Popular Posts

Tuesday, April 26, 2011

منازعات العمل الفردية وكيفية تسويتها

منازعات العمل الفردية وكيفية تسويتها 
 
           قد يشوب التوتر في العلاقة بين أحد العمال والمستخدم حول مضمون العقد نفسه, أو حول الالتزام أو حق معين يخص أحد الطرفين التي تقوم عليها علاقة العمل.
ولحل هذه الإشكاليات والمنازعات، وتنظيم عمليات حلها وتسويتها فقد وضع المشرع الآليات القانونية لذالك من خلال الهيأة المختصة، وكذالك الإجراءات الواجبة
الإتباع ويتجلى ذلك من خلال الإطار الذي حدده المشرع. وهذا مند السبعينات في إطار تسوية النزاعات الفردية عن طريق قانون العدالة في العمل[1]، الذي جاء ليحدد
الطبيعة الخاصة بالقضايا ومنازعات العمل، ويمكن قانون الإجراءات المدنية بأحكام خاصة بهذا النوع ما يتلاءم وطبيعة هذه المنازعات والتطورات السياسية
والاقتصادية التي عرفتها البلاد والتي تحددت بتنظيم علاقات العمل[2]، وكذالك كيفية تسوية المنازعات الفردية في العمل [3]والذي جاء في المادة الثانية لتحديد المنازعات الفردية كما يلي :

" يعد نزاعا فرديا في العمل بحكم هذا القانون، كل خلاف في العمل قائم بين عامل أجير ومستخدم بشأن تنفيذ علاقة العمل التي تربط بين الطرفين إذا لم يتم حله في إطار عمليات تسوية داخل الهيئات المستخدمة "
ومن خلال هذه المادة والتي من خلالها نحاول ان نلم بموضوع النزاع الفردي من حيث البحث عن الوسائل والإجراءات الوقائية والتي تعرف بالتسوية الودية لهذه المنازعات داخل الهيئة المستخدمة و بعدها نتعرض إلى التسوية القضائية لهذه المنازعات.
المبحث الأول : إجراءات تسوية منازعات العمل الفردية
المطلب الأول : التسوية الودية للمنازعات الفردية
الخاصية المميزة للمنازعات الفردية في العمل هي وجوب إتباع بعض الإجراءات الأولية والتي تعتبر شرطا جوهريا لقبول الدعوى قضائيا والتي تتمثل في التسوية الودية وذلك من اجل الحفاظ على العلاقة الحسنة بين العامل وصاحب العمل التي كثيرا ما تكون ضرورية لاستمرار علاقة العمل.
الفرع الأول: التسوية الداخلية للنزاع
نلاحظ أن التشريع الجزائري لم يهمل هذا الجانب حيث خصص له الباب الثاني من القانون 90/04 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل، والتي يحمل عنوان" كيفية معالجة النزاعات الفردية في العمل داخل الهيئات المستخدمة، وبهذا جعل من إمكانية تسوية النزاع بين العامل أو ممثلا له وصاحب العمل داخل المؤسسة عن طريق إيجاد حلا مشتركا للنزاع وهذا دون تدخل أي جهة أجنبية في النزاع وذالك أما أن يسحب صاحب العمل قراره المتخذ ضد العامل، أو أن يعادله حسب درجة الخطأ المهني الذي ارتكبه العامل وهذا استجابة لطلب العامل وترك المشرع الجزائري الإجراءات الداخلية لمعالجة النزاعات الفردية في العمل. حيث تنص المادة 03 من قانون تسوية النزاعات الفردية للعمل
" يمكن للمعاهدات والاتفاقيات الجماعية للعمل أن تحدد الإجراءات الداخلية لمعاجلة النزاعات الفردية في العمل داخل الهيئة المستخدمة "
ولكن في حالة غياب هذه الإجراءات في الاتفاقية الجماعية فان للعامل حق اللجوء إلى الإجراءات التي ينص عليها القانون وهذا بتقديم العامل أمره إلى رئيسه مباشرة والذي يجب أن يقدم الرد عليه خلال 08 أيام وهذا ما جاءت به المادة 04 من قانون تسوية النزاعات الفردية للنزاعات في العمل بقولها " في حالة غياب الإجراءات المنصوص عليها في المادة الثالثة من هذا القانون، يقدم العامل أمره إلى رئيسه المباشر الذي يتعين عليه تقديم جواب خلال ثمانية أيام من تاريخ الإخطار في حالة عدم الرد، أو عدم رضى العامل بمضمون الرد يرفع الأمر إلى الهيئة المكلفة بتسيير المستخدمين حسب الحالة .
يلزم الهيئة المسيرة أو المستخدم بالرد كتابيا عن أسباب رفض كل أو جزئ من الموضوع خلال ( 15 )خمسة عشر يوما على الأكثر من تاريخ الإخطار " .
ونسجل في هذا المجال أن التظلم الذي يقوم به العامل لا يخرج عن نطاق المؤسسة التي يعمل بها وهذا خلافا للتنظيم الإداري الذي يمكن أن يجد قطاع أوسع وهذا لوجود سلطة هرمية أي رئاسية أو وصاية على الإدارة.
وإذا كان هذا الأسلوب يعتبر بسيطا في إجراءاته وسرعته إلى انه لا يمكن أن يكون الحل المناسب لكل النزاعات، خاصة إذا كانت هذه النزاعات معقدة وأثرها جسيما فأنه في هذه الحالة يجب تمسك المستخدم بقراره أو حتى يمكنه التنازل عنه ولكن بشروط يحددها هو، وهذا لا يبقي للعامل إلا الإتجاه إلى الوسيلة الثانية والتي تخرج عن إطار المؤسسة ليتدخل طرف ثالث لحل النزاع بين العامل والمستخدم حيث يعض النزاع على مفتش العمل أو لجنة المصالحة، وهذا ما جاءت به المادة 05 من قانون تسوية النزاعات الفردية بينهما " بعد استفادة إجراءات المعالجة الداخلية لنزاعات العمل الفردية، داخل الهيئة المستخدمة يمكن للعامل إخطار مفتش العمل للإجراءات التي يحددها هذا القانون".
الفرع الثاني: إخطار مفتش العمل
في حاة فشل المساعي الودية التي تتم داخل المؤسسة المستخدمة أوفي حالة عدم قيام العامل بعرض النزاع عليها، يمكن لهذا الأخير إخطار مفتش العمل إذا شاء مواصلة المطالبة بحقوقه وهذا مانصت عليه المادة 05 من قانون تسوية النزاعات الفردية بعد استنفاذ إجراءات المعالجة الداخلية لنزاعات العمل الفردية، داخل الهيئة المستخدمة يمكن للعامل إخطار مفتش العمل للإجراءات التي يحددها هذا القانون.
والإخطار يتم بواسطة عريضة مكتوبة من طرف العامل أو بحضوره شخصياً أمام مفتش العمل الذي يقوم بتحرير محضر بتصريحاته وبعد ذلك يقوم مفتش العمل في ظرف ثلاثة أيام من تلقيه الإخطار سواء كان بواسطة العريضة المقدمة إليه أو المحضر المحرر من طرفه باستدعاء مكتب المصالحة للنظر في النزاع المعروض للمصالحة حيث يجتمع مكتب المصالحة بعد ثلاث أيام على الأقل من تاريخ الاستدعاء إلى جانب حضور الطرفين.
الفرع الثالث: التسوية الخارجية للنزاع ( المصالحة )
دور مكتب المعالجة واختصاصه:
وهو الإجراء الذي يقوم به طرف ثالث بمحاولة التقريب في وجهات نظر الطرفين المتنازعين ( العامل والمستخدم) والخروج بحل يرضي الطرفين والحفاظ على العلاقة الودية بينهما.
وتختلف اجراءات المصلحة والهيئات التي تقوم بها في القوانين المقارنة حسب اختلاف الأنظمة السياسية والاقتصادية، والتشريع الجزائري في هذا الإطار عرف تحولاً كبيراً، في التشريع القديم يعطى هذا الاختصاص إلى مفتش العمل وهذا ما كان معمول به في قانون 1975م.
أما النظام الجديد فقد أنتزعت هذه المهمة من مفتش العمل بمقتضى قانون 90/04 حيث أنشأ هذا القانون هيئة مصالحة متساوية الأعضاء نصفها من العمال والنصف الآخر من أصحاب العمل، وهذا ماتنص عله المادة 06 من نفس القانون السابق "يتكون مكتب المصالحة من عضوين ممثلين للعمال وعضويين ممثلين ويرأس المكتب بالتداول ولفترة ستة أشهر عضو من العمال ثم عضو من المستخدمين".
وبهذا تحولت صلاحية مفتش العمل في إطار هذا القانون مجرد وسيلة اتصال بين العمال وهذه اللجنة وبالتالي قد أنتزع من مفتش العمل اختصاص يعتبر معترف به في معظم قوانين المقارنة[4].
وقد جعل القانون الجديد عملية الصلح من الإجراءات الجوهرية التي لا يمكن الاستغناء عنها ولا يمكن قبول أية دعوى قضائية لم تتم فيها عملية الصلح[5]حيث تؤكد المادة 19 ف 01 من القانون السابق الذكر والتي تنص على مايلي:
"يجب أن يكون كل خلاف فردي خاص بالعمل موضوع محاولة للصلح أمام مكتب المصالحة قبل مباشرة أي دعوى قضائية".
ولكن رغم تلك الاستثناءات على هذا الإجراء بحيث يمكن أن يصبح حيازي إذا كان المدعى عليه يقيم في الخارج أو في حالة إفلاس أو تسوية قضائية للطرف المستخدم.
الفرع الرابع: تشكيل مكتب المصالحة واختصاصه
مكاتب المصالحة عبارة عن لجان متساوية الأعضاء، خاصة بنزاعات العمل الفردية، وتتكون هذه المجالس من عضوين ممثلين للعمال، وعضوين ممثلين للمستخدمين وتكون رئاسة المجلس بالتداول لمدة شهرين، وهذ ما جاءت به المادة 06 المذكورة أعلاه، بحيث يتم اختيار الممثلين بعد عملية الإقتراع السري من بين المرشحين، والتي يجب أن تتوفر فيهم الشروط التي جاءت بها المادة 12 من قانون تسوية النزاعات الفردية 90/04 حيث جاءت بالشروط العامة وهي:
- التمتع بالجنسية الجزائرية.
- بلوغ سن 25 سنة على الأقل يوم الإنتخاب.
- ممارسة العمل 05 سنوات على الأقل.
- التمتع بالحقوق المدنية والسياسية.
وهذا بالإضافة إلى بعض الشروط الخاصة، ةالتي جاءت بها المادة 13 من نفس القانون والتي تمنع أن ينتخب الأشخاص الذين يمكن أن تتوفر فيهم الحالات التالية:
- الأشخاص المحكوم عليهم بارتكاب جناية أو بالحبس بسبب ارتكاب جنحة والذين لم يرد لهم اعتبارهم.
- المقلصون الذين لم يرد إليهم اعتبارهم.
- المستخدمون المحكوم عليهم بسبب العود في ارتكاب مخافة تشريعات العمل خلال فترة نقل عن سنة واحدة.
- العمال المحكوم عليهم منذ فترة تقل عن سنتين (02) بسبب عرقلة حرية العمل.
- قدماء المساعدين أو الأعضاء الذين أسقطت عنهم صفة العضوية.
ويتم تعيين الأعضاء الذين تم انتخابهم في المكتب بصفة رسمية بأمر من رئيس المجلس القضائي المختص إقليمياً، وهذا بعد الاطلاع على نتائج الانتخابات ووفق الترتيب التنازلي في عدد الأصوات المحصل عليها وذلك لمدة ثلاث سنوات.
أما فيما يتعلق باختصاص مكاتب المصالحة فيمكن التمييز بين الاختصاص النوعي والذي يتمثل في أنواع القضايا أو المنازعات الفردية التي يختص بها هذا المكتب.
أما الاختصاص المحلي أو ما يطلق عليه بالنطاق الجغرافي الذي يمتدد إليه اختصاص كل مكتب.
أ-تنظيم 1972م والذي يحكمه الأمر 72/61[6]المتعلق بتسيير المحاكم في المسائل الاجتماعية، والتي حددت كيفية تنظيم الجلسات في المسائل الاجتماعية بحيث تكون تشكيلة تتكون من قاضى يساعده، مساعدان من العمال لهما دور استشاري.
ب- تنظيم 1975م: والذي يحكمه أمر75/32 المتعلق بالعدالة في العمل[7]بحيث أصبح التنظيم أوسع وأشمل من التنظيم السابق الذكر، بحيث أصبح دور المصالحة عملية إجرائية سابقة اللجوء إلى القضاء بل جعله إجراء جوهري لا تقبل الدعوى القضائية ما لم يتم عرض النزاع على مكتب المصالحة ويحصل المدعي على محضر عدم المصالحة لهذا الإجراء وقد بقي هذا التنظيم على نفس التشكيلة السابقة المذكورة في التنظيم السالف الذكر ولم يأتي بجديد سوى أن وضع إجراءات خاصة وكيفيات استدعاء الخصوم وسير الدعوى.
ج- تنظيم 1990م: الذي يحكمه القانون 90/04 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل[8]حيث أدخل تعديلاً هيكلياً على تشكيلة المحاكم الفاصلة في المسائل الاجتماعية هذا بالإضافة إلى كافة الإجراءات المتعلقة بتسوية النزاعات الفردية السالفة الذكر (الداخلية، الودية والمصالحة).حيث أصبحت التشكيلة تتكون من قاضي وممثلين للعمال مساعدان ، وممثلين للمستخدمين مساعدان، وبهذا نقول أنه أصبح عبارة عن لجنة متساوية الأعضاء، ويكون القاضي فيها رئيساً، كما تحول الطابع الإستشاري لهؤلاء المثلين إلى طابع تداولي. وهذا ما جاءت به المادة 08 ف 05 بقولها:
" للمساعدين من العمال والمستخدمين صوت تداولي، وفي حالة تساوي الأصوات يرجع صوت رئيس المحكمة".
الفرع الخامس: تنفيذ اتفاقية الصلح
لقد اعتبر المشرع الجزائري محضر المصالحة حجة إثبات [9]بحيث يكون اتفاق تنفيذ المصالحة وفق الآجال التي يحددونها ولكن في حالة عدم وجود اتفاق في أجل 30 يوم من تاريخ الاتفاق.
وتنفيذ الاتفاق يكون راجعاً إلى رغبة الأطراف أنفسهم والإلتزام بما تم الإتفاق عليه وصدر فيه محضر من قبل مكتب المصالحة، ولما كان اتفاق الصلح لا يطرح مشاكل أثناء العمل على التواصل إليه[10]بقدر ما يطرحها عند تنفيذه، وبهذا فقد حاول المشروع الاحاطة ببعض الضمانات التنفيذية، والتي تتمثل في غرامة تهديدية والذي يكون بأمر صادر من رئيس المحكمة الفاصلة في المسائل الاجتماعية، والملتمس بعريضة من أجل التنفيذ وتحديد هذه الغرامة التهديدية إلا أن نجاعة وفعالية هذه الغرامة التهديدية لم تظهر بعد في الحياة العملية وهذا ربما لحداثة هذا القانون والذي لم يرسخ بعد عملياً.
ومن خلال ما تقدم يبقى التساؤل المطروح حول نجاعة التسوية الودية سواء كانت داخل المؤسسة أو خارجية، والتي تتمثل في المصالحة فإننا نستطيع أن نقول بأن هذه التجربة جاءت مفاجئة وسريعة، وهذا بسبب التحول السياسي والاقتصادي المفاجئ الذي عرفته البلاد منذ 1988م بعد الأزمة الاقتصادية التي ضرت الجزائر منذ الثمانينات ولهذا فإنه لكي تقوم مكاتب المصالحة بدورها الأساسي وعلى أكمل وجه فإنه من الضروري إعادة تنظيم هذه الهيئة بالشكل الذي يحقق لها النجاح في حل النزاعات العمالية ولا يكون دورها الأساسي هو تحرير محاضر عدم المصالحة لتقديم النزاع إلى العدالة. بحيث أن اقتراح إضافة غرفة أو مصلحة أو فرع خاص بنظام المصالحة إلى جانب أو ضمن الغرفة الاجتماعية الموجودة حالياً في كل محكمة وتأطيرها بكل الجوانب التنظيمية القانونية والبشرية وهذا لتمكينها القيام بعملها على أكمل وجه
وكذلك فان بهذه الطريقة يكون أعضاء مكاتب المصالحة يتمتعون بنفس النظام القانوني للمساعدين القضائيين ،سواء من حيث شرط واجراءات ونظام الآنتخاب أو من حيث وسائل الحماية الأخرى المقررة في القانون والنظام المعمول به ،في مجال الأنتخاب لهؤلاءالأعضاء .
كما يجب أن تدعم الوسائل والضعوط اللازمة القانونية والعقابية لضمان تنفيذ هذه الاتفاقيات الصلح بحيث يصبح تنفيذ اتفاقيات الصلح بحضر نفس الحماية والضمانات التي يحضى بها الحكم القضائي .
وفي انتظار التعديلات التي يمكن أن تطرأ على مكاتب المصالحة من الإجراءات والقوانين التي تنظمها وتسهل لها عملية حل النزاع دون الوصول الى التسوية القضائية فانه وفي الوقت الحالي تبقى التسوية القضائية هي الإدارة التي يلجأ إليها الأطراف لحل النزاعات والخلافات بينهم (العامل والمستخدم )
المطلب الثاني .التسوية القضائية.
تعتبر التسوية القضائية هي الوسيلة الأخيرة لحل نزاعات العمل الفردية وهذا عند فشل كل محاولات التسوية الودية سواء أكانت تسوية داخلية أو محاولة الصلح .
وهي المرحلة الرسمية الأخيرة التي تلجأ إليها الأطراف عند فشل طرق ومحاولات التسوية الودية في مختلف مراحلها السابقة .
الفرع الأول: تعريف قضاء العمل وبيان طبيعته
يعرف قضاء العمل بأنه قضاء مهني متساوي التمثيل يختص بتسوية النزاعات التي قد تحدث بمناسبة تنفيذ أو توقف أو قطع علاقة العمل أو عقد تكوين أو تمهين (م 20 من ق 90/04 ) إن قضاء العمل يتسم بطابعه الاستثنائي، بالمقارنة مع النظام القضائي العادي وأساس سبب هذه الاستثناء يكمن في ثلاث مظاهر بارزة يتمثل الأول في تشكيل المحكمة عند النظر في النزاعات العمالية، بينما يتمثل الثاني في الطابع الاستعجالي لقضاء العمل، في حين يتمثل الثالث في نوعية وطبيعة الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة لاسيما من حيث قوتها التنفيذية.
أولاً / تشكيل المحكمة الفاصلة في القضايا الاجتماعية:
يتكون القسم الاجتماعي للمحكمة من ممثلين للعامل وممثلين للمستخدمين إلى جانب القاضي الذي يعتبر رئيس المحكمة (سابقاً كان صوت تشاوري) تساوي الأصوات يرجح صوت المحكمة.
ثانياً / الطابع الاستعجالي:
يتمثل هذا الطابع فيما يتعلق بآجال رفع الدعوى أو الحكم فيها إذ تنص المادة 38 من ق 90/04 بأنه: " تحدد الجلسة الأولى في مدة أقصاها 15 يوم من تاريخ توجيه العريضة الافتتاحية للدعوى وعلى المحكمة أن تصدر حكمها في أقرب الآجال باستثناء حالات إصدار أحكام تمهيدية أو تحضيرية " ويرجع سبب الاستعجال هذا إلى ظروف العامل المادية والمهنية والاجتماعية التي لا تسمح له في أغلب الأحيان بالانتظار الطويل للنظر في قضيته.
ثالثاً / التنفيذ المعجل للأحكام القضائية:
نظراً لظروف العامل التي سبق ذكرها يترتب عن ذلك ضرورة التنفيذ المعجل للأحكام القضائية الخاصة بالعمل، ومن أحكام قوانين العمل المتعلقة بالتنفيذ المعجل للأحكام رغم ما قد يمارس عليها من أساليب الطعن والمراجعة ونذكر نص المادة 22 من ق 90/04 والتي تقضي بأنه :" تكون الأحكام القضائية المتعلقة بالمسائل التالية محل تنفيذ مؤقت بقوة القانون:
- تطبيق أو تفسير اتفاقية أو اتفاق مبرم للعمل.
- تطبيق أو تفسير كل اتفاق مبرم في إطار الإجراءات الخاصة بالمصالحة أمام مكتب المصالحة.
- دفع الرواتب والتعويضات الخاصة بالأشهر الستة الأخيرة، كما يمكن للمحكمة أن تأمر بالتنفيذ المؤقت دون كفالة بعد ستة أشهر ".
رابعاً / الإعفاء الجزئي أو الكلي من المصاريف القضائية:
إلى جانب الخصائص السابقة يمكن إضافة سمة أخرى تتمثل في الإعفاء الجزئي أو الكلي لقضايا العمل، من المصاريف القضائية سواء بصفة مباشرة وصريحة أو عن طريق توسيع الاستفادة من المساعدة القضائية لذلك تنص المادة 25 من ق 90/04 على أنه:" فضلاً عن الأحكام المنصوص عليها بموجب الأمر 71/57 المؤرخ في 05/08/1971م والمتعلق بالمساعدة القضائية تمنح الاستفادة منها بكامل الحقوق لكل عامل ومتدرب يقل مرتبه عن ضعف الأجر الأدنى المضمون".وذلك نظراً للظروف المادية والاجتماعية للعامل بالدرجة الأولى الذي كثيراً ما يعجز عن تحمل التكاليف القضائية اللازمة.
الفرع الثاني: اختصاص المحكمة الفاصلة في المسائل الاجتماعية
إن القانون التأسيسي للمحاكم الفاصلة في المسائل الإجتماعية قد حدد شروط الاختصاص النوعي لهذه الجهات القضائية حيث أنها الوحيدة المختصة في النظر والبت في نزاعات العمل الفردية باعتبار تلك النزاعات القائمة بين العامل والمستخدم حول تنفيذ وتعليق (توقيف) أوانها علاقة العمل التي تربطها فضلاً عن ذلك يتوسع اختصاص المحكمة إلى الميادين المحددة قانوناً ويمكن الذكر بالخصوص:
* المنازعات في مجال ض. إ
* المنازعات المتعلقة بانتخاب مندوبي العمل في لجنة المشاركة
* المنازعات المتعلقة بتطبيق وتأويل (تفسير) الاتفاقيات والاتفاقات الجماعية
* استقبال على سبيل الإيداع الأنظمة الداخلية.
وأما فيما يتعلق بجانب الإختصاص الإقليمي فقد وضع ق والقضاء نظاماً متميزاً بشأنه بحيث يمكن إدماجه ضمن قواعد الاختصاص النوعي.
أولاً / الاختصاص الإقليمي:
القاعدة العامة هو أن الاختصاص الإقليمي ليس من النظام العام ومعنى ذلك أنه بإمكان الأطراف معالجة هذه المسألة بإدراجها في العقد مثلاً بالتعيين بصفة مسبقة المحكمة المختصة في حالة نزاع ما، غير أنه في المجال الاجتماعي الأمور غير واضحة بهذه الكيفية، ويجب معالجة هذا الموضوع على ضوء الثلاثة نصوص التالية:
م24 من ق 90/04 – م79 ق 90/11 – م8 ق إ م. فانطلاقاً لما جاء في ق إ م في ف 16 من م 8 فإن نص م24 ق 90/04 قد منح العامل الاختيار لرفع الدعوى إما أمام المحكمة الواقعة في مكان تنفيذ ع، ع بغض النظر عن مكان إبرامها، أو أمام المحكمة الواقعة في محل إقامة المدعى عليه.
أما في ما يخص النزاعات الخاصة بنسخ أو تعليق ع، ع بسبب حوادث ع و الأمراض المهنية، قيمكن أن ترفع الدعوة أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان إقامة المدعي (م 24 ف 2 ق 90/04).
أما بالنسبة لتحديد المحكمة المختصة لإيداع النظام الداخلي، فإن المشرع الجزائري لم يحسم فيها صراحة، فإذا كانت م 24 ق 90/04 قد منحت اختيار للأطراف كما سبق ذكره فإن المادة 79 ف2 ق 90/11 قد فرضت على المستخدم إيداع هذه الوثيقة لدى كتابة الضبط للمحكمة المختصة إقليمياً غير أن المحكمة ع اعتبرت بأن إيداع ملفات النظام الداخلي هو من ضمن مسائل النظام العام، وكذلك الحال بالنسبة لكل الإجراءات المتعلقة بهذا الإيداع. وبالتالي فإن تحديد المحكمة المختصة لاستقبال إيداع النظام الداخلي ليس مجرد مسالة إقليمية، بل يكتسي في حد ذاته طابع النظام العام، بالعامل الذي يرفع الدعوة لايختار المحكمة حسب الإيداع أو عدم إيداع النظام الداخلي لديها، بل يختار المحكمة التي تساعده ضمن الاختيارات التي سخرتها له النصوص المذكورة آنفاً. وفي غالبية الحالات إن العامل يرفع الدعوة أمام محكمة مكان تنفيذ ع، ع. وإذا لم يثبت صاحب العمل لإيداع النظام الداخلي لدى كتابة ضبط هذه المحكمة، فيضمن للعامل إثارة عدم صحية هذا النظام الداخلي إزائه، ويترتب عن ذلك عدم الشرعية لإجراء القرار المتخذ ضده من طرف صاحب العمل لأنه يعتبر قد أتخذ في غياب النظام الداخلي وبالتالي خرق القانون وذلك مهما كانت مطابقة هذا القرار أو الإجراء لأحكام النظام الداخلي الذي تم إيداعه لدى جهة قضائية أخرى.
خلاصة القول هو أن كل هذه الشروط قد أدت بالإجتهاد القضائي إلى إلزام كل مستخدم والذي له عدة محلات ثابتة موزعة عل دائرة الاختصاص عدة محاكم بإيداع نظام داخلي لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة للبث في النزاعات المحتملة والتي قد يواجهها صاحب العمل ضد عماله.
ثانياً / الإختصاص النوعي وطرق الطعن ضد الأحكام الصادرة عن المحاكم الفاصلة في المسائل الاجتماعية:
تنص المادة20 من ق 90/04 على أنه مع مراعاة أحكام المادة 07 من ق إ.م، تنظر المحاكم الفاصلة في المسائل الاجتماعية في ما يلي:
1.الخلافات الفردية للعمل والناجمة عن تنفيذ أو توقيف أو قطع علاقة العمل أو عقد تكوين أو تمهين
2.كافة القضايا الأخرى التي يخولها القانون صراحة:
أ) طبيعة الأحكام الابتدائية وكيفية تنفذها:
أ-1) الأحكام الابتدائية والنهائية: حدد المشرع الجزائري على سبيل الحصر القضايا والمنازعات التي تكون الأحكام فيها ابتدائية ونهائية وقد نصت على هذا النوع من الأحكام كل من المادتين التاليتين:
*المادة 73مكرر - 4 من ق 90/11 المعدل والمتمم بموجب ق 91/29 الصادر في 21/12/1991م والأمر 96/21 الصادر في 09/07/1996م
*المادة 21 من ق 90/04 .
فالمادة 73-04 تنص على الأحكام التي تتعلق بإلغاء قرارات التسريح التأديبي التي لا تراعى فيها الإجراءات القانونية –أو الاتفاقيات الملموسة – وكذلك الحال بالنسبة للتسريح التأديبي الذي يعتبر تعسفياً لكونه اتخذ خرقاً للمادة 73.
أما المادة 21 من ق 90/04 فإنها تنص على الأحكام التي تتعلق كذلك بإلغاء العقوبات التأديبية التي لا تراعى فيها الإجراءات التأديبية وكذلك تنص على الدعاوى الخاصة بتسليم شهادات العمل وكشوفات المرتبات ومختلف وثائق إثبات علاقة العمل.
هذا يعني أن الأحكام الصادرة في القضايا السابقة غير قابلة للطعن فيها بالاستئناف بحكم القانون وهي بذلك تنفذ بمجرد تبليغها إلى المعنيين والهدف من ذلك هو تفادي التأخير نظراً لحساسية وأهمية الأضرار التي تلحق بالعمال من جراء مثل هذه القضايا ولكونها تتعلق بحقوق مكرسة قانوناً الأمر الذي لا يترك أي مجال للشك في هذه الأحكام وبالتالي الطعن فيها بالاستئناف لكونها ليست سوى استرجاع لحقوق يحميها القانون وليست تطبيقاً لنصوص غامضة قابلة للتأويل، كما تهدف هذه الأحكام إلى التقليل من اللجوء إلى المحاكم العليا في مثل هذه القضايا الواضحة والبسيطة.
أ-2) الأحكام الابتدائية القابلة للتنفيذ المؤقت (المعجل): يوجد إلى جانب الأحكام السابقة نوع آخر من الأحكام التي يمكن تنفيذها بصفة معجلة، إما بحكم القانون أو بأمر من القاضي رغم قابليتها للطعن مثل الأحكام المتعلقة بتطبيق أو تفسير اتفاقية أو اتفاق جماعي للعمل أو تلك المتعلقة بتطبيق أو تفسير كل اتفاق مبرم في إطار الإجراءات الخاصة بالمصالحة أمام مكتب المصالحة أو المتعلق بدفع الرواتب و التعويضات الخاصة بالأشهر 06 الأخيرة.
كما يمكن للقاضي أن ينطق بالتنفيذ المؤقت دون كفالة فيما بعد 06 أشهر.
إلا أن التنفيذ المعجل المقرر قانوناً أو بحكم القاضي لا يمنع استئناف هذه الأحكام فقد نص القانون على إمكانية التنفيذ المعجل المقرر للحكم بالرغم من قابليته للاستئناف مثلما تنص المادتين 22 و 34 ق 90/04.
أ-3) الأحكام الابتدائية العادية :وهي الأحكام الأخرى القابلة للمراجعة العادية وغير العادية والتي لايمكن تنفيذها إلا بعد استكمال واستنفاذ كافة اللإجراءات والضمانات المقررة صراحة وقانوناً للمتقاضين أي بعد حصول الحكم على حجية الشيء المقضي فيه.
ب) طرق الطعن ضد الأحكام الصادرة عن المحاكم الفاصلة في المسائل الاجتماعية:
منذ إصدار المادة 73-04 نستطيع التفريق بين حالتين:
1 - حالة التسريح (التأديبي وغير التأديبي).
2 – العقوبات التأديبية الأخرى.
بالنسبة للتسريح الذي تنص عليه المادة 21 من ق 90/04 فيمكن للعامل أن يرفع بشأنه دعوى إلغاء وعلى المحكمة أن تبث فيها ابتدائياً ونهائياً عندما يعتبر العامل أن هذا التسريح قد اتخذ خرقاً للإجراءات التأديبية الملزمة.
أما في حالات التسريح الأخرى كانت المحكمة تبت فيها ابتدائياً وحكمها يكون بذلك قابل للاستئناف غير أنه بعد إصدار المادة 73-04، عندما العامل يرفع دعوى إلغاء قرار التسريح مهما كان تأسيسه فتبت المحكمة فيها حكماً ابتدائياً ونهائياً وذلك بغض النظر عن السبب الحقيقي للتسريح.
المادة 73-04 أكثر شمولية من المادة 21 من ق 90/04، فيما يتعلق بالتسريح ويحدد على أساسها اختصاص المحكمة ابتدائياً ونهائياً وذلك بغض النظر عن تأسيس الدعوى.
بالنسبة لطرق الطعن ضد الأحكام الصادرة عن المحاكم الفاصلة في المسائل الاجتماعية فإن عدة أطراف تكتفي بقراءة منطوق الحكم لتحديد طبيعته (ابتدائي أو نهائي) وذلك من أجل ممارسة طرق الطعن المناسبة (الاستئناف أو النقض) ، بينما كان يجب عليهم الاهتمام بطبيعة النزاع وبالأخص طبيعة الطلب الأصلي وذلك لأن وصف الحكم من طرف المحكمة أو المجلس لا يقيد قانوناً الخصوم والجهات القضائية العليا.
فالطلب الأصلي هو الذي يحدد الاختصاص (ابتدائي أو نهائي) وذلك بغض النظر عن تأسيسه أو عدم تأسيسه وبغض النظر عن الحكم الذي فصل تأسيسه أو عدمه.
كما أن دائرة الاختصاص على مستوى الدرجة الأولى والثانية هي مسألة من النظام العام لأنها متعلقة بالاختصاص النوعي ويمكن للقاضي أن يثيرها تلقائياً.
لا يمكن للخصوم الاحتجاج بالخطأ في تكييف الأحكام من طرف المحكمة لتبرير طعنهم بالاستئناف وذلك لأن الخطأ في التكييف لطبيعة الحكم من طرف المحكمة لا يرخص للأطراف ممارسة طرق الطعن المسخرة لهم قانوناً على أساس الطبيعة الحقيقة للحكم. كما لا يمكن تجزئة مستوى دائرة الاختصاص في المادة الاجتماعية، وبالتالي تلحق الطلبات المقابلة أو الفرعية في مجال الطعون بالطلب الأصلي الذي تبنى عليه (المادة 23 من ق 90/04).
المبحث الثاني: مضمون نزاعات العمل الفردية :
إن الاجتهاد القضائي في مجال علاقة العمل الفردية يكتسي في المرحلة الراهنة أهمية بالغة، وذلك نظراً للنقائص التي ظهرت على المستوى التشريعي إثر صدور وتطبيق قوانين 1990م الخاصة بالعمل.
فقد وضع القضاء بهذا الشأن عدة قواعد وذلك عن طريق سن بعض المبادئ والحلول المتصلة ببعض الحالات الغامضة أو التي يتضمنها صراحة أو بصفة مباشرة التشريع، بالإضافة إلى هذا المشكل فمفهوم وأسس النصوص الجديدة تندرج ضمن الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف أساساً إلى استبدال النظام الاقتصادي الموجه بنظام اقتصادي ليبرالي، لذلك تستوجب هذه الإصلاحات تكريس حرية المبادرة التي يترتب عنها الاعتراف بدور أساسي لإرادة الأطراف وبالتالي بعقد العمل.
في ميدان علاقة العمل تهدف الإصلاحات إلى نتيجتين أساسيتين:
- تدعيم وترقية العمل وتراجع دور الدولة وحصره في مسائل النظام العام الاجتماعي.
- تدعيم سلطات المستخدم وتمكينه من أخذ مبادرات أكثر في كل ما يتعلق بتحسين مردودية المؤسسة وفعاليتها وفي هدا الصدد يبدو، وأن المادتين 11و73 ق 90/11 جاءت لكي تكرس هذين المبدأين من خلال دراسته بعض الاختصاصات القضائية النموذجية المتعلقة سواء بإنشاء تنفيذ علاقة العمل أو بتوقيفها وانتهائها.
المطلب الأول: النزاعات المتعلقة بإنشاء وتنفيذ علاقة العمل الفردية:
1) إثبات علاقة العمل ونوعيتها: لقد نصت المادة 08 من ق 90/11 على أن علاقة العمل تنشأ بعقد كتابي أو غير كتابي، وتقوم هذه العلاقة على أية حال بمجرد العمل لحساب مستخدم ما، كما نصت المادة 10من ق 90/11 على أنه يمكن إثبات عقد العمل أو علاقة العمل بأية وسيلة كانت من خلال نص المادتين السالفتين الذكر، نستخلص أن المشرع قد حاول تبسيط الإجراءات، ولم يشترط الكتابة لإثبات عقد العمل، بل أجاز إثبات ذلك بجميع الطرق الممكنة قانوناً لأن عبء الإثبات يقع على العامل، وفي هذا الصدد نذكر على سبيل المثال أن المحكمة العليا أيدت حكماً لمحكمة الجزائر العاصمة والتي أجازت بطاقة الانخراط في النقابة كوسيلة إثبات وجود علاقة العمل (قضية رقم 135433 جلسة 04/06/1996م).
ونلاحظ على هذا المثال أنه في ظل التشريع القديم كان يجب على العامل إثبات وجود ونوعية عقد العمل أو علاقة العمل في آن واحد، بمعنى آخر هذه العلاقة محددة المدة أو غير محددة المدة ؟
بينما وفي ظل القانون رقم 90/11 من المادة 11 يفترض أن تكون العلاقة قائمة لمدة غير محددة وذلك في حالة انعدام عقد عمل مكتوب وبالتالي فإنه وبموجب القانون لا يستطيع صاحب العمل إثبات العكس، مما يجعله إذاً مرتبطاً بعلاقة العمل غير المحدودة.
ملاحظة: يكون التشريع قانوني في عقد العمل غير المحددة، إلا في حالة الأسباب التأديبية والاقتصادية وفي غير ذلك يكون تعسفياً.
أما فيما يتعلق بتحديد عقد العمل محدد المدة لأكثر من مرة، فالتشريع الحالي لا يشير لهذه الحالة، بينما في ظل التشريع القديم، من شأنه أن يحول علاقة العمل محدد المدة إلى عقد عمل غير محدد المدة، وهنا يبقى السؤال مطروحاً حول إمكانية هذا التحول في ظل النصوص الجديدة وبالأخص ق 90/11.
فالمادة 12 منه تنص على أنه يمكن إبرام عقد العمل لمدة محدودة بالتوفيق الكامل أو الجزئي في بعض الحالات المنصوص عليها صراحة، فمن طبيعة هذه الحالات أنها تقتضي عقود محددة المدة، وبالتالي لا يحتاج صاحب العمل إلى تجديد العقود بشأنها.
2) فترة التجريب وإمكانية تجديدها:حسب المادة 18 من ق 90/11 يمكن أن تخضع العامل الجديد لتوظيفه لمدة تجريبية لا تتعدى 06 أشهر كما يمكن أن ترفع هذه المدة إلى 12 شهراً، بينما عدة مؤسسات تتجاوز أحياناً هذه المدة القصوى القانونية، وذلك عن طريق تجديد هذه الفترة لعدة مرات متتالية، وعلى سبيل المثال إذا كانت فتر ة التجريب محددة بـ 09 أشهر فإن تجديدها بنفس المدة سوف يرفعها إلى 18 شهراً لذلك يعتبر تعسفي التسريح الذي يطرأ بعد الفترة القصوى القانونية، وبالتالي فإن عدم مراعاة المدة القصوى لفترة التجريب يعتبر بمثابة انحراف عن القانون الذي يحددها. (قضية رقم 135901 المحكمة العليا –غ الاجتماعية-).
3) تعديل علاقة لعمل:إن التعديل قد ينصب إما على عقد العمل ذاته الذي يمكن تعديله لفائدة العامل إذا كان القانون أو التنظيم أو الاتفاقيات أو الاتفاقات الجماعية تملي قواعد أكثر فعالية ونفعاً من التي نص عليها عقد العمل، وقد ينصب التعديل على الشروط التي يتضمنها عقد العمل أو طبيعته وذلك بناءاً على اتفاق الطرفين ( العامل والمستخدم ) نتيجة لذلك فإن السلطة الإدارية لا تمكن صاحب العمل من تعديل العناصر الأساسية لعقد العمل بإيراداته المفردة خاصة إذا كان ذلك يمس المنصب والمكان الذي وظف العامل من أجله، وبالتالي لا تمكن لصاحب العمل أن يحول عاملاً إلى وظيفة أخرى في مدينة أخرى دون رضا هذا الأخير.
ويجب على صاحب العمل أن يثبت بأنه يحوز هذه السلطة بموجب عقد العمل أو النظام الداخلي (لقضية رقم 136021 – المحكمة العليا- الغرفة الاجتماعية، جلسة 24/09/1996م).
المطلب الثاني: النزاعات الناتجة عن ممارسة السلطة التأديبية:
1) تحديد الأخطاء الجسيمة: تنص المادة 37 ق 90/11 قبل تعديلها على أن يتم العزل أو التصريح في حالة ارتكاب العامل أخطاء جسيمة، وذلك حسب الشروط المحددة في النظام الداخلي، أما بعد التعديل فإن التسريح التأديبي يتم في حالة
ارتكاب العامل أخطاء جسيمة، ولكن قد حدد في هذا الشأن المشرع على الخصوص سلسلة من سبع أخطاء جسيمة يحتمل أن ينجر عنها التسريح دون مهلة إخطار وبدون تعويض وذلك علاوة على الأخطاء الجسيمة التي يعاقب عليها جزائياً والتي ترتكب أثناء العمل. إن تفسير هذه المادة المعدلة قد أثار جدلاً في ما إذا كانت هذه الأخطاء الجسيمة مذكورة على سبيل المثال أم على سبيل الحصر، والسبب في ذلك حسب المحكمة ع يرجع إلى مقاصد المشرع من خلال التعديل فإن كلمة " على الخصوص " لا تعني حسب رأي المحكمة ع على سبيل المثال، وبالتالي لا يمكن لصاحب العمل أن يدرج في النظام الداخلي وأخطاء أخرى من نفس الدرجة، بمعنى آخر ينبغي ألا تؤخذ بعين الاعتبار كلمة "على الخصوص"، بل يجب استخلافها بكلمة دون سواها، في الحقيقة يراد من خلال هدا التفسير نزع عن صلاحيات صاحب العمل سلطته في تحديد الأخطاء الجسيمة التي تؤدي إلى عزل العامل دون تعويض وأصبح يقتصر مجال ممارسة هذه السلطة التأديبية إلا في تحديد الأخطاء من الدرجة 1و2 فقط.
والتي لا يترتب عنها تسريح العامل (من الإنذار الشفوي إلى توقيف العامل لمدة محددة).
فحسب المحكمة العليا ،فان المشرع أراد تقييد سلطات صاحب ع في المجال التأديبي ، عير انه قد وضع نفسه في مأزق عندما استعمل كلمة "على الخصوص" لذلك يجب أن لا نتقيد بها.
بطبيعة الحال فإن هذا التأويل من شانه عرقلة نشاط المؤسسات حيث أنها تصبح مقيدة بمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني بينما النشاط الاقتصادي يقتضي أن يكون صاحب العمل هو أدرى من غيره في تقدير جسامه ومدى الأضرار التي تلحق المؤسسة من جراء الأخطاء التي ترتكب أثناء العمل فيمكنه اتخاذ كل ما يراه مناسبا لهذا الشأن تحت رقابة القاضي مع العلم انه ملزم بإثبات عدم تعسفه في استعمال حقه في التسريح وذالك طبقا للمادة 73 ف 03 ق 90/11 غير أن المحكمة العليا قد فرضت على أن يتضمن لزوماً كل قرار للتصريح أحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 73 لذلك يجب أن يكيف كل خطأ وفعل تبعاً لهذه الأسباب زيادة على ذلك يجب على المستخدم أن يأخذ بعين الإعتبار الظروف المخففة أو المشددة عند تحديد وصف الخطأ الجسيم الذي يرتكبه العامل طبقاً للمادة 73 ف 01 التي تنص على أنه يجب أن يراعي المستخدم على الخصوص، عند تحديد ووصف الخطأ الجسيم الذي يرتكبه العامل الظروف التي ارتكب فيها الخطأ ومدى اتساعه ودرجة خطورته والضرر الذي لحقه وكذلك السيرة التي كان يسلكها العامل على تاريخ ارتكابه لخطأ نحو عمله ونحو ممتلكات هيئة المستخدم.
2)الإجراءات التأديبية: إن أول إجراء يجب على صاحب العمل مراعاته هو طبيعة الحال وضع النظام الداخلي إذ كانت المؤسسة المستخدمة تحتوي على 20 عامل فأكثر وفي هذا الصدد فإن القضاء قد أعتبر تعسفياً كل قرار تأديبي متخذ في غياب النظام الداخلي وذلك بغض النظر حقيقة وخطورة الأفعال المادية المكونة للخطأ ( المحكمة ع ،الغرفة إ، قضية رقم 141656 جلسة 02/07/1996م زيادة على ذلك تستلزم كل عقوبة تأديبية إتباع إجراءات مسبقة تتضمن مراحل مختلفة .
المطلب الثالث: النزاعات الناتجة عن توقيف علاقة العمل.
قد تطرأ بعض النزاعات خلال تنفيذ علاقة العمل وذلك في بعض الحالات الخاصة التي من شأنها أن توقف ع. العمل بحكم القانون وهذه الحالات تتمثل في الإضراب والمرض .
الفرع الأول : الإضراب والعقوبات التأديبية
إن الإضراب هو نزاع جماعي لا يخضع لحكم القانون لاختصاص المحكمة الفاصلة في المسائل الاجتماعية غير أن الإضراب بصفته نزاع جماعي قد يخضع للرقابة القضائية وذلك بمناسبة نزاع فردي يتعلق مثلاً بتسريح عامل الإضراب المعتبر غير قانوني ومن جهة نظر صاحب العمل ففي هذه الحالة تقدر المحكمة مشروعيته أو قانونية الإضراب وشروط ممارسته وفي هذا الصدد قد حدد الاجتهاد القضائي مبدأين:
الأول : يتمثل في ضرورة التقدير القضائي لقانونية الإضراب قبل توقيع أي عقوبة تأديبية من طرف صاحب العمل والطابع غير القانوني للإضراب قد يكون ناتجاً عن تحقيق أهداف غير مهنية أو متمثلاً في خرق الإجراءات القانونية من طرف المضربين، ولكن رغم وضوح قانونيته، لأن القضاء لا يمنح صاحب العمل رخصة تقديرها للمستخدم الذي لا يحق له تسريح العمال استناداً لها لأن صلاحية تكييفها ووضعها يرجع للجان القضائية المختصة، وعلى إثر ذلك يمكن استخلاص النتيجتين التاليتين :
· الأولى تتمثل في وجوب إثبات الطابع غير القانوني للإضراب من طف المستخدم.
· تتمثل في إلزام المستخدم باللجوء للقضاء من أجل استصدار حكم بالمشروعية أو عدمها.وفي هذا الصدد يمكن للمستخدم انتهاج إحدى الطريقتين التاليتين.
- رفع دعوى قضائية مباشرة بشأن عدم قانونية مشاركة العامل في الإضراب.
- رفع دعوى الفسخ القضائي لعقد العمل بعد إعذاره.
الثاني: تحديد الجهة القضائية المختصة يكون حسب الوجه الذي تأسس عليه عدم قانونية الإضراب وهنا التقدير يوجه إلى قاضي الاستعجال أو إلى قاضي الموضوع حسب الحالة، فإذا كانت عدم القانونية ناتجة عن عيب واضح في الشكل لا يحتاج إلى أي فحص أو تأويل يعود الاختصاص إلى قاضي الاستعجال للبحث والبث في صلاحية الشروط المتبعة في ممارسته أما إذا كانت ناتجة عن الانحراف عن الهدف المعني أو في حالة ما إذا أعتبر صاحب العمل أن استعمال هذا الحق الدستوري كان بصفة تعسفية ولو أنه شرع فيه بصفة نظامية على أساس نظرية التعسف في الحق، فيكون التقدير هنا لقضاء الموضوع للمحكمة الفاصلة في المسائل المدنية والاجتماعية.
الفرع الثاني: المرض وممارسة السلطة التأديبية
على غرار للإضراب فإن المرض يوقف علاقة العمل ويعلق ممارسة صاحب العمل لسلطته التأديبية وبالتالي لا يمكنه خلال عطلة العامل المرضية باستدعائه لسبب تأديبي أو بإعذاره أو معاقبته وكل فعل من شأنه أن يمس بحقوق العامل والمتخذ فرقاً لهذه القاعدة القانونية يعتبر تعسفياً، أما في ما يتعلق بإثبات حالة المرض فقد يتم يتقديم شهادة طبية وهذا لا يمكن صاحب العمل أن يدعي بأنها سلمت للعامل على أساس المحاباة إلا بإثبات العكس عن طريق الخبرة الطبية المضادة غير أن تقدير حالة المرض من اختصاص الطبيب المستشار لدى هيئة الضمان الاجتماعي، وبالتالي فإن قرارها يقيد صاحب العمل متى كان التقدير إيجابياً وعند عدم قبولها للشهادة لسبب صحي محض يمكن لصاحب العمل إلزام العامل بالإلتحاق بمنصب عمله ابتداءاً من تاريخ تبليغه بقرار الرفض، ومن ذلك الحين يسترجع المستخدم سلطته التأديبية.
المطلب الرابع: النزاعات الناتجة عن انتهاء علاقة العمل
إن المادة66 قد نصت على سبيل الحصر الحالات التي تنهي علاقة العمل غير أننا نكتفي بالحالات التي قد تثير نزاعات بين أطراف علاقة العمل، وعلى وجه الخصوص التسريح، وفي هذا الصدد يمكن القول بأنه ما عدا حالتي التسريح التأديبي والجماعي عن طريق تقليص عدد العمال لأسباب اقتصادية فإن المشرع الجزائري لم يفترض أو بالأحرى لم ينظم التسريح بالإرادة المنفردة لصاحب العمل وذلك لأسباب أخرى غير الأسباب المذكورة آنفاً ففي الحالة (حالة) نزاع ما حول هذا النوع من التسريح كيف يمكن تحديد محتوى ومدى رقابة القاضي في هذا الشأن ؟
في ظل التسريح القديم كان ينحصر دون القضاء في حماية العامل والحرص على إبقائه في منصب عمله، لكن كيف يكون موقفه في ظل مفهوم وروح القوانين الصادرة في سنة 1990، وفي غياب نص قانوني واضح يجب على القاضي أن يعد القاعدة التي يمكن تطبيقها في هذا المجال، غير أنه وفي هذا الصدد قد يفتقر القاضي الجزائري إلى الحلول القانونية ما عدا اللجوء إلى نظرية التعسف في الحق التي غالباً ما يصعب تطبيقها استناداً للشروط المنصوص عليها في المادة 41 ق م بينما وفي القانون المقارن فقد وجدت عدة حلول تشريعية من شأنها الحد من أعمال صاحب العمل التقديرية ففي القانون الفرنسي يعتمد القاضي على السبب الحقيقي والجدي كشرط مسبق لأي تسريح من العمل أما في إسبانيا وإيطاليا فإن الاجتهاد القضائي يسمح بالرقابة القضائية للتسريح على أساس مبدأ أو شرط حسن النية لاكتشاف ما إذا كانت هناك أسباب غير مشروعة قد جعلت التسريح معيباً. استناداً لهذه الحلول المأخوذة من القانون المقارن هل بإمكان القاضي الجزائري إلزام صاحب العمل على تقديم سبب حقيقي وجدي كلما قام هذا الأخير بالتسريح؟ أو هل يمكن للقاضي اللجوء إلى مبدأ حسن النية وذلك لرفض مشروعية تصرفات صاحب العمل المعتبرة تعسفية ؟ كيف يمكن للقاضي الجزائي التأكد من حقيقة وجدية تعليل سبب التسريح وهل عبء إثبات عدم التعسف يكون على عاتق صاحب العمل، وما هو الحال بالنسبة للتسريح التأديبي طبقاً للمادة 73 ف03 من ق90/11 التي تنص على أنه كل تصريح فردي يتم خرقاً لأحكام هذا القانون يعتبر تعسفاً وعلى المستخدم أن يثبت العكس، في الحقيقة حسب التشريع الساري المفعول حالياً في الجزائر ، يعتبر تعسفياً كل تسريح ناتجاً عن الإرادة المنفردة للمستخدم دون ارتكاب العامل خطأ جسيماً ما عدا التسريح الناجم عن تقليص عدد العمال وذلك مهما كانت جدية وحقيقة السبب الذي أسس عليه صاحب العمل قراره.
غير أن القضاء قد اعتمد إنهاء علاقة العمل عن طريق إرادة الطرفين أو بما يسمى الذهاب الإرادي مع أن هذه الحالة أو الممارسة لا ينص عليها صراحة تشريع العمل الجزائري (م66 ق 90/11) مما يتبادر إلى الذهن السؤال عن مدى قانونية أو مشروعية هذا الأسلوب الجديد لإنهاء علاقة العمل ؟ .
وفي الواقع أن الذهاب الإرادي لا يعتبر في حد ذاته كأسلوب قانوني لإنهاء ع العمل بل يعني فقط حالة فسخها الذي يتم على إثر مبادرة من طرف صاحب العمل ويقوم العامل بعد ذلك بإبداء قبوله على أن ينقض عقد عمله أما الأسلوب القانوني الذي يؤسس عليه الذهاب الإرادي لإنهاء ع العمل فإنه يتمثل في اتفاق الطرفين الذي بموجبه يتفق طرفا العقد على فسخه وحسب هذا المفهوم يعتبر الذهاب الإرادي ذهاباً تفاوضياً بمعنى أنه بمقابل موافقته على إنهاء ع العمل يتقاضى العامل تعويضا من طرف صاحب العمل فاللجوء من طرف المؤسسات إلى أسلوب الاستقالة (التفاوضية) أو التسريح (التفاوضي ) هو في الواقع يعتبر إجراء غير لائق قانونا في كلتا الحالتين مادام أن أسلوب اتفاق الطرفين يكفي في حد ذاته لإنهاء أو فسخ عقد العمل وذلك طبقا للمادة106 ق م التي تنص على أن " العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا بإرادة الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون" .
——————–
[1] - الأمر 75/32 المؤرخ في 29/04/1975 المتعلق بقانون العدالة في العمل ، الجريدة الرسمية ، عدد 39 ص (566).
[2] - قانون 90/ المتعلق بعلاقات العمل السالفة الذكر.
[3] - قانون رقم 90/04 المؤرخ في 06/02/1990 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل الجريدة الرسمية ، ععد06 ص (208).
[4] - أنظر الأستاذ أحمية سليمان في كتابه السابق، ص (302).
[5] - أنظر القرار الصادر عن المحكمة العليا "المجلة القضائية 1990م العدد الأول، قضية 37058 الموجودة بالماحق.
[6] - الأمر 72/61 المؤرخ في 21 مارس 1972م المتعلق بتنظيم وتسيير المحاكم المختصة في المسائل الاجتماعية، الجريدة الرسمية عدد 25، ص (365).
[7] - سبق الإشارة إلى هذا الموضوع في الفصل التمهيدي.
[8] - سبق الإشارة إلى هذا القانون في الفصل التمهيدي
[9] - المادة32 من نفس القانون.
[10] - المادة 33 من نفس القانون

الوضع التنظيمي لإدارة الموارد البشرية

الوضع التنظيمي لإدارة الموارد البشرية
 
س1 مادور الذي تلعبه ادارة الموارد البشريه ليكون بهذه الاهمية : 1 تساهم قي تعزيز فاعلية المنظمه 2 تهتم بتطوير السياسات والبرامج الفاعله 3 لها دور اساسي في التنظيم وتنسيق الجهود المنظمه لتعزيز القدرة التنافسيه
س2ماهي العوامل المؤثره في الوضع التنظيمي لادارة الموارد البشريه : أ*- ادوار ادارة الموارد البشريه : · دور الاعمال *– الدور التشغيلي *– الاداري ب حجم المنظمه ج كثافة المورد البشري د المستولى التكنولوجي ه_ خصائص سوق العمل و_ توفر الكوادر الاداريه ذات الكفاءة

الشرح
المنظمة الناجحة: تشجع ادارة الموارد البشريه فيها لممارسة اداور متعددة لتحسين الانتاجيه ورفع مستوى الاستجابه لمتطالبات البيئه من خلال عدة ادوار دور الاعمال : يتمثل في مشاركة ادارة الموارد البشريه للمنظمه في تحديد حاجتها من الاعمال وهذا ساهم في توسيع مشاركة ادارة الموارد البشريه في رسم الاتجاهات الاستراتجيه للمنظمه ويعزز دورها بالمنظر الدور التشغيلي: دور ادارة الموارد البشريه في هذا المجال يمتثل في صناعة القرارت التوظيف – وضع خطط الاستقطاب – تطوير انظمة الرقابه على الاداء والسلوك – التدريب والمتابعة وتقويم الاداء يجب ان يتفق البرنامج التدريب مع نوع المهارات المطلوبه الدور الاداري : يسمى بالدور متوسط المدى ودور الادارة الموارد البشرية فيه يمتثل في – التاكد من دقة معايير الاختيار - تطوير خطط الاستقطاب – استكشاف اسواق الاستقطاب المناسبة – وضع انظمة الاجور والمكافات وخطط التطوير الاداري
ب- حجم المنظمه كيف يتم تحديد حجم المنظمه ؟ بناء على حجم النشاط الذي تديره او المبيعات التي تحققها او حجم راس المال اوعدد العاملين فيما يؤثر حجم المنظمه؟ في تقرير الوضع التنظيمي لادارة الموارد البشريه في المنظمه ---- زيادة حجم المنظمة وتنوع انشطتها يقرض عليها __ استحاث نشطه لادارات لم تكن معروفة سابقا
حجم المنظمه يتاثر بالتغيرات البيئيه : منظمات الاعمال الصغير : يميل الى توزيع نشاطات ادارة الموارد البشريه على الاقسام والوحدات الوظيفيه منظمات الاعمال الكبيرة : يميل لوجود ادارة متخصصة للموارد البشريه فيها
ج – كثافة المورد البشري : هناك عدة مجالات من الانشطه التي تمارسها المنظمات فمنها – الانتاج السلعي المادي _ الخدمات - كلما زادت الاعتماد على عنصر العمل بشكل اكبر لزم الامر وجود ادارة متخصص في التوجيه والقياده والمراقبه - من السمات المميزه للمنظمات مستخدم المورد البشري بكثافه (التعدد والتنوع في نشاطات ادارة الموارد البشرية ) يطلق عليها مسمى المنظمات ذات العمل الكثيف
د- المستوى التكنولوجي : - ان التكنولوجيا تلعب دورا اساسي في تحديد حجم وادوار نشاطات ادارة الموارد البشريه بسبب - احلال الاله محل عنصر العمل ___ وذلك يؤثر سلبيا على الوضع ادارة الموارد البشريه - المنظمات ذات المستوى التفني العالى قبل اعطاء ادارة الموارد البشريه ادوارها يغلب عليها الطابع التنفيذي
هـ_خصائص سوق العمل : - اسواق العمل التى تتميز بالاستقرار في ظروف الطلب والعرض للموارد البشريه يمثل المنظمات لتقليص دور ادارة الموارد البشريه - سوق العمل الذي يتميز بعدم الاستقرار وعدم الوضوح للطلب والعرض للموارد البشريه يجعل السوق العمل ينتافس مع المنظمات للحصول على الكم والنوع المطلوب من الموارد البشريه ليكون لها الاهمية والدور الفعال في الادوار الاستراتجيه والمشاركه في اتخاذ القرارات وتكون في قمة البناء التنظيمي للمنظمه
و_ توفر الكوارد الاداريه الكفؤ : لكي يتم نجاح الدور الذي تلعبه ادارة الموارد البشريه يجب ان يكون هناك كوادر اداريه متخصص تفهم مسؤوليات الاداره

س3 مالسبب في فشل ادارة الموارد البشريه وتحقيق اهدافها ومساهمتها في تحقي الاهداف : لعدم توفر الكوادر المتخصصه في تخطيط نشاطها وتنفيذها والرقابه على نتائجها من هنا ظهرت الحاجه الماسه لتوفير متخصيصين ادارة الموارد البشريه الذى يحمل ما بين المعرفة الاداريه والاجتماعيه والقانونيه والاقتصاديه
س4 اشكال تنظيم الموارد ماهي اشكال تنظيم ادارة الموارد البشريه : الشكل القائم على الاقسام 1 قسم التوظيف 2 التدريب والتطوير 3المزايا والمكافات 4 العلاقات ب الشكل القائم على المركزيه : الشرح ..... الشكل القاءم على الاقسام ___ ويظهرهذا النوع في المنظمات الكبيره التى تتعدد فيها وحدات الاعمال وتمنع فيها ادارة الموار البشريه بجميع الادوار وترتبط ادارة الموارد البشريه بالادارة العليا من خلال نائب رئيس الموارد البشريه

شرح اقسام 1 2 3 4 1-قسم التوظيف : يختص بجميع الامور المتعلقه بنشاط التوظيف في المنظمه من ( استقطاب واختيار وتعين) تنسيق المجهود مع الادارة العليا للموارد البشريه التي بدورها تحاور الادارة العاليا للمنظمة في نوع الموارد البشريه ووضع المرشحين للوظائف الشاغره يعمل على جمع المعلومات من الاقسام الاداريه الاخرى ويحدد اجراءت التوظيف والاجراءت الرسميه من اعلان عن الوظيفه والمقابلات والاختيارات
2- قسم التطوير والتدريب : يركز على تطوير مهارات العاملين لاعداد الفرد لموقع اداري اعلى يتم تحديد الاحتياطات التدريب بالاتفاق ما بين الادارة الموارد البشريه والادارة العاليا - يتم اختيار اسلوب التدريب المناسب سواء داخل العمل او خارجه - المدريبن ومتابعة تنفيذ البرنامج وتقيم النتائج في لمنظمات المعاصره تم اضافة مهمة جديدة تتمثل في تخطيط المسار والوظيفي وادارته هذا القسم مسؤول عن ارشاد العاملين ومساعدتهم لاختيار المناسب من بين الخيارات المعروضه وتوجيهم الى ايجاد الاسلوب المناسب لتحقسق الهدف ويعرف هذا القسم ب وكالة التغير الداخلي
3- قسم المزايا والمكافات : - عمله يتمثل في تحديد اجور مكافات ومزايا العاملين وادارتها - مستوى الدفع هنا يعتمد على نتائج تحليل وتنويم العمل - مستوى الدفع يجب انا يكون عادلا وقائم على اساس الفروق الوظيفية - في مجال المكافات والمزايا على المختص ان يوازن ما بين نسبة المكافاءة الميزة ومدى مقدرتها على اشباع حاجات العاملين
4- قسم العلاقات : - علاقات العمل التي تغطي علاقة المنظمه بالتحدات والنقابات العاللميه - علاقات العاملين وتشمل نشاطات هذه الشعبه في قسم العلاقات على متابعة حركة العاملين داخل المنظمه (ص 51 أ/ب)
ب الشكل القائم على المركزيه : ان اعتماد المنظمة على المركزيه او اللامركزيه يعتمد على فلسفة وكفاءة وثقافه النشاطات الوظيفيه لدى المنظمه في الشكل القائم على المركزيه - الاستراتجيات والسياسات محصوره في قمكة الهرم التنظيمي للمنظمه - سلطة اتخاذ القرارت المتعلقه ( تخطيط وتوضيف وتدريب ) تستفذ الى الادارات العليا للمنظمه - هذا الشكل من التنظيم يضى الدور التنفيذي على ادارة الموارد البشريه - اي ان ادارة الموارد البشريه تمارس نشاطات اداريه كتابيه - ينتشر استخدام هذا النوع في المنظمات التى تتميز بكثافه راس المال وذات المستوى التقنى العالي
س5 ماهي اتجاهات ادارة الموارد البشريه التي تشير اليها الاتجاهات العامة اليوم والمتوقعه في المستقبل ؟ 1 توسع في وظائفها ونشاطاتها 2 منظور مستقبلي 3 زيادة مشاركة العاملين في صنع القرارت 4 زيادة درجة المخاطره في توظيف الموارد البشريه 5 زيادة التأثيرات الداخليه من العاملين لتحسن مستوياتهم المهاريه والمعرفيه ص56 (1-5)
ثالثا مؤهلات مدير ادارة الموارد البشريه :
ماسبب وراء ندرة المتخصصين في مجالات التناهيل لشغل وظائف المتعلقه ب مدير الموارد البشريه ؟ لان متطلبات البيئه في حركة مستمره بحيث تفرض على المنظمه باستمرار ويعيد النظر بالانشطه التي تمارسها - هناك بعض المنظمات تخصص موارد ماليه كبيره لاعداد كوادر ادارة الموارد البشريه - بعض قادة الشركات يشير الى ان الموارد البشريه تعيير من اهم الاصول فيها

س6 ماهي الادوار التي يمارسها المدير داخل المنظمه من خلال سلطة في ادارة الموارد البشريه : ؟ 1 دور رجل الاعمال : يجب انا يفهم كيف يعمل من بمعيته يدرك كيف يتم الحصول على الاموال 2 مدير التغير : ان يفهم نوع التغير المطلوب وكيفية ادارته 3 دور المستشار : ان يمتلك القدرة على خلق الولاء للفعل 4 دو المخطط : ان يعرف خطط واستراتجيات الادارة العليا 5 دور المعلم القدير : ان يمتلك القدرة على تعليم الاخرين بكفية الحصول على افضل النتائج باقل جهود ممكنه 6 المراقب: ان يكون المبادر في تحديد الحاجة وتلبيتها ص 57


س7 ما هي مؤهلات مدير إدارة الموارد البشريه : 1 مهارات خاصه بحل المشاكل 2 حساسيه معرفية بحاجات المنظمه والاعمال 3 معرفة باساليب المكافات التى تعزز من خطط العمل 4 مهارات استراتجيه وفكريه 5معرفة بتخطيط النجاح على مستوى الوظيفه والمنظمه 6 مهارات قيادة في توجيه والتاثير 7 القدارات في التحليل البيانات ووضع الخطط في ضوئها 8 معرفة بالحاسب الالي 9 جدارة في معرفة وانجاز وظائف ادارة الموارد البشريه 10 قدرات حسيه عن تاثير المتغيرات البيئيه ص85 (1-10)

رابعا الوضع التنظيمي لادارة الموارد البشريه في المنظمات العربيه
س8 ماهي مشكلات التي تعاني منها ادارة الموارد البشريه في بعض المنظمات العربيه؟ 1- تنزع التسميه المعتمده الاشارة الى نشاط الذي يتعامل مع الموارد البشريه 2- تنعكس التسميه المتعمده على كم نوع النشاطات التي تمارسها تلك الاداره 3- تفتقر تلك الادارة ال اليه عمل محدده مقارنه بالادارات الوظيفيه الاخرى كادارة الانتاج 4- ضعف الدعم الاداري لتلك الادارة بالرغم من ان اغلب المنظمات تستخدم عنصر العمل المعبر عن المورد البشري بشكل كثيف 5- ينعكس ضعف الدعم الاداري وعدم وضوح دور وهدف ادارة الموارد ابشريه ص 59-60 من (1-5)

س9 ان اهتمام المنظمات العربيه بادارة الموارد والنهوض بها يحتاج تحقيق عدد من النقاط ، وضحي ذلك 1. توصيف دقيق لعمل ادارة الموارد البشريه عن طريق توحيد التسميه وتحديد الادوار والتعريف الشامل للوظائف التي يجب ممارستها 2. منح الدعم الاداري الازم لتتمكن الادارة من ممارسة ادوارها وتنفيذ نشاطتها بفاعليه

Books on Marketing كتب في التسويق

Books on Marketing
 كتب في التسويق



( 12 ) كتابٍ في التّسويقِ.

يسّرها الرّحمنُ؛ لهُ.
عَسى يكُن بها خَيراً.

/
\
/

( 12 ) كِتابً في التّسويقِ

... ****** ...

للحِفظ - حفظكمُ سُبحانهُ:

لُطفاً؛ اضغط على عُنوان الكِتاب.

1-

دراسةُ السّوق .

2-

اتّصال سوقيّ.

3-

منافذ التّوزيع .

4-

مهارات عرض المُنتج.

5-

مهارات عرض المُنتجات (عملىّ) .

6-

مُشكلات البيع.

7-

مُشكلات البيع (عمليّة) .

8-

تقارير السّوق .

9-

تطبيقات سوقية على الحاسب.

10-

تسويق فندقيّ.

11-

تسويق سياحي .

12-

فنّ البيع الهاتفي .

مُلاحَظَةٌ/

الكُتبُ ؛ بصيغة ( pdf

Saturday, April 23, 2011

إدارة منشآت الأعمال من منظور إسلامي

إدارة منشآت الأعمال من منظور إسلامي
 
1 / 1 ـ الأهمية المعاصرة لمنشأة الأعمال:
تكتسب منشأة الأعمال أهميتها المعاصرة من كونها الخلية الرئيسية لتكوين الثروة في المجتمع ولتحقيق النمو الاقتصادي الذي تنشده المجتمعات كافة. فمنشأة الأعمال هي نواة الحركة الاقتصادية داخل أية بيئة اجتماعية مهما اختلفت طبيعة النشاط الذي تمارسه هذه المنشأة، إذ قد يكون هذا في أي من حقول الصناعة التحويلية أو الزراعة أو الاستخراج أو النقل أو الاتصالات أو التجارة أو غير ذلك.
وبالإضافة إلى اختلاف النشاط العام، فإن منشآت الأعمال تختلف في حجمها، مهما كان المعيار المستخدم لقياس الحجم. فبعض هذه المنشآت يستخدم عدداً محدوداً جداً من الأشخاص وربما يتولى شخص واحد إنجاز جميع الأنشطة، أو قد يعمل لدى المنشأة الواحدة مئات أو آلاف من الأشخاص. وهكذا تختلف قيمة الموجودات العائدة للمنشأة وقيمة مبيعاتها وعدد الأسواق التي تعمل فيها وحصصها النسبية من هذه الأسواف. والمؤكد أن تقدم ورفاه أي مجتمع يعتمد اعتماداً رئيسياً على نجاح منشآت الأعمال فيه والمستوى العام لكفاءتها التشغيلية، إذ كلما اتسمت هذه المنشآت بدرجة أعلى من الكفاءة ساهم ذلك في رقي المجتمع وتقدمه إلى حدود أعلى. هذا على فرض ثبات العوامل الأخرى، التي تشمل توفر الثروات الطبيعية لدى المجتمع، ومستويات الثقافة، والتطور المهني عند أبنائه، والموقع الجغرافي للبلد، وعدد نفوسه، وغيرها من العوامل ذات الصلة.
وقد أثبتت البحوث العديدة التي أنجزت في شتى أقطار العالم أهمية الجوانب الاجتماعية والنفسية والروحية في تعظيم عطاء منشآت الأعمال وازدهار المجتمعات الإنسانية. فالاستقرار النفسي لدى الأفراد واكتفاؤهم الروحي، النابعين من علاقات اجتماعية طيبة مع وضوح الفلسفة الدينية، يساعدان بقوة في تصعيد الإنتاجية الكمية والنوعية، الأمر الذي يدفع نحو الأعلى مستويات الأداء لدى منشآت الأعمال.

لابدّ لأي مجتمع من تطوير حضارة أعمال خاصة به تكون مستمدة من تركيبته العامة وخصائصه الرئيسية. فحضارة الأعمال لأي شعب هي جزء لا يتجزأ من مجمل الحضارة القائمة لذلك الشعب، رغم أن الإثنين خاضعان للتغير والتعديل مع مرور الزمن من جراء فعل عوامل مهمة تؤثر أثرها في هذا السياق.
غير أن حضارة الأعمال في أي بلد أو إقليم لها درجة من الخصوصية، وهي في الغالب تحمل سمات معينة. فهي من جهة ترتبط مع الحضارة العامة للبلد أو المجتمع المعني وتعتبر جزءاً منها، إلا أن ضرورات تحقيق أعلى درجة ممكنة من الكفاءة غالباً ما تتطلب حيثيات معينة أو عناصر خاصة، مما يعني إدخال هذه الحيثيات أو العناصر. هذا بالإضافة إلى أن منشآت الأعمال تتعامل على نحو مكثف مع منشآت أجنبية ولابد أن تتأثر بها.
ومفهوم «حضارة الأعمال» يعد نسيجاً ملموساً من المفاهيم والعلاقات الشخصية والممارسات التطبيقية التي قد تنص عليها القوانين والأنظمة والقرارات المكتوبة أو لا تنص. ولا شك في ان أحد مقاييس التقدم الاقتصادي لأي مجتمع هو مدى تطور حضارة الأعمال الخاصة به وتبلورها على نحو واضح وفعال في أنماط تساهم في خدمة أغراض المنشآت صاحبة العلاقة والاقتصاد الكلي أيضاً.
وهنا تجدر الإشارة إلى البعض من العناصر العديدة التي تتكوّن منها حضارة الأعمال، منها الصلاحيات التي يتمتع بها المدير التنفيذي، وعدد أعضاء مجلس الإدارة، وطبيعة العلاقة بين مالكي المنشأة ومجلس الإدارة، والأسلوب المعتمد لاتخاذ القرارات العليا. كما تمتد جوانب حضارة الأعمال للتأثير على كيفية انتقاء أعضاء الفيق الإداري الأعلى، والطرق المتبعة في الإعلان، ومدى دعم المنشأة للقضايا الخيرية، والأساليب المعتمدة لتدبير التمويلات الضرورية.

أما «الحضارة على صعيد المنشأة» الواحدة فيقصد بها النسيج الكامل للعلاقات الشخصية، سواء ما كان منها رسمياً أو مكتوباً أو غير رسمي وغير مكتوب. فهنا، تظهر خصوصية كل منشأة المستمدة منط بيعة أنشطتها وتاريخها، وعدد العاملين فيها، ومؤهلات كل منهم وغير ذلك من الاعتبارات.
غير أن الحضارة الخاصة لأية منشأة أعمال لابد أن تنبع من المجتمع الذي تتواجد فيه والبيئة المحيطة بها، ذلك أن المنشأة تتأثر بقوة بالمجتمع الأوسع، مثلما هي تؤثر في هذا المجتمع إلى حد معين. وبشكل عام، فإن الحضارة الخاصة لأية منشأة تتراكم على مر السنين من جراء تبلور مفاهيم أساسية، وأساليب للعمل ولاتخاذ القرارات، مثلما تتأثر هذه الحضارة بالصعوبات التي جابهت المنشأة عبر مراحل تطورها، ودور وكفاءات الأشخاص المشتغلين فيها والتفاعل المتواصل فيما بينهم.
فحضارة الأعمال في أي مجتمع هي فرع مشتق من الإطار الحضاري العام لذلك المجتمع، كما أن حضارة أية منشأة أعمال تنبع من منهل حضارة الأعمال لذلك المجتمع. فمثلاً، غالباً ما تحسم مسألة المركزية في اتخاذ القرارات بالاستناد إلي حضارة الأعمال السائدة، كذا هو الحال بشأن مسائل عديدة أخرى كالصلاحيات الممنوحة لشاغلي المراكز والمديات الزمنية التي تعد لها الخطط ومقدار التعاون مع منشآت الأعمال الأخرى ودرجة التوسع لجهة حجم المنشأة ومدى تطوير المنشأة لمنتجاتها أو خدماتها.


إن جوهر حضارة الأعمال الإسلامية هو أن جميع عناصرها لا تتضارب مع الشريعة السمحاء، بل تتناغم مع هذه المبادئ وتراعيها إلى أبعد الدرجات المستطاعة. فهذا واضح تمام الوضوح في ضرورة تجنب المحرمات كالقمار أو المسكرات أو الكذب والتحايل في المعاملات التجارية.
ولا يتوقف الأمر عند تجنب المعلومات والابتعاد عنها، إنما يمتد كذلك إلى تبني الأمور المستحبة وتحاشي المكروهات قدر المستطاع. وبشكل عام يمكن القول أن أسس الإدارة الحديثة تتناغم على نحو ساطع مع الشريعة السمحاء، الأمر الذي يعزز لدى المسلمين مكانة دينهم وعمق التشريع الإلهي وصلاحيته لجميع الأطوار والمراحل.
غير أن مصيبة المسلمين الكبرى هي جهلهم بدينهم وابتعادهم عن جوهره على صعيد الممارسة التطبيقية والمعاملات اليومية. ولكل هذا فقد آن الأوان لأن يعيد المسلمون اكتشاف ما ينطوي عليه دينهم الواسع والشامل من عناصر تمكنهم من بلوغ درجات شاهقة من العلو في ميادين العمل والإنتاج كافة، رغم أن ذلك يتطلب أيضاً حنكة وعمقاً وصبراً من جانب عموم المسلمين، خصوصاً من زعمائهم في الميادين الروحية والمال والتجارة والتعاون الاجتماعي.
فالإسلام يحول دون هدر الثروات والطاقات عن طريق تحريم بعض الأنشطة غير المنتجة والضارة كالقمار والمسكرات، حيث يساهم ذلك في تخصيص الموارد نحو النشاطات المنتجة والمثمرة خيراً للمجتمع. كما أن إصرار الإسلام على التشاور والتسامح ورعاية الضعيف وإعطاء كل ذي حق حقه يساعد ويدعم باتجاه قيام كيانات اجتماعية متماسكة ومنسجمة مع ذاتها، مع بلورة علاقات شخصية طيبة ومستقرة بين أفراد المجتمع الواحد.
ولكل ذلك فإن التطبيق العقلاني للمبادئ الإسلامية على صعيد منشآت الأعمال هو لخير هذه المنشآت ويدعم ازدهارها وثباتها وتحقيق المزيد من الأرباح لصالحها. وفي الوقت نفسه، هناك منافع مهمة للمشتغلين عن طريق تهيئة الرفاه والاستقرار لهم، مثلما يساهم ذلك في رقي المجتمع بأسره، فضلاً عن المثوبات في الحياة الآخرة.

إن حضارة الأعمال الإسلامية يجب أن تنعكس على صعيد المنشأة الواحدة من خلال تعيين أهدافها العليا والفرعية ورسم استراتيجياتها العامة والتخصصية. فالأهداف العليا غالباً ما تتناول مسألة الأرباح المراد تحقيقها على مديات مختلفة، مثلما قد تتطرق إلى المبيعات أو النمو أو الحصص السوقية.
أما الاستراتيجيات فتوضع لبيان الأطر أو المساك العامة لبلوغ الأهداف المنشودة، أي أن الاستراتيجيات توضح الأساليب المراد اعتمادها لتحقيق الأهداف. ويمكن الحديث عن الاستراتيجيات على صعيد المنشأة الواحدة، مثلما يمكن تناول الاستراتيجيات على الأصعدة المتخصصة كالتسويق والتمويل والإنتاج والعلاقات العامة داخل المنشأة الواحدة.
ولا شك في أن إدارة المنشأة حينما تتبنى الحضارة الإسلامية، فهي تعمد كذلك إلى تعيين أهداف ورسم استراتيجيات من منطلقات إسلامية. فأية حضارة تستند إلى مفاهيم أساسية، والواضح أن أي مفهوم ضار للمجتمع لا يمكن أن ينسجم مع الإسلام.
فمثلاً، كثيراً ما تعمد منشآت الأعمال في العالم الغربي لإعداد استراتيجيات تبغي تحطيم المنشآت المنافسة وفشلها حتى يخلو السوق للمنشأة الأولى، التي تصبح لديها حينئذ قدرات احتكارية تمكنها من تقليل الناتج وتصعيد الأسعار لغرض تعظيم الأرباح. فهنا تقوم المنشأة بخفض أسعارها وتعظيم الترويج أثناء الأمد القصير من أجل كسب موقع احتكاري على المدى المتوسط أو الطويل.
ففي الوقت الذي يبيح الإسلام لمنشآت الأعمال أن تنافس فيما بينها، فهو لا يسمح لاعتماد أساليب خادعة أو ملتوية لإلحاق الضرر بالآخرين وبالمجتمع بأسره. والواضح أن مثل هذه الأضرار تعرقل النمو التقدم البشري بكامله، وقد جعل الإسلام الإنسان رقيباً على نفسه قبل أن يراقبه الآخرون ليضبطوا تصرفاته ويحدوه عن الانزلاق والإساءة.

ويأتي إعداد الخطط والبرامج على صعيد أكثر تفصيلاً، فكما أن الاستراتيجيات تشتق من الأهداف، فإن الخطط والبرامج تفصل الكيفيات التي يراد عن طريقها تنفيذ الاستراتيجيات. فمثلاً قد توضع خطة لدخول سوق قطري جديد، أو خطة لتصميم وطرح منتوج جديد، كما أن إعداد ميزانية لفترة مقبلة هو أيضاً بمثابة خطة أو برنامج لفترة قادمة.
وكما أن الحضارة الإسلامية إن وجدت حقاً تؤثر أثرها على الأهداف والاستراتيجيات، فهي لابد أن تنعكس كذلك على الخطط والبرامج. فالمبادئ الإسلامية تطبع العلاقات الداخلية ضمن المنشأة، مثلما تقولب وتصيغ علاقات المنشأة الخارجية مع الزبائن والمجهزين والمجتمع المحلي والحكومة.
فعلى الصعيد الداخلي، تبرز المعاملات المتشربة بروح الإسلام بطرق عديدة، منها التشاور الحقيقي بين الأفراد والدقة في إنجاز الأعمال والحرص على عدم إضاعة الوقت والسعي الدؤوب لضبط التلف ومنع التبذير وتحديد الأجور والمرتبات على نحو عادل. وعلى الصعيد الخارجي، فإن المنشأة الإسلامية بمعناها العميق تأخذ جميع معاملاتها وعلاقاتها بجد، وتنظر إلى المستقبل البعيد، وتحرص تماماً على بناء علاقات تتسم بالثقة العالية وتحقق مصالحاً متبادلة للجانبين.
وفي هذا السياق، فإن ما يدعو له الإسلام لا يتناقض مع الإدارة العلمية والعصرية التي تميز منشآت الأعمال الناجحة. فمثل هذه المنشآت تنظر باعتزاز بالغ اتجاه زبائنها ومجهزيها وبقية الجهات الخارجية المتعاملة معها، حيث تعتبر هذه الجهات المصدر المباشر لمبيعاتها وأباحها. ومن هذا المنطلق، فإن هناك جهداً مكثفاً لبناء الثقة المتبادلة ولإرساء التعاون على أسس متينة وطويلة المدى من خلال نبذ الغش وتجنب الاستغلال وتقديم ما يريده الزبون وإعانة المجتمع المحلي والمساهمة في تحقيق الصالح العام.

تمارس منشآت الأعمال بعض الأنشطة الأساسية من أجل بلوغ أهدافها العليا وتحقيق استراتيجياتها المرسومة. فعلى الرغم من بعض الاختلاف في تفاصيل هذه الأنشطة تبعاً لدور المنشأة ضمن الاقتصاد الوطني (أو العالمي)، فإن هناك اتفاقاً عاماً على إطار هذه الأنشطة وتصنيفها من حيث تقسيمها النوعي.

فأول هذه الأنشطة أو الوظائف هو النشاط الإنتاجي، سواء كانت المنشأة تصنع سلعة أو تستخرج من الأرض مادة خاماً أو معدناً معيناً، أو إذا كانت المنشأة تقدم خدمة أو تقوم بعمل تجاري بحت. ولذلك فإن الإنتاج بمعناه الواسع يشمل السلع والخدمات على اختلاف أنواعها.
وهنا حدد الإسلام بعض السلع والخدمات التي لا يجوز إنتاجها أو التعامل بها تجارياً من قريب أو بعيد، منها المنتجات المسكرة ولحوم بعض الحيوانات وخدمات المقامرة والدعارة. لهذا فمن الواضح أن أية منشأة تريد العمل بموجب بنود الشريعة لابد لها أن تتجنب هذه المحرمات وتبتعد عنها.
وإذا نظرنا بإمعان إلى السلع والخدمات المحرمة (مع المستلزمات الداخلة فيها) نجد أن إطارها ليس محدوداً. فاللحوم المحرمة أو التي لم تذبح ذبحاً شرعياً بالإضافة إلى المسكرات القمار والفواحش والممارسات المحرمة الأخرى، حينما تجمع بكاملها نجد أنها تكون حصة غير قليلة من الإنتاج الكلي في البلدان الغربية، بل وحتى في معظم البلدان المسلمة.
فالمنشأة الإسلامية يجب عليها تجنب جميع هذه السلع أو الخدمات والابتعاد عنها كلياً. فمن المحرّم عليها إنتاج أو تقديم هذه السلع أوالخدمات، مثلما يجب عليها الامتناع عن تقديم أية تسهيلات أو ترويجات أو مساهمات تصب في مجمل الأنشطة المرتبطة بإنتاجها أو تسويقها.

ثم هناك النشاط الرئيسي الثاني، وهو التسويق، الذي يتضمن معناه العلمي عناصر عدة، أبرزها التسعير والخزن والتوزيع وأبحاث السوق والعمل على تكييف السلع بموجب رغبات الزبائن والإعلان ووسائل الترويج الأخرى. وفي هذا الحقل أيضاً، هناك مبادئ إسلامية مهمة تؤثر أثرها الواسع والقوي في قولبة العناصر العديدة التي تُكوّن بمجملها جوهر النشاط التسويقي.
فالإعلان مثلاً يجب أن لا يتضمن رياءً أو تحريفاً أو مبالغة، مثلما يجب أن لا ينطوي على أساليب محرمة لحمل الجمهور على الشراء من قبيل استخدام المسكرات أو الخلاعة الجنسية. كما أن التعامل مع الزبائن يجب أن يتسم بالصدق والإنصاف، كما يجب تسعير السلع والخدمات بموجب معايير موضوعية وموحدة دون التمييز بين زبون وآخر.
كما أن اندفاع الجهاز التسويقي في المنشأة لتلبية رغبات الزبائن فيما يتعلق بالمواصفات والنوعية وأوقات السلعة وأماكنها يصب في مجمل العمل الهادف لتطوير المنشأة ولخدمة المجتمع الواسع أيضاً. والمنشأة الإسلامية تحرص من خلال نشاطها التسويقي لبناء علاقات ثقة طويلة الأمد مع زبائنها، حيث تسعى منج انبها لتقديم قيمة عالية لقاء السعر الذي يدفعه المشتري، الأمر الذي يوطد العلاقة ويخدم قضية التقدم الاقتصادي بشكل عام.

ويعتبر التمويل النشاط الرئيسي الثالث لمنشأة الأعمال، وهو يتكون أساسً من ثلاثة جوانب. فالجانب الأول هو تدبير الأموال اللازمة للمنشأة، بينما الثاني توزيع المال المتاح على الأغراض المطلوبة، والثالث تسجيل الصرف وإعداد الموازنات والحسابات النهائية. وهنا كذلك، قدم الإسلام بعض الأسس المهمة، أولها أنه حرّم الربا وشجّع على التكافل والتعاون والعمل المشترك المثمر.
فعوضاً عن الربا، أباحت الشريعة الإسلامية بعض الوسائل الفاعلة، منها مبدأ المشاركة، الذي يقصد به مشاركة مجموعة من الأشخاص أو المؤسسات في تهيئة رأس المال المطلوب للمنشأة ككل أم لمشروع معين.
ثم هناك طريقة المضاربة، التي يقصد بها أن صاحب المال يسلمه إلى المنشأة لاستثماره في المجالات المباحة شرعاً لتكون المنشأة بذلك وكيلاً عن صاحب المال. وتتقاضى المنشأة هنا حصة من الربح المتحقق بموجب اتفاق يبرم بين الطرفين حول مقدار هذه الحصة.
أما المبدأ الثالث المسموح شرعاً فهو المرابحة، التي يقصد بها أن الممول يشتري السلعة المطلوبة ويبيعها بسرع أعلى إلى المنشأة التي تطلبها، إلا أن هذه الأخيرة تدفع الثمن بموجب جدول زمني في المستقبل. وغالباً ما تصلح هذه الطريقة حينما تشتري المنشأة سلعة كبيرة أو ثمينة كأن تكون معدات إنتاجية أو طائرات أو بناية.
وهناك أيضاً أسلوب التأجير، الذي يعني أن صاحب المال يشتري السلعة ثم يؤجرها بموجب سعر وشروط يتفق عليها إلى المنشأة التي تتطلبها. وهنا يكون من الضروري أن يتفاهم الطرفان على أمور عدة، منها الصيانة، وإمكانات زيادة أو خفض الإيجار في المستقبل وكيفية إتمام ذلك بشكل مرض، ومسؤولية المؤجر إزاء أي خلل أو ضرر يحدث للسلعة. كما أن شروط التأجير تنص أحياناً على تحويل ملكيتها عند نهاية المدة إلى المستأجر.

وتعد شؤون الأفراد النشاط الرئيسي الرابع لمنشأة الأعمال المعاصرة، حيث يشمل هذا النشاط تحديد الاحتياجات العددية والنوعية للمشتغلين، وتدبير هذه الاحتياجات بمختلف السبل الممكنة والقانونية. هذا بالإضافة إلى تعيين أجور العاملين والإشراف على أعمالهم وتوجيههم وتطوير قدراتهم وتهيئة الخدمات والرعاية لهم.
وقد وضع الإسلام جملة من الأسس ذات الصلة في هذا الحقل. فبعض هذه الأسس يتصل بتحديد المكافآت المالية وعدالتها، بينما يمتد البعض الآخر إلى مسائل أخرى، لا سيما التعامل بإنصاف معهم وتنمية قدراتهم وإرشادهم من النواحي المهنية والاجتماعية والنفسية.
ولا شك في أن إدارة شؤون الأفراد تتداخل بقوة مع وظائف المنشأة الأخرى من إنتاج وتسويق ومالية وغيرها، لأن المهام المتصلة بالأفراد تطبع بشدة مستوى الأداء في تلك الوظائف. فالانتقاء السديد للأفراد وحسن تدريبهم وتحفيزهم الفاعل، كل هذه أمور لها وقعها الإيجابي في تحقيق الاستراتيجيات والخطط في ميادين الإنتاج والمال والتسويق.
ومن هنا نفهم اهتمام الإسلام القوي بالجانب البشري وحرصه المشهود في كسب ولاء المشتغلين وتحفيزهم نحو أداء أفضل. ومرة أخرى وضع الإسلام إطاراً عاماً للتصرف في هذا الشأن، فضلاً عن أنه ركز على القناعة الشخصية ورادع الضمير الإنساني عن طريق التركيز على إثابة العمل الخير ورضاء الباري عز وجل والتعامل مع البشر برفق بالغ.

إن أية وظيفة تبرز بقوة كنشاط رئيسي بسبب طبيعة أعمال المنشأة والبيئة المحيطة بها لابد أن يفرد لها قسم مستقل للاضطلاع بها. ولهذا نجد في حالات غير قليلة ان هناك دائرة رئيسية للعلاقات العامة أو للشراء أو للهندسة أو للنقل وهكذا.
ومهما تكن طبيعة هذه الوظائف الأخرى، فإن إنجازها على نحو منسجم مع الإطار الإسلامي يعد ركناً رئيسياً من أركان المنشأة الإسلامية. فمن جهة هناك الأمور المحرمة والمكروهة بموجب ما ورد في كتاب الله وسيرة النبي وآله الأطهار والاستنباطات المنطقية للأحكام الفقهية، ثم هناك النص الرئيسي على أن يحكم المرء عقله ويتجنب كل ما هو مخالف لما يمليه عليه العقل والضمير، مع التذكر الدائم لمثوبة الجنة وعقاب النار في الحياة الآخرة.

لا شك في أن الأوضاع الحاضرة تنطوي على تحديات كبرى أمام المنشأة التي تريد الالتزام بمبادئ الإسلام الجليلة وروحه السامية. فبسبب العناصر العديدة المناقضة للإسلام التي تحتويها حضارة الأعمال المعاصرة، يجب على منشأة الأعمال الإسلامية تلمس طريقها وموقعها بعناية كي لا تتورط في أمور محرمة.
وهنا تقع مسؤولية خطيرة على عاتق زعماء المسلمين، سواء كانوا قادة روحيين أو في مجال الأعمال والمال والاقتصاد أو في مجالات أخرى. فمن جهة، يمثل نجاح منشأة الأعمال الإسلامية برهاناً ساطعاً على الطبيعة التطبيقية للدين الحنيف وقيمته الواقعية في إحراز التقدم للمجتمعات المسلمة أينما وجدت ومهما كانت طبيعة البيئة العامة المحيطة بالمسلمين.
أما من الجهة الأخرى، فإن تطوير أداء المنشأة الإسلامية لابد أن يكون تدريجياً، كما أن السعي أثناء الأمدين القصير والمتوسط يجب ان يتركز على تقليص عنصر الحرام إلى أدنى حد مستطاع. فالمنشأة الإسلامية التي غالباً ما تمتد عملياتها عبر الحدود الدولية لا يمكنها الالتزام بمبادئ الشريعة في كل صغيرة وكبيرة، خصوصاً حينما تتعامل مع جهات غير مسلمة. غير أن التقدم بخطى حثيثة نحو مزيد من الأسلمة على صعيد المنشأة الواحدة وعلى المستوى الاجتماعي العام يعد أمراً في غاية الأهمية.

ففي الحقل المالي، هناك أساليب وطرق لابد من الابتعاد عنها لتحل محلها الوسائل المباحة شرعاً. غير أن مجمل الأطر المالية القائمة تجعل هذا الأمر مهمة عسيرة، إذ لم تتبلور حتى الآن الركائز اللازمة لما يمكن أن يدعى بـ «إطار مالي إسلامي» يسمح لمنشأة الأعمال أن تتجنب بسهولة جميع الوسائل المالية المنافية للشريعة.
فهذه المشكلة تتضح بجلاء على صعيد المعاملات الخارجية، حيث ينتشر تطبيق مبدأ الفائدة الثابتة. كما أن الأنظمة المالية في داخل الأقطار المسلمة ما تزال بعيدة كل البعد عما يمكن أن يوصف بأنه «نظام مالي إسلامي»، إذ يستشري الاعتماد على الربا، مثلما تسود مظاهر الرشوة والتحايل وطمس الحقائق.
ولكل هذا، فإن إحدى المهام الرئيسية في هذا الصدد هي تطوير وتوسيع الركائز المالية المبنية على أسس شرعية كي تعوض تدريجياً عن الركائز والمؤسسات غير الإسلامية. فمثلاً من الضروري لمنشأة الأعمال الإسلامية أن ترى إمكانية التعامل مع مصارف إسلامية وأسواق مالية إسلامية حيث يمكنها الاقتراض والإيداع وبيع اسهم إضافية وتمويل فعاليات خارجية دون الركون إلى الطرق الربوية.

وهناك تحديات رئيسية أيضاً في مضماري الإنتاج والتسويق. فالعديد من العناصر المصنوعة من قبل أية منشأة قد تدخل في إنتاج سلع محرمة سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر. كما أن تدبير الاحتياجات التي تتطلبها المنشأة المسلمة قد يشوبه صعوبات شرعية، خصوصاً إن جرى ذلك عن طريق منشآت تتعاطى منتجات أو خدمات محرمة، أو تستخدم طرقاً في التسويق أو الإنتاج تعتبر منافية للشريعة.
وعلى الصعيد التسويقي، يبرز التحدي كذلك في تجنب أية إشكالات شرعية، بينما يجب التنافس في الوقت نفسه مع الشركات التي لا تمتنع عن ولوج الطرق المحرمة. فالمنشآت التي لا تتقيد بأحكام الشريعة عندها حرية واسعة لتستخدم طرق ترويج عديدة، منها ما يتصل باستغلال المظاهر الخلاعية ومنها ما يتعلق بالإقناع أو الإيحاء الملتوي للتحفيز على شراء البضاعة.
وبخصوص التحدي في المجال الانتاجي، لابد أن يكون الحل تدريجياً. فمن حيث الأساس، ينبغي على منشأة الأعمال الإسلامية أن تتجنب المعاملات الواسعة أو المكثفة مع المنشآت غير المسلمة، لا سيما تلك التي تمارس أعمالاً تحرمها الشريعة بشكل واضح أو مطلق. كذلك يجب العمل بجد نحو زيادة نسبة المعاملات المباحة بشكل دؤوب، سواء كان ذلك مع جهات أو منشآت مسلمة أو غير مسلمة.
أما في حقل التسويق، فإن الضرورة تملي نفسها لأن يبقى الجهد التسويقي قوياً وفاعلاً في جميع فروعه، وذلك بسبب الدور المركزي الذي يلعبه التسويق الفعال في نجاح منشآت الأعمال وازدهارها. غير أن الضرورة تبرز أيضاً في حاجة منشأة الأعمال الإسلامية للابتعاد عن كل محرم ضمن سياق أعمالها التسويقية، مع التزام الصدق في التعامل وتوفير منفعة عالية لقاء السعر الذي يدفعه الزبون، واستخدام وسائل ترويج مباحة ومؤثرة في الأوان نفسه.

وبطبيعة الحال، هناك حقول أخرى تمارس منشأة الأعمال أنشطتها فيها، بالإضافة إلى فعاليات المال والإنتاج والتسويق. فمرة أخرى، تجابه المنشأة المسلمة صعوبات غير قليلة في هذا المضمار بسبب القيود المفروضة من قبل الشريعة، مع لجوء المنشآت غير الإسلامية إلى ألوان عديدة من الأساليب والطرق، بما فيها تلك المنافية للشريعة.
فمن جهة، يتطلب الأمر تقليص العلاقات التجارية ومجالات التعاون مع المنشآت غير المسلمة، خصوصاً تلك التي يطغى الحرام على أعمالها. ومن الجهة الثانية، يجب العمل لتشجيع وتطوير علاقات التعاون مع المنشآت الإسلامية حتى تتكون تدريجياً ركائز قوية في مختلف الميادين تنسجم مع الشريعة من اجل أن يساعد ذلك في بناء إطار عام وحضارة أعمال يتناغمان مع التطلعات والمبادئ الإسلامية.
ـ مستقبل المنشأة الإسلامية:
فبالإضافة إلى توعية الشباب وتطوير التربية البيتية وتقديم العون إلى المسنين والمرضى والمحتاجين، تقع علينا جميعاً ـ خصوصاً القادة ـ مسؤوليات كبرى تتعلق بمستقبل منشآتنا الإسلامية. فالمطلوب تزايد إقامة هذه المنشآت وانتشارها في حقول مختلفة، من صناعة وتجارة وتمويل وزراعة وخدمات وتعليم وغير ذلك من حقول العمل.
ومطلوب أيضاً أن تعتمد المنشأة الإسلامية أفضل الطرق الإدارية وأكثرها ملاءمة للعصر الحديث. فهذا يعني انتقاء عقلانياً للمدراء وبقية المشتغلين، مثلما يتطلب بلورة هياكل تنظيمية علمية، واعتماد أفضل السبل في ميادين الاستراتيجية والتخطيط والرقابة وبقية المهام والوظائف الإدارية.
أن إقامة منشآت أعمال رصينة وناجحة في الميادين المتنوعة والأقاليم الجغرافية أمر ممكن جداً إذا توفرت النوايا الصادقة. غير أن المسلمين لم يثبتوا حتى الآن أن لديهم القدرة على التعاون البناء فيما بينهم لإنجاح مثل هذه الحركة وإعطائها الزخم المطلوب لتحقيق نجاحات كبرى ومتواصلة على صعيدا لواقع.
فما تحقق حتى الآن يمكن اعتباره من نوع النجاحات المحدودة أو الفردية في معظم الأحيان، إذ ما زالت الشركات الغربية تهيمن إلى حد بعيد على اقتصاديات البلدان المسلمة وأيضاً اقتصاديات المجتمعات المسلمة خارج العالم المسلم. والواضح أن حضارة أي مجتمع واقتصاده الوطني أمران متلازمان ومترابطان، مما يعني أن فك الحصار الحضاري للمسلمين يستلزم تحقيق التحرر الاقتصادي بمعناه العميق أيضاً.
هذا يعني أن أسلمة حضارة المسلمين في أرجاء المعمورة لابد أن تتزامن في الوقت نفسه مع قيام وانتشار منشآت أعمال إسلامية. هذا يعني أيضاً أن مسؤولية القادة في دعم حركة إنشاء الأعمال الإسلامية لا تقل في أهميتها عن توعية الجيل الناشئ أو فرز الحلال عن الحرام أو تقديم العون للمحتاجين والضعفاء من المسلمين.
فعلى نحو تدريجي، يجب السهر والعمل بجد ومثابرة لبناء منشآت الأعمال الإسلامية وإطار الركائز الإسلامية. فالمراحل الأولى لابد أن تكون صعبة جداً، كما أن أسلمة الحضارة لابد أن تتقدم يداً بيد مع الأسلمة الاقتصادية والكسب الحلال المباح لأكبر عدد من المسلمين. ذلك أن الأسلمة على صعيد النواة الأساسية تفتح الطريق واسعاً لأسلمة المجتمع بكامله، مما يدحض أقاويل أعداء الإسلام حول عدم صلاحية هذا الدين على صعيد الممارسة التطبيقية.
1 / 2 ـ مفهوم حضارة الأعمال: 1 / 3 ـ الحضارة على صعيد المنشأة: 2 ـ الحضارة الإسلامية ومنشأة الأعمال: 2 / 1 ـ خصائص حضارة الأعمال الإسلامية: 2 / 2 ـ تحديد الأهداف ورسم الاستراتيجيات: 2 / 3 ـ إعداد الخطط والبرامج: 3 ـ بلورة أنشطة الأعمال ضمن إطار إسلامي: 3 / 1 ـ الإنتاج: 3 / 2 ـ التسويق: 3 / 3 ـ التمويل: 3 / 4 ـ شؤون الأفراد: 3 / 5 ـ وظائف أخرى: 4 ـ التحديات القائمة أمام المنشأة الإسلامية: 4 / 1 ـ الحقل المالي: 4 / 2 ـ حقلا الإنتاج والتسويق: 4 / 3 ـ حقول أخرى:
بقلم .. د. كاظم جواد شبر

الذكاء العاطفي والقيادة Emotional Intelligence and Leadership

Emotional Intelligence and Leadership
 الذكاء العاطفي والقيادة

يشكل الذكاء العاطفي أحد المتغيرات الأساسية والتي أخذت في البروز كأحد الصفات الجوهرية للقائد الإداري.
يعرف كولدمن الذكاء العاطفي بأنة القدرة على التعرف على شعورنا الشخصي وشعور الآخرين، وذلك لتحفيز أنفسنا، ولإدارة عاطفتنا بشكـل سلـيم في علاقتنا مع الآخرين.
ووفقا لـ جاكسون ولشا يمثل الذكاء العاطفي 85% من أسباب الأداء المرتفع للأفراد القياديين. وذكروا كذلك تأثير الذكاء العاطفي على الأداء المؤسسي، وأنة باستخدام الذكاء العاطفي يمكن مضاعفة إنتاجية الموظفين في بعض الأدوار التي يقومون بها.
مكونات الذكاء العاطفي:
1- الوعي:
أ. الوعي بالذات: وتتمثل في القدرة على التعرف وتفهم الشعور الشخصي، ومعرفة الأشياء التي تحفزنا، وتأثير ذلك على الآخرين. وتشمل الصفات كذلك الثقة بالنفس، والموضوعية في تقييم قدراتك.
ب. الوعي الاجتماعي: وتتمثل في القدرة على التعرف كيف يشعر الآخرين والتعامل معهم وفقا لاستجابتهم العاطفية. وتشمل الصفات كذلك التعامل بحساسية مع الثقافات والبيئات الأخرى، والقدرة على تقديم خدمة متميزة للزبائن، والكفاءة في تطوير والاستفادة من العاملين.
2- الأفعال:
أ. الإدارة الذاتية: وتشمل القدرة على إصدار الحكم، التفكير المتأني قبل القيام بأي تصرف، القدرة على التحكم في السلوك الفردي. وتتضمن كذلك وجود الحافز الذاتي لدى الفرد للوصول للأهداف التي يسعى لتحقيقها بدلا من التركيز على دوافع الحوافز المادية. ومن الصفات الأساسية التي لا بد أن يتصف بها الفرد: أن يكون صادقاً، متفائل، ملتزم، لدية القابلية لتقبل التغيير، القدرة على التعامل مع المواقف التي تتسم بالغموض، ويحفزه دافع الإنجاز.
ب. المهارات الاجتماعية: القدرة على بناء وإدارة العلاقات الاجتماعية بصورة فعالة. وتشمل على بعض الصفات الأساسية ومنها: القدرة على قيادة التغيير بفعالية، بناء وقيادة فريق العمل، والقدرة على الإقناع.
تلك أهم مكونات الذكاء العاطفي كما يراها Goleman في كتابه (Working with Imotional Intelligence ( 1998 .
انخفاض الذكاء العاطفي يجلب للأفراد الشعور السلبي كالخوف، الغضب، والعدوانية. وهذا بدورة يؤدى إلى استهلاك قوة هائلة من طاقة الأفراد، انخفاظ الروح المعنوية، الغياب عن العمل، الشعور بالشفقة، ويؤدى إلى سد الطريق في وجه العمل التعاوني البناء. فالعاطفة تزودنا بلا شك بالطاقة. العاطفة السلبية توجد أو تخلق طاقة سلبية، والطاقة الايجابية تخلق قوة ايجابية. Emotional Intelligence 1996 Golemen,D
ويشكل الذكاء العاطفي أحد المتغيرات الأساسية والتي أخذت في البروز كأحد الصفات الجوهرية للقيادة الإدارية الفعالة. ويوصف الذكاء العاطفي بأنة مجموعة من القدرات والتي تتعلق بكيفية قدرة الفرد بالتعامل ذاتياً مع مشاعره وعواطفه والقدرة كذلك التعامل مع مشاعر الآخرين.
وفى موضوع القيادة، فالقدرة في التعامل مع العواطف والمشاعر يمكن أن تساهم في كيفية التعامل مع احتياجات الأفراد وكيفية تحفيزهم بفاعلية. فالقائد الذي يتمتع بذكاء عاطفي يعتقد بأنه أكثر ولاء والتزام للمنظمة التي يعمل بها وأكثر سعادة في عملة (Abraham2000)، وذو أداء أفضل في العمل (Goleman1998)، لدية القدرة في أستخدم الذكاء الذي يتمتع به لتحسين والرفع من مستوى اتخاذ القرار، وقادر على إدخال السعادة والبهجة والثقة والتعاون بين موظفيه من خلال علاقته الشخصية (George,2000).
هل أنت قائد إداري ذو ذكاء عاطفي؟