البشرية فنقصد بها الإطارات والأعوان الذين سيشغلون تلك المناصب والوظائف.
هذا البحث أجاب عن ملائمة بين الحاجيات والموارد البشرية لأي تنظيم سيتم من ناحية الكم ومن ناحية الكيف:
- من ناحية الكم: أي من ناحية تعداد الموظفين والأعوان, فالمجهود المطلوب القيام به هو تقليل حلات ازدياد أو نقص تعداد العالمين.
- من ناحية الكيف: أي في مجال الكفاءات والتحفيز, المجهود الذي ينبغي
القيام به هو تخفيض حالات عدم الكفاءة أو كفاءة المبالغ فيها أي عدم
ملائمة الكفاءات لمناصب العمل التي تكون المؤسسة في حاجة حقيقية إليها.
ومع هذا يجب التأكد من عدم تظارب أو حتى عدم ملائمة أهداف العاملين مع
أهداف المؤسسة أو الإدارة المستخدمة حتى يكون تحفيز هؤلاء العاملين سهلا
فإن هذا البعث الثاني أي المظهر النوعي القائم على محوري المؤهل والحوافز
هو الذي يميز أكثر تسيير الموارد البشرية عن مختلف مناهج تسيير المستخدمين
الأخرى.
2* هيكلة وظيفة تسيير الموارد البشرية:
بصفته مسؤول على وظيفة إنسانية ووظيفة اجتماعية يقوم مدير أو رئيس الموارد
البشرية بمهام تسيير العاملين وإدارة علاقات العمل في المجالين الفردي
والجماعي.
• ووظيفة تسيير الموارد البشرية لها دور تنظيمي في إطار أنشطة المؤسسة أو
الإدارة, حيث تأسس علاقة مباشرة بين الفرد والأعمال المنوطة بمنصب عمله.
ومن أجل تحقيق هذا الغرض ينبغي تحليل الأنشطة الخاصة بكل وظيفة ووضع ملفا
لكل عون ومتابعة مساره المهني منذ عملية توظيفه في أول منصب مرورا بكل
تغيير في وضعيته الإدارية, حتى إحالته على التقاعد أو انتهاء مهامه لسبب
آخر.
بالإضافة إلى ما ذكر أعلاه تدرج ضمن وظيفة تسيير الموارد البشرية عمليات
الترقية والتكوين وإعادة التكوين والرسكلة وبرمجة التوظيف وحركة الموظفين
والعمليات الإحصائية الخاصة بكل هذه الحالات وكذا تسديد المرتبات والمزايا
الاجتماعية إذا اقتضى الأمر.
• وظيفة علاقات العمل: تهدف إلى اطمئنان المستخدمين ولها دور اجتماعي يمكن
تحقيقه من خلال الأعمال التي لها صلة بالاتفاقيات الجماعية أو بالقوانين
الأساسية الخاصة والقانون الداخلي للمؤسسة والمتعلقة بالمجال الصحي
والمصالح الاجتماعية كالرياضة ...
ونظرا لحاجيات الإنسان كما تطرقنا إليها عند دراستنا إلى نظريات العلاقات
الإنسانية لاسيما إلى نظرية مسلو أو تدرج الحاجيات الإنسانية ونظرية
هيزبرق (نظرية العوامل الخارجية والعوامل الخارجية), فإن تلبية حاجيات
العاملين هي التي تساعد في جذب تعاون العاملين مع القيادة والحصول على
مردودية مرتفعة, وبالتالي تؤدي إلى نجاحه وفاعليه في العمل.
/IV التقنيات الحديثة لتسيير الموارد البشرية:
أو عمل في هذا المجال, تقوم به أي دائرة مكلفة بتسيير الموارد البشرية هو
وضع سياسة للمستخدمين تتضمن إعداد أهداف واضحة ودقيقة والبحث عن بلوغ تلك
الأهداف.
وتأخذ بعين الاعتبار في بلورة تلك السياسة مصالح العمال (إطارات كانوا
أعوان) بمشاركتهم في التسيير والرقي والأمن الاقتصادي والتحفيز في أداء
العمل وشروط عمل سليم, مع وجود قيادة في المستوى تسهر أيضا عن مصالح
الهيئة المستخدمة وتحقيق أعلى مردودية ممكنة, واستقرار العاملين وتعاون
بينهم وبين إدارة المؤسسة.
يتعلق الأمر بكيفية إقناع العاملين في هذه الوظيفة بإعطاء أحسن ما يمكن
تقديمه من أجل تحقيق أهداف الإدارة أو المؤسسة مقابل تحقيق بعض من رغباتهم
الشخصية.
وفي كل مؤسسة أو إدارة ينبغي على المتصرفين أن يتصدوا إلى هذا التحدي.
وبصفته عضو في المديرية، الأخصائي في علاقات العمل أو مدير المستخدمين
عليه مواجهة هذا التحدي، بتقديم مصلحة هامة لأعضاء القيادة تتمثل في
اكتساب أي جلب والمحافظة على إطارات وعاملين ذوي مقدرة أو التحسين الدائم
والمستمر لمستواهم. وهذا من أجل فاعلية ونجاعة أكبر مثل هذا السياق الذي
يضمن تطور ونمو الموارد البشرية لا يمكن تحقيقه إلا باحترام بعض المبادئ
والمنطق. وأنشطة هذا السياق تكمن في:
 عملية برمجة وتخطيط، إنطلاقا من تقويم الحاجيات من العاملين كما ونوعا مع تحديد المدة الزمنية لبلوغ تلك الأهداف.
 تحليل مناصب العمل وإنتقاء الرجال المنساسبين في إطار تزويد المؤسسة بالموارد البشرية، مما يتطلب وضع برامج تشغيل وتكوين.
 إستقبال وتوجيه ومتابعة العاملين الجدد من أجل إدماجهم النهائي في المؤسسة أو الإدارة المستخدمة.
 ثم تقييم أو تدقيق المراحل السابقة.


المبحث الثالث:
تسيير الموارد البشرية في قطاع الوظيف العمومي:

I/ تعريف بعض المصطلحات ومفهوم المسار المهني:
1/ تعريف بعض المصطلحات:
ينبغي في بداية هذا المبحث إزالة بعض الغموض بين عدد من المصطلحات التي
لها صلة بالشغل وبما يقوم به الأعوان في منصب عملهم, كالوظيفة والعمل
والمهنة...
1) الوظيفة: هي معطيات متعلقة بالتنظيم بحيث تحديد وظيفة هو عزل (أي فصل)
دور في جهاز عمل. وبالتالي يمكن تعريف الوظيفة بأنها مجموعة أنشطة متصلة.
مثل: رئيس مصلحة المستخدمين, رئيس الورشة...
2) العمل: أو الخدمة هو الشغل الذي يقوم به أجيرا ما. هو مجموعة الخدمات التي يقوم بها.
ملاحظة1:يمكن لأجير ممارسة عدة وظائف (حالة المؤسسات الصغيرة) كما يمكن أن تمارس وظيفة من قبل عدد من العمل (حالة التنظيمات الكبرى).
ملاحظة2: الخدمة والوظيفة يتطابقان إذا مارس العامل وظيفة وحده دون شريك.
3) المنصب: هو عبارة عن مزدوج متكون من خدمة وموضع.
4) الحرفة: هي مجموعة معارف ـ أداء ـ يتم اكتسابها بالتدرب (أي التمرن) أو
الخبرة. فهي بمثابة مجموعة قدرات تقنية يمتلكها الفرد. وبالتالي من له
مهنة ليس بالضرورة له شغل, غير أنه يمتلك مجموعة من المهارات معترف بها.
مثل: مهنة كهربائي أو ميكانيكي الخ...
2/ مفهوم المسار المهني للإطار:
إن المؤسسات ذات العدد الهائل غالبا ما تمنح لأغلب إطاراتها إمكانيات ممارسة حياة مهنية عادية.
ومن أجل بلوغ هذه الغاية يستحسن أن تحول لشخص واحد أو لمرفق واحد, تسيير
الإطارات, مما يسمح باستعمالهم أحسن استعمال وبصفة منسجمة. كما هو من
المفيد ضمان الحركات والترقيات اللائقة بالنسبة لمختلف مكونات التنظيم أي
مصالحه وفروعه, وهذه الإمكانيات ما يسمح بها إلا التسيير الممركز للإطارات.
وبفضل هذه المصطلحة يمكن توقع المسار المهني للإطارات, ويظهر من الضروري
وضع تقديرا بالنسبة لكل إطار أو ما يسمى بخط التطور التوقعي للمسار, غير
أنه أية حال من الأحوال لا يمكن ضمان هذا المسار المهني لأن الخطر يعتبر
عنصر حيوي بالنسبة للإطار, ولا يعقل أن يضمن له تطور مساره, فينبغي له
تحقيقه أي ربحه, كسبه (لأنه عبارة عن رهان). غير أن هذا التوقع ضروري يتم
تخطيطه حتى يضمن لكل من يعمل الجهود المنتظرة منه أن يتحصل بالمقابل على
الانبساط والسرور الذي يصبح من حقيقة. ومن هذا المنطق تستبعد كل إمكانيات
ترقية الإطار على أساس الأقدمية.
II/تنظيم وتسيير الحياة المهنية والمهن في قطاع الوظيف العمومي:
لتسيير الموظفين وحل مجموع المسائل التي تطرح إلى الدولة بصفتها أكبر صاحب
عمل في البلد, تتدخل العديد من السلطات من رئيس المكتب إلى رئيس
الجمهورية, ومن خلال نشاطهم تتطور سياسة الوظيف العمومي.
• وفيما يتعلق بتنظيم وتسيير الحياة المهنية للموظفين يجب أولا عدم الخلط
بين تنظيم وتسيير المهن الوظيفية وتسيير المسار المهني أو ما يطلق عليه
أيضا بالحياة المهنية للموظف. هناك سوء فهم كما عبر عليه السيد أحمد
رحماني بجامعة الجزائر, فالكثير يعتبرون أن الحياة المهنية هي تدرج في
المناصب, والواقع يجب أن يكون تدرج خبرات مهنية. فالحياة المهنية ليست
تدرج في الأقدمية أو ترقية إلى رتبة أعلى بل هي قبل كل شيء مجال مهني محدد
في بداية مسار كل عون في إطار القانون الأساسي الخاص الذي ينتمي إليه ذالك
العون.
• إن تحديد المسارات المهنية وكيفية إعدادها وسيرها هي من مسؤولية
الإدارة. أما الاختيار الأحسن للحياة المهنية فهي مسألة شخصية, حيث يأخذ
بعين الاعتبار قدرة وإمكانية وكفاءة الشخص لتطوير مؤهلاته, كما يجب أيضا
عدم الخلط بين تسيير الحياة المهنية وتسيير المهن إذ أن الأولى تخص الفرد
وتتعلق بتطوره الشخصي, بينما الثانية تتعلق بالمهن في حد ذاتها والتسيير
الجماعي للموارد البشرية من طرف الإدارة.
1*تنظيم وتسيير المهن الوظيفية:
كما سبق وأن قلنا هذا من اختصاص الإدارة العامة. فاستجابة لمتطلبات العمل
وتسييره تم توزيع كل مناصب العمل إلى وظائف ويقصد بالوظيفة كما جاء في
المادة 7من المرسوم 85-59 المؤرخ في 23 مارس 1985 جميع المناصب العمومية
التي تكون مهامها الرئيسية متماثلة كما تم ترتيب مناصب العمل المتماثلة أو
النظيرة في مستوى واحد وأعطيت لها نفس الراتب وتصاغ في أسلاك الوظائف التي
تتحد في طبيعة العمل الواحد وكل سلك يمكن أن يشتمل على عدة رواتب أو على
رتبة واحدة. وعدة أسلاك تكون شعبة وهي عبارة عن تعاقب أو تسلسل منظم توجد
ضمنه مهنة معينة مثال: شعبة الإدارة العامة وشعبة الإعلام الآلي أو شعبة
الوثائق والمحفوظات.
على سبيل المثال شعبة الوثائق والمحفوظات تحتوي على ثلاثة أسلاك :
• سلك الوثائقيون أمنا المحفوظات الذي تنبثق منه رتبتين:
* رتبة وثائقي أمين محفوظات (14/4)
*ورتبة وثيقي أمين محفوظات رئيسي (17/1)
• سلك مساعدين الوثائقيين أمنا المحفوظات التي تنبثق منه رتبة مساعد وثائقي (12/2).
• وسلك الأعوان التقنيين في الوثائق والمحفوظات التي تنبثق منه أيضا رتبة
واحدة, رتبة عون تقني في الوثائق والمحفوظات (8/3) وبالإضافة إلى ذلك توجد
مناصب احاطة منها:
ـ الوظائف السامية وهي ذات طابع سياسي أو تقني عالي.
ـ المناصب العليا وهي ذات طابع إداري أو تقني عادي كرئيس مصلحة أو رئيس مكتب...
بالإضافة إلى الشعب المهنية التي تتطابق والحركة المهنية العمودية توجد
شعب تدريجية التي تلائمها الحركة الأفقية كما هناك نوع آخر من الحركة وهي
الحركة الوسط عندما يتعلق الأمر بتدرج في الرتبة أو المنصب مع تنقل أي تتم
مع تغيير الإقامة الإدارية.
2*تسيير الحياة المهنية أو المسار المهني للموظف:
وضع مخطط للمسار المهني لكل موظف يتطلب إعلام كل موظف معني لأن اختيار خط
السير للمهنة من اختصاص كل فرد, وكل موظف بإعانة مسير الموارد البشرية أو
مختص بتثمين القدرات أي الطاقة والجدير بالذكر أن كل دائرة وزارية تحدد
قائمة الوظائف الخاصة بها.

مفهوم محاسبة الموارد البشرية

مفهوم محاسبة الموارد البشرية 


 لقد ظهرت مفاهيم وتعريفات عديدة لمحاسبة الموارد البشرية كل منها ارتكز على جانب من الجوانب التي تمثلها الموارد البشرية في منظمات الأعمال ، فقد عرفها Flamholtz "بأنها تمثل تكلفة اختيار وتعيين الأصول البشرية وتنميتها وإدارتها وكذلك قياس القيمة الاقتصادية للأفراد داخل المشروع " .

أما Likert فقد انطلق في تعريفة لمحاسبة الموارد البشرية من نظرته إلى المشروع على أنه منظمة بشرية وأن مواردها تشمل ولاء مجموعات الموظفين والموردين والعملاء .


كما انطلق آخرون في تعريفهم لمحاسبة الموارد البشرية من نظرة الأطراف المختلفة إلى البيانات المحاسبية المتعلقة بالموارد البشرية ، فقد كان تعريف Brummet


الذي "اعتبر استخدام محاسبة الموارد البشرية مؤشرا على مختلف أوجه الموارد البشرية من معرفة وتدريب وتعيين الموظفين والاستغناء عنهم" .

أما Alexander فقد ركز في تعريفة على ربط محاسبة الموارد البشرية في جوهر المحاسبة وبشكل خاص مبدأ المقابلة في المحاسبة Matching أي مقابلة التكاليف بالإيرادات فقد عرف محاسبة الموارد البشرية " أنها امتداد لمبادئ المحاسبة وذلك بمقابلة التكاليف بالإيرادات ، وتنظيم البيانات الخاصة بالموارد البشرية لتوصيلها للمختصين معبرا عنها بقيم نقدية .


وأخيرا عرفت جمعية المحاسبة الأمريكية (AAA) محاسبة الموارد البشرية على أنها "مجموعة من المفاهيم والمبادئ والأساليب والإجراءات التي تحكم عملية تحديد ثم قياس البيانات المتعلقة بالموارد البشرية ، وذلك بقصد إيصالها بعد ذلك للأطراف ذات العلاقة" .


أهداف محاسبة الموارد البشرية والافتراضات التي تقوم عليها



تهدف أي منشأة من تطبيق محاسبة الموارد البشرية بشكل عام إلى ما يلي :


1 – تحديد عناصر الموارد البشرية .

2 – قياس عناصر الموارد البشرية وتحديد التكاليف الايرادية والرأسمالية لها .

3 – إدراج قيمة وتكاليف الموارد البشرية ضمن النظام المحاسبي في المنشأة .

4 – توفير المعلومات الدقيقة والملائمة عن الموارد البشرية لمتخذي القرارات للمساعدة في تخطيط احتياجات المنشأة من الموارد البشرية وتخصيصها على الوظائف المتاحة فيها بما يكفل ضبط ورقابة نفقات الاستقطاب والتعيين والتدريب والتطوير ونفقات ترك الخدمة وتحفيز الإدارة على الاهتمام برأس المال البشري .


كما تستند محاسبة الموارد البشرية إلى مجموعة من الافتراضات تتمثل فيما يلي :


1 – تقدم الموارد البشرية خدمات ومنافع تساهم في تحقيق أهداف المنشأة .

2 – الحصول على الموارد البشرية يمثل تكلفة على المنشأة .

3 – أن الموارد البشرية تعتبر أصلا من أصول المنشأة طالما توافرت الشروط اللازمة لذلك .

4 – أن الموارد البشرية قابلة للقياس النقدي سواء تكاليف الحصول عليها أو عوائدها . 


المقدمة
:

إن نجاح المشاريع الإقتصادية في تحقيق أهدافها يعتمد بدرجة كبيرة على الكفاءة وفعالية الموارد
البشرية العاملة بها، وباعتبار العنصر البشري هو المورد الحقيقي لأي مشروع، والموارد المادية ماهي إلا
عوامل مساعدة ،و الإنسان لما يملكه من المهارات ويتمتع به من رغبة في العمل هو العنصر الحاسم لتحقيق
الكفاءة الإنتاجية والربحية، فالمشروع ينفق أموال طائلة في استقطاب واختيار وتدريب العاملين، إلا أن
المحاسبة التقليدية تنظر إلى هذه الأعباء على أنها نفقات جارية تحمل على إيراد الفترة المالية عند حساب
صافي الربح، ورغم أنها تمثل استثمارات تنفق من أجل تكوين أصولا للمؤسسة، وبالتالي على محاسبة
الموارد البشرية تشجيع الإدارة على النظر إلى الموارد البشرية عند اتخاذ القرارات على أنها أصول تتوقع
أن تحصل عن طريقها على منافع مستقبلية وكذا إيجاد نظام متكامل للمحاسبة عن تكاليف وقيمة الموارد
البشرية
.

وخلال هذه الورقة نحاول تسليط الضوء على مجال محاسبة الموارد البشرية باعتبارها مجالا جديدا،
وتمثل مرحلة من مراحل التطور المتميزة، فما هي محاسبة الموارد البشرية، وماهي أهدافها والفروض التي
تقوم عليها؟، وماهي الأسس المحاسبية المتبعة في تقييم الأصول البشرية؟، وللإجابة عن هذه الاستفسارات
قسمنا هذه الورقة البحثية إلى المحاور التالية
:

أولا
: التعريف بمحاسبة الموارد البشرية .

ثانيا
: وجهات النظر المؤيدة والمعارضة .

ثالثا
: طرق قياس تكلفة الموارد البشرية.

أولا
– التعريف بمحاسبة الموارد البشرية:

-
1 مفهوم محاسبة الموارد البشرية:

لقد أعطيت عدة تعاريف لمحاسبة الموارد البشرية نوجزها فيما يلي
:

عرفت جمعية المحاسبة الأمريكية محاسبة الموارد البشرية بأنها
"عملية تحديد وقياس الموارد
البشرية، وإمداد الوحدات الإدارية المعنية بهذه المعلومات" ( 1).

وتعرف كذلك على أنها
"عبارة عن عملية قياس وإعداد التقارير عن الديناميكيات البشرية
في المنظمة، وهي عملية تقييم حالة الموارد البشرية في المنشأة وقياس التغير في هذه الحالة على مدار
الزمن، كما أنها عملية توفير معلومات عن الأفرادوالجماعات للمنشأة لمتخذي القرارات سواء داخل
المنشأة أو خارجها"( 2).

من التعريفيين السابقين نجد بأن الفكرة الأساسية لمحاسبة الموارد البشرية تدور حول القيمة
الاقتصادية للموارد البشرية للمؤسسة، والتي يجب متابعتها وقياسها، ورصد التغيرات التي تطرأ عليها
خلال فترة زمنية، من خلال تقديم المعلومات والبيانات اللازمة لمساعدة الإدارة في عمليات اتخاذ القرارات
بشأن القوى العاملة، كزيادة المهارة والإنتاجية بتطبيق برامج لتعليم وتدريب العاملين
.

وتحقق محاسبة الموارد البشرية عدة مزايا للإدارة
: ( 3)

جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص ا
لإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004

133
-
التخطيط السليم للقوى العاملة المواجهة للأعباء الحالية والمتوقعة.
- تقدير الاستثمارات التي توجهها المنظمة في بناء تنظيمها الإنساني.
- تحديد أفضل مجالات الاستفادة من الأصول البشرية، وذلك عن طريق قياس:

􀂃
العائد من استخدام هذه الأصول

􀂃
تقدير التكاليف الحقيقية للأعمال مما يساعد على اتخاذ القرارات
الملائمة المالية والإنتاجية الإنسانية.

-
2 أهداف محاسبة الموارد البشرية:

إن محاسبة الموارد البشرية تهدف إلى تقديم المعلومات اللازمة والضرورية عن القوى العاملة
بالمؤسسة، كما تساهم في قياس تكلفة الموارد البشرية، لتساعد الإدارة في اختيار الأفراد الملائمين وتدريبهم
وصيانتهم وتحفيزهم
.

فمحاسبة الموارد البشرية تسعى إلى وضع نظام محاسبي ملائم يوفر المعطيات والمعلومات اللازمة
لاتخاذ القرارات الملائمة، والمتمثلة في الاستخدام الأفضل للعنصر البشري في المؤسسة
.

-
3 فروض محاسبة الموارد البشرية:

تستند محاسبة الموارد البشرية على الفرضيات التالية
:

-
1-3 الفرض الأول:

يعتبر العنصر البشري موردا هاما من موارد المؤسسة، إذ له قيمة اقتصادية مباشرة وغير مباشرة
وتتمثل القيمة المباشرة بالمجهود والوقت الذي تبذله الموارد البشرية لإنجاز الأعمال الموكلة إليها مباشرة،
وتقديم خدمات متنوعة حالية ومستقبلية، بينما تتمثل القيمة الاقتصادية غير المباشرة بحسن استخدامها
واستفادتها من الموارد المادية والتكنولوجية، حيث أن هؤلاء قادرون على المساهمة في تحقيق أهداف
المؤسسة
.

-
2-3 الفرض الثاني:

تتأثر قيمة الموارد البشرية بالنمط القيادي للإدارة، حيث تتوقف إنتاجية العاملين على القدرات
والمهارات من ناحية، والرغبات والميول من الناحية أخرى، كما تتطور معارف الموارد البشرية
في المنظمات التي تركز إدارتها على التدريب وتطوير العاملين، وكذا الحوافز المادية والمعنوية التي تقدمها
لإشباع الحاجات المختلف، كما أن الإدارة تساهم في توجيه العنصر البشري واستخدام طاقاته الاستخدام
الصحيح، مما يولد لديه دوافع إيجابية، واستعداد نفسي وذهني للمساهمة في أهداف المنظمة ،أما إذا فشلت
الإدارة في استخدام العنصر البشري انخفضت قيمته، وعليه فالإدارة الناجحة عليها أن تجذب الكفاءات
الجيدة أكثر من غيرها
.

-
3-3 الفرض الثالث :

تعد معلومات الخاصة بمحاسبة الموارد البشرية في جانب تكلفة وقيمة الموارد البشرية، ضرورية
لفاعلية وكفاءة إدارة المنظمة، فمثل هذه المعلومات مفيدة في عمليات التخطيط لاختيار وتوظيف وتنمية
الموارد البشرية
.

كما أن المعلومات التي تتضمنها محاسبة الموارد البشرية لها أهمية كبيرة في عمليات الرقابة والتقييم
في الأجلين القصير والطويل، سواء لإدارة المنظمة أو للمتعاملين الخارجيين
.

-
4-3 الفرض الرابع :

إن توظيف الموارد البشرية يعتبر تكلفة اقتصادية تتحملها المؤسسة مقابل خدمات ومنافع تحصل عليها
مستقبلا، لذا يمكن ترجمة هذه التكاليف والخدمات في صورة نقدية، وإظهارها في القوائم المالية
.

جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص ا
لإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004

134
-
5-3 الفرض الخامس:

إن المفهوم التقليدي للأصول يقوم على أنها
"حقوق وخدمات مملوكة قابلة للقياس بوحدات نقدية وهي
تكتسب نتيجة للتعامل بين الوحدات الاقتصادية يتوقع الحصول منها مستقبلا على خدمات أو منافع
اقتصادية"( 4)

ومن ثم نستخلص أن الأصول تمتلك الخصائص التالية
:
- إمكانية القياس المحاسبي للأصل في صورة نقدية.
- وجود حقوق محددة على منافع وخدمات مستقبلية.
- أن تكون هذه الحقوق مملوكة لشخص أو منظمة.

ويمكن تطبيق قسما كبيرا من خصائص الأصل على الموارد البشرية إذ أن المنافع المحققة
من استخدامها هي منافع مستقبلية، وكذا القدرة على حساب مجمل التكاليف التي أنفقت في استقطاب العنصر
البشري، واعتباره موردا وليس كأصل قابل للتملك بشكل كامل كبقية الأصول الأخرى، وللمنظمة الحق فقط في
تشغيل واستخدام وتوجيه مواردها البشرية ،ولها الحق الشرعي بالتعاقدات والالتزامات بين الطرفين الفرد
والمؤسسة،وعلى هذا الأساس تعتبر الموارد البشرية أصولا ذات تكاليف مباشرة وغير مباشرة من اقتناء
وتدريب وتنمية مهارات وغيرها من التكاليف التي ترتبط بالإنتاج ،حيث يستفاد منها لعدة فترات مما يؤدي إلى
إهتلاكها على مدار العمر الإنتاجي المتوقع للعاملين، واعتبار قيمة قسط الاهتلاك مثل المرتبات والأجور وأعباء
التأمينات الاجتماعية
.

ثانيا
- وجهات النظر المؤيدة والمعارضة:

مما سبق نجد أن محاسبة الموارد البشرية تهدف إلى توفير المعلومات والبيانات التي تساعد المنظمة
على حساب تكاليف ومنافع مواردها البشرية، مما يساعدها على عمليات اتخاذ القرارات الخاصة بالعاملين،
وفي إطار ذلك عرضت الكثير من وجهات النظر المؤيدة والمعارضة نذكر منها
:

-
1 وجهات النظر المؤيدة:

-
1-1 تقدم محاسبة الموارد البشرية معلومات هامة وموثوق بها للجهات ذات العلاقة داخل وخارج
المؤسسة،وخاصة أجهزة الرقابة الحكومية.

-
2-1
تساعد محاسبة الموارد البشرية المؤسسة على القيام بمسؤولياتها الاجتماعية، وذلك بالربط بين
تحقيق الأهداف التنموية والأهداف الانتاجية.

-
3-1
تساعد الإدارة على توفير مناخ العمل الملائم لتنمية الموارد البشرية وتطوير قدراتها
الإبتكارية، إذ يساعد قياس الأصول البشرية على التعرف على احسن الطرق الدافعية وإقامة العلاقات السلمية
بين الأفراد والجماعات ( 6)

-
4-1
تحقق محاسبة الموارد البشرية مزايا تخطيطية ورقابية، مثل تقييم برامج التدريب والتنمية التي
تقدمها الإدارة للأفراد.

-
5-1
تساهم محاسبة الموارد البشرية في تحويل النظرة إلى العاملين، من أنهم تكاليف إلى أنهم أصول
،ومن ثمة تعمل على النمط القيادي الإداري المهتم بتنمية وتطوير الموارد البشرية.

-
2 وجهات النظر المعارضة
:

-
1-2
إن عملية جمع وعرض البيانات المتعلقة بالموارد البشرية، عملية صعبة نظرا لكثرة المتغيرات،
حيث من الصعب قياس كل التغيرات التي تطرأ على العامل، وبالذات المتغيرات الإنسانية (السلوك،
الدوافع، الرضا).

-
2-2
كما يترتب على صعوبة القياس أن قيمة الأصل البشري المعروض في الميزانية تتغير ولا تفصح
عن القيمة الحقيقية لهذا الأصل.

-
3-2
عدم موازنة المنافع المحصلة من استخدام محاسبة الموارد البشرية مع تكاليف جمع البيانات
وإعداد الجداول والميزانيات.( 7)

جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص ا
لإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءاتالبشرية 09 - 10 مارس 2004

135
-
4-2
تساعد الإدارة على مزيد من استغلال جهود الأفراد نحو الأهداف الاقتصادية، إذ أن الأصل شيء
يهتلك وأن محاسبة الأصول تتضمن العمل على إهتلاك الأصل بأكفأ طريقة ممكنة.( 8)

-
5-2
تتطلب فعالية نظام محاسبة الموارد البشرية وجود نظام دقيق لتقييم أداء العاملين، يرتكز على
الموضوعية والعدالة والشمول وهذا ما لا يتوفر في كثير من الأحيان ،وذلك لحدوث أخطاء في عمليات
التقييم كالتحيز والنسيان والخوف.

إن لاستخدام محاسبة الموارد البشرية مزايا وعيوب، الأمر الذي يتطلب من المؤسسة ضرورة إجراء
موازنة بين السلبيات والإيجابيات التي يولدها تطبيق تنظيم محاسبي للعنصر البشري من النواحي المحاسبية
والإدارية والإنتاجية
.

ثالثا
– طرق قياس تكلفة الموارد البشرية :

هناك العديد من الطرق لقياس تكلفة الأصول البشرية، نذكر منها
:

-
1 طريقة التكلفة التاريخية :

ويقصد بها التكاليف الفعلية التي أنفقت في سبيل الحصول على الموارد البشرية كاستدعاء واختيار وتوظيف
وتدريب العاملين، واعتبارها نفقات رأسمالية يستفاد منها لعدة فترات مما يتعين إهتلاكها على العمر الإنتاجي
لتلك الأصول البشرية لتحديد تصيب كل فترة منها وفي حالة تصفية الأصل أو الاستغناء عن العاملين قبل انتهاء
حياتهم الإنتاجية ويعتبر الرصيد المتبقي خسارة
( 9) .

وليتم قياس التكلفة التاريخية
(الأصلية ) للموارد البشرية لابد من تبويبها إلى عنصرين هما :

-
1-1 تكلفة الحصول على العاملين :

وتبين التضحية التي يجب أن تتحملها المؤسسة في سبيل الحصول على من يشغل مركزا معينا، وهذه
التكاليف قد تكون مباشرة أو غير مباشرة، وتتكون من العناصر التالية
:

أ
- تكلفة الاستقطاب :

وهي تكلفة اجتذاب أعضاء جدد المؤسسة، وتتمثل في تكلفة الإعلانات، وأتعاب هيئة التوظيف، وتكلفة
السفر والمصاريف الأخرى
.

ب
- تكلفة الاختيار :

وتتحمل المؤسسة هذه التكلفة من أجل تحديد من يجب أن تمنح له الوظيفة، كتكاليف المقابلات
والاختيارات
....

ج
- تكلفة التعيين :

تتحمل المؤسسة تكلفة التعيين في سبيل الحصول على عنصر جديد في التنظيم الإداري للمؤسسة
.

-
2-1 تكلفة التعليم :

و
تشير هذه التكلفة إلى التضحية التي تتحملها المؤسسة من أجل تدريب العاملين، وتشتمل على تكاليف
مباشرة وغير مباشرة مثل تكاليف التأهيل والتدريب سواء المدربين أو المتدربين .

وتتميز هذه الطريقة بالسهولة والبساطة في القياس وما يعيبهاهو أن التكلفة التاريخية للأصول البشرية لا
تعبر عن الطاقة الإنتاجية الأساسية للأفراد، والتي لايمكن بدونها اعتباره أصلا بشريا، كما أن قيمة الفرد خلال
فترة زمنية تتغير، سواء بالزيادة لاكتساب قدرات جديدة، أو بالنقصان بسبب تقدم السن، أو المرض، مما يؤدي
إلى وجود عائد غير سليم لقيمته الاستثمارية
.

-
2 طريقة تكلفة الإحلال :

وتعرف تكلفة الإحلال للموارد البشرية بأنها
"التضحية التي تتحملها المؤسسة اليوم لإحلال موارد بشرية
بدلا من الموجودة الآن" ( 10 ) .

وتشتمل على نوعين من تكلفة الإحلال وهي
:

جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص ا
لإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004

136
-
1-2 تكلفة الإحلال الوظيفي :

ويقصد بتكلفة الإحلال الوظيفي بأنها
"التضحية التي تتحملها المؤسسة في الوقت الحالي في سبيل إحلال
شخص محل شخص آخر يشغل ووظيفة معينة في التنظيم، بحيث يكون البديل قادرا على القيام بنفس الأعباء
وتقديم نفس الخدمات التي تلزم لهذه الوظيفة ( 11 ) .

وتتكون تكلفة الإحلال الوظيفي من ثلاث عناصر هي
:
- تكلفة الحصول على الأفراد .
- تكلفة التعليم .
- تكلفة ترك العمل .

-
2-2 تكلفة الإحلال الشخصي :

و
تعبر عن التضحية التي تتحملها المؤسسة حاليا في سبيل إحلال شخصي محل آخر يكون قادرا على تقديم
مجموعة الخدمات التي يقدمها الشخص الحالي، وتشمل تكلفة إحلال الفرد أو التنظيم البشري كله .

وتختلف هذه الطريقة عن طريقة التكلفة التاريخية أنها تقوم باحتساب تكلفة الأصول طويلة الأجل على أساس
المتوقع إنفاقه في المستقبل، كما أنها تساعد في عملية تخطيط العنصر البشري بإيجاد تقديرات لنفقات الحصول
على عمل لمختلف الوظائف، وترشيد عملية اتخاذ القرارات، مما يجعلها تضع معايير لتكاليف تجميع وتوظيف
وتدريب العاملين، حيث تستعمل هذه المعايير في مقارنة النتائج الفعلية كما هو مخطط من قبل، وبالرغم من ذلك
فإنه يعاب على الطريقة عدم وجود أصول بشرية تتماثل مع الأصول البشرية بالمشروع الواجب تقدير قيمتها،
إضافة لذلك فأن نموذج تكلفة الإحلال يتضمن تكلفة الفرصة ،و التي يصعب استخدامها كمقياس بديل لقيمة
الموارد البشرية
( 12 ) .

-
3 طريقة تكلفة الفرصة البديلة :

وتعرف بأنها
" قيمة الأصل عندما يكون في استخدام بديل يختلف عن الاستخدام الحالي "
. (13)

و تعتمد هذه الطريقة على تقسيم العاملين في المؤسسة إلى مجوعتين
( 14 ) :

أ
-
فئة العاملين غير المهرة أو العاديين والذين يسهل إحلالهم بآخرين، ويتم تقسيمهم على أساس نفقات
الاستدعاء ...

ب
-
فئة العاملين المهرة وهي فئة نادرة يتم تقويمها باعتبارها أصول بشرية يتم استخدامها في أكثر
من نشاط أي عدة بدائل لمعرفة قيمتهم في أفضل استخدام لهم وتؤكد هذه الطريقة أن مدير ومراكز الاستثمار
في المؤسسة يتنافسون من أجل الحصول على أيدي عاملة ذات مهارة نادرة، فالمدير الذي ينجح
في الحصول على ذلك الفرد والمهارة العالية، ويمثل تكلفة الفرصة البديلة لذلك العنصر البشري والعمل
على إيجاد أفضل الظروف الملائمة لاستقطاب الأيدي العاملة، إلا إنها لا تهتم إلا بالفئة العاملين ذوي
الكفاءة العالية والنادرة .

-
4 طريقة العوائد المستقبلية :

وباستخدام هذه الطريقة يتم تقييم الأصول البشرية على أساس التوصل إلى القيمة الحالية للمرتبات
والأجور التي يتقاضاها العنصر البشري في المستقبل حتى نهاية عمرها الإنتاجي بالمنظمة، لتمكن من حساب
القيمة الإجمالية للأصول البشرية من واقع متوسط رواتب لمجموعة متماثلة من العاملين، إلا إنها لا تأخذ بعين
الاعتبار إلا عنصرا واحدا من عناصر التكاليف للوصول إلى قيمته الموارد البشرية ،و إهمال عوامل أخرى
كسن العامل وكفاءته وأقدميته
.

-
5 طريقة التكلفة الإقتصادية :

ويتم تقييم الأصول البشرية وفقا لمعدل العائد الممكن الحصول عليه من استخدامه، أي تحدد قيمه
الشخص بالمشروع بما يساوي القيمة الحالية للإرباح المستقبلية معتمدين في ذلك على مدى مساهمة الفرد
في تحقيق أهداف المنظمة
.

جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص ا
لإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004

137
الخاتمة
:

بعد أن أوضحنا ماهية وأهداف محاسبة الموارد البشرية ودوافعها، وطرق قياس تكاليف الأصول
البشرية، باستخدام العديد من الطرق، كطريقة التكلفة التاريخية، وطريقة تكلفة الإحلال
....، تبين لنا إن
محاسبة الموارد البشرية فكرة لازلت تعترضها الكثير من المشاكل والشكوك، رغم أنه بدا واضحا ضرورة
إظهار الأصول البشرية بالقوائم المالية للمؤسسات لمساعدة الإدارة والمستثمرين على اتخاذ القرارات
الخاصة بالموارد البشرية .

لذلك، وفي ختام بحثنا هذا، لابد من التأكيد على التوصيات التالية
:
- محاسبة الموارد البشرية تلعب دورا هاما في عملية إعداد عملية موازنة الحصول على العنصر
البشري بماتقدمها من تكاليف معيارية عن عمليات الاستقطاب والتدريب، واختيار العاملين

-
يجب تطبيق نظام متكامل لمحاسبة الموارد البشرية في كل المنشآت التي تستخدم رأس المال
البشري بدرجة كبيرة ؛

-
تساهم محاسبة الموارد البشرية في قياس وتقييم كفاءة وفعالية استخدام العنصر البشري، فهي تقدم
المعلومات عن تكلفة وقيمة كل فرد في التنظيم .

جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص ا
لإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004

138
الهوامش والمراجع
:

(
1)-علي محمد عبد الوهاب ،سعيد ياسين عامر :محاسبة الموارد البشرية ،دار المريخ للنشر، 1984 ،ص: 19 .
( 2)-سمية أمين علي :المحاسبة عن راس المال الفكري ،دراسة تحليلية مع التطبيق على راس المال البشري
،مجلة المحاسبة والإدارة والتامين ،العدد( 60 ) ،جهاز الدراسات العليا والبحوث كلية التجارة – جامعة القاهرة
، 2003 ،ص: 280 .
( 3)-علي محمد عبد الوهاب ،سعيد ياسين عامر :مرجع سابق ،ص: 21 .
( 4)-أسامة على عبد الخالق ،تنمية وتطوير الموارد البشرية العربية وإستراتيجيات البقاء في ظل المتغيرات
الإقتصادية الجديدة ،مجلة العمل العربية، العدد( 60 )، منظمة العمل العربية ، 1995 ،ص: 35 .
( 5)- حيث أن هذا المفهوم أخذت به بعض الدول العربية مثل جمهورية مصر العربية، حيث اعترف المشرع
ضمنيا بإهتلاك الأصول البشرية حينما نص في قانون الضرائب على الدخول باحتساب إهتلاك بشري لأرباب
المهن الحرة بواقع 15 % من صافي ربح المزاولة.

(
6)-
علي محمد عبد الوهاب ،سعيد ياسين عامر :مرجع سابق ،ص: 64 .

(7)-
www .yusuf -abufara.net :10 /02/2004

(
8)-علي محمد عبد الوهاب ،سعيد ياسين عامر :مرجع سابق ،ص: 66 .

(
9)-
أسامة على عبد الخالق :مرجع سابق،،ص: 44 .

(
10 )-
سمية أمين علي : مرجع سابق ،،ص: 283 .

(
11 )-
شوقي السيد فوده :مدخل نحو تطوير الاطار الفكري للمحاسبة عن الموارد البشرية في بيئة الأعمال
المصرية من حيث المفاهيم والمبادئ وطرق القياس ،المؤتمر العلمي السنوي الثالث،إدارة التنمية بمصر في ظل
التحولات العالمية ،الزقازيق، 7- 8 نوفمبر 1999 ،ص: 214

(
12 )-
سمية أمين علي : مرجع سابق ،ص: 285 .

(13)-
www .yusuf -abufara.net :10 /02/2004

(
14 )-
أسامة على عبد الخالق :مرجع سابق ،ص: 47 .
جميع البحوث السابقة منقولة من مواقع متفرقة للبحوث والدراسات

 

من إعداد
: نوال بن عمارة
صديقي مسعود
كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية
جامعة ورقلة

Thursday, January 26, 2012

منازعات العمل الفردية وكيفية تسويتها


منازعات العمل الفردية وكيفية تسويتها

        قد يشوب التوتر في العلاقة بين أحد العمال والمستخدم حول مضمون العقد نفسه, أو حول الالتزام أو حق معين يخص أحد الطرفين التي تقوم عليها علاقة العمل.
ولحل هذه الإشكاليات والمنازعات، وتنظيم عمليات حلها وتسويتها فقد وضع المشرع الآليات القانونية لذالك من خلال الهيأة المختصة، وكذالك الإجراءات الواجبة
الإتباع ويتجلى ذلك من خلال الإطار الذي حدده المشرع. وهذا مند السبعينات في إطار تسوية النزاعات الفردية عن طريق قانون العدالة في العمل[1]، الذي جاء ليحدد
الطبيعة الخاصة بالقضايا ومنازعات العمل، ويمكن قانون الإجراءات المدنية بأحكام خاصة بهذا النوع ما يتلاءم وطبيعة هذه المنازعات والتطورات السياسية
والاقتصادية التي عرفتها البلاد والتي تحددت بتنظيم علاقات العمل[2]، وكذالك كيفية تسوية المنازعات الفردية في العمل [3]والذي جاء في المادة الثانية لتحديد المنازعات الفردية كما يلي :
" يعد نزاعا فرديا في العمل بحكم هذا القانون، كل خلاف في العمل قائم بين عامل أجير ومستخدم بشأن تنفيذ علاقة العمل التي تربط بين الطرفين إذا لم يتم حله في إطار عمليات تسوية داخل الهيئات المستخدمة "
ومن خلال هذه المادة والتي من خلالها نحاول ان نلم بموضوع النزاع الفردي من حيث البحث عن الوسائل والإجراءات الوقائية والتي تعرف بالتسوية الودية لهذه المنازعات داخل الهيئة المستخدمة و بعدها نتعرض إلى التسوية القضائية لهذه المنازعات.

المبحث الأول : إجراءات تسوية منازعات العمل الفردية
المطلب الأول : التسوية الودية للمنازعات الفردية

 
الخاصية المميزة للمنازعات الفردية في العمل هي وجوب إتباع بعض الإجراءات الأولية والتي تعتبر شرطا جوهريا لقبول الدعوى قضائيا والتي تتمثل في التسوية الودية وذلك من اجل الحفاظ على العلاقة الحسنة بين العامل وصاحب العمل التي كثيرا ما تكون ضرورية لاستمرار علاقة العمل.
الفرع الأول: التسوية الداخلية للنزاع
نلاحظ أن التشريع الجزائري لم يهمل هذا الجانب حيث خصص له الباب الثاني من القانون 90/04 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل، والتي يحمل عنوان" كيفية معالجة النزاعات الفردية في العمل داخل الهيئات المستخدمة، وبهذا جعل من إمكانية تسوية النزاع بين العامل أو ممثلا له وصاحب العمل داخل المؤسسة عن طريق إيجاد حلا مشتركا للنزاع وهذا دون تدخل أي جهة أجنبية في النزاع وذالك أما أن يسحب صاحب العمل قراره المتخذ ضد العامل، أو أن يعادله حسب درجة الخطأ المهني الذي ارتكبه العامل وهذا استجابة لطلب العامل وترك المشرع الجزائري الإجراءات الداخلية لمعالجة النزاعات الفردية في العمل. حيث تنص المادة 03 من قانون تسوية النزاعات الفردية للعمل
" يمكن للمعاهدات والاتفاقيات الجماعية للعمل أن تحدد الإجراءات الداخلية لمعاجلة النزاعات الفردية في العمل داخل الهيئة المستخدمة "
ولكن في حالة غياب هذه الإجراءات في الاتفاقية الجماعية فان للعامل حق اللجوء إلى الإجراءات التي ينص عليها القانون وهذا بتقديم العامل أمره إلى رئيسه مباشرة والذي يجب أن يقدم الرد عليه خلال 08 أيام وهذا ما جاءت به المادة 04 من قانون تسوية النزاعات الفردية للنزاعات في العمل بقولها " في حالة غياب الإجراءات المنصوص عليها في المادة الثالثة من هذا القانون، يقدم العامل أمره إلى رئيسه المباشر الذي يتعين عليه تقديم جواب خلال ثمانية أيام من تاريخ الإخطار في حالة عدم الرد، أو عدم رضى العامل بمضمون الرد يرفع الأمر إلى الهيئة المكلفة بتسيير المستخدمين حسب الحالة .
يلزم الهيئة المسيرة أو المستخدم بالرد كتابيا عن أسباب رفض كل أو جزئ من الموضوع خلال ( 15 )خمسة عشر يوما على الأكثر من تاريخ الإخطار " .
ونسجل في هذا المجال أن التظلم الذي يقوم به العامل لا يخرج عن نطاق المؤسسة التي يعمل بها وهذا خلافا للتنظيم الإداري الذي يمكن أن يجد قطاع أوسع وهذا لوجود سلطة هرمية أي رئاسية أو وصاية على الإدارة.
وإذا كان هذا الأسلوب يعتبر بسيطا في إجراءاته وسرعته إلى انه لا يمكن أن يكون الحل المناسب لكل النزاعات، خاصة إذا كانت هذه النزاعات معقدة وأثرها جسيما فأنه في هذه الحالة يجب تمسك المستخدم بقراره أو حتى يمكنه التنازل عنه ولكن بشروط يحددها هو، وهذا لا يبقي للعامل إلا الإتجاه إلى الوسيلة الثانية والتي تخرج عن إطار المؤسسة ليتدخل طرف ثالث لحل النزاع بين العامل والمستخدم حيث يعض النزاع على مفتش العمل أو لجنة المصالحة، وهذا ما جاءت به المادة 05 من قانون تسوية النزاعات الفردية بينهما " بعد استفادة إجراءات المعالجة الداخلية لنزاعات العمل الفردية، داخل الهيئة المستخدمة يمكن للعامل إخطار مفتش العمل للإجراءات التي يحددها هذا القانون".



الفرع الثاني: إخطار مفتش العمل
 
في حاة فشل المساعي الودية التي تتم داخل المؤسسة المستخدمة أوفي حالة عدم قيام العامل بعرض النزاع عليها، يمكن لهذا الأخير إخطار مفتش العمل إذا شاء مواصلة المطالبة بحقوقه وهذا مانصت عليه المادة 05 من قانون تسوية النزاعات الفردية بعد استنفاذ إجراءات المعالجة الداخلية لنزاعات العمل الفردية، داخل الهيئة المستخدمة يمكن للعامل إخطار مفتش العمل للإجراءات التي يحددها هذا القانون.
والإخطار يتم بواسطة عريضة مكتوبة من طرف العامل أو بحضوره شخصياً أمام مفتش العمل الذي يقوم بتحرير محضر بتصريحاته وبعد ذلك يقوم مفتش العمل في ظرف ثلاثة أيام من تلقيه الإخطار سواء كان بواسطة العريضة المقدمة إليه أو المحضر المحرر من طرفه باستدعاء مكتب المصالحة للنظر في النزاع المعروض للمصالحة حيث يجتمع مكتب المصالحة بعد ثلاث أيام على الأقل من تاريخ الاستدعاء إلى جانب حضور الطرفين.

الفرع الثالث: التسوية الخارجية للنزاع ( المصالحة )
دور مكتب المعالجة واختصاصه:
وهو الإجراء الذي يقوم به طرف ثالث بمحاولة التقريب في وجهات نظر الطرفين المتنازعين ( العامل والمستخدم) والخروج بحل يرضي الطرفين والحفاظ على العلاقة الودية بينهما.
وتختلف اجراءات المصلحة والهيئات التي تقوم بها في القوانين المقارنة حسب اختلاف الأنظمة السياسية والاقتصادية، والتشريع الجزائري في هذا الإطار عرف تحولاً كبيراً، في التشريع القديم يعطى هذا الاختصاص إلى مفتش العمل وهذا ما كان معمول به في قانون 1975م.
أما النظام الجديد فقد أنتزعت هذه المهمة من مفتش العمل بمقتضى قانون 90/04 حيث أنشأ هذا القانون هيئة مصالحة متساوية الأعضاء نصفها من العمال والنصف الآخر من أصحاب العمل، وهذا ماتنص عله المادة 06 من نفس القانون السابق "يتكون مكتب المصالحة من عضوين ممثلين للعمال وعضويين ممثلين ويرأس المكتب بالتداول ولفترة ستة أشهر عضو من العمال ثم عضو من المستخدمين".
وبهذا تحولت صلاحية مفتش العمل في إطار هذا القانون مجرد وسيلة اتصال بين العمال وهذه اللجنة وبالتالي قد أنتزع من مفتش العمل اختصاص يعتبر معترف به في معظم قوانين المقارنة[4].
وقد جعل القانون الجديد عملية الصلح من الإجراءات الجوهرية التي لا يمكن الاستغناء عنها ولا يمكن قبول أية دعوى قضائية لم تتم فيها عملية الصلح[5]حيث تؤكد المادة 19 ف 01 من القانون السابق الذكر والتي تنص على مايلي:
"يجب أن يكون كل خلاف فردي خاص بالعمل موضوع محاولة للصلح أمام مكتب المصالحة قبل مباشرة أي دعوى قضائية".
ولكن رغم تلك الاستثناءات على هذا الإجراء بحيث يمكن أن يصبح حيازي إذا كان المدعى عليه يقيم في الخارج أو في حالة إفلاس أو تسوية قضائية للطرف المستخدم.



الفرع الرابع: تشكيل مكتب المصالحة واختصاصه

مكاتب المصالحة عبارة عن لجان متساوية الأعضاء، خاصة بنزاعات العمل الفردية، وتتكون هذه المجالس من عضوين ممثلين للعمال، وعضوين ممثلين للمستخدمين وتكون رئاسة المجلس بالتداول لمدة شهرين، وهذ ما جاءت به المادة 06 المذكورة أعلاه، بحيث يتم اختيار الممثلين بعد عملية الإقتراع السري من بين المرشحين، والتي يجب أن تتوفر فيهم الشروط التي جاءت بها المادة 12 من قانون تسوية النزاعات الفردية 90/04 حيث جاءت بالشروط العامة وهي:
- التمتع بالجنسية الجزائرية.
- بلوغ سن 25 سنة على الأقل يوم الإنتخاب.
- ممارسة العمل 05 سنوات على الأقل.
- التمتع بالحقوق المدنية والسياسية.
وهذا بالإضافة إلى بعض الشروط الخاصة، ةالتي جاءت بها المادة 13 من نفس القانون والتي تمنع أن ينتخب الأشخاص الذين يمكن أن تتوفر فيهم الحالات التالية:
- الأشخاص المحكوم عليهم بارتكاب جناية أو بالحبس بسبب ارتكاب جنحة والذين لم يرد لهم اعتبارهم.
- المقلصون الذين لم يرد إليهم اعتبارهم.
- المستخدمون المحكوم عليهم بسبب العود في ارتكاب مخافة تشريعات العمل خلال فترة نقل عن سنة واحدة.
- العمال المحكوم عليهم منذ فترة تقل عن سنتين (02) بسبب عرقلة حرية العمل.
- قدماء المساعدين أو الأعضاء الذين أسقطت عنهم صفة العضوية.
ويتم تعيين الأعضاء الذين تم انتخابهم في المكتب بصفة رسمية بأمر من رئيس المجلس القضائي المختص إقليمياً، وهذا بعد الاطلاع على نتائج الانتخابات ووفق الترتيب التنازلي في عدد الأصوات المحصل عليها وذلك لمدة ثلاث سنوات.
أما فيما يتعلق باختصاص مكاتب المصالحة فيمكن التمييز بين الاختصاص النوعي والذي يتمثل في أنواع القضايا أو المنازعات الفردية التي يختص بها هذا المكتب.
أما الاختصاص المحلي أو ما يطلق عليه بالنطاق الجغرافي الذي يمتدد إليه اختصاص كل مكتب.
أ-تنظيم 1972م والذي يحكمه الأمر 72/61[6]المتعلق بتسيير المحاكم في المسائل الاجتماعية، والتي حددت كيفية تنظيم الجلسات في المسائل الاجتماعية بحيث تكون تشكيلة تتكون من قاضى يساعده، مساعدان من العمال لهما دور استشاري.
ب- تنظيم 1975م: والذي يحكمه أمر75/32 المتعلق بالعدالة في العمل[7]بحيث أصبح التنظيم أوسع وأشمل من التنظيم السابق الذكر، بحيث أصبح دور المصالحة عملية إجرائية سابقة اللجوء إلى القضاء بل جعله إجراء جوهري لا تقبل الدعوى القضائية ما لم يتم عرض النزاع على مكتب المصالحة ويحصل المدعي على محضر عدم المصالحة لهذا الإجراء وقد بقي هذا التنظيم على نفس التشكيلة السابقة المذكورة في التنظيم السالف الذكر ولم يأتي بجديد سوى أن وضع إجراءات خاصة وكيفيات استدعاء الخصوم وسير الدعوى.
ج- تنظيم 1990م: الذي يحكمه القانون 90/04 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل[8]حيث أدخل تعديلاً هيكلياً على تشكيلة المحاكم الفاصلة في المسائل الاجتماعية هذا بالإضافة إلى كافة الإجراءات المتعلقة بتسوية النزاعات الفردية السالفة الذكر (الداخلية، الودية والمصالحة).حيث أصبحت التشكيلة تتكون من قاضي وممثلين للعمال مساعدان ، وممثلين للمستخدمين مساعدان، وبهذا نقول أنه أصبح عبارة عن لجنة متساوية الأعضاء، ويكون القاضي فيها رئيساً، كما تحول الطابع الإستشاري لهؤلاء المثلين إلى طابع تداولي. وهذا ما جاءت به المادة 08 ف 05 بقولها:
" للمساعدين من العمال والمستخدمين صوت تداولي، وفي حالة تساوي الأصوات يرجع صوت رئيس المحكمة".



الفرع الخامس: تنفيذ اتفاقية الصلح
لقد اعتبر المشرع الجزائري محضر المصالحة حجة إثبات [9]بحيث يكون اتفاق تنفيذ المصالحة وفق الآجال التي يحددونها ولكن في حالة عدم وجود اتفاق في أجل 30 يوم من تاريخ الاتفاق.
وتنفيذ الاتفاق يكون راجعاً إلى رغبة الأطراف أنفسهم والإلتزام بما تم الإتفاق عليه وصدر فيه محضر من قبل مكتب المصالحة، ولما كان اتفاق الصلح لا يطرح مشاكل أثناء العمل على التواصل إليه[10]بقدر ما يطرحها عند تنفيذه، وبهذا فقد حاول المشروع الاحاطة ببعض الضمانات التنفيذية، والتي تتمثل في غرامة تهديدية والذي يكون بأمر صادر من رئيس المحكمة الفاصلة في المسائل الاجتماعية، والملتمس بعريضة من أجل التنفيذ وتحديد هذه الغرامة التهديدية إلا أن نجاعة وفعالية هذه الغرامة التهديدية لم تظهر بعد في الحياة العملية وهذا ربما لحداثة هذا القانون والذي لم يرسخ بعد عملياً.
ومن خلال ما تقدم يبقى التساؤل المطروح حول نجاعة التسوية الودية سواء كانت داخل المؤسسة أو خارجية، والتي تتمثل في المصالحة فإننا نستطيع أن نقول بأن هذه التجربة جاءت مفاجئة وسريعة، وهذا بسبب التحول السياسي والاقتصادي المفاجئ الذي عرفته البلاد منذ 1988م بعد الأزمة الاقتصادية التي ضرت الجزائر منذ الثمانينات ولهذا فإنه لكي تقوم مكاتب المصالحة بدورها الأساسي وعلى أكمل وجه فإنه من الضروري إعادة تنظيم هذه الهيئة بالشكل الذي يحقق لها النجاح في حل النزاعات العمالية ولا يكون دورها الأساسي هو تحرير محاضر عدم المصالحة لتقديم النزاع إلى العدالة. بحيث أن اقتراح إضافة غرفة أو مصلحة أو فرع خاص بنظام المصالحة إلى جانب أو ضمن الغرفة الاجتماعية الموجودة حالياً في كل محكمة وتأطيرها بكل الجوانب التنظيمية القانونية والبشرية وهذا لتمكينها القيام بعملها على أكمل وجه
وكذلك فان بهذه الطريقة يكون أعضاء مكاتب المصالحة يتمتعون بنفس النظام القانوني للمساعدين القضائيين ،سواء من حيث شرط واجراءات ونظام الآنتخاب أو من حيث وسائل الحماية الأخرى المقررة في القانون والنظام المعمول به ،في مجال الأنتخاب لهؤلاءالأعضاء .
كما يجب أن تدعم الوسائل والضعوط اللازمة القانونية والعقابية لضمان تنفيذ هذه الاتفاقيات الصلح بحيث يصبح تنفيذ اتفاقيات الصلح بحضر نفس الحماية والضمانات التي يحضى بها الحكم القضائي .
وفي انتظار التعديلات التي يمكن أن تطرأ على مكاتب المصالحة من الإجراءات والقوانين التي تنظمها وتسهل لها عملية حل النزاع دون الوصول الى التسوية القضائية فانه وفي الوقت الحالي تبقى التسوية القضائية هي الإدارة التي يلجأ إليها الأطراف لحل النزاعات والخلافات بينهم (العامل والمستخدم )

المطلب الثاني .التسوية القضائية.
تعتبر التسوية القضائية هي الوسيلة الأخيرة لحل نزاعات العمل الفردية وهذا عند فشل كل محاولات التسوية الودية سواء أكانت تسوية داخلية أو محاولة الصلح .
وهي المرحلة الرسمية الأخيرة التي تلجأ إليها الأطراف عند فشل طرق ومحاولات التسوية الودية في مختلف مراحلها السابقة .

الفرع الأول: تعريف قضاء العمل وبيان طبيعته
يعرف قضاء العمل بأنه قضاء مهني متساوي التمثيل يختص بتسوية النزاعات التي قد تحدث بمناسبة تنفيذ أو توقف أو قطع علاقة العمل أو عقد تكوين أو تمهين (م 20 من ق 90/04 ) إن قضاء العمل يتسم بطابعه الاستثنائي، بالمقارنة مع النظام القضائي العادي وأساس سبب هذه الاستثناء يكمن في ثلاث مظاهر بارزة يتمثل الأول في تشكيل المحكمة عند النظر في النزاعات العمالية، بينما يتمثل الثاني في الطابع الاستعجالي لقضاء العمل، في حين يتمثل الثالث في نوعية وطبيعة الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة لاسيما من حيث قوتها التنفيذية.
أولاً / تشكيل المحكمة الفاصلة في القضايا الاجتماعية:
يتكون القسم الاجتماعي للمحكمة من ممثلين للعامل وممثلين للمستخدمين إلى جانب القاضي الذي يعتبر رئيس المحكمة (سابقاً كان صوت تشاوري) تساوي الأصوات يرجح صوت المحكمة.
ثانياً / الطابع الاستعجالي:
يتمثل هذا الطابع فيما يتعلق بآجال رفع الدعوى أو الحكم فيها إذ تنص المادة 38 من ق 90/04 بأنه: " تحدد الجلسة الأولى في مدة أقصاها 15 يوم من تاريخ توجيه العريضة الافتتاحية للدعوى وعلى المحكمة أن تصدر حكمها في أقرب الآجال باستثناء حالات إصدار أحكام تمهيدية أو تحضيرية " ويرجع سبب الاستعجال هذا إلى ظروف العامل المادية والمهنية والاجتماعية التي لا تسمح له في أغلب الأحيان بالانتظار الطويل للنظر في قضيته.
ثالثاً / التنفيذ المعجل للأحكام القضائية:
نظراً لظروف العامل التي سبق ذكرها يترتب عن ذلك ضرورة التنفيذ المعجل للأحكام القضائية الخاصة بالعمل، ومن أحكام قوانين العمل المتعلقة بالتنفيذ المعجل للأحكام رغم ما قد يمارس عليها من أساليب الطعن والمراجعة ونذكر نص المادة 22 من ق 90/04 والتي تقضي بأنه :" تكون الأحكام القضائية المتعلقة بالمسائل التالية محل تنفيذ مؤقت بقوة القانون:
- تطبيق أو تفسير اتفاقية أو اتفاق مبرم للعمل.
- تطبيق أو تفسير كل اتفاق مبرم في إطار الإجراءات الخاصة بالمصالحة أمام مكتب المصالحة.
- دفع الرواتب والتعويضات الخاصة بالأشهر الستة الأخيرة، كما يمكن للمحكمة أن تأمر بالتنفيذ المؤقت دون كفالة بعد ستة أشهر ".
رابعاً / الإعفاء الجزئي أو الكلي من المصاريف القضائية:
إلى جانب الخصائص السابقة يمكن إضافة سمة أخرى تتمثل في الإعفاء الجزئي أو الكلي لقضايا العمل، من المصاريف القضائية سواء بصفة مباشرة وصريحة أو عن طريق توسيع الاستفادة من المساعدة القضائية لذلك تنص المادة 25 من ق 90/04 على أنه:" فضلاً عن الأحكام المنصوص عليها بموجب الأمر 71/57 المؤرخ في 05/08/1971م والمتعلق بالمساعدة القضائية تمنح الاستفادة منها بكامل الحقوق لكل عامل ومتدرب يقل مرتبه عن ضعف الأجر الأدنى المضمون".وذلك نظراً للظروف المادية والاجتماعية للعامل بالدرجة الأولى الذي كثيراً ما يعجز عن تحمل التكاليف القضائية اللازمة.
الفرع الثاني: اختصاص المحكمة الفاصلة في المسائل الاجتماعية
إن القانون التأسيسي للمحاكم الفاصلة في المسائل الإجتماعية قد حدد شروط الاختصاص النوعي لهذه الجهات القضائية حيث أنها الوحيدة المختصة في النظر والبت في نزاعات العمل الفردية باعتبار تلك النزاعات القائمة بين العامل والمستخدم حول تنفيذ وتعليق (توقيف) أوانها علاقة العمل التي تربطها فضلاً عن ذلك يتوسع اختصاص المحكمة إلى الميادين المحددة قانوناً ويمكن الذكر بالخصوص:
* المنازعات في مجال ض. إ
* المنازعات المتعلقة بانتخاب مندوبي العمل في لجنة المشاركة
* المنازعات المتعلقة بتطبيق وتأويل (تفسير) الاتفاقيات والاتفاقات الجماعية
* استقبال على سبيل الإيداع الأنظمة الداخلية.
وأما فيما يتعلق بجانب الإختصاص الإقليمي فقد وضع ق والقضاء نظاماً متميزاً بشأنه بحيث يمكن إدماجه ضمن قواعد الاختصاص النوعي.
أولاً / الاختصاص الإقليمي:
القاعدة العامة هو أن الاختصاص الإقليمي ليس من النظام العام ومعنى ذلك أنه بإمكان الأطراف معالجة هذه المسألة بإدراجها في العقد مثلاً بالتعيين بصفة مسبقة المحكمة المختصة في حالة نزاع ما، غير أنه في المجال الاجتماعي الأمور غير واضحة بهذه الكيفية، ويجب معالجة هذا الموضوع على ضوء الثلاثة نصوص التالية:
م24 من ق 90/04 – م79 ق 90/11 – م8 ق إ م. فانطلاقاً لما جاء في ق إ م في ف 16 من م 8 فإن نص م24 ق 90/04 قد منح العامل الاختيار لرفع الدعوى إما أمام المحكمة الواقعة في مكان تنفيذ ع، ع بغض النظر عن مكان إبرامها، أو أمام المحكمة الواقعة في محل إقامة المدعى عليه.
أما في ما يخص النزاعات الخاصة بنسخ أو تعليق ع، ع بسبب حوادث ع و الأمراض المهنية، قيمكن أن ترفع الدعوة أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان إقامة المدعي (م 24 ف 2 ق 90/04).
أما بالنسبة لتحديد المحكمة المختصة لإيداع النظام الداخلي، فإن المشرع الجزائري لم يحسم فيها صراحة، فإذا كانت م 24 ق 90/04 قد منحت اختيار للأطراف كما سبق ذكره فإن المادة 79 ف2 ق 90/11 قد فرضت على المستخدم إيداع هذه الوثيقة لدى كتابة الضبط للمحكمة المختصة إقليمياً غير أن المحكمة ع اعتبرت بأن إيداع ملفات النظام الداخلي هو من ضمن مسائل النظام العام، وكذلك الحال بالنسبة لكل الإجراءات المتعلقة بهذا الإيداع. وبالتالي فإن تحديد المحكمة المختصة لاستقبال إيداع النظام الداخلي ليس مجرد مسالة إقليمية، بل يكتسي في حد ذاته طابع النظام العام، بالعامل الذي يرفع الدعوة لايختار المحكمة حسب الإيداع أو عدم إيداع النظام الداخلي لديها، بل يختار المحكمة التي تساعده ضمن الاختيارات التي سخرتها له النصوص المذكورة آنفاً. وفي غالبية الحالات إن العامل يرفع الدعوة أمام محكمة مكان تنفيذ ع، ع. وإذا لم يثبت صاحب العمل لإيداع النظام الداخلي لدى كتابة ضبط هذه المحكمة، فيضمن للعامل إثارة عدم صحية هذا النظام الداخلي إزائه، ويترتب عن ذلك عدم الشرعية لإجراء القرار المتخذ ضده من طرف صاحب العمل لأنه يعتبر قد أتخذ في غياب النظام الداخلي وبالتالي خرق القانون وذلك مهما كانت مطابقة هذا القرار أو الإجراء لأحكام النظام الداخلي الذي تم إيداعه لدى جهة قضائية أخرى.
خلاصة القول هو أن كل هذه الشروط قد أدت بالإجتهاد القضائي إلى إلزام كل مستخدم والذي له عدة محلات ثابتة موزعة عل دائرة الاختصاص عدة محاكم بإيداع نظام داخلي لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة للبث في النزاعات المحتملة والتي قد يواجهها صاحب العمل ضد عماله.
ثانياً / الإختصاص النوعي وطرق الطعن ضد الأحكام الصادرة عن المحاكم الفاصلة في المسائل الاجتماعية:
تنص المادة20 من ق 90/04 على أنه مع مراعاة أحكام المادة 07 من ق إ.م، تنظر المحاكم الفاصلة في المسائل الاجتماعية في ما يلي:
1.الخلافات الفردية للعمل والناجمة عن تنفيذ أو توقيف أو قطع علاقة العمل أو عقد تكوين أو تمهين
2.كافة القضايا الأخرى التي يخولها القانون صراحة:
أ) طبيعة الأحكام الابتدائية وكيفية تنفذها:
أ-1) الأحكام الابتدائية والنهائية: حدد المشرع الجزائري على سبيل الحصر القضايا والمنازعات التي تكون الأحكام فيها ابتدائية ونهائية وقد نصت على هذا النوع من الأحكام كل من المادتين التاليتين:
*المادة 73مكرر - 4 من ق 90/11 المعدل والمتمم بموجب ق 91/29 الصادر في 21/12/1991م والأمر 96/21 الصادر في 09/07/1996م
*المادة 21 من ق 90/04 .
فالمادة 73-04 تنص على الأحكام التي تتعلق بإلغاء قرارات التسريح التأديبي التي لا تراعى فيها الإجراءات القانونية –أو الاتفاقيات الملموسة – وكذلك الحال بالنسبة للتسريح التأديبي الذي يعتبر تعسفياً لكونه اتخذ خرقاً للمادة 73.
أما المادة 21 من ق 90/04 فإنها تنص على الأحكام التي تتعلق كذلك بإلغاء العقوبات التأديبية التي لا تراعى فيها الإجراءات التأديبية وكذلك تنص على الدعاوى الخاصة بتسليم شهادات العمل وكشوفات المرتبات ومختلف وثائق إثبات علاقة العمل.
هذا يعني أن الأحكام الصادرة في القضايا السابقة غير قابلة للطعن فيها بالاستئناف بحكم القانون وهي بذلك تنفذ بمجرد تبليغها إلى المعنيين والهدف من ذلك هو تفادي التأخير نظراً لحساسية وأهمية الأضرار التي تلحق بالعمال من جراء مثل هذه القضايا ولكونها تتعلق بحقوق مكرسة قانوناً الأمر الذي لا يترك أي مجال للشك في هذه الأحكام وبالتالي الطعن فيها بالاستئناف لكونها ليست سوى استرجاع لحقوق يحميها القانون وليست تطبيقاً لنصوص غامضة قابلة للتأويل، كما تهدف هذه الأحكام إلى التقليل من اللجوء إلى المحاكم العليا في مثل هذه القضايا الواضحة والبسيطة.
أ-2) الأحكام الابتدائية القابلة للتنفيذ المؤقت (المعجل): يوجد إلى جانب الأحكام السابقة نوع آخر من الأحكام التي يمكن تنفيذها بصفة معجلة، إما بحكم القانون أو بأمر من القاضي رغم قابليتها للطعن مثل الأحكام المتعلقة بتطبيق أو تفسير اتفاقية أو اتفاق جماعي للعمل أو تلك المتعلقة بتطبيق أو تفسير كل اتفاق مبرم في إطار الإجراءات الخاصة بالمصالحة أمام مكتب المصالحة أو المتعلق بدفع الرواتب و التعويضات الخاصة بالأشهر 06 الأخيرة.
كما يمكن للقاضي أن ينطق بالتنفيذ المؤقت دون كفالة فيما بعد 06 أشهر.
إلا أن التنفيذ المعجل المقرر قانوناً أو بحكم القاضي لا يمنع استئناف هذه الأحكام فقد نص القانون على إمكانية التنفيذ المعجل المقرر للحكم بالرغم من قابليته للاستئناف مثلما تنص المادتين 22 و 34 ق 90/04.
أ-3) الأحكام الابتدائية العادية :وهي الأحكام الأخرى القابلة للمراجعة العادية وغير العادية والتي لايمكن تنفيذها إلا بعد استكمال واستنفاذ كافة اللإجراءات والضمانات المقررة صراحة وقانوناً للمتقاضين أي بعد حصول الحكم على حجية الشيء المقضي فيه.
ب) طرق الطعن ضد الأحكام الصادرة عن المحاكم الفاصلة في المسائل الاجتماعية:
منذ إصدار المادة 73-04 نستطيع التفريق بين حالتين:
1 - حالة التسريح (التأديبي وغير التأديبي).
2 – العقوبات التأديبية الأخرى.
بالنسبة للتسريح الذي تنص عليه المادة 21 من ق 90/04 فيمكن للعامل أن يرفع بشأنه دعوى إلغاء وعلى المحكمة أن تبث فيها ابتدائياً ونهائياً عندما يعتبر العامل أن هذا التسريح قد اتخذ خرقاً للإجراءات التأديبية الملزمة.
أما في حالات التسريح الأخرى كانت المحكمة تبت فيها ابتدائياً وحكمها يكون بذلك قابل للاستئناف غير أنه بعد إصدار المادة 73-04، عندما العامل يرفع دعوى إلغاء قرار التسريح مهما كان تأسيسه فتبت المحكمة فيها حكماً ابتدائياً ونهائياً وذلك بغض النظر عن السبب الحقيقي للتسريح.
المادة 73-04 أكثر شمولية من المادة 21 من ق 90/04، فيما يتعلق بالتسريح ويحدد على أساسها اختصاص المحكمة ابتدائياً ونهائياً وذلك بغض النظر عن تأسيس الدعوى.
بالنسبة لطرق الطعن ضد الأحكام الصادرة عن المحاكم الفاصلة في المسائل الاجتماعية فإن عدة أطراف تكتفي بقراءة منطوق الحكم لتحديد طبيعته (ابتدائي أو نهائي) وذلك من أجل ممارسة طرق الطعن المناسبة (الاستئناف أو النقض) ، بينما كان يجب عليهم الاهتمام بطبيعة النزاع وبالأخص طبيعة الطلب الأصلي وذلك لأن وصف الحكم من طرف المحكمة أو المجلس لا يقيد قانوناً الخصوم والجهات القضائية العليا.
فالطلب الأصلي هو الذي يحدد الاختصاص (ابتدائي أو نهائي) وذلك بغض النظر عن تأسيسه أو عدم تأسيسه وبغض النظر عن الحكم الذي فصل تأسيسه أو عدمه.
كما أن دائرة الاختصاص على مستوى الدرجة الأولى والثانية هي مسألة من النظام العام لأنها متعلقة بالاختصاص النوعي ويمكن للقاضي أن يثيرها تلقائياً.
لا يمكن للخصوم الاحتجاج بالخطأ في تكييف الأحكام من طرف المحكمة لتبرير طعنهم بالاستئناف وذلك لأن الخطأ في التكييف لطبيعة الحكم من طرف المحكمة لا يرخص للأطراف ممارسة طرق الطعن المسخرة لهم قانوناً على أساس الطبيعة الحقيقة للحكم. كما لا يمكن تجزئة مستوى دائرة الاختصاص في المادة الاجتماعية، وبالتالي تلحق الطلبات المقابلة أو الفرعية في مجال الطعون بالطلب الأصلي الذي تبنى عليه (المادة 23 من ق 90/04).

المبحث الثاني: مضمون نزاعات العمل الفردية :
إن الاجتهاد القضائي في مجال علاقة العمل الفردية يكتسي في المرحلة الراهنة أهمية بالغة، وذلك نظراً للنقائص التي ظهرت على المستوى التشريعي إثر صدور وتطبيق قوانين 1990م الخاصة بالعمل.
فقد وضع القضاء بهذا الشأن عدة قواعد وذلك عن طريق سن بعض المبادئ والحلول المتصلة ببعض الحالات الغامضة أو التي يتضمنها صراحة أو بصفة مباشرة التشريع، بالإضافة إلى هذا المشكل فمفهوم وأسس النصوص الجديدة تندرج ضمن الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف أساساً إلى استبدال النظام الاقتصادي الموجه بنظام اقتصادي ليبرالي، لذلك تستوجب هذه الإصلاحات تكريس حرية المبادرة التي يترتب عنها الاعتراف بدور أساسي لإرادة الأطراف وبالتالي بعقد العمل.
في ميدان علاقة العمل تهدف الإصلاحات إلى نتيجتين أساسيتين:
- تدعيم وترقية العمل وتراجع دور الدولة وحصره في مسائل النظام العام الاجتماعي.
- تدعيم سلطات المستخدم وتمكينه من أخذ مبادرات أكثر في كل ما يتعلق بتحسين مردودية المؤسسة وفعاليتها وفي هدا الصدد يبدو، وأن المادتين 11و73 ق 90/11 جاءت لكي تكرس هذين المبدأين من خلال دراسته بعض الاختصاصات القضائية النموذجية المتعلقة سواء بإنشاء تنفيذ علاقة العمل أو بتوقيفها وانتهائها.

المطلب الأول: النزاعات المتعلقة بإنشاء وتنفيذ علاقة العمل الفردية:
1) إثبات علاقة العمل ونوعيتها: لقد نصت المادة 08 من ق 90/11 على أن علاقة العمل تنشأ بعقد كتابي أو غير كتابي، وتقوم هذه العلاقة على أية حال بمجرد العمل لحساب مستخدم ما، كما نصت المادة 10من ق 90/11 على أنه يمكن إثبات عقد العمل أو علاقة العمل بأية وسيلة كانت من خلال نص المادتين السالفتين الذكر، نستخلص أن المشرع قد حاول تبسيط الإجراءات، ولم يشترط الكتابة لإثبات عقد العمل، بل أجاز إثبات ذلك بجميع الطرق الممكنة قانوناً لأن عبء الإثبات يقع على العامل، وفي هذا الصدد نذكر على سبيل المثال أن المحكمة العليا أيدت حكماً لمحكمة الجزائر العاصمة والتي أجازت بطاقة الانخراط في النقابة كوسيلة إثبات وجود علاقة العمل (قضية رقم 135433 جلسة 04/06/1996م).
ونلاحظ على هذا المثال أنه في ظل التشريع القديم كان يجب على العامل إثبات وجود ونوعية عقد العمل أو علاقة العمل في آن واحد، بمعنى آخر هذه العلاقة محددة المدة أو غير محددة المدة ؟
بينما وفي ظل القانون رقم 90/11 من المادة 11 يفترض أن تكون العلاقة قائمة لمدة غير محددة وذلك في حالة انعدام عقد عمل مكتوب وبالتالي فإنه وبموجب القانون لا يستطيع صاحب العمل إثبات العكس، مما يجعله إذاً مرتبطاً بعلاقة العمل غير المحدودة.
ملاحظة: يكون التشريع قانوني في عقد العمل غير المحددة، إلا في حالة الأسباب التأديبية والاقتصادية وفي غير ذلك يكون تعسفياً.
أما فيما يتعلق بتحديد عقد العمل محدد المدة لأكثر من مرة، فالتشريع الحالي لا يشير لهذه الحالة، بينما في ظل التشريع القديم، من شأنه أن يحول علاقة العمل محدد المدة إلى عقد عمل غير محدد المدة، وهنا يبقى السؤال مطروحاً حول إمكانية هذا التحول في ظل النصوص الجديدة وبالأخص ق 90/11.
فالمادة 12 منه تنص على أنه يمكن إبرام عقد العمل لمدة محدودة بالتوفيق الكامل أو الجزئي في بعض الحالات المنصوص عليها صراحة، فمن طبيعة هذه الحالات أنها تقتضي عقود محددة المدة، وبالتالي لا يحتاج صاحب العمل إلى تجديد العقود بشأنها.
2) فترة التجريب وإمكانية تجديدها:حسب المادة 18 من ق 90/11 يمكن أن تخضع العامل الجديد لتوظيفه لمدة تجريبية لا تتعدى 06 أشهر كما يمكن أن ترفع هذه المدة إلى 12 شهراً، بينما عدة مؤسسات تتجاوز أحياناً هذه المدة القصوى القانونية، وذلك عن طريق تجديد هذه الفترة لعدة مرات متتالية، وعلى سبيل المثال إذا كانت فتر ة التجريب محددة بـ 09 أشهر فإن تجديدها بنفس المدة سوف يرفعها إلى 18 شهراً لذلك يعتبر تعسفي التسريح الذي يطرأ بعد الفترة القصوى القانونية، وبالتالي فإن عدم مراعاة المدة القصوى لفترة التجريب يعتبر بمثابة انحراف عن القانون الذي يحددها. (قضية رقم 135901 المحكمة العليا –غ الاجتماعية-).
3) تعديل علاقة لعمل:إن التعديل قد ينصب إما على عقد العمل ذاته الذي يمكن تعديله لفائدة العامل إذا كان القانون أو التنظيم أو الاتفاقيات أو الاتفاقات الجماعية تملي قواعد أكثر فعالية ونفعاً من التي نص عليها عقد العمل، وقد ينصب التعديل على الشروط التي يتضمنها عقد العمل أو طبيعته وذلك بناءاً على اتفاق الطرفين ( العامل والمستخدم ) نتيجة لذلك فإن السلطة الإدارية لا تمكن صاحب العمل من تعديل العناصر الأساسية لعقد العمل بإيراداته المفردة خاصة إذا كان ذلك يمس المنصب والمكان الذي وظف العامل من أجله، وبالتالي لا تمكن لصاحب العمل أن يحول عاملاً إلى وظيفة أخرى في مدينة أخرى دون رضا هذا الأخير.
ويجب على صاحب العمل أن يثبت بأنه يحوز هذه السلطة بموجب عقد العمل أو النظام الداخلي (لقضية رقم 136021 – المحكمة العليا- الغرفة الاجتماعية، جلسة 24/09/1996م).

المطلب الثاني: النزاعات الناتجة عن ممارسة السلطة التأديبية:
1) تحديد الأخطاء الجسيمة: تنص المادة 37 ق 90/11 قبل تعديلها على أن يتم العزل أو التصريح في حالة ارتكاب العامل أخطاء جسيمة، وذلك حسب الشروط المحددة في النظام الداخلي، أما بعد التعديل فإن التسريح التأديبي يتم في حالة
ارتكاب العامل أخطاء جسيمة، ولكن قد حدد في هذا الشأن المشرع على الخصوص سلسلة من سبع أخطاء جسيمة يحتمل أن ينجر عنها التسريح دون مهلة إخطار وبدون تعويض وذلك علاوة على الأخطاء الجسيمة التي يعاقب عليها جزائياً والتي ترتكب أثناء العمل. إن تفسير هذه المادة المعدلة قد أثار جدلاً في ما إذا كانت هذه الأخطاء الجسيمة مذكورة على سبيل المثال أم على سبيل الحصر، والسبب في ذلك حسب المحكمة ع يرجع إلى مقاصد المشرع من خلال التعديل فإن كلمة " على الخصوص " لا تعني حسب رأي المحكمة ع على سبيل المثال، وبالتالي لا يمكن لصاحب العمل أن يدرج في النظام الداخلي وأخطاء أخرى من نفس الدرجة، بمعنى آخر ينبغي ألا تؤخذ بعين الاعتبار كلمة "على الخصوص"، بل يجب استخلافها بكلمة دون سواها، في الحقيقة يراد من خلال هدا التفسير نزع عن صلاحيات صاحب العمل سلطته في تحديد الأخطاء الجسيمة التي تؤدي إلى عزل العامل دون تعويض وأصبح يقتصر مجال ممارسة هذه السلطة التأديبية إلا في تحديد الأخطاء من الدرجة 1و2 فقط.
والتي لا يترتب عنها تسريح العامل (من الإنذار الشفوي إلى توقيف العامل لمدة محددة).
فحسب المحكمة العليا ،فان المشرع أراد تقييد سلطات صاحب ع في المجال التأديبي ، عير انه قد وضع نفسه في مأزق عندما استعمل كلمة "على الخصوص" لذلك يجب أن لا نتقيد بها.
بطبيعة الحال فإن هذا التأويل من شانه عرقلة نشاط المؤسسات حيث أنها تصبح مقيدة بمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني بينما النشاط الاقتصادي يقتضي أن يكون صاحب العمل هو أدرى من غيره في تقدير جسامه ومدى الأضرار التي تلحق المؤسسة من جراء الأخطاء التي ترتكب أثناء العمل فيمكنه اتخاذ كل ما يراه مناسبا لهذا الشأن تحت رقابة القاضي مع العلم انه ملزم بإثبات عدم تعسفه في استعمال حقه في التسريح وذالك طبقا للمادة 73 ف 03 ق 90/11 غير أن المحكمة العليا قد فرضت على أن يتضمن لزوماً كل قرار للتصريح أحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 73 لذلك يجب أن يكيف كل خطأ وفعل تبعاً لهذه الأسباب زيادة على ذلك يجب على المستخدم أن يأخذ بعين الإعتبار الظروف المخففة أو المشددة عند تحديد وصف الخطأ الجسيم الذي يرتكبه العامل طبقاً للمادة 73 ف 01 التي تنص على أنه يجب أن يراعي المستخدم على الخصوص، عند تحديد ووصف الخطأ الجسيم الذي يرتكبه العامل الظروف التي ارتكب فيها الخطأ ومدى اتساعه ودرجة خطورته والضرر الذي لحقه وكذلك السيرة التي كان يسلكها العامل على تاريخ ارتكابه لخطأ نحو عمله ونحو ممتلكات هيئة المستخدم.
2)الإجراءات التأديبية: إن أول إجراء يجب على صاحب العمل مراعاته هو طبيعة الحال وضع النظام الداخلي إذ كانت المؤسسة المستخدمة تحتوي على 20 عامل فأكثر وفي هذا الصدد فإن القضاء قد أعتبر تعسفياً كل قرار تأديبي متخذ في غياب النظام الداخلي وذلك بغض النظر حقيقة وخطورة الأفعال المادية المكونة للخطأ ( المحكمة ع ،الغرفة إ، قضية رقم 141656 جلسة 02/07/1996م زيادة على ذلك تستلزم كل عقوبة تأديبية إتباع إجراءات مسبقة تتضمن مراحل مختلفة .
المطلب الثالث: النزاعات الناتجة عن توقيف علاقة العمل.
قد تطرأ بعض النزاعات خلال تنفيذ علاقة العمل وذلك في بعض الحالات الخاصة التي من شأنها أن توقف ع. العمل بحكم القانون وهذه الحالات تتمثل في الإضراب والمرض .

الفرع الأول : الإضراب والعقوبات التأديبية
إن الإضراب هو نزاع جماعي لا يخضع لحكم القانون لاختصاص المحكمة الفاصلة في المسائل الاجتماعية غير أن الإضراب بصفته نزاع جماعي قد يخضع للرقابة القضائية وذلك بمناسبة نزاع فردي يتعلق مثلاً بتسريح عامل الإضراب المعتبر غير قانوني ومن جهة نظر صاحب العمل ففي هذه الحالة تقدر المحكمة مشروعيته أو قانونية الإضراب وشروط ممارسته وفي هذا الصدد قد حدد الاجتهاد القضائي مبدأين:
الأول : يتمثل في ضرورة التقدير القضائي لقانونية الإضراب قبل توقيع أي عقوبة تأديبية من طرف صاحب العمل والطابع غير القانوني للإضراب قد يكون ناتجاً عن تحقيق أهداف غير مهنية أو متمثلاً في خرق الإجراءات القانونية من طرف المضربين، ولكن رغم وضوح قانونيته، لأن القضاء لا يمنح صاحب العمل رخصة تقديرها للمستخدم الذي لا يحق له تسريح العمال استناداً لها لأن صلاحية تكييفها ووضعها يرجع للجان القضائية المختصة، وعلى إثر ذلك يمكن استخلاص النتيجتين التاليتين :
· الأولى تتمثل في وجوب إثبات الطابع غير القانوني للإضراب من طف المستخدم.
· تتمثل في إلزام المستخدم باللجوء للقضاء من أجل استصدار حكم بالمشروعية أو عدمها.وفي هذا الصدد يمكن للمستخدم انتهاج إحدى الطريقتين التاليتين.
- رفع دعوى قضائية مباشرة بشأن عدم قانونية مشاركة العامل في الإضراب.
- رفع دعوى الفسخ القضائي لعقد العمل بعد إعذاره.
الثاني: تحديد الجهة القضائية المختصة يكون حسب الوجه الذي تأسس عليه عدم قانونية الإضراب وهنا التقدير يوجه إلى قاضي الاستعجال أو إلى قاضي الموضوع حسب الحالة، فإذا كانت عدم القانونية ناتجة عن عيب واضح في الشكل لا يحتاج إلى أي فحص أو تأويل يعود الاختصاص إلى قاضي الاستعجال للبحث والبث في صلاحية الشروط المتبعة في ممارسته أما إذا كانت ناتجة عن الانحراف عن الهدف المعني أو في حالة ما إذا أعتبر صاحب العمل أن استعمال هذا الحق الدستوري كان بصفة تعسفية ولو أنه شرع فيه بصفة نظامية على أساس نظرية التعسف في الحق، فيكون التقدير هنا لقضاء الموضوع للمحكمة الفاصلة في المسائل المدنية والاجتماعية.
الفرع الثاني: المرض وممارسة السلطة التأديبية
على غرار للإضراب فإن المرض يوقف علاقة العمل ويعلق ممارسة صاحب العمل لسلطته التأديبية وبالتالي لا يمكنه خلال عطلة العامل المرضية باستدعائه لسبب تأديبي أو بإعذاره أو معاقبته وكل فعل من شأنه أن يمس بحقوق العامل والمتخذ فرقاً لهذه القاعدة القانونية يعتبر تعسفياً، أما في ما يتعلق بإثبات حالة المرض فقد يتم يتقديم شهادة طبية وهذا لا يمكن صاحب العمل أن يدعي بأنها سلمت للعامل على أساس المحاباة إلا بإثبات العكس عن طريق الخبرة الطبية المضادة غير أن تقدير حالة المرض من اختصاص الطبيب المستشار لدى هيئة الضمان الاجتماعي، وبالتالي فإن قرارها يقيد صاحب العمل متى كان التقدير إيجابياً وعند عدم قبولها للشهادة لسبب صحي محض يمكن لصاحب العمل إلزام العامل بالإلتحاق بمنصب عمله ابتداءاً من تاريخ تبليغه بقرار الرفض، ومن ذلك الحين يسترجع المستخدم سلطته التأديبية.
المطلب الرابع: النزاعات الناتجة عن انتهاء علاقة العمل
إن المادة66 قد نصت على سبيل الحصر الحالات التي تنهي علاقة العمل غير أننا نكتفي بالحالات التي قد تثير نزاعات بين أطراف علاقة العمل، وعلى وجه الخصوص التسريح، وفي هذا الصدد يمكن القول بأنه ما عدا حالتي التسريح التأديبي والجماعي عن طريق تقليص عدد العمال لأسباب اقتصادية فإن المشرع الجزائري لم يفترض أو بالأحرى لم ينظم التسريح بالإرادة المنفردة لصاحب العمل وذلك لأسباب أخرى غير الأسباب المذكورة آنفاً ففي الحالة (حالة) نزاع ما حول هذا النوع من التسريح كيف يمكن تحديد محتوى ومدى رقابة القاضي في هذا الشأن ؟
في ظل التسريح القديم كان ينحصر دون القضاء في حماية العامل والحرص على إبقائه في منصب عمله، لكن كيف يكون موقفه في ظل مفهوم وروح القوانين الصادرة في سنة 1990، وفي غياب نص قانوني واضح يجب على القاضي أن يعد القاعدة التي يمكن تطبيقها في هذا المجال، غير أنه وفي هذا الصدد قد يفتقر القاضي الجزائري إلى الحلول القانونية ما عدا اللجوء إلى نظرية التعسف في الحق التي غالباً ما يصعب تطبيقها استناداً للشروط المنصوص عليها في المادة 41 ق م بينما وفي القانون المقارن فقد وجدت عدة حلول تشريعية من شأنها الحد من أعمال صاحب العمل التقديرية ففي القانون الفرنسي يعتمد القاضي على السبب الحقيقي والجدي كشرط مسبق لأي تسريح من العمل أما في إسبانيا وإيطاليا فإن الاجتهاد القضائي يسمح بالرقابة القضائية للتسريح على أساس مبدأ أو شرط حسن النية لاكتشاف ما إذا كانت هناك أسباب غير مشروعة قد جعلت التسريح معيباً. استناداً لهذه الحلول المأخوذة من القانون المقارن هل بإمكان القاضي الجزائري إلزام صاحب العمل على تقديم سبب حقيقي وجدي كلما قام هذا الأخير بالتسريح؟ أو هل يمكن للقاضي اللجوء إلى مبدأ حسن النية وذلك لرفض مشروعية تصرفات صاحب العمل المعتبرة تعسفية ؟ كيف يمكن للقاضي الجزائي التأكد من حقيقة وجدية تعليل سبب التسريح وهل عبء إثبات عدم التعسف يكون على عاتق صاحب العمل، وما هو الحال بالنسبة للتسريح التأديبي طبقاً للمادة 73 ف03 من ق90/11 التي تنص على أنه كل تصريح فردي يتم خرقاً لأحكام هذا القانون يعتبر تعسفاً وعلى المستخدم أن يثبت العكس، في الحقيقة حسب التشريع الساري المفعول حالياً في الجزائر ، يعتبر تعسفياً كل تسريح ناتجاً عن الإرادة المنفردة للمستخدم دون ارتكاب العامل خطأ جسيماً ما عدا التسريح الناجم عن تقليص عدد العمال وذلك مهما كانت جدية وحقيقة السبب الذي أسس عليه صاحب العمل قراره.
غير أن القضاء قد اعتمد إنهاء علاقة العمل عن طريق إرادة الطرفين أو بما يسمى الذهاب الإرادي مع أن هذه الحالة أو الممارسة لا ينص عليها صراحة تشريع العمل الجزائري (م66 ق 90/11) مما يتبادر إلى الذهن السؤال عن مدى قانونية أو مشروعية هذا الأسلوب الجديد لإنهاء علاقة العمل ؟ .
وفي الواقع أن الذهاب الإرادي لا يعتبر في حد ذاته كأسلوب قانوني لإنهاء ع العمل بل يعني فقط حالة فسخها الذي يتم على إثر مبادرة من طرف صاحب العمل ويقوم العامل بعد ذلك بإبداء قبوله على أن ينقض عقد عمله أما الأسلوب القانوني الذي يؤسس عليه الذهاب الإرادي لإنهاء ع العمل فإنه يتمثل في اتفاق الطرفين الذي بموجبه يتفق طرفا العقد على فسخه وحسب هذا المفهوم يعتبر الذهاب الإرادي ذهاباً تفاوضياً بمعنى أنه بمقابل موافقته على إنهاء ع العمل يتقاضى العامل تعويضا من طرف صاحب العمل فاللجوء من طرف المؤسسات إلى أسلوب الاستقالة (التفاوضية) أو التسريح (التفاوضي ) هو في الواقع يعتبر إجراء غير لائق قانونا في كلتا الحالتين مادام أن أسلوب اتفاق الطرفين يكفي في حد ذاته لإنهاء أو فسخ عقد العمل وذلك طبقا للمادة106 ق م التي تنص على أن " العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا بإرادة الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون" .


——————–
[1] - الأمر 75/32 المؤرخ في 29/04/1975 المتعلق بقانون العدالة في العمل ، الجريدة الرسمية ، عدد 39 ص (566).
[2] - قانون 90/ المتعلق بعلاقات العمل السالفة الذكر.
[3] - قانون رقم 90/04 المؤرخ في 06/02/1990 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل الجريدة الرسمية ، ععد06 ص (208).
[4] - أنظر الأستاذ أحمية سليمان في كتابه السابق، ص (302).
[5] - أنظر القرار الصادر عن المحكمة العليا "المجلة القضائية 1990م العدد الأول، قضية 37058 الموجودة بالماحق.
[6] - الأمر 72/61 المؤرخ في 21 مارس 1972م المتعلق بتنظيم وتسيير المحاكم المختصة في المسائل الاجتماعية، الجريدة الرسمية عدد 25، ص (365).
[7] - سبق الإشارة إلى هذا الموضوع في الفصل التمهيدي.
[8] - سبق الإشارة إلى هذا القانون في الفصل التمهيدي
[9] - المادة32 من نفس القانون.
[10] - المادة 33 من نفس القانون